﴿بَشِّرِ ٱلۡمُنَـٰفِقِینَ بِأَنَّ لَهُمۡ عَذَابًا أَلِیمًا﴾ [ ١٣٨] ٱلَّذِینَ یَتَّخِذُونَ ٱلۡكَـٰفِرِینَ أَوۡلِیَاۤءَ مِن دُونِ ٱلۡمُؤۡمِنِینَۚ أَیَبۡتَغُونَ عِندَهُمُ ٱلۡعِزَّةَ فَإِنَّ ٱلۡعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِیعࣰا﴾ [النساء ١٣٩]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(012)سافر معي في المشارق والمغارب

(012)سافر معي في المشارق والمغارب



هذه هي الحديقة!



وفي الساعة الثالثة والربع جاء إلينا الأخ الدكتور عوض السميري في المركز، وطلب منا أن نذهب معه، فسألناه إلى أين؟ فقال: إلى الحديقة، وكنا قد أبدينا رغبتنا في زيارة بعض الأماكن في طوكيو، ومنها الحديقة، وظننا أنه أراد الحديقة المعهودة في أذهاننا، ولكنه وقف السيارة في شارع ضيق، وقال: تفضلوا، وقلنا: أين؟ قال: إلى الحديقة، وقد عنى منزله، وهو في شقة بعمارة لها حوش صغير، وفيه بعض النباتات ومنها النعناع، وأشار إلى النعناع وقال: هذه هي الحديقة. قلت: لا بأس فقد عَرَّيْتَ بعد أن وَرَّيْتَ، وقد استفدت أنا من تلك الحديقة إذ شربت كوباً من النعناع عندما شرب باكريم الشاي، وقد كان يشرب الشاي أمامي وأنا لا أشربه.



وكان غرض الأخ عوض أن نتناول في منزله طعام الغداء وقد دعا بعض الإخوة، ومنهم الأخ الكريم: الطالب السعودي عبد العزيز التركستاني.



وهذه بعض المعلومات عنه: عبد العزيز عبد الستار التركستاني ولد في سنة 1377ه بمدينة الطائف، وكانت دراسته في جدة إلى أن تخرج في جامعة الملك عبد العزيز، كلية الآداب قسم الإعلان، وكان ضمن الدفعة الأولى في هذا القسم. أخذ الماجستير في اليابان في الإعلان بعنوان: الوضع الإعلاني في المملكة العربية السعودية وسبل تطويره.



جاء إلى اليابان في سنة 1400ه وفي مدة تسعة أشهر تحدث اللغة اليابانية، وهو الآن يحضر الدكتوراه في الإعلان، وقد كان طالباً تابعاً لجامعة الملك عبد العزيز، ثم عينته جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في كلية الدعوة والإعلام مؤقتاً، وأسندت إليه إدارة المعهد العربي الإسلامي في طوكيو لمدة سنة تقريباً، ثم تفرغ لإكمال دراسته من إدارة المعهد، ويُدَرِّس في معهد الثقافة الإسلامية باللغة اليابانية في الصباح، وفي المساء يدرس القراءة والمحادثة و أهله معه وعنده ثلاثة أولاد كلهم ذكور، أكبرهم يسمى بشار.



وقال الأخ عبد العزيز: إن المشكلة التي واجهته أنه لم يجد في الدراسات العليا في اليابان زملاء سعوديين سبقوه حتى يستفيد منهم، ولهذا بدأ بنفسه اختيار سبيله في الدراسة، كما أن من المشكلات التي واجهته اللغة، إذ كان يدرس اللغة اليابانية عن طريق اللغة الإنجليزية، فكان يقرأ الصفحة التي تستغرق ساعة - لو قرئت مباشرة - في مدة ثلاث ساعات، وكان لوجود اللغة الإنجليزية عنده فائدة كبيرة.



