{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً (62) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً (63) } [النساء]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(048)علماء حاورتهم في موضوع البلاغ المبين.

(048)علماء حاورتهم في موضوع البلاغ المبين.



2-إجابات الدكتور عبد الله المصلح على أسئلة البلاغ المبين



السؤال الرابع: هناك كلام لأبي حامد الغزالي رحمه الله، في كتابه: "فيصل التفرقة بين الإسلام والزندقة" خلاصته: أنه قسم الناس ثلاثة أقسام:



القسم الأول: بلغه الإسلام على حقيقته. وهذا القسم إذا لم يستجب استوجب الخلود في النار.

القسم الثاني: لم يبلغه الإسلام أصلا. وهذا القسم معذور.



القسم الثالث: بلغه الإسلام بلوغا مشوَّها منفِّرا. وحكم هذا القسم حكم القسم الثاني أي يكون معذورا. ما رأيك في هذا التقسيم؟ وهل هذه الأقسام موجودة في هذا العصر؟



الجواب: أوافق أبا حامد على نوعين، وهما: من لم يبلغه الإسلام، ومن بلغه بحجته الواضحة.



وقضية من لم يبلغه الإسلام بحججه الواضحة الجلية، مسألة نسبية لا تستطيع أن تحكم عليهم باعتبارهم نوعا واحدا، ولكن تستطيع أن تحكم على كل فرد على حدة. فنحن على سبيل المثال الآن في عالم متداخل. فتستطيع أن تقول: قد تجد رجلا-مثلا-في الجزر البريطانية بلغه الإسلام مشوها على وجه اليقين، وقال له الناس: إن المسلمين هؤلاء يعبدون محمدا، وأن لديهم صنما يسمونه الكعبة، وأنهم يطوفون على هذا الصنم، ويصور له ناقل هذا الكلام الإسلام إليه أن الإسلام من الأديان الوثنية وضرب من عبادة الأصنام.



فهذا لا تقوم عليه الحجة. لكن لو أنه ذكر له الإسلام جيدا ثم بدأ يشوش عليه تشويشا طارئا، فإني أقول له حيث بلغه هذا الدين بأن هذا الدين تعبد الله وحده لا شريك له، وأن محمدا هو رسول الله، وأن لدينا كتابا ينطق بالحق، فإن هذا كاف حتى لو اعترضه بعد ذلك شيء من عوارض التشويش على هذه الحقيقة …



السؤال الخامس: هل توجد حوافز عند كل أحد من الناس للبحث عن الحقيقة والسائل عن الدين-ولو بلغه الإسلام مشوها-بحيث يأثم إثما يستحق به التخليد في النار إذا لم يبحث عن الحقيقة؟



الجواب: الإنسان بفطرته تنبثق منه دواع تدعوه ودوافع تدفعه إلى أن يبحث عن الحق الموصل إلى إدراك ما يجب عليه أن يتصوره أو أن يعتقده أو أن يفعله في باب العبودية لله. وهذه هي نداءات الفطرة التي غرسها الله عز وجل في قلب كل إنسان، وتكلم هي إشراقات هذه العقول في بحثها عن ربها عز وجل وتَعَرُّفِها عليه، وهي تكلم الظواهر الموجودة في كون الله عز وجل الباهرة المحركة لكوامن هذه العقول لتبحث عن أجوبة الأسئلة السابقة: لماذا جئنا؟ ومن أين؟ وإلى أين؟ ولا يجوز أن نغفل هذا الجانب، وقد شاهدناه عندما جلسنا مع أناس كانوا كفارا، ثم حدثونا عن أيام كفرهم أن هذه الحالات كانت تنتابهم، وأنهم كانوا يتساءلون مع أنفسهم …



هذه يا أخي هي دوافع تدفع الإنسان ويعرض عليه في حياته من الحجج والبراهين وظواهر الحكمة والدقة في صنع كون الله، وآثار رحمته في الأرض: {قل انظروا إلى آثار رحمة الله كيف يحيي الأرض بعد موتها}. هذه الأمور كلها عوارض تهز كيان الإنسان في الداخل توجب عليه أن يبحث عما وراءها.



