[
الصفحة الرئيسية
] [
حول الموقع
] [
تعريف بصاحب الموقع
]
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً (62) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً (63) } [النساء]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب
::
66- سافر معي في المشارق والمغارب
::
(34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف
::
(033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف.
::
(067) سافر معي في المشارق والمغارب
::
(066) سافر معي في المشارق والمغارب
::
(031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف
::
(065) سافر معي في المشارق والمغارب
::
(030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث
::
::
::
::
::
::
::
::
::
::
جملة البحث
جميع محتويات الموقع
المقالات العامة
مقالات الحدث
الجهاد في فلسطين
2 أثر التربية الإسلامية في أمن المجتمع المسلم
المقالات العامة
الإيمان هو الأساس
غيث الديمة الجزء الأول
غيث الديمة الجزء الثاني
حوارات مع أوربيين مسلمين
حوارات مع أوربيين غير مسلمين
الحدود و السلطان
حكم زواج المسلم بالكتابية
رحلة هونج كونج
جوهرة الإسلام
كتاب الجهاد
المسئولية في الإسلام
دور المسجد في التربية
كتاب سبب الجريمة
كتاب الشورى في الإسلام
كتاب السباق إلى العقول
الإيمان إصطلاحاً و أثره سلوكاً
كتاب طل الربوة
كتاب الوقاية من المسكرات
الكفاءة الإدارية
معارج الصعود إلى تفسير سورة هود
مقدمة سلسلة في المشارق و المغارب
المجلد الأول : رحلات الولايات المتحدة الأمريكية
المجلد الثاني : رحلات المملكة المتحدة (بريطانيا) و آيرلندا
المجلد الثالث : رحلات اليابان وكوريا وهونغ كونغ
المجلد الرابع:رحلات إندونيسيا الجزء الأول 1400هـ ـ 1980م
المجلد الخامس : الرحلة إلى إندونيسيا الجزء الثاني 1410هـ ـ 1990م
المجلد السادس : رحلات إندونيسيا الجزء الثالث 1419هـ ـ 1989م
المجلد السابع : رحلات أستراليا و نيوزيلاندا و سريلانكا
المجلد الثامن : رحلات كندا و إسبانيا
المجلد التاسع : رحلات سويسرا و ألمانيا و النمسا
المجلد العاشر : رحلات بلجيكا و هولندا و الدنمارك
المجلد الحادي عشر:رحلات السويد و فنلندا و النرويج
المجلد الثاني عشر : رحلات فرنسا و البرتغال و إيطاليا
المجلد الثالث عشر : رحلات سنغافورة و بروناي و تايوان
المجلد الرابع عشر : رحلات باكستان و الهند
المجلد الخامس عشر : رحلات تايلاند (بانكوك)
المجلد السادس عشر : الرحلة إلى ماليزيا
المجلد السابع عشر : رحلات الفلبين
المجلد الثامن عشر : رحلة كينيا
الفهرس
(025)
علماء حاورتهم في موضوع البلاغ المبين
(025)
علماء حاورتهم في موضوع البلاغ المبين
2-الكتور حسين حامد حسان يجيب عن أسئلة موضوع البلاغ المبين
هل قامت الحجة على عامة المسلمين بمعرفة فروض العين؟
السائل: نعم، فضيلة الدكتور الأسئلة التالية تتعلق بإقامة الحجة. هل تظن أن الحجة قد قامت على المسلمين فيما يتعلق بالفرائض العينية في الحواضر والبوادي في بلاد المسلمين؟
الشيخ: الإجابة على هذا السؤال بالإيجاب، لأن فرض كونه مسلما يفترض أن الدعوة قد بلغته وعرف الإسلام كدين وعرف نبي الإسلام صَلى الله عليه وسلم هذا هو القدر يعني النطق بالشهادتين، والإقرار بوحدانية ال،له ورسالة النبي صَلى الله عليه وسلم يفرض على المسلم أن يتعلم فرائض الإسلام الأخرى، وترك العلم أو ترك التعلم يعد معصية والمعصية، والمخالفة للتكليف لا يمكن أن تكون مبررا،ً أو لا يمكن أن تكون حجة للإعفاء من مسؤولية العلم بأحكام الإسلام والتزامها وتطبيقها.
