[
الصفحة الرئيسية
] [
حول الموقع
] [
تعريف بصاحب الموقع
]
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً (62) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً (63) } [النساء]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب
::
66- سافر معي في المشارق والمغارب
::
(34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف
::
(033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف.
::
(067) سافر معي في المشارق والمغارب
::
(066) سافر معي في المشارق والمغارب
::
(031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف
::
(065) سافر معي في المشارق والمغارب
::
(030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث
::
::
::
::
::
::
::
::
::
::
جملة البحث
جميع محتويات الموقع
المقالات العامة
مقالات الحدث
الجهاد في فلسطين
2 أثر التربية الإسلامية في أمن المجتمع المسلم
المقالات العامة
الإيمان هو الأساس
غيث الديمة الجزء الأول
غيث الديمة الجزء الثاني
حوارات مع أوربيين مسلمين
حوارات مع أوربيين غير مسلمين
الحدود و السلطان
حكم زواج المسلم بالكتابية
رحلة هونج كونج
جوهرة الإسلام
كتاب الجهاد
المسئولية في الإسلام
دور المسجد في التربية
كتاب سبب الجريمة
كتاب الشورى في الإسلام
كتاب السباق إلى العقول
الإيمان إصطلاحاً و أثره سلوكاً
كتاب طل الربوة
كتاب الوقاية من المسكرات
الكفاءة الإدارية
معارج الصعود إلى تفسير سورة هود
مقدمة سلسلة في المشارق و المغارب
المجلد الأول : رحلات الولايات المتحدة الأمريكية
المجلد الثاني : رحلات المملكة المتحدة (بريطانيا) و آيرلندا
المجلد الثالث : رحلات اليابان وكوريا وهونغ كونغ
المجلد الرابع:رحلات إندونيسيا الجزء الأول 1400هـ ـ 1980م
المجلد الخامس : الرحلة إلى إندونيسيا الجزء الثاني 1410هـ ـ 1990م
المجلد السادس : رحلات إندونيسيا الجزء الثالث 1419هـ ـ 1989م
المجلد السابع : رحلات أستراليا و نيوزيلاندا و سريلانكا
المجلد الثامن : رحلات كندا و إسبانيا
المجلد التاسع : رحلات سويسرا و ألمانيا و النمسا
المجلد العاشر : رحلات بلجيكا و هولندا و الدنمارك
المجلد الحادي عشر:رحلات السويد و فنلندا و النرويج
المجلد الثاني عشر : رحلات فرنسا و البرتغال و إيطاليا
المجلد الثالث عشر : رحلات سنغافورة و بروناي و تايوان
المجلد الرابع عشر : رحلات باكستان و الهند
المجلد الخامس عشر : رحلات تايلاند (بانكوك)
المجلد السادس عشر : الرحلة إلى ماليزيا
المجلد السابع عشر : رحلات الفلبين
المجلد الثامن عشر : رحلة كينيا
الفهرس
(035)
علماء حاورتهم في البلاغ المبين
(035)
علماء حاورتهم في البلاغ المبين
1-إجابات فضيلة الشيخ مناع بن خليل القطان على أسئلة موضوع البلاغ المبين.
وقد قابلته في منزله في ليلة الجمعة 3/7/1409هـ ـ 9فبراير 1989م
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: فإني أتقدم بالشكر إلى فضيلة شيخي وأستاذي الكريم /الشيخ مناع بن خليل القطان في منزله بالرياض لتفضله بالموافقة على الإجابة عن الأسئلة المتعلقة ببحثي الذي عزمت على الكتابة فيه، وهو بـعنوان:
(البلاغ المبين)
، وأرجو الله تعالى أن يوفقني ويوفق كل من اطلع على إجاباته نصا أو مضمونا للاستفادة منها.
1-السائل: فضيلة الشيخ. الأسئلة كثيرة، ولكن نرجو أن توسع صدرك لنا.
