موقع الروضة الإسلامي

(059)علماء حاورتهم في موضوع البلاغ المبين

(059)علماء حاورتهم في موضوع البلاغ المبين

2-إجابات فضيلة الشيخ عطية بن محمد سالم

السؤال الثالث: ما مصادر البلاغ المبين وهل ترى أنه ينبغي تلاوة القرآن على غير العربي الذي لايفهم اللغة العربية؟ وما الحكمة في ذلك؟

[لم أتمكن من الحوار المباشر معه، لأنه أجاب عن الأسئلة في غيابي كما سبق]

- مصادر البلاغ المبين أولها وفي طليعتها كتاب الله (القرآن الكريم) لما فيه من قوة الحجة وقوة البلاغ والبيان كما قدمنا (الرحمن علم القرآن خلق الإنسان علمه البيان) وكذلك قول موسى عليه السلام (وأخي هارون هو أفصح مني لساناً) وبعد تشريع الصيام (كذلك يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون) بيان مشروعية بين المحذور ثم بين الرخصة للمريض والمسافر ثم بين أحكام الاعتكاف ثم الرخصة في الأكل والشرب والنساء حتى يتبين الخيط من الخيط.

كذلك البيان في تشريع الصوم يبين الله آياته للناس في جميع الأحكام ثم من بيان القرآن الكريم أنه ينفذ إلى الأعماق وبين ما في دخيله نفس الخصم أو العدو أو الجاهل (يا أيها الذين آمنوا لاتتخذوا بطانة من دونكم لايألونكم خبالاً ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون)

هذه نفسيات من كان غير المسلمين وهذه ودادتهم ما عنتم أي يحبون لكم ما فيه العنت والمشقة وأنتم لاتعلمون ذلك لأن لها أمور خفية في نفوسهم ولكن قد تكون هناك بوادره قد بدت البغضاء من أفواههم) تدركون ذلك في منطق الحديث أو فلتات السان ولكن (وما تخفي صدورهم أكبر) ولن تستطيعوا أن تصلوا ولابالمجهر إلى ماتكنه الصدور من حقدٍ وتمني العنت لكم ولكن الله قد بين (قد بينا لكم الآيات) ومنها مكنون صدر الأعداء وما يكنون لكم من جانبهم إن كنتم تعقلون، كذلك قوله تعالى (ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولايكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون اعلموا أن الله يحي الأرض بعد موتها قد بينا لكم الآيات لعلكم تعقلون)

هذه آية بينة كما أن الله يحي الأرض بعد موتها تحي القلوب بعد موتها بالقساوة بطول الأمد ونسيان الحشر والمعاد والآيات تشمل الآية في اثبات البعض سواءً في احياء الأرض بعد موتها (فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت إن الذي الذي أحياها لمحيي الموتى) أو كان في إحياء بعض المخلوقات كإحياء طيور ابراهيم (قال ربي أرني كيف تحيي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي).

- حدث موسى (قال أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان فاتخذ سبيله في البحر سرباً) وهنا البيان القرآني في أول ما نزل الحوت في الماء وأتته الحياة قال اتخذ سبيله في البحر سربا. أي شق الماء يمشي والماء خلفه فشق يجب السراب كما يمشي الزورق السريع أي أن آثار الحياة واضحة بينة لم يكن كما لو اسقطت حجراً إلى الأعماق لاتدري، ماذا فعل هذا أمامه يشاهد آثاره ولما جاء لإخبار موسى قال اتخذ سبيله في البحر عجباً أي ذلك السراب وهكذا المغايرة ولابيان وكل لفظٍ في موضعه حجة.

- كذلك إحياء بعض الموتى حجة كقتيل بني إسرائيل والألوف الذين خرجوا فراراً من الوت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم هذه من الآيات التي يبينها الله للدلالة على البعث.

-كذلك قد يكون هناك التكليف المجمل فيحتاج المكلفون بالبيان فيأتيه لما أمر الله بين اسرائيل أن يذبحو بقرة ليضربوا القتيل ببعضها قالو: (ادعو النا ربك يبين لنا ماهي) .. وهكذا بينها لهم بأوصافها والوانها حتى لم تبق لهم حجة وقامت عليهم البينة واتضح أمامهم المطلوب فكان البلاغ المبين.