لا بد أن نؤكد على هذا المعنى أن المسلمين جميعاً في الحواضر والبوادي يلزمهم-وعلى الدعاة طبعاً أن يبصروهم بهذه الحقيقة-أن يتعلموا ما لا تصح عقيدتهم أو عبادتهم أو لا تصح معاملاتهم إلا به بعد العقيدة، وهذا من فروض العين، هذا فرض عين لا بد أن يتعلم ما تصح به العقيدة، وما تصح به العبادة وما يفرق به بين الحلال والحرام في شؤون الحياة.
هذا أمر واجب، لكن واجب على الدعاة أيضاً أن يبلغوا المسلمين الدعوة تفصيلاً، لأن وجوب التعلم يقتضي على المعلم وجوب التعليم يعني إذا قلت يجب عليك أن تتعلم، فلا بد أن تقول للمعلم: يجب عليك أن تعلم، وإلا كلفت المتعلم ما لا يطيق، يقول: نعم أنت أوجبت على أن أتعلم ولكن ممن؟ ليس هناك من يعلمني! فأنت تكلفني يعني أتعلم من نفسي! يعني لا بد من معلم.
فأولاً نقول: إن الدول الإسلامية والمسلمين-دولاً ومؤسسات وجماعات وأفراداً-عليهم أن يعلموا، إن عليهم واجباً وهو تعليم الجاهل أو تبليغه بالمعنى التفصيلي بتبليغ الدعوة الإسلامية بالمعنى التفصيلي يعني حقائق الإسلام وفرائض الإسلام، وهي فرائض الأعيان على الأقل، على الأمة أن تنظم مؤسساتها التعليمية على نحو يخرج عدداً كافياً لتبليغ الدعوة للمسلمين بمعنى تعريفهم بالأحكام التي تتعلق بفرائض الأعيان، يعني ما يجب على كل فرد أن يتعلمه من حقائق الإسلام ومن العبادات.
السائل: نعم، السؤال الثاني فهو يتعلق بغير المسلمين. و هل قامت الحجة على غير المسلمين بأداء البلاغ المبين؟
وأذكر هنا خلاصة لأبي حامد الغزالي قالها في كتابه
(فيصل التفرقة بين الإسلام والزندقة)
ذكرته بالمعنى ليس بالنص، وخلاصته: أن الناس ثلاثة أقسام:
القسم الأول: بلغه الإسلام على حقيقته، وهذا القسم إذا لم يستجب يكون من أهل النار.
القسم الثاني: لم يبلغه الإسلام أصلاً وهذا معذور.
القسم الثالث: بلغه الإسلام مشوهاً منفراً، وهذا حكمه حكم الثاني، ما رأيك في هذا التقسيم، وهل يوجد القسم الثالث في عصرنا؟
الشيخ: أتفق مع ما قاله الغزالي في القسم الأول والقسم الثالث، القسم الأول وهو من بلغه الإسلام على التفصيل على الوجه الصحيح فلم يقبله، وهذا قد لزمته الحجة.
وأما القسم الذي أشار إليه بأنه لم تبلغه دعوة الإسلام أصلاً فهو معذور، أتفق معه تماماً وأرى أنه موجود، وسوف يظل موجوداً طالما قصرت الأمة الإسلامية في واجب البلاغ، لأن هناك جهات مجاهل في إفريقيا وفي أستراليا وفي أمريكا، لا زال هناك مجتمعات لم تسمع عن شيء قط، وقد أُبلِغتُ بأن في جبال الهيملايا والهنود الحمر وفي استراليا، أبلغني بعض من لقيتهم في موسم الحج من الإخوة الذين يعملون في أستراليا، أن مجتمعات كاملة لم تسمع شيئاً عن الأديان مطلقاً ولا عن الإسلام. فالقسم موجود.
