{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً (62) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً (63) } [النساء]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(031)علماء حاورتهم في موضوع البلاغ المبين

(031)علماء حاورتهم في موضوع البلاغ المبين


2-إجابات الدكتور أحمد العسال على أسئلة البلاغ المبين


السؤال الثالث: ما معوقات البلاغ المبين؟
أحسنتم، فضيلة الشيخ، ما معوقات البلاغ المبين الداخلية والخارجية؟

المعوقات الداخلية.


في الحقيقة أكبر معوق للبلاغ المبين في عصرنا الحاضر هو الغطاء الحضاري المادي الذي قام أو يقوم حاجزاً بين الناس وبين ما فطرهم الله عليه، لأن الله عز وجل فطر الإنسان على الإيمان به، وفطر الإنسان على التفكر في مخلوقات الله عز وجل، فإذا سبق إلى تلك الفطرة العوائق والبوائق، فهي تحبس تلك الفطرة وتحول بينها وبين ذلك الخير العظيم.

http://www.al-rawdah.net/vb/showthread.php?2646-(031)%DA%E1%E3%C7%C1-%CD%C7%E6%D1%CA%E5%E3-%DD%ED-%E3%E6%D6%E6%DA-%C7%E1%C8%E1%C7%DB-%C7%E1%E3%C8%ED%E4



وإلى ذلك الإشارة بحديث النبي صَلى الله عليه وسلم الذي رواه البخاري ومسلم: (ما من مولود إلى ويولد على الفطرة، ولكن أبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه) ثم يقول النبي صَلى الله عليه وسلم (ألا ترون إلى البهيمة تخلق جمعاء هل ترون فيها من جدعاء؟)



إذن فشياطين الإنس والجن هم الذين يقومون بعملية التحويل والتغيير، وأظن أن من أعظم آيات القرآن الكريم الدالة على ذلك آية سورة النساء التي قال الله تعالى فيها: {لعنه الله وقال لأتخذن من عبادك نصيباً مفروضا، ولأضلنهم ولأمنينهم ولآمرنهم فليبتكن أذان الأنعام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله ومن يتخذ الشيطان ولياً من دون الله فقد خسر خسراناً مبيناً}. 118 ـ 119.



إذن فعملية التغيير التي تتم في حياة البشر، إنما تتم بهذه العوائق وهذه البوائق، وكم من شاب فطرته سليمة تستغل عاطفته، فإذا به يضل وإذا به يعود يمضي بعيداً.



ومن هنا فإن العوائق الداخلية هي تلك الوسائل البعيدة عن النظافة والبعيدة عن الحق، لأن الحق بطبيعته قريب من الفطرة وأليف للنفس، والباطل قد يكون مغرياً ولكنه لا أصل له ولهذا قال الله تبارك وتعالى: {زين للناس حب الشهوات...} وهذا التزيين هو من الفتنة وهو من الإمتحان الذي امتحن الله به عباده، ولذلك فإن الوسائل التي تزين الباطل والتي تفتن به الناس هذه هي العوائق .



وهذه هي البوائق التي توبق الإنسان ثم تهلكه، هذه العوائق الداخلية أمر معروف، وأخطر العوائق هذه وضع الشيء في غير مكانه، مثل كلمة الفن مثلاً الفن قديماً هو مثلاً القصيدة الشعرية الجميلة، القطعة النثرية الجميلة، أيضاً اللوحة التي تحاكي عظمة الله عز وجل، أيضاً الحكمة، فإذ بنا نرى الفن يتحول إلى ابتذال وإلى رخص وإلى.... ويمضي بعيداً، والشيء الذي عرفته البشرية قديماً من امتداح الشهوات.



نحن الآن قد عدنا إليه في الكباريهات وفي الليالي الرخيصة، فهذه أيضاً من العوائق الكبيرة ومن الشيء الذي يضيع أوقات الناس ويأخذهم بعيداً عن الحق، لأننا كما نعلم هذه الحكمة العظيمة "من لم يشغل نفسه بالحق شغلته بالباطل" فالإنسان لا يستطيع أن يعيش حياتين و{ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه...} ولذلك لا يجوز أن تكون هناك هذه العبارة "ساعة لقلبك وساعة لربك " لا، كله لربي ومن حق ربي أن أروح عن نفسي، ومن حق ربي أن أمتع نفسي: {قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق، قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة..}.