تكر ذكر البلاغ المبين في القرآن الكريم، في سياق الدعوة إلى الله، وكذا ذكر مجيء الرسل بالبينات، كما تذكر الحجة والبرهان … ما السر في ذلك؟ وفي أي نوع من أنواع الأحكام التكليفية يدخل البلاغ المبين؟
الجواب: بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
كما تفضلتم ورد ذكر البلاغ ووصفه بـ
(المبين)
في أكثر من آية، في القرآن الكريم
ولا سيما في قصص الأنبياء، كما ورد ذكر الحجة وذكر البرهان في سياق هذا البيان، وهذه الكلمات-وإن كانت متقاربة-في المعنى لكن مدلولها الدقيق يختلف، فكل كلمة منها لها معنى خاص، وهذا المعنى الخاص قد يكمله معنى في كلمة أخرى.
فكلمة البلاغ-في أصل معناها-تدل على الانتهاء من المقصود، أيا كان هذا
المقصود.
أما البيان فهي تعني الدلالة الواضحة، لذلك فإن اقتران البلاغ بالمبين يعني فيما أعتقد أن ما أمر به رسل الله من دعوة كُلِّفُوها عليهم أن يبلغوها، يعني أن ينتهوا بها إلى مقصودها ووصولها إلى الناس. وهذا الانتهاء بها إلى مقصودها جاء مقيدا أو مقرونا بلفظ:
(المبين)
ليكون هذا البلوغ للدلالة الواضحة البينة، فليس كل بلاغ بينا واضحا. قد يكون البلاغ على مستويات متعددة. ولا تلزم الحجة في البلاغ إلا إذا كان بينا على اختلاف مستويات الناس في أفهامهم وفي ما يمكن أن يدركوه من الدعوة المُبَلَّغة. فالمُبلَّغ يحتاج مع وصول الدعوة إليه وانتهائها إليه، أن يكون أمرها بينا واضحا، وأن تكون الدلالة فيها بالنسبة إليه مفهومة وواضحة، وإلا لما لزمت الحجة.
فقد تبلغ الدعوة منتهاها ومقصودها إلى المدعو، ولكن المدعو لا يفهمها، أو تكون وسيلة إبلاغها غير كافية في بيانها، فإذا قيد
(البلاغ)
بلفظ
(المبين)
فقد دل هذا على أن من شرط البلاغ حتى تقوم به الحجة، أن يكون هذا البلاغ بينا واضحا يفهمه المُبَلَّغ من المُبَلِّغ بالوسائل الممكنة للبيان.
وكما ذكرت الناس في الفهم والإدراك مستوياتهم مختلفة، ينبغي في إلزام الحجة أن يكون البيان على وفق هذه المستويات، ليكون المُبَلّغُ به بينا واضحا على كل مستوى من مستويات الناس وفق مداركهم وأفهامهم.
وأما كلمة
(البرهان)
وكلمة
(الحجة)
فهي أيضا قريبة في المعنى من
(البلاغ)
وقريبة المعنى من
(البيان)
. البلاغ بمعنى التبليغ، والبيان بمعنى الدلالة الواضحة البينة. والبرهان أبلغ من مطلق الدلالة، لأنه يعني الدلالة المقتضية للصدق، يعني التي تقيم الحجة. لا يسمع من يسمع البرهان إلا أن يصدق. ولعل الآية الكريمة في قوله تعالى:
{قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين}
فيها إشارة إلى هذا المعنى.
فإذا قام البرهان، يعني قامت الدلالة، فتكون مقتضية لصدق المبلِّغ فيما يبلِّغه من
الدعوة. وهذا البرهان قد يكون ابتداء في إثبات النبوة والرسالة، كما في معجزات الرسل ومعجزة القرآن، وقد يكون في قيام الحجة المقتضية للتصديق فيما يُقيمه الداعية والمبلِّغ من حجج وما يسوقه من دلائل.
وكلمة
(الحجة)
هي قريبة من هذا المعنى، وتدل على معنى خاص في الدلالة المبَيِّنة
للحجة، يعني المبينة للقصد. الحجج بمعنى القصد، فهي الدلالة المبينة للقصد. فيكون البرهان يعني أقوى فيما تقتضيه من صدق.
