{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً (62) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً (63) } [النساء]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(03)سافر معي في المشارق والمغارب

(03)سافر معي في المشارق والمغارب

من الفندق إلى طوكيو:

استأجرنا سيارة خاصة، وأعطينا السائق عنوان المركز، فأخذ يقرؤه فلم يعرفه، فرجع إلى الفندق يسأل عنه، فدله عليه بعض الموظفين، وسار بنا بعد ذلك في طريق تتلوى في بعض الأماكن مثل الثعبان، وفي بعضها الآخر تكون مستقيمة، إلا أن الشوارع هناك ضيقة في الغالب، نظراً لكثافة السكان وضيق الأرض بالنسبة لحاجتهم إليها للسكنى والزراعة، وكانت تحيط بنا الأشجار الكثيرة من الجانبين، وكذلك المنازل السكنية الصغيرة التي كنت أقول في نفسي إن مساحة الغرفة في هذه المنازل ربما لا تتسع إلا للياباني الواحد، أو لقصار الناس من غيرهم.

وكانت المباني متصلة في الغالب حتى كأنها جزء من مدينة طوكيو، بعد ذلك كانت تحيط بنا المصانع من الجانبين وكانت الشوارع مزدحمة بالسيارات لكثرتها، ولكن على الرغم من الزحمة الشديدة لم نسمع صوتا لبوق سيارة من تلك السيارات، حيث يأخذ كل سائق مكانه لا يحاول الاعتداء على مكان أحد، ويشعر بأن وقوفَ مَن أمامه وقوف عادي لوجود الزحمة، فليس في حاجة أن يزعج الناس ببوق سيارته بدون مناسبة أو فائدة، كما نفعل نحن في بلدان ما يسمى بالشرق الأوسط، إذ تجد بعض السائقين يسير وحده في الشارع وهو مستمر في الضغط على بوق سيارته كما تجد الأصوات ترتفع عندما تتغير الإشارة الكهربائية من اللون الأحمر إلى اللون الأخضر، مع أن كل سائق لا يرغب في أن يقف فور انفتاح الطريق أمامه، فلا يحتاج إلى من يحثه على السير ولكنها طبيعة غالبة سيئة ألفها الناس فاستمرؤوها ـ كان الأمر كذلك في تلك الأيام أما الآن فقد اختفى ذلك في الغالب ـ.

أما في بلاد الغرب، ومثلها اليابان، فإن صوت بوق السيارة يعتبر ضرورة، فلا يَسمعه السامع إلا ظن بأن أمراً ما كاد يحدث أو حدث، وبعد مسافة اختار سائقنا طريقا سريعاً ـ وهو نفق تحت الأرض ـ حيث دفع مبلغاً من المال في أحد مراكز المرور وذهب مسرعاً السرعة المحدودة، ولا يوجد في هذا الشارع إلا القليل من السيارات وفي اتجاه واحد، ولكن المبلغ الذي دفعه السائق حسبه علينا ضمن الأجرة.


هذا مشَرَّق و ذاك مغَرَّب وأنا أتمتع!

وكان السائق يدخن ولكنه تدخين الياباني المقتصد، وكان زميلي يحاول أن يسلي سائقنا ببعض الكلمات الإنجليزية، لأننا نحن نتكلم بلغتنا وهو لا يدري ما نقول، ولكن السائق لا يتكلم الإنجليزية، وربما كان عنده كلمات قليلة في حدود اختصاصه، ولذلك يرد على الزميل بلغته اليابانية، أما أنا فكنت لا أدري ماذا يقول هذا ولا ذاك، إلا أنني كنت أعرف أن أحدهما يسير مشرقاً والآخر يسير مغرباً، فالزميل قد يأتي بالمبتدأ باللغة الإنجليزية بمعنى، والسائق يأتي بخبر المبتدأ بمعنى في واد آخر باللغة اليابانية، وأنا عليّ أن أتمتع بتلك الأصوات وأسكت، ولو كانت عندي لغة ثالثة لا يفهمها زميلي ولا السائق لكانت تشكيلة جيدة تحقق بيت الشعر الذي افتتحنا به سفرنا:

أقول له زيداً فيسمع خالداً،،،،،،،،، ويقرأه عمراً ويكتبه بكرا


تهنا فهدتنا!

