{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً (62) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً (63) } [النساء]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(010)التكفير ومذاحب العلماء فيه

(010)التكفير ومذاحب العلماء فيه



( 2 ) نصوص الشفاعة من القرآن والسنة:



ومما يدل على أن أهل الكبائر من الموحدين لا بُدّ أن يدخلوا الجنة، نصوص الشفاعة في بعض من يدخلون النار لإخراجهم منها وإدخالهم الجنة.



أولاً: من القرآن الكريم:



الشفاعة ثبتت في كتاب الله تعالى، وفي سنة رسوله صَلى الله عليه وسلم، وهي في الجملة مجمع على القول بها، إلا أن الوعيدية - الخوارج والمعتزلة - يثبتونها لأهل الصغائر، وينكرون الشفاعة في أهل الكبائر، جرياً على مذهبهم المعروف.



وعامة أهل السنة يثبتونها في كبائر الذنوب ما عدا الشرك، وأيدوا مذهبهم بأحاديث الشفاعة التي بينت بياناً شافياً ثبوت الشفاعة في الكبائر، فقد بين القرآن الكريم أن الشفاعة لا تكون إلا ممن رَضي الله عنهم وأذن لهم، من الأنبياء، ومن شاء تعالى من عباده الصالحين، ولا تكون إلا لمن شاء من عباده المؤمنين، ولا تكون لغيرهم من المشركين.



قال تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ (255)} [البقرة]. وقال تعالى:{وَلا يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنْ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ (28)} [الأنبياء]. وقال تعالى: {يَوْمَئِذٍ لا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً (109)} [طه]. وقال تعالى: {وَلا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ... (23)} [سبأ].



والآيات غيرها كثيرة، وهي كما ترى دالة على أنه لا يشفع أحد عنده لأحد، إلا إذا رضي تعالى عن الشافع والمشفوع له، وأذن بالشفاعة للشافع.



ومن هنا؛ نعلم أن الشفاعة المنفية في كتاب الله، غير الشفاعة المثبَتة فيه، فالشفاعة المنفية هي ما كان يدعيها المشركون مما يعبدونه من غير الله تعالى، والشفاعة المثبتة هي شفاعة الأنبياء، ومن شاء من عباده الصالحين، في المؤمنين من أهل الكبائر.



قال ابن حزم رحمه الله، بعد أن ساق بعض الآيات المثبتة للشفاعة، وبعض الآيات النافية لها: " فقد صحت الشفاعة بنص القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فصح يقيناً أن الشفاعة التي أبطلها الله عزّ وجل هي غير الشفاعة التي أثبتها عزّ وجل.



وإذ لا شك في ذلك، فالشفاعة التي أبطل عزّ وجل، هي الشفاعة للكفار الذين هم مخلدون في النار، قال تعالى: {لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ (36)} نعوذ بالله منها.. فإذ لا شك فيه فقد صح يقيناً، أن الشفاعة التي أوجب الله عزّ وجل لمن أذن له، واتخذ عنده عهداً، ورضي قوله، فإنما هي لمذنبي أهل الإسلام، وهكذا جاء الخبر الثابت..." [الفِصَل في الملل (4/54)، والآية من سورة فاطر.].



ثانياً نصوص في الشفاعة من السنة:



وقد بينت معنى ما جاء في القرآن من الشفاعة السنةُ أكملَ بيان.. وبلغت أحاديث الشفاعة في أهل الكبائر الدالة على خروجهم من النار يوم القيامة ودخولهم الجنة وبقاؤهم فيها، حد التواتر، وعليها اعتمد سلف الأمة من الصحابة، ومن سلك دربهم خلفهم من التابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.



قال ابن تيمية رحمه الله: "إنَّ أَحَادِيثَ الشَّفَاعَةِ فِي " أَهْلِ الْكَبَائِرِ" ثَابِتَةٌ مُتَوَاتِرَةٌ عَنْ النَّبِيِّ صَلى الله عليه وسلم; وَقَدْ اتَّفَقَ عَلَيْهَا السَّلَفُ مِنْ الصَّحَابَةِ وَتَابِعِيهِمْ بِإِحْسَانِ وَأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ; وَإِنَّمَا نَازَعَ فِي ذَلِكَ أَهْلُ الْبِدَعِ مِنْ الْخَوَارِجِ وَالْمُعْتَزِلَةِ وَنَحْوِهِمْ، وَلا يَبْقَى فِي النَّارِ أَحَدٌ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ إيمَانٍ بَلْ كُلُّهُمْ يَخْرُجُونَ مِنْ النَّارِ وَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَيَبْقَى فِي الْجَنَّة".[مجموع الفتاوى (4/309).]