على كل حال ليست قضية تستحق الجدل يعني على فرض وجوده إن وجد، فهذا هو حكم الله فيه يعني لا يحتاج إلى نوع من الجدل.
لكن الأمة الإسلامية تُسأل عنهم، يعني هم ليسوا مسئولين ولكن الأمة الإسلامية مسؤولة عنهم، الأمة الإسلامية مسؤولة عن كل من لم تبلغه الدعوة، دعوة الإسلام وسوف يسألهم الله لماذا لم تبلغوهم الدعوة؟ لأن تبليغ الدعوة فرض كفاية على الأمة الإسلامية، كما قلت، وعليها-شعوباً وحكومات وهيئات ومؤسسات وأفراداً-أن تتعاون فيما بينها على أن توجد مؤسسات تعليمية ومؤسسات تنموية، من أجل أداء هذه الفريضة اللازمة وتبليغ الدعوة إلى كل أركان الأرض، وهذه تقتضي وجود مؤسسات تعليمية، يتعلم فيها الدعاة حتى اللغات غير الحية: لغات القبائل المتناثرة في أمريكا وفي الهيملايا وفي كذا وكذا.
أنا أرى أن هذا واجب الأمة الإسلامية، وهي مقصرة في هذا الواجب، واجب تبليغ الدعوة للناس.
أما القسم الذي يتكلم عنه الغزالي وهو من بلغه الإسلام على غير حقيقته.
السائل: الإمام الغزالي ضرب مثالاً، قال: مِثْلُ ما نحن يبلغنا أن رجلاً يسمى بابن المقفع ادعى النبوة، فكذلك يبلغ بعض الناس أن رجلاً كذاباً-أستغفر الله-اسمه محمد صَلى الله عليه وسلم فهؤلاء بلغهم الإسلام بهذا الأسلوب على عكس حقيقة الإسلام.
الشيخ: تبليغ الإسلام يعني تبليغ حقائق الإسلام، يعني لو قيل لهم وبلغهم أن هناك ديناً اسمه الإسلام ويجيز للرجل أن يتزوج أمه مثلاً، أو أن الله عندهم ستة عشر صنماً، لا يمكن أن يقال: إنه بلغتهم دعوة الإسلام نعني بلغتهم حقيقة الإسلام، أما لو بلغهم شيء حتى ولو أعطي عنوان الإسلام وهو على غير حقيقته فلا تلزمه الحجة، لماذا؟
إذا بلغ شيء مشوهاً ليس إسلاماً، فالذي نطلبه منهم هو أن يؤمنوا بأن الله ثلاث عشرة رجلاً، هذا دين مشوه، هذا يعني أنت تطلب منهم أن يؤمنوا بما بلغهم، وما بلغهم إن آمنوا به فهم كفار في نظر الإسلام.
فإذاً المقصود بتبليغ الدعوة هو تبليغ دعوة الإسلام يعني بلغهم حقيقة الإسلام أما من بلغهم شيء آخر يسمى الإسلام، لا تلزمهم الحجة ولا يعدون أن الإسلام قد بلغهم.
السائل: نعم، فضيلة الدكتور: تقولون: إنه موجود في العالم من لم يبلغه الإسلام في هذا العصر، وهذا شيء لا يقره كثير من العلماء، نظراً لكثرة الوسائل الموجودة الآن في كل العالم، وقد ذكرتَ مثالاً قبل قليل في أمريكا تقول: إنه حصل فأرجو أن تذكر هذا المثال، لأن هذا المثال أنت بنفسك رأيته ويعتبر مثالاً واقعا في الحقيقة.
الشيخ: أنا زرت بعض المناطق البدائية في أمريكا، بعض الجماعات لا تقبل كل الوسائل الحضارية الحديثة، لا الكهرباء ولا التليفون ولا السيارات، ويزرعون الأرض بأنفسهم، ويعملون النجارة، ليس بآلات ولا معدات كهربائية، وما إلى ذلك، أنا جلست معهم ثلاثة أيام مع مجموعة من الطلاب حينما كنت أدرس في جامعة نيويورك، وجئت لرجالهم سنة 1960م وسألتهم قائلا: أنا مسلم فهل سمعتم شيئاً عن الإسلام؟ فقالوا: لا. قلت: فهل سمعتم أن ديناً اسمه الإسلام وأن رجلا اسمه محمد هو نبي الإسلام؟ قالوا: لا. وهذا أكبر دليل يعني بنفسي سألتهم قالوا: لا ندري!