وعندما ظن سائقنا أنه في المنطقة التي فيها المركز، أخذ يحاول العثور على المكان ويتأمل في الأرقام المكتوبة على الجدران، فينزل وينظر، فيجد أنه غيره، وأخذ يمر بالشوارع الفرعية الأشد ضيقاً، ثم يعود إلى الشارع الرئيس، وهكذا حتى كاد ييئس، وفي آخر الأمر مر بشارع ضيق فالتقى صاحب دراجة نارية يبدو أنه من أهل الحارة، فسأله فلم يهتد إلى ذلك.

وبينما نحن واقفون تحت أحد المنازل والسائق يسأل وصاحبنا الزميل محمد بيلو يحاول مساعدته في السؤال باللغة الإنجليزية، إذ سمعت الحوارَ امرأةٌ من الدور الثاني، فعرفت أن هاهنا غرباء في حاجة إلى المساعدة فنزلت تسأل: ما بكم؟ باللغة الإنجليزية ففرح الزميل الذي تساوى رأسي مع رأسه قبل ذلك على الرغم من محاولته التفاهم مع السائق وغيره باللغة الإنجليزية دون جدوى، فكلمها وأعطاها العنوان، فأشارت للسائق إلى مكان قريب فيه المركز وأنقذتنا مما نحن فيه.

في المركز الإسلامي:
و
كان في المركز الأخ الدكتور عبد الباسط السباعي المصري، فخرج وأخذ الحقائب من السيارة وطلب منا الدخول إلى المركز ريثما يتم تأمين الحجز في الفندق، فدخلنا وأخذ الأخ عبد الباسط يعتذر لعدم استقبالنا في المطار، وذكر السبب في ذلك وهو أنه لا يسمح لغير المسافر أن يذهب إلى المطار الجديد، كما ذكر أنه كان غائباً مع بعض الزائرين من المسلمين في بعض المناطق خارج مدينة طوكيو، وأنهم بعثوا من يستقبلنا في المحطة التي سبق الكلام عنها، ولكنه لم يجدنا لعدم مجيئنا إليها، ورحب بنا ترحيباً حاراً.

اتصل بعد ذلك بفندق يسمى: (كيو بلازا) في داخل المدينة وهو لا يبعد كثيراً عن المركز، فحجز لنا غرفة واستأجرنا سيارة، وذهب هو معنا إلى أن تم النزول والاستقرار في الفندق، ثم تركنا لنأخذ راحتنا على أن يعود إلينا في المساء، لوضع الترتيبات اللازمة لزيارة الجمعيات الإسلامية في طوكيو وخارجها حيث أمكن ذلك.

وقبل أن يتركنا نزل معنا إلى أحد مطاعم الفندق الذي هو مختص بالوجبات السمكية لنجمع أنا وزميلي بين طعام الإفطار وطعام الغداء جمع تأخير، لأن الساعة كانت عندئذٍ الثانية ظهراً، ويشاركنا الأخ عبد الباسط.

خاض المعركة قبل أن يتدرب!

وعندما قدم لنا الطعام أخذت ألتمس الشوكة والملعقة فلم أر شيئاً، وإذا الأخ عبد الباسط يخرج من القرطاس عودين صغيرين ملتصقين من جهة مفترقين من الجهة الأخرى، ففصلهما هو وأرانا كيف يأكل بهما بدلاً من الملعقة والشوكة، وقال: إن هذه الطريقة هي التي يأكل بها اليابانيون، وهما عودان مملسان أطول من المرسام (قلم الرصاص) قليلاً، أصلهما ملتصق ولهما فرعان، ولا يفصلهما إلا الآكل عندما يخرجهما من القرطاس، للدلالة على أنهما جديدان لم يأكل بهما أحد، وأخذ الأخ عبد الباسط يأكل بهما بسهولة وهو يمسكهما بصفة خاصة.

أما أنا فلم يكن عندي استعداد لأتمرن في ذلك الوقت، فطلبت شوكة وملعقة وأكلت كعادتي، أما زميلي الدكتور فحاول أن يحوز قصب السبق فيصبح يابانياً في تلك اللحظة، فحاول أن يأكل بهما ولكنه سرعان ما انهزم، إذ سقطت لقمته قبل أن تصل إلى فهمه، إضافة إلى إصابته بجرح خفيف في شفته، ذلك لأنه خاض المعركة قبل أن يتدرب على سلاحها. فلحق بي وطلب الشوكة والملعقة!