ولكن بعض الناس يغلب عليه الهوى وتغلب عليه المعاصي وخلوده إليها-تتالى ظلمات المعاصي بعضها وراء بعض، وربما رانت على قلبه، لكنه يجد في حياته أمورا قاهرة أكاد أسميها بتسمية لطيفة يذكرها علماء النفس في قضية المنبهات: يسمونها: (التنبيه القسري). وهذا التنبيه القسري يعرفه رجال الإعلام ويعرفه رجال علم النفس، عندما يضعون نوعا من المنبهات للإنسان باعتباره مظهرا مرعبا له ليخضعوه لجريمة السرعة، يعني سرعة السيارة يضعون لها مظهرا معينا لنتيجة الحوادث: حوادث الطرقات وحوادث السرعة، فيضعون له منظرا مرعبا يسمونه التنبيه القسري.



فأنا أقول: إن الله عز وجل قد أعطانا من التنبيهات القسرية ما يجعل العقل-ولا بد-يفكر في يوم من الأيام فيمن خلقه، ومن جاء به، وما هي غايته في هذه الدنيا؟ وهذا المعنى هو الذي نريد أن ينقدح في ذهن هذه الأمة، ولكن الله سبحانه وتعالى لم يكتف بأن أعطانا هذه الظواهر التي تقتضي تنبيها قسريا في الدنيا، ولم يكتف بأن أنزل لنا كتابا، ولكنه كذلك أرسل لنا محمدا صلى الله عَليه وسلم داعية. إذا فلا بد من إقامة الحجة بالدعوة.



السائل: يعني الحوافز موجودة، ولكن ألا ترى أن الناس يختلفون في هذه الحوافز؟ مثلا: شخص يعيش في بلاد نائية عن الأماكن التي يوجد بها الدين والدعوة.



الجواب: بلى. بل قد يعيش-يا أخي-في بلاد متقدمة كما يسمونها اليوم-التقدم المادي، وليس التقدم الحضاري-ونحن لا نعتقد أن هؤلاء الناس لديهم كيانات حضارية، فقد يكون متقدما تقدما ماديا، ولكنه ما زال متخلفا تخلفا عقليا، لماذا؟ لأن ركام الشهوات، وركام الشبهات، وركام استمراره في المنكر الذي يتتالى عليه منكرا بعد منكر يمنعه من أن ينفذ نداء الفطرة من خلال هذا الركام.



السائل: هل معنى هذا أنه يتساوى عندك من تحيط به أنواع هذا الركام، ولو كان في منطقة متقدمة ماديا وثقافيا-في غير أمور الإسلام-ومن يكون في غابة من البدو؟



الجواب: لا. لا يستويان عندي. لكن أقول: إن القدر من الجاهلية الجديدة التي كونت عند الأول ركاما من الشهوات والشبهات وتتالي المعاصي عليه والمنكرات، منعه من البحث عن الحق، وذلك يوازي تلك الغابة الحسية التي حالت بين صاحبها وبين البحث عن الحق.



السؤال السادس: ما أهداف البلاغ المبين؟



الجواب: إقامة الحجة على الخلق.



السؤال السابع: ما مصادر البلاغ المبين؟



الجواب: حدثتك عنها: مصدران تأهيليان، وهما العقل والفطرة، ومصادر أقام الله بها الحجة، وهي الكتب والرسل، وما أعطى الله الأنبياء من الحجج.



السؤال الثامن: على من تقع مسؤولية البلاغ المبين؟



الجواب: على كل مسلم، لأن المسلم إذا علم وعمل، صار من لوازم دينه أن يدعو ، ثم عليه أن يعلم أنه بعد دخوله في باب الدعوة، بعض المحن والفتن ربما اعترضته، فلا بد له من الصبر.