ثم أخبرني كما قلت الآن بعض الإخوة الذين يعيشون في أستراليا، أن هناك قبائل بأسرها قبائل بأعداد كبيرة جداً لها عادات وأعراق وتقاليد، ولها لغات لا يفهمها بقية الناس، فحتى لو كانت هناك وسائل وإعلام، وسائل إعلام ليست بلغات هؤلاء القوم، توجد أقوام وجماعات وقبائل تعيش وتتكلم لغات لا تذاع بها في أي مكان على وجه الأرض ولم يكتب بها كتاب، يعني لغات ليست مكتوبة، ولا تقال نشرات الأخبار ولا تقال في الراديو.
فكيف يبلغهم الإسلام، إلا إذا تعلم مسلم لغتهم وذهب إلى هذه القبائل في استراليا وفي جبال الهيملايا ومجاهل إفريقيا وعلمهم، فهي قضية لا يحتاج وجودها إلى جدال، أنا في رأيي ليست مشكلة، لأن هذه ليست مما يترتب عليها عمل أبداً، إنما يترتب عليها هو ما قلته لو فرض، وهذا واقع أن هناك من لم يسمع بالإسلام، فالمسؤولية والتبعة والحجة قامت على المسلمين لما لم يبلغوا دعوة الإسلام؟
دور العقل والفطرة ونظام الكون في إقامة الحجة على الناس.
السائل: نعم، هذا يقتضي أن نأتي إلى السؤال الذي يليه وهو يتعلق بدور التحسين والتقبيح.
يقال: ما دور العقل والفطرة، وما أودعه الله في الكون من إبداع، في إقامة الحجة على الناس، وهل توجد حوافز عند كل أحد للبحث عن الحقيقة والسؤال عن الدين يأثم صاحبها إثماً يستحق بها التخليد في النار إذا لم يفعل؟
الشيخ: قضية التحسين والتقبيح قضية تكلم عنها العلماء كثيراً، وتناولها الشاطبي في الموافقات، وقال: إنها مما لا يترتب عليها عمل، وقال: إنها في الفقه عرية، ولا ينبغي أن يضيع فيها الوقت، لأنه بعد مجيء الشرع، الحسن ما حسنه الشرع والقبيح ما قبحه الشرع، وإن اختلفت العقول في ذلك، فالحكم لنص الشرع ولحكم الشرع، ولا حكم للعقل بعد مجيء الشرع.
فهب أن العقول في حضارة معينة أو في بلد معين، لا تقبل تعدد الزوجات يعني هو عندهم قبيح وليس عندهم حسناً، لا تقبل الطلاق عندهم، الطلاق بين الزوج والزوجة، هو عندهم قبيح، لكن الشرع حسنه، فالتكليف يتبع الشرع، يتبع النص ولا شأن للعقل البتة في ذلك، بل إن الشاطبي يقول في باب التكليف: إن دور العقل أن يأتي بعد النقل، فلا يسرح العقل إلا بمقدار ما يسرحه النقل. فالعقل محكوم عليه بالنقل إذا صح النقل عن الله عز وجل أو عن رسوله صَلى الله عليه وسلم فهو تكليف وهو الحكم.