وقال في موضع آخر: "وَأَمَّا شَفَاعَتُهُ لأَهْلِ الذُّنُوبِ مِنْ أُمَّتِهِ فَمُتَّفَقٌ عَلَيْهَا بَيْنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ، وَسَائِرِ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ الأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ.. وَأَنْكَرَهَا كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ مِنْ الْخَوَارِجِ وَالْمُعْتَزِلَةِ وَالزَّيْدِيَّةِ وَقَالَ هَؤُلاءِ: مَنْ يَدْخُلُ النَّارَ لا يَخْرُجُ مِنْهَا لا بِشَفَاعَةِ وَلا غَيْرِهَا، وَعِنْدَ هَؤُلاءِ مَا ثَمَّ إلا مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ فَلا يَدْخُلُ النَّارَ وَمَنْ يَدْخُلُ النَّارَ فَلا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَلا يَجْتَمِعُ عِنْدَهُمْ فِي الشَّخْصِ الْوَاحِدِ ثَوَابٌ وَعِقَابٌ.



وَأَمَّا الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ وَسَائِرُ الأَئِمَّةِ كَالأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ، فَيُقِرُّونَ بِمَا تَوَاتَرَتْ بِهِ الأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ عَنْ النَّبِيِّ صَلى الله عليه وسلم أَنَّ اللَّهَ يُخْرِجُ مِنْ النَّارِ قَوْمًا بَعْدَ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ اللَّهُ مَا شَاءَ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ يُخْرِجُهُمْ بِشَفَاعَةِ مُحَمَّدٍ صَلى الله عليه وسلم وَيُخْرِجُ آخَرِينَ بِشَفَاعَةِ غَيْرِهِ وَيُخْرِجُ قَوْمًا بِلا شَفَاعَةٍ" [مجموع الفتاوى (1/148).].



ومن أحاديث الشفاعة، حديث أبي هريرة t أنه قال لرسول الله صَلى الله عليه وسلم: من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟ قال: (...أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة، من قال لا إله إلا الله خالصاً من قلبه أو نفسه) [صحيح البخاري (1/49) رقم (99).].



وحديثه الآخر قَال: قال رسول الله صَلى الله عليه وسلم: (لكل نبي دعوة مستجابة، فتعجل كل نبي دعوته. وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة، فهي نائلة إن شاء الله من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئاً) [صحيح مسلم (1/189) رقم (199).].



فقد دل الحديثان على أن كل من (قال: لا إله إلا الله خالصاً من قلبه) و(من مات لا يشرك بالله شيئاً) ينال شفاعته صَلى الله عليه وسلم يوم القيامة، واستثناء أهل الكبائر من هذا النص يحتاج إلى دليل، ولا دليل.



بل جاء النص منه صَلى الله عليه وسلم، دالاً على إثبات شفاعته لأهل الكبائر من هذه الأمة، كما في حديث جابر بن عبد الله رضِي الله عنهـما، أن رسول الله صَلى الله عليه وسلم، تلا قول الله تعالى: { وَلا يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنْ ارْتَضَى.. (28)} فقال صَلى الله عليه وسلم: (إن شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي). [رواه الترمذي من حديث أنس، برقم (2435) وقال: "حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه وفي الباب عن جابر (4/625) "و رواه أبو داود من حديث أنس أيضاً برقم (4739) والحاكم في المستدرك (2/414) برقم (3442) وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، والآية من سورة الأنبياء. وذكره الألباني في صحيح ابن ماجه، وقال: صحيح]



وحديث عوف بن مالك الأشجعي، أن رسول الله صَلى الله عليه وسلم، قال: (أتدرون ما خيرني به ربي الليلة؟) فقلنا الله ورسوله أعلم. قال: (فإنه خيرني بين أن يدخل نصف أمتي الجنة وبين الشفاعة، فاخترت الشفاعة) قلنا: يا رسول الله أدع الله أن يجعلنا من أهلها. قال: (هي لكل مسلم) [الحاكم في المستدرك (1/60) رقم (224) وقال: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ورواته كلهم ثقات على شرطهما جميعاً وليس له علة وليس في سائر أخبار الشفاعة وهي لكل مسلم" وابن حبان في صحيحه (16/185) رقم (7207).وذكره الألباني في صحيح ابن ماجة، وقال: صحيح.].




السابق

الفهرس

التالي


14230747

عداد الصفحات العام

3036

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م