وجاءت آيات القرآن في مواضع كثيرة دالة على هذه الأمور، سواء كان هذا في الأمر بالبلاغ بالنسبة للرسل في قوله تعالى:
(يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك}
أوفي أن البلاغ هو غاية ما يهدف إليه الرسل:
{ما على الرسول إلا البلاغ المبين}
وجاء لفظ تقييد البلاغ بالمبين في أكثر من آية، ثم جاء أيضا قوله تعالى:
{قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين}
.
وبهذه الدلالات لكل كلمة من الكلمات يتبين لنا أن البلاغ المبين في الدعوة، يحتاج إلى عناصر هذه الكلمات مجتمعة، وأن يراعي المبلِّغ أو الداعية في دعوته ما يحققها جميعا من هذه العناصر، أن يبلغ النهاية ويصل إلى الغاية وينتهي إلى مقصده فيما يبلغ به الناس، وهذا هو معنى البلاغ، وأن تكون وسيلته في هذا البلاغ والانتهاء به إلى المبلَّغ واضحة بينة، مع تفاوت الناس في أفهامهم ومداركهم فيسلك في هذا الوسائل مع كل شخص ومع كل جماعة التي يمكن أن تبلغهم إلى الغاية والقصد، وأن يسوق الأدلة والبراهين والحجج من وقت لآخر بما يقتضي التصديق بما حدث به:
{قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين}
.
السائل: في آخر السؤال السابق: في أي نوع من أنواع الأحكام التكليفية يدخل البلاغ المبين؟.
الجواب: البلاغ المبين يدخل في الوجوب العيني عند بعض العلماء، ويدخل في الوجوب الكفائي عند بعضهم الآخر. فهو من ناحية أقسام الحكم التكليفي من نوع الواجب. والواجب كما يرى علماء الأصول منه ما هو واجب عيني ومنه ما هو واجب كفائي. فيرى بعض العلماء في آيات البلاغ-فيمن عدا رسل الله-أنها تحمل على الوجوب الكفائي. والواجب الكفائي هو الذي إذا قام به البعض سقط عن الآخرين، ومنهم من يرى أنه من الواجب العيني. وهو-بلا شك-بالنسبة للرسل واجب عيني. ولكن الكلام في الذين يقومون على الدعوة، على البلاغ المبين، وكل له أدلته.
الذين يرون أن هذا من الوجوب الكفائي يستدلون بقول الله تعالى:
{ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر}
. ووجه الاستدلال عندهم أن
(من)
من قوله تعالى:
{ولتكن منكم أمة}
للتبعيض، وتكون صيغة الأمر، وهو المضارع المقترن باللام
{ولتكن منكم}
المقتضية للوجوب، دالة على وجوب قيام بعض الناس بأمر الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وهذا هو معنى الوجوب الكفائي الذي إذا قام به البعض سقط عن الآخرين.
ويستدلون-كذلك-بأن الدعوة تحتاج إلى علم ومعرفة، وليس باستطاعة كل إنسان أن يكون لديه من العلم والمعرفة ما يمكنه من الانطلاق وأداء الدعوة، هذا يدل على أن الأمر بالبلاغ من الواجب الكفائي، وليس من الواجب العيني، لأن الذي يجهل قد يضر بالدعوة ولا يفيد.
ولكن بعض العلماء يرى أن هذا من الواجب العيني، ويستدل بالآية نفسها:
{ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر}
. ووجه الاستدلال بالآية أن
(من)
في قوله:
{ولتكن منكم}
ليست للتبعيض، ولكنها لبيان الجنس، كـ
(مِن)
في قوله تعالى:
{واجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور}
. يعني اجتنبوا الرجس الذي هو الأوثان. و كـ
(من )
في قوله تعالى:
{يغفر لكم من ذنوبكم}
الذي جاء موضحا في الآية الأخرى في قوله تعالى:
{يغفر لكم ذنوبكم}
.فمعنى الآية: كونوا دعاة جميعا
{ولتكن منكم أمة}
كونوا أمة داعية آمرة بالمعروف ناهية عن المنكر.