من المعوقات الضخمة أيضاً أن يصبح الإنسان يعيش بدون هدف، وأن ينتمي إلى غير أمته، وهذا ما فعلته تلك الحضارة المادية الخطيرة، هي حضارة في جانب من جوانبها مبدع، ولكن في جانب من الجوانب الأخر خطر! وهي تأخذ الإنسان في ولائه وانتمائه إلى غير الله عز وجل، وإلى غير أمة الدعوة وأمة البلاغ وهي أمة الإسلام، هذا أيضاً من العوائق الكبرى التي يواجهها أبناء الأمة الإسلامية.



تكلمتم عن العوائق الداخلية وأيضاً يبدو لي سؤال في العوائق الداخلية وهي مناهج الجماعات الإسلامية والاختلافات التي تقع بينهم، ووضع الأشخاص في غير مواضعهم وهذا ربما يحتاج إلى شيء من البيان؟



الحقيقة لا بد لنا كدعاة إلى الله سبحانه وتعالى أن نقدر الظرف الذي تمر به الأمة الإسلامية، الأمة الإسلامية مرت بعصر انحطاط، وعصور الانحطاط مثل المرض يأتي شيئاً فشيئاً حتى يصبح الإنسان لا شيء، وأيضاً انحطاط الأمم يأتي هكذا يأتي دون أن تشعر به، من كان يظن مثلاً أن الصليبيين يصلون إلى المنصورة ويهددون كل سواحل العالم الإسلامي ويأخذون بيت المقدس؟ من كان يظن أن اليهود وهم في سنة عشرين لم يكونوا أكثر من اثنين في المائة في فلسطين، من كان يظن أنهم الآن يكونون على هذا الوضع؟



إذن فالأمم حينما تنحط، تنحط وأنت تراها وتلحظها، ولكن فجأة تأتي إلى القاع، فالأمة الإسلامية مرت بهذا العصر عصر الانحطاط وذلك المرض.



فعصر الانحطاط له سمات: سمته قلة العلم، عدم القدرة على ترتيب الأولويات، عدم الوعي بأبعاد المعركة التي تواجهها الأمة، لأن كل سبب يسلم لسبب آخر، والنتائج تؤدي إلى نتائج أخرى، فحينما وضع نظام التجزئة في العالم الإسلامي وتحطيم ولاء الأمة وظهر عصر القوميات وعصر الوطنيات، نشأت الأجيال شوهاء، فذلك مصري وهذا يمني وهذا عراقي، وللأسف نفس الكيد الذي تم عملت المناهج على تعميقه، بحيث ينشأ الفتى أو تنشأ الفتاة وهما لا يعرفان من حياتمها ولا عن أمتهما، إلا ذلك القطر المحدود.



أما الإسلام بشموله والوطن الإسلامي بأبعاده، وأما دورات الصراع التي عاشتها الأمة الإسلامية فهذا شيء حجب، ولذلك حدث في العقل الإسلامي فراغ هائل، وحدث تخريب، أو كما نقول حصل غسيل مخ، غسيل المخ هذا ترك أبناء الأمة الإسلامية حيارى، فلما بدأ الجسم الإسلامي يستيقظ وجد أمامه محنة هائلة وكارثة ضخمة، والإنسان أمام المحنة كالغريق، والغريق دائماً يكون عقله غير واعي وعياً كاملاً، فهو يغالب الأمواج، وكما نقول عاوز (يريد) قشة يتمسك بها.



فنحن أمة نخرج من عصرين خطيرين، فإذا قررنا ذلك وعرفنا أن هذين العصرين تركا آثاراً بعيدة المدى، خاصة في العقل الأمي، عقل الأمة دائماً يتمثل في علمائها ويتمثل في أمرائها، ومن الحق أن نصارح أنفسنا، فأي واحد يدرس عصر الجمود هذا وعصر التقليد، سيواجه أشياء هائلة جداً، لأن كل المدارس الإسلامية –مثلا- حجبت عن علوم العصر، علوم العصر الرياضية وما يتبعها من فيزياء وغيره، وتركت في حفظ المتون، وحفظ المتون جيد، ولكن المتون التي لا توصل إلى الاجتهاد، ولا توصل إلى التحليل، ولا توصل إلى الخروج من أسر التقليد، كلها متون....