هب أن الإنجليز مثلاً في سنة 1965م صدر قانون عندهم وصدق عليه مجلس اللوردات بأغلبية، يجعل الشذوذ الجنسي بين الرجال البالغين، أمراً مباحاً لا عقاب عليه في القانون، حصل ذلك ونقلته وكالات الأنباء، وقد صفق الحاضرون طويلاً في شرفة الوزارة، يعني أنه كان هناك جمهور ينتظر صدور هذا القانون الذي يصدق عليه مجلس العموم البريطاني، وهو يجهل الشذوذ الجنسي الاتصال الجنسي "اللواط بين البالغين" رجالاً ونساء، أمراً مباحاً مشروعاً يحميه القانون وتكفله الدولة كحق لكل مواطن، هب أن عقول الإنجليز في سنة 1965م رأت أن ذلك أمر حسن وصدر القانون في إنجلترا، وهؤلاء هم سادتها ونوابها ولورداتها، هب أن عقولهم قالت ذلك، ولكن الشرع قال: هذا حرام فالحكم للشرع وليس للعقل.
الرومان كانوا يعتبرون أن المدين الذي يعجز عن الوفاء بدينه، لا بد أن يملكه الدائن ويصير رقيقاً عنده ويضعه في سجنه الخاص ويقيده بالسلاسل والأغلال، وكل ما فعلته قوانين الألواح الاثني عشر هو أنها حددت وزن السلاسل والأغلال التي يضعها الدائن في عنق المدين، ثم أجازوا أن يقتسم الدائنون-إذا ذهبوا إلى سوق روما بالمدين ليبيعوه ولم يتقدم مشتر-أجازوا للدائنين أن يقتسموا جثته قسمة غرماء يقطعونه قطعاً! وكان الرومان يعتبرون هذا هو عين العقل وهو عين الصواب، وهو الأمر الحسن ولا حسن في غيره، ثم جاء الشرع العظيم بحكمه، كما قال تعالى: )وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا-يعني بالدين-خيراً لكم إن كنتم تعلمون
(.
فالقضية بعد مجيء الشرع، الحسن ما حسنه الشرع، والقبيح ما قبحه الشرع، وعلى العقول أن تلتزم وأن تعيد العقل حينما يضل، ولو كان العقل كافياً لم يكن هناك داع لإرسال الرسل وإنزال الكتب، وكل هذا يدل على أن العقول ليست كافية، فبعد مجيء الشرع، لا يترتب على القضية عمل ولا يترتب على الخلاف فيها أي عمل، لأن الأمة أجمعت-ولم يشذ فيها مسلم-أنه بعد مجيء الشرع، الحكم للشرع وليس للعقل.
وأما قبل مجيء الشرع فهي قضية لا يحتاج إلى بحثها، فهذه تترك لله سبحانه وتعالى، وليس عندنا أحد من هؤلاء حتى نحكم عليه في التعامل والتزوج وذبيحته والزواج منهم، هم قبل مجيء الشرع هؤلاء ماتوا جميعاً فالحكم فيهم لله عز وجل.
فالقضية كما يقول الشاطبي في الموافقات: يعني عارية أو شبه عارية، وأن البحث فيه تضييع للوقت، وأنه لا يترتب عليه شيء من العمل، فهذا يعني ما أردت أن أقوله بالنسبة للتحسين والتقبيح.
ضلال العقول بدون شريعة الله.
وهذه قضية ينبغي أن يكون الفصل فيها من جهة أخرى، يعني ينبغي أن تناقش من جهة أخرى، يقال للناس: إن الشريعة هي التي تحقق مصالحهم، وهي التي تلبي حاجاتهم وهي التي تحقق العدل بينهم، وهي العدل ولا عدل في غيرها، وهي الحق ولا حق فيما سواها، العقل الذي يخالف الشرع، عقل ضال فيه سفه )
ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه...
( بل إنه بهيمة )
ولقد ذرأنا لجهنم كثيراً من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل..
( ويقول الله عز وجل في مثلهم )
كمثل الكلب...
( ويقول في بعضهم: )
كمثل الحمار...
( فالذي لا يهتدي للحق بعد سماع الشرع، وله عقل فيتبع ذلك العقل في زيغه وبطلانه وضلاله، الذي يتبع ذلك سماه الشارع حماراً وكلباً ومن الأنعام على أحسن تقدير.