وأجابوا عن الاستدلال الثاني-عند من يرى أن هذا من الوجوب الكفائي-بأن العلم المقتضي للبلاغ والدعوة وللدعوة يختلف باختلاف الأشخاص، فالقدر الضروري من العلم يوجد عند كل مسلم، وهو العلم بأصول الحلال والحرام، فهو يبلغ وفق ما علم …
ويمكن الجمع بين الرأيين بأن البلاغ يكون واجبا كفائيا وواجبا عينيا، فيكون واجبا كفائيا بالنسبة إلى قضايا العلم ومسائله الدقيقة التي يعيها العلماء المختصون، فإبلاغ الدعوة فيما يتصل بهذه القضايا العلمية في حقائق الإسلام في جوانب منه متعددة يكون البلاغ فيها واجبا كفائيا على المختصين.
وأما بالنسبة إلى عامة إنكار المنكر وأصول الحلال والحرام، فإن البلاغ فيها يكون واجبا عينيا. ويؤيد هذا ما جاء في عموم الأحاديث بصيغة
(مَن)
في قوله صَلى الله عليه وسلم:
(من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان)
. فـ
(مَن)
من صيغ العموم في اللغة. وهذا فيه مراتب البلاغ وإنكار المنكر، وهي مراتب-حتى في أدناها-إيجابية، لأن الإنكار بالقلب من لوازمه أن يقاطع الإنسان بعد تكرار بلاغه أوساط المذنبين أهل المعصية وأن يشعرهم
(بعدم رضاه عنهم)
.
ولو أن المسلمين أخذوا بهذا لأحس المذنبون بالحرج وغيروا من سلوكهم وموقفهم، حتى يصلوا أنفسهم بأفراد مجتمعهم، وهذا معنى إيجابي في الدعوة. وعلى ذلك فإنه يجمع بين الرأيين في أن يكون البلاغ واجبا كفائيا، ويكون واجبا عينيا، فهو واجب كفائي بالنسبة إلى الخاصة على المختصين، وواجب عيني بالنسبة إلى العامة فيما لا يسع المسلم الجهل به من واجبات الدين وأصول الحلال والحرام.
السائل: فضيلة الشيخ. قول الرسول صلى الله عليه وسلم:
(بلغوا عني ولو آية)
مع ذكره هنا في الآيات البلاغ المبين والبرهان والحجة والبينات، ألا يمكن أن يستشف من مجموع الأمرين أن البلاغ المبين الذي يقوم عليه البرهان والحجة يكون خاصا بالعلماء، ومجرد التبليغ بالخير وبالكلمة وبالحلال والحرام الذي يُعرَف في الجملة يكون لعامة الناس؟
الجواب: هو كذلك، لأن ما ذكرت في بيان الحكم التكليفي، يدل على أن الخاصة هم الذين يلزمهم البيان في قضايا الإسلام الدقيقة التي يعلمونها ولا يعلمها عامة الناس. وأما الأمور العامة التي فيها الأمر بالبلاغ عامة فهي محمولة على الأمور الدينية التي لا يجهلها أي مسلم من المسلمين، ومنها ما جاء في حديث:
(بلغوا عني ولو آية)
، وما جاء أيضا في الحديث:
(من رأى منكم منكرا-بصيغة العموم-فليغيره بيده)
.
2-السائل: فضيلة الشيخ. ما أهداف البلاغ المبين؟ وهل تختلف أهدافه من وقت لآخر، أو من أمة لأخرى؟
الجواب: الهدف الأساسي من البلاغ المبين هو الهداية، ولكن لفظ الهداية-وهي الدلالة-التي من شأنها أن توصل إلى الخير، لفظ عام، فقد تكون الهداية متفاوتة. المطلوب أو المقصود من الناس من البلاغ متفاوت بتفاوت الناس. فبالنسبة إلى غير المسلم، القصد منها الهداية العامة لتوحيد الله سبحانه وتعالى واستقامة المخاطب أو المدعو على الدين وتخليصه من شوائب الشرك.