البلاغ هو ذبح بقرة البيان ببيان أوصافها المطلوبة حتى لايكون لهم حجة في التأخر وإلا التسويف ولما قامت عليهم الحجة ذبحوها وما كادوا يفعلون لولا البيان الذي بينه سبحانه وتعالى. - فمصادر البلاغ المبين أولاً وقبل كل شيء هو القرآن .

س- وهل ترى أنه ينبغي تلاوة القرآن على غير العربي الذي لايفهم اللغة العربية وما الحكمة في ذلك؟

- اقول نعم.

س- قال وما الحكمة في ذلك إذا كان لايفهم المعنى ؟

فإنه يطر ب اللفظ والسبك والاعجاز اللفظي.

وحدثني بعض المشايخ والإخوان الدعاة إلى الله أنه ذهب إلى بلجيكا ليلقي محاضرات توجيهية ودعوة إلى الإسلام ومعه من طلاب الجامعة الإسلامية من يترجم العربية إلى اللغة المحلية فلما أخذ يترجم كان يترجم الآيات التي يوردها المحاضر إلى اللغة المحلية فاعترض الحاضرون وقالوا لا لاتترجم آيات القرآن ودعها كما تلاها المحاضر فإن لجرسها لتلاوتها حلاوة للآذان ، إذاً غير العربي أقرأ عليه القرآن بإعجازه بلغته بمضمونه فإنه بنوره وبروحه الله جعله روح (وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا ماكنت تدري ما الكتاب) ولا الإيمان ولكن جعلناه نوراً ، فهو روح يخاطب الأرواح وهو نور تراه البصائر فأنا أتلوه عليه وحين يطلب مني تفسيره وبيانه أساعده عليه وذلك بالترجمة المعنوية لا بالترجمة الحرفية.

السؤال الرابع: على من تقع مسئولية البلاغ المبين؟

مسئولية البلاغ المبين على أشخاص بما يسمى فرض الكفاية وقد قسم الله تعالى الناس إزاء هذا البلاغ إلى ثلاثة أقسام:

1- قسمٌ استجاب واستقام.

2- وقسمٌ عاند وأعرض.

3- وقسمٌ قام بالدعوة إلى الله.

وذلك في قوله سبحانه (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولاتحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي الأنفس ولكم فيها ما تدعون ، نزلاً من غفورٍ رحيم).

هذا قسم الإجابة والإستقامة يليه (ومن أحسن قولاً ممن دعا الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين) هذا القسم الثاني بعد أن فقه البلاغ واستقام عليه نظر إلى بقية المسلمين وأنهم بحاجة إلى ذلك نصب نفسه داعيةً إلى الله وقال إنني من المسلمين دعا إلى الله بما هو عليه وأعلن أنه مسلم مع المسلمين فهو أحسن أناس قولاً فهذا الصنف عليه تقع مسئولية البلاغ المبين والبلاغ المبين درجات:

بلاغٌ جماعي ومن أولياء الأمور البلاغ الفردي ومن كل فرد (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه وإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان) .

- وقد يتساءال متسائل تغيير المنكر بالقلب ماذا يفيد؟

الجواب: أول ما يفيد هذا المغَيِّر المتكلم لأنه أدرك أن هذا منكر وبالتالي لايفعله ثم إنه إن عجز عن تغييره باللسان باليد فإنه يحمل معناه إلى أن يجد من له الاستطاعة في تغييرة يحمله الأمانة فيضل إنكار المكر حي في نفوس الناس في قلوبهم .

وعلى من تقع مسئولية البلاغ المبين؟ أولاً وقبل كل شيء على رسل الله ثم على أتباعهم ثم على أتباع أتباعهم وهكذا خواص الناس على سبيل الفرض الكفائي ثم الفرض الشخصي كل في مكانه حسب استطاعته.

السؤال الخامس: ما وسائل البلاغ المبين؟

هذا السؤال يشترك مع السؤال الثالث ما مصادر البلاغ المبين؟

وسائل البلاغ المبين كما بينها العلماء أولاً بالحسن باللطف بالحكمة (ادعو إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن) (وإن عاقتبم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به وإن صبرتم لهو خير للصابرين واصبر وما صبرك إلا بالله)

وهكذا وصية لقمان لابنه (واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور) ووصية القرآن الكريم للجميع (والعصر إن الإنسان لفي خسر إلاالذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتوصوا بالصبر)