كلمة لطيفة تعبر عن حسن المعاملة:

وفي هذا المطعم سمعنا تلك الكلمة اللطيفة التي يعبر بها اليابانيون لمن يخاطبهم أو يطلب منهم شيئاً، ويهزون معها رؤوسهم، تعبيراً عن استعدادهم لخدمتك أو سماع كلامك أو غير ذلك، والكلمة هكذا (هَيْ) بفتح الهاء وسكون الياء، وهي تعني "طَيِّب" أو مرحباً، أو أبشر عندنا، فكنا إذا طلبنا شيئاً قال القريب منا، هَيْ وطلب من زميله القيام به فأجابه: هَيْ، وهكذا فإنك تسمع هذه الكلمة باستمرار: هَيْ، هَي، هَيْ، في كل مكان. وبعد الغداء ودعنا الأخ عبد الباسط وصعدنا إلى الغرفة لنرتاح.

نحن أولى بالدعوة إلى الله:

كنا في فنادق الغرب نجد كتاب الإنجيل في كل فندق، أما في فنادق اليابان فيوجد الإنجيل ومعه كتاب بوذا المقدس عندهم. وقد علقت على ذلك فقلت :لم ننزل في فندق في البلدان التي زرناها إلا وجدنا فيه الإنجيل، وفي اليابان والبلاد المجاورة في شرق آسيا أضيف إليه كتاب بوذا، ولا يوجد المصحف في الفنادق في بلاد المسلمين، وقد يقال: إن وجود المصحف في الفنادق قد يعرضه للمس الكفار له وإهانته، ولكن هذا لا يرد في فنادق مكة والمدينة اللتين لا يدخلهما في الأصل إلا المسلمون. واعترافاً بالفضل فإني وجدت في فترة من الفترات المصاحف في فندق شبرا بمكة، لأن به موظفين صالحين، ولا أدري إن كان ذلك لا يزال مستمراً أم لا؟

[ثم انتشر الآن وجود المصاحف في كثير من فنادق المملكة السعودية، وبعضها تضع مع المصحف سجادة، بل إن في بعض الفنادق خصصت مساجد للضيوف في بعض الأدوار، وفي بعض الفنادق في بلدان أخرى، حتى وجدت ذلك في بعض فنادق إندونيسيا، ولكن مع نسخ من الإنجيل، بل إن بعض فنادق إندونيسيا تخصص مساجد لعمالها المسلمين، ليقيموا فيها صلاة الجمعة، وتحضر لهم إماماً وخطيباً أيام الجمع. كتبت هذا التنبيه بتاريخ 21/12/1423ﻫ ـ 22/2/2003م]

وفي الفنادق الأخرى التي في غير مكة والمدينة، يمكن أن يعطى المسلم مصحفاً وينبه المسلم، أنه يمكن أن يطلب المصحف إذا شاء، بل يمكن أن يوضع فيها ترجمة معاني القرآن الكريم ليقرأها غير المسلم فتكون حجة عليه ودعوة إلى الإسلام، بل يمكن أن توضع بعض الكتب الإسلامية المفيدة.

ولكن مع الأسف الشديد نرى الأمم الأخرى التي دينها باطل وهى لا تقيم له وزناً، تحاول إظهار الاعتزاز به، والأمة الإسلامية التي دينها وحده هو الحق تتهرب من الدعوة إليه وإظهاره بمظهره المنقذ للبشرية، ولكن فاقد الشيء لا يعطيه، فكثير من الذين يتولون شؤون الفنادق بعيدون عن هذه المعاني، وإن كان يوجد من في بعضهم خير كثير، ولعلهم كانوا غافلين ينبغي أن ينبهوا ليستيقظوا..

بل إنني اقترح على الخطوط الجوية العربية كلها وأخص منها "السعودية" أن يكون في طائراتها بعض الكتب الإسلامية المفيدة مثل ترجمة معاني القرآن الكريم، وبعض الكتب المترجمة إلى اللغة الإنجليزية أو الفرنسية أو الأردية، ليستفيد منها غير العرب، ولعل هذه الاقتراحات تجد آذاناًً مصغية، وأجهزة منفذة لأنها من وسائل الدعوة إلى هذا الدين، لتكون دعوة لغير المسلم وتذكيراً للمسلم، وأن تخصص مكاناً واسعاً نسبياً للمصلين في الرحلات الطويلة.

ولقد سرني وجود تسجيلات في بعض الطائرات السعودية للقرآن الكريم( ) وأرى أنه ينبغي تسجيل ترجمة معاني القرآن، [كما سرني وجود مساجد صغيرة في بعض الطائرات السعودية الحديثة].




السابق

الفهرس

التالي


14217361

عداد الصفحات العام

2458

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م