ودون هذا مراتب متعددة عند الناس. فهناك من يكون مهتديا هداية عامة في الإيمان أو في الإسلام، لكن عنده بعض الانحرافات في العقيدة أو المفاهيم الخاطئة في العقيدة، فيكون البلاغ بالنسبة إليه فيما يتصل بهذه الانحرافات ذات العلاقة بعقيدته وتطهير عقيدته من الشوائب التي تلحق بها.
وبالنسبية إلى الذين يجهلون حقيقة من حقائق الإسلام أو أمرا معينا من أمور الإسلام، يكون البلاغ بالنسبة إليهم فيما يجهلونه. وهذا يتناول أمورا كثيرة، فقد يكون الجهل بأن الإسلام ليس فيه نظام حكم، فيكون البلاغ مؤكدا للمخاطبين الذين تمردوا على شريعة الله وأحكام هذه الشريعة في القصاص والحدود وغير ذلك.
يهدف القصد الأول إلى بيان هذا الجانب من جوانب الشريعة الإسلامية. قد يكون في جوانب تتصل بنظرة الناس إلى المرأة وقضية الحجاب. قد يكون في القضايا الاقتصادية وما فيها من شبهات تثار حول الربا أو الفائدة المصرفية. قد يكون في بعض القضايا الاجتماعية. قد يكون في أمور العبادات فيما يتصل بالعبادة. وهكذا كل بلاغ إلى تحقيق ما الناس يحتاجون إليه من هداية.
ولذلك فإن القصد من البلاغ المبين هو عموم الهداية، قد تكون الهداية عامة وشاملة حتى في أصول الإيمان وعقائده وحقائقه، وقد تكون في جوانب خاصة من جوانب الإسلام. فيكون البلاغ هادفا إلى توضيح هذا الجانب من جوانب الدين.
وعلماء البلاغة يقولون: البلاغة هي مطابقة الكلام لمقتضى الحال، وقالوا: لكل مقام مقال. وهذا في مفهومه يعني تفاوت حاجة الناس إلى الهداية وتفاوت حاجة الناس إلى البلاغ، وتشتد حاجتهم إلى أمر أكثر من أمر آخر حسب ما يكون عليه حالهم.
والذين كانوا يأتون إلى الرسول صَلى الله عليه وسلم: يطلبون منه وصية، كان يجيبهم بما يناسب حالهم، كأن يأتي أحدهم فيقول: أوصني. فيقول له:
(لا تغضب)
لأنه يرى فيه حدة وانفعالا، فيوصيه بما هو أهم مما يحتاج إليه.
والعالم الإسلامي المعاصر يشترك في قضايا أساسية، هو أحوج ما يكون إليها في البلاغ والهداية.
القضية الأولى: قضية تصحيح العقيدة، حتى تكون خالصة لله تعالى، ولا يقف الأمر بتصحيح العقيدة عند الإيمان بالله تعالى وتوحيده في أسمائه وصفاته وأفعاله. فحقيقة كلمة التوحيد أوسع من هذا، فتشمل هذا بالدرجة الأولى، وتشمل أمورا أخرى ذات علاقة بالعقيدة وذات علاقة بالتوحيد، كأمور التشريع، فالتشريع من خصائص الألوهية، وقد يكون الإنسان موحدا لله سبحانه وتعالى، ولكنه يغفل عن صلة التشريع بالتوحيد:
{أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله }
. فيشرك بالله في جانب التشريع.
وهذه ظاهرة موجودة في كثير من أنحاء العالم الإسلامي، وحاجة العالم الإسلامي إلى توضيح هذا وبيانه ألزم. فإذا كنا نقول: إن العقيدة هي أول ما بعث به الأنبياء والرسل لتحقيق معنى العبودية لله تعالى، فتحقيق معنى العبودية في توحيد الله تعالى في جانب التشريع ضرورة من ضرورات الحياة المعاصرة.
وقد تخلى كثير من البلاد الإسلامية عن أحكام هذه الشريعة الغراء، واستبدلوا بها الأحكام الوضعية والقوانين الوضعية التي تُحِلُّ ما هو معلوم التحريم من الدين بالضرورة. فأحكام العقوبات مثلا نصية وقطعية في القصاص والحدود، ومع ذلك فإن قوانين بعض الدول تنص على أنه إذا زنى رجل بامرأة وكانا رشيدين برضاهما، فلا عقوبة عليهما، وتجعل المخالفة فيما يتصل بما إذا كانت هذه الفاحشة على فراش الزوجية بإعطاء الحق للزوج في أن يطلق زوجته إذا شاء وإلا أبقاها.