والآن الذين ضلوا وكفروا والذين لهم عقول جبارة وشهادات عليا وأبحاث في الذرة، ويصعدون إلى الفضاء، ويخترعون الكهرباء ويخترعون كذا وكذا، أليست هذه عقولا؟ بلى عقول! لكن لا بد أن تبين للناس، ولا بد أن يظهر في بحثك أن الخير والشر والحق والباطل والفضيلة والرذيلة، هذه أمور لا تترك للعقل، والعقل لا يستطيع أن يحكم فيها، ولا أن يفصل فيها، وإلا فقديماً قال قوم لوط للوط: )
أخرجوا آل لوط من قريتكم..
( وكانت أسباب الحكم )
إنهم أناس يتطهرون..
( فمجتمع كانت فيه الطهارة والعفة جريمة، يوقع على مرتكبها أشد وأقسى أنواع العقوبات، وهي الطرد والنفي من البلاد، وبقيت عقوبة منعتها القوانين الدستورية الوضعية والإعلانات العالمية لحقوق الإنسان، هذا المجتمع لم يكن عنده عقل في حقيقة الأمر؟
الإنجليز سنة 1960م لم يكن عندهم عقل عندما جعلوا الشذوذ الجنسي-الرجل يأتي الرجل أمر-يقره القانون ويحميه، في مجتمع متحضر ومتقدم.
وفي بلاد الإنجليز في سنة ستين كان القانون للإنجليز في الميراث قانون استمر حتى مدة طويلة جداً، تاريخ طويل ما يزيد على ألف سنة، وهو يقوم عندهم على قواعد أربع:
القاعدة الأولى: أن البنت لا ترث مع الابن، يعني إذا مات الإنسان وترك بنتا وابناً فالبنت لا ترث، أخ وأخت، الأخت لا ترث، فالمرأة لا تستحق الإرث، الأنوثة نفسها مانعة من الإرث.
القاعدة الثانية: أنه إذا كانوا ذكوراً فالابن الأكبر وحده هو الذي يرث التركة كلها، وإخوته يعملون عنده في المزرعة.
القاعدة الثالثة: أن الأصول لا يرثون إذا مات وترك أباً أو أماً فلا يرث أحد منهما، وكان بلاكستون الفقيه الإنجليزي يقول: إن الميراث كحجر إذا أنزلته ينزل إلى الأسفل ولا يصعد إلى الأعلى! هذا هو المنطق والعقل والحكمة عندهم.
القاعدة الرابعة: أن الزوجة لا ترث، علاقة الزوجية لا تجيز للزوجة أن ترث من الزوج، فعلاقة الزوجية عندهم ليست كعلاقة القرابة، ليست قوية، وهذا هو عين التناقض عندهم لأنهم يقولون: إذا تم الزواج بين الزوج والزوجة فلا يمكن الطلاق ولا ينفصل، ما جمعه الرب لا يفصله العبد وليس عندهم طلاق أبداً، فيه فقط انفصال حسي، فهذه العلاقة التي جعلت الزوج والزوجة شيئاً واحداً، لا تجعل الزوجة وارثة لمن؟ لزوجها؟ لأنها علاقة ضعيفة، وهذا تناقض شديد!
ثم في سنة 1925م عدل القانون الإنجليزي بعد هذا الظلم الطويل، بعد ألف سنة وأربعمائة سنة من ظهور الإسلام ليقول: إن الأبناء جميعاً يرثون وإن البنت ترث، الأنثى ترث مع الرجل، وأن الأصول يرثون.
ولكن توقفوا في شأن الزوجة حتى سنة 1939م عندما اعتبروا الزوجة وارثة لزوجها، وأن علاقة الزوجية قوية كعلاقة القرابة.
دول-يعني هؤلاء-عقولهم يا دكتور عبد الله هذه هي العقول، هذه نماذج لعقول البشرية، عقول بشرية تضل وتزيغ دون هداية الله عز وجل، ولذلك أرسل الله الرسل وأنزل الكتب، لأن العقول لا تستقل بدرك المصالح والمفاسد بحال، هذه قضية مهمة.
الفهرس
14235725
عداد الصفحات العام
1373
عداد الصفحات اليومي
جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م