السائل: على كل مسلم؟.



الجواب: على كل مسلم، كل مسلم بحسبه. أمور خمسة واجبة على المسلم:



الأول: أن يعلم-يأخذ-دينه بحجة، فلا يكفي التقليد على الإطلاق في باب العقيدة، لا بد من الاقتناع بالعقيدة، لا يجوز التقليد في باب العقيدة. وهذا العلم الذي ينبني عليه الاعتقاد، لأن الأمور تأتي كما يلي: إن السلوك البشري لا يستطيع أن يخرجه إلا الاقتناع أو الاعتقاد، والاقتناع أو الاعتقاد أعظم مؤثر فيه هو المعرفة، والمعرفة عندنا موجودة في الكتاب والسنة. فالكتاب والسنة-بالنسبة لهذه العقول-يكونان في داخلها اقتناعا منه ينبثق
السلوك.



السائل: يعني الأمة كلها مسؤولة عن البلاغ المبين، ولكن مسؤولية كل منها تختلف باختلاف ما عنده من الإمكانات؟



الجواب: نعم.



السائل: كان في عهد الرسول صلى الله عليه وسلّم، يبعث إلى زعماء العالم غيرِ المسلم، من يبلغهم الرسالة، فهل هناك من يختص بوظيفة البلاغ المبين للزعماء غير المسلمين؟



الجواب: نعم يا أخي. أما قضية الاختصاص وتنوعه ومخاطبة الناس على قدر عقولهم وهموهم واهتماماتهم، فهي قضية تكاد تكون من أجلى وأظهر ما أبانه هذا الدين. والرسول عليه الصلاة والسلام عندما كان يخاطب المرأة، يختلف خطابه عن خطاب الراعي، ويختلف خطابه في هذا عن خطابه للملك. لما جاءه عدي بن حاتم الطائي كلمه بلغة الملوك، وحدثه عن ثلاثة أشياء: حدثه عن الأمان (الأمن)، وحدثه عن السعة الاقتصادية، وحدثه عن التمكن في الأرض، وهذه القضايا لا يهتم بها إلا قادة الأمم الذين يتكلمون عن قضايا التمكن في الدنيا، عما يسمى بالأمن الغذائي أو السعة في الرزق، ويتحدثون عن الأمن الاجتماعي، وعن سلوك الأمة في مسار الأمان. والرسول صلى الله عليه وسلّم قال: (يا عدي لا يغرنك … إلى آخر حديثه-وأنت تعود إليه- في قصة عدي بن حاتم مع أخته عندما ذهبت (سفانة) بنت عدي (الصحيح: حاتم) الطائي وأسلمت، والرسول صلى الله عليه وسلّم بعد ذلك من عليها، وقالت كلمتها الخالدة، قالت: أصاب الله بمثلك مواقعه … وقصتها طويلة، ولكن باختصار كَلَّم عدِيًّا في أمور رجالات الحكم.



وعندما أرسل كتبه كان يخاطب الملوك بلغة الملوك. ونجده إذا خاطب راعي الغنم خاطبه على قدر عقله … وهكذا فلا بد من أن نجعل لنا أساليب ووسائل وطرقا، لكي نخاطب الناس جميعا على قدر عقولهم وعلى قدر همومهم وعلى قدر اهتماماتهم وعلى قدر فهمهم. وحديث النبي صلى الله عليه وسلّم لعبد الله بن عباس وهو طفل، يختلف عن حديثه مع أسيد بن حضير أو مع غيره من الزعماء …



السائل: يعني بعض الفئات التي يراد تبليغ الإسلام إليها، إذا لم يمكن أن تقوم به إلا فئة خاصة من المسلمين يتعين عليها القيام به، كمخاطبة الزعيم المسلم لزعيم غير مسلم؟





السابق

الفهرس

التالي


14225123

عداد الصفحات العام

1959

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م