وهذا مخالف مخالفة صريحة لما هو معلوم من الدين بالضرورة. وكذلك في كثير من القوانين، فإباحة الخمرة إلا إذا كان السكران في مكان عام أو طريق عام، فتكون العقوبة في مثل هذه الحالة، لا لأن الخمر محرمة لذاتها، ولكن لما يتعرض له الناس من الإيذاء من المخمور في الأماكن العامة أو في الطرقات. فهذه القضية من القضايا الأساسية التي يجب الاهتمام بها.
كذلك من القضايا الأساسية في عالمنا المعاصر ما يتصل بوضع المرأة المسلمة في المجتمع المسلم، وكيف يكون وضعها لأداء وظيفتها الأساسية في البيت وخارج البيت، وكيف يكون التزامها بما يقضي به الإسلام من وقار وحشمة تكريما لها، وهذا المفهوم يغيب عن أذهان كثير ممن يسمون أنفسهم بالمثقفين أو المتنورين، وهي قضية ملحة في كثير من البلاد الإسلامية في العالم الإسلامي. خرجت المرأة عن حجابها الشرعي، وشاركت الرجل في ميادين الحياة وأسفرت له عن وجهها ورأسها وعن أطرافها الأخرى. وما سترت من جسدها فهو أشد فتنة مما كشفته من هذا الجسم. هذه قضية أيضا من القضايا المعاصرة الأساسية.
قضية الجانب الاقتصادي في معاملة الناس، بعد أن عمت البلوى في المصارف الربوية، وأصبح الناس جميعا يتعاملون مع هذه المصارف، ومقتضيات حياتهم تستلزم هذا، وظهرت آراء حتى من الذين يكتبون في الإسلام تسوغ بعض هذه الصور الربوية أو تهون من شأن الربا والتعامل به. هذه القضية من القضايا المعاصرة الملحة أيضا التي تحتاج إلى بلاغ وهداية.
[قال السائل: وكل قضية من هذه القضايا تحتاج إلى أن يتعاون في البلاغ المبين فيها من قبل علماء الشريعة والمختصين في أي قضية منها ، أعني المختصين ممن يؤمنون بوجوب تطبيق الشريعة الإسلامية ، مثل ما فعل الأستاذ عبد القادر عودة فيما يتعلق بالتشريع الجنائي …]
من هذه القضايا: قضية إحياء روح الجهاد الإسلامي، وهي متصلة بالعقيدة، فيما يعرف في الإسلام بالولاء والبراء. فقد استهان الكثير من المسلمين بهذا الأمر، وهو من واجبات الدين، وقد أدى إلى ما وصل إليه العالم الإسلامي من ضعف، وإلى الأطماع الدولية في البلاد الإسلامية، وإلى الاستخذاء والسكينة وقبول الذل، وإلى العلاقات الوطيدة مع الدول المعادية للإسلام والتي تحارب الإسلام بصور مختلفة، حاربته من قبل واستولت على كثير من بلاده ودياره …
وهناك قضايا ملحة حالية في أنحاء العالم الإسلامي: قضية الأقليات الإسلامية. قضية فلسطين. قضية أفغانستان-وإن كنا نأمل في أهم قضايا هذا العالم الإسلامي، وهي قضايا متصلة بالجهاد-أن تنفرج وأن توشك على الانتهاء بما فيه خير الشعوب الإسلامية.
فهذه القضايا ونظائرها من القضايا الملحة المعاصرة، وهي وثيقة الصلة بالعقيدة نفسها، سواء كانت من جانب التشريع، أو في جانب الولاء والبراء … أو فريضة الجهاد. والعناية بهذه القضايا قد تكون ألزم في وقتنا الحاضر.
الفهرس
14239736
عداد الصفحات العام
1245
عداد الصفحات اليومي
جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م