العصر الذي هو وقت الحياة وقت الاكتساب الدهر كله وتقلب الليل والنهار وآيات الله الكونية إن الإنسان المعمر لهذا العصر (لفي خسر) أعماله التي يتوقعها على عصره كلها في خسارة إلا من (الذين آمنوا وعملوا الصالحات) هذا في نفوسهم (وتواصوا) ما قال أوصوا يعني كل منهم يوصي صاحبه (وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر) أي بالصبر على ما ينالون من أعدائهم ولأنه كما تقدم لنا القسم الثالث من أقسام الناس أمام التبليغ قوله (ولاتستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فهنا الحسنة من الدعي والسيئة ممن يدعوهم لأنهم يسيئون اليه ويجب أن يقابل ذلك بالصبر عليهم فقوله (ولاتستوي الحسنة ولا السيئة مقابله فالحسنه من الداعي لأنه يحسن إلى من يدعوه والسيئة من المدعو المعاند وقد يحلق الداعية آذى منه وهكذا تقع مسئولية البلاغ المبين ووسائل الحكمة إنما هي الحكمة والصبر (ولو كنت فضاً غليظ القلب لانفضوا من حولك ) .

وهكذا يجب أن يكون الداعي رأس ماله معرفة ما يدعو اليه ومعرفة ما ينهى عنه في قالب الحكمة والموعظة الحسنة حتى لو وقع جدال بين مبطل فيجب أن يكون هذا الجدال بالتي هي أحسن .

السؤال السادس :

أ- ما دور أجهزة الإعلام ووسائله في الشعوب الإسلامية في أداء البلاغ المبين بوضعها الحالي؟ ما دورها في أداء البلاغ المبين وفي وضعها الحالي

ج-وإذا استسلمنا لوضعها الحالي لانطلب دورها المطلوب إذاً مادور وسائل الإعلام أو أجهزة الإعلام أي بكل أنواها صحافة - إذاعة - خطابة وفي مقدمة ذلك خطبة الجمعة لأنها دعوة رسمية وبلاغ رسمي ينادى إليه المسلمون ويحضرون ويستمعون فيتعين على خطباء الجمعة أن يعدوا خطبهم أن تكون بلاغاً إضافياً مبيناً واضحاً فيها الجديد وليس المنقول من هنا ومن هناك، ولكن الذي يتحسس حاجة الناس كي يرجع المصلي من مصلاه بما يمكن أن يكون إزدادة علماً ومعرفة وتوجيهاً حتى لوكان في الأمور المكررة لو كان في الحث على الصلاة نأتي بربط الصلاة بالأعمال اليومية وبحاجة العامل في مصنعة في مزرعته في متجره إلى ترويح النفس إلى تزود روحي إلى أداء حق الله أداء الدين والدنيا نطرق أبواب جديدة أو معاني جديدة ننشط بها المصلين إلى صلاتهم ونربط الصلاة بما جعلها الله من أجله تنهى عن الحفشاء والمنكر.

أي على خطباء الجمع المسئولية الأولى والجمعة أول إعلامٍ في الإسلام يليها بعد ذلك المحاضرات العامة دروس وحلق الدرس في المساجد مواعظ وتوجيه ثم الصحافة - الإذاعة التلفاز كل ذلك وسائل إعلام فلا بد أن يكون تحرير الصحيفة له هدف ماهو لقد وجدنا الآن تصنيف الصحافة صحيفة اقتصادية صحيفة تجارية - رياضية - فلكية علميه بحته - أحداث وأخبار يومية فكل صحيفة متخصصة، إن صح هذا التعبير في هذا الوقت الحاضر فإن عليها في تخصصها أن يكون لها هدف وربط تخصصها بالدين والدنيا وأن تبعد عن المهاترات وعن النقد الشخصي الهدام إنما تكون بناءة موجهة كذلك الإذاعة التي تدخل على الناس بيوتهم حسن إختيار المواضيع حسن اختيار الذات.

أما الخطر الأعظم فهو التفلزيون وخاصة الجهاز الذي يستطيع أن يلقط من عدة دول وأقطار فينقل على العالم الإسلامي ماليس عاداته ولامن ثقافاته ولامن إتجاهاته ويكون إلزاماً على الناظرين إليه ولم يعد الآن لاقصر منيف ولاكوخ ضعيف ولا أي وكر مسكون إلا وفيه جهاز التلفاز إذاً هذا الجهاز يُدخل في بيوتهم رغماً عنهم ما يحبون ومالايحبون فنحن الآن ماهو الواجب؟ الواجب أمرٌ عظيم ولايخاطب به الأفراد إنما يخاطب به أولياء الأمور لأنهم الذين يستطيعون حماية المواطن من هذا الشر الداهم لأنه يلقط من محطات البث ومحطات البث في أيدي الحكومات حتى الشركات التي تعمل على البث فإن حكوماتها تستطيع أن تتحكم فيها إن كان ذلك من قانونها أو مبادئها.