حتى نحن نعلم أن القرآن ليس المطلوب حفظه حفظاً لا يعين على التدبر، بل المطلوب في الدرجة الأولى تدبره ثم حفظه، فإذا لم يكن الحفظ وسيلة للتدبر حتى يعرف معانيه وحكمه، فلا فائدة منه إلا التلاوة التعبدية ونحن نحفظ عن علمائنا "رب قارئ للقرآن والقرآن يلعنه" والله تبارك وتعالى يقول: {أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها..} لذلك فلا ندهش في عصرنا الحاضر أن تتعدد مناهج العمل الإسلامي، لأن كل واحد مضروب من جانب، فيحس بأثر الضربة فيصيح مثلاً: واحد وجد البدع كثيرة فيبتدئ يتكلم عن السنة، واحد وجد أن نظام الحكم في الأمة الإسلامية نظام يحتاج إلى إصلاح راح يتكلم على نظام.....، وهكذا.



لكن الذي يجب أن نتعاون عليه أن نكون أتباع هذا الدين فلا يختلف بعضنا على البعض الآخر، ولا يكفر بعضنا الآخر، بل يدعو إلى المحكم من الإسلام فلا خلاف عليه.



وأما الأمر الفرعي فشيء لم يضمنه النبي صَلى الله عليه وسلم، والاجتماع على الأمور الفرعية صعب المنال، لأن النبي صَلى الله عليه وسلم وهو ذاهب إلى بني قريظة قال: (لا يصلين العصر أحد إلا في بني قريظة) فمنهم من فهم المدلول اللفظي ولم يصل إلا هناك، ومنهم من قال: إنه يريد أننا نتعجل في السفر فصلاها في الطريق، فإذن الاجتماع أو الإجماع على الأمور الفرعية متعذر.



لهذا لا ينبغي لنا أن لا نضيق باختلاف المناهج، بل ينبغي لنا أن نسعى إلى أن نتبادل الآراء بالحسنى وبتقدير ما عند الآخر، وأن نعتصم بهذه الآية العظيمة:{ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم...} وخطاب سيدنا الإمام أحمد بن حنبل أشار إلى أن ربنا سبحانه وتعالى، سيجعل لهذا الدين دائماً بقايا من أهل العلم ينفون عن هذا الإسلام تحريف الغاوين وتأويل الجاهلين وأيضاً تأويل المبطلين.



وهذا سيمكننا إذا وصلنا إلى هذا الأساس العظيم الذي قال عنه الإمام بن تيمية: أن هناك نوعين من الخلاف، هاك خلاف التضاد وهذا نبرأ إلى الله عز وجل ونستعيذ به منه ونبرأ أن يقع في أي مسلم، لأنه هو التنازع الذي نهى الله عنه في قوله: {ولا تنازعوا فتفشلوا...} نهى أن تختلف على الأمور الأساسية، هذا هو الذي نهى الله عنه، أما اختلاف التنوع مثلاً: واحد يكبر في صلاة العيد في الركعة الأولى سبعاً، وواحد يكبر خمساً، واحد يكبر قبل القراءة، ,واحد يكبر بعد القراءة، فهذا ما يقوله سلفنا الصالح من أنه خلاف التنوع.



إذن فاختلاف المناهج إذا مضى في هذا الإطار يكون فيه خصوبة وفيه قوة وفيه ، أما إذا وصلنا إلى خلاف التضاد، وأن كل واحد تعصب لرأيه، كل واحد يستبد برأيه، فهذا ما لا يرضاه الله ولا رسوله ولا المؤمنون، وهذا ما عابه الله عز وجل على أهل الكتاب، وما عابه على اليهود، حينما اختلفوا من بعد ما جاءهم العلم بغياً بينهم، وهذا هو الاختلاف الذي يسببه الحسد، والذي يسببه سوء الظن والذي يسببه عدم العلم وقلة البضاعة ونبرأ إلى الله عز وجل من ذلك.





السابق

الفهرس

التالي


14214970

عداد الصفحات العام

67

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م