أما نحن كمسلمين يجب أن يكون عندنا القدرة في التحكم في قنوات أو في مصادر البث وماأظن دولة من الدول تستيطع أن تتحكم في ذلك مادام البث يأتي عن طريق الأقمار الصناعية إلا إذا كان هناك أمور فنية أنا لاأعلمها فينبغي أن يسعى ويعمل ولاة الأمر على حماية المواطن والمجتمع من سموم أعدائه التي لايبالي بها وقديراها تقدماً وحضارةً سواءً كان في مجال السلوك أو غير ذلك مما لانريد الإيغال في الحديث عنه وربما نقول إن بعض الدول لا ولن تستطيع أن تطفئ ألسنة اللهب الموجهة من الأقمار الصناعية عن طريق التلفاز كلها ولكن فلتجعل معها من الإعلام الإسلامي ما يبرد حرها في ظلالها حث إذا سمع أو شاهد ما ينافي دينه ومروءته حالاً يشاهد ويسمع ما يرَدُه ما صوابه؟

وقد يفترض إنسان ويقول نجعل قناةً للأمور الدينية البحتة وقناةً للأمور الدنيوية البحتة نقول هذا حسن ولكن فيه إنعزال لأن القناة غير الدينية لها هواة ولن يتحولوا أو يرغبوا في سماع القناة الدينية فإذا ما جعلنا الحلقات والبرامج الدينية متخللة في البرامج الدنيوية كان ذلك من باب التبع وكان ذلك مما يساعد ويكون من مستوى " وتكون الحسنة بجانب السيئة ويكون هناك الفئات المتعددة فيكون في ذلك الخير الكثير إن شاء الله .

ب- ما الدور الذي تؤديه أجهزة الإعلام لو استغلبت بالقيام بالبلاغ المبين؟

هذا لايخفى على أحد أنه يكون دور قيادي وقديماً كانت الصحافة أو الإعلام هو دور القيادة والإعلام كان في الجاهلية على السنة الشعراء وتناقل الرواة وفي الأسواق عكاظ ومجن وذو المجاز ومزدلفة ومنى وشحر كل هذه كانت أسواق للعرب يتبادلون فيها المديح والهجاء والوصف ويتبارون فيها بالبلاغة والنقد، كانت بالنسبة إليهم وسيلة بلاغ يقول الشاعر القصيدة فيتناقلها الرواة إلى القبائل وكان الشعراء هم القادة لأنهم بشعورهم المرهف ينظرون إلى المستقبل ويحسون بخطورة المستجدات.

فالدور الذي يمكن أن يؤديه أجهزة الإعلام لو استغلت بالقيام بالبلاغ المبين هو إقامة الحجة.

س- لوقيل لك ضع خطة إعلامية للبلاغ المبين. فماذا تقترح لذلك وما الأساس التي تبنى عليه الخطة ثم المنهج؟

لو قيل لي ضع خطة إعلامية للبلاغ المبين أقول:لا إنه لاينبغي أن يضع تلك الخطة فرداً مهما تكن إمكانياته ولايحق لي أن اقترح بمفردي ولكني اقترح لتلك الخطة أن تتشكل هيئة علمية تتكون من علماء وفقهاء ومن علماء وعاظ ومرشدين ومن علماء النفس الذين يعالجون النفس ومن اختصاصين اقتصاد وأمور الدنيا ودارسين لأحوال وأوضاع الشعوب المتعددة لأن مناهج وبرامج الإعلام المطلوب إعلام البلاغ المبين يجب أن تتخلله مصالح المستمع والمشاهد ولابد أن نغطي حاجيات الأمة في دينها في العبادة في سلوكها في الإرشاد في حياتها وحل كسبها والصراط السوي في حسن العلاقة بين العبد وأخيه وبين العبد وربه أي يكون برنامجاً إعلامياً يقود الأمة لمصالحها ديناً ودنياً وهذا لايتأتى من عمل فرد لوحده بل مجموعة من عدة اختصاصيات لتأدية الواجب.