وكانت الاختبارات صعبة، حيث مر باختبار القسم ثم اختبار الكلية، ثم اختبار الياباني - أي اللغة اليابانية - ثم دخل مقابلة شخصية، وبعدها سجل في الماجستير، وكان زملاؤه الذين دخلوا الاختبار تسعة وأربعين شخصاً، لم يقبل منهم إلا اثنان هو وزميل له ياباني، وهو يدرس في أكبر جامعة يابانية وتسمى: واسيدا (WASIDA) وكذلك الدكتوراه يمر فيها بنفس مقابلة الماجستير واختباراتها، إضافة إلى بحث خاص يقدم يبين مدى قدرة الطالب وهل يمكنه أن يقدم شيئاً جديداً، وبعد ثلاث سنوات يكون مرشحاً ليكون دكتوراً، فإن كان يابانياً بقى خمسة عشر سنة يقدم فيها أبحاثاً، ثم قد يعطى دكتوراه وقد لا يعطى.



أما غير الياباني، فإنه بعد ثلاث سنوات يقابل في مشروع موضوع معين، فإذا سمحوا له بعد المقابلة يقدم الدكتوراه ويناقش ويمنح درجة الدكتوراه، ولكن لا يسمح له أن يُدَرس في جامعات اليابان. وقال الأخ عبد العزيز: لقد استفدنا من اليابانيين أنهم يعلمون الإنسان أن يعرف قدر نفسه ويجعلونه يتواضع.



قلت: هذا المعنى الذي حرص اليابانيون عليه هو إتقان العمل، بحيث لا يوضع الإنسان في مكان ما إلا وهو أهل لذلك المكان، وإذا كان المرشح لأن يكون دكتوراً منهم يبقى خمسة عشر عاماً يقدم فيها أبحاثاً، وتختبر قدراته طيلة هذه المدة، ثم بعد خمسة عشر عاماً قد يرون أنه يصلح لتقديم أطروحته للدكتوراه، وإذا منحوه هذه الدرجة أصبح أهلاً لأن يقف أمام طلاب اليابان في الجامعة، ليعطيهم علماً قد محص صاحبه حتى أصبح يوثق في علمه.



فإن ذلك من أهم أسباب إتقان اليابانيين أعمالهم وبناء بلادهم، لأنهم لا يسمحون لأحد أن يقفز من مكانه إلى مكان أعلى منه بدون كفاءة، ولفقد هذا المعنى في الشعوب المتأخرة المسماة بالنامية لم تزدد تلك البلدان إلا تأخراً، لأن كثيراً من الذين يتولون توجيه تلك الشعوب الثقافي والاجتماعي وغيرهما، يصلون إلى مراكز التوجيه تلك وهم ليسوا أهلاً لها، فيخرجون أجيالاً مثلهم ليسوا مؤهلين، فتصاب الشعوب بنكبات الجهل والخيانة والضعف في كل مرافق حياتها. وما الخير الذي يرجى من دكتور نال درجة الدكتوراه بالزور والبهتان، وهو لا يعرف شيئاً من تخصصه، ولا يوجد لديه عمل يدل على صدقه في الدراسة والتحصيل.



ولقد كان سلفنا الصالح من علماء الإسلام، لا يسمحون لطلابهم بأن يتولوا منصب التدريس إلا بعد أن يتقنوا العلوم على أيديهم، وبعد أن يجربوهم فترة طويلة من الزمن، فإذا رأوهم جديرين بذلك أذنوا لهم في أن يتولوا تدريس غيرهم، وهذا المعنى هو الذي يطبقه الآن اليابانيون.



مع الدكتور صالح بن مهدي السامرائي:



وقد التقينا الدكتور صالح مهدي السامرائي الذي أعطانا بعض المعلومات المتفرقة في أوقات مختلفة، عن الإسلام في اليابان، وكذلك التقينا بعض المسلمين القدامى في اليابان، والدكتور السامرائي يترجم لنا ذلك، ولهذا سأكتب تلك المعلومات حسب ورودها الزمني وان كانت مزقاً متفرقة.



فقد قال الدكتور صالح السامرائي: إن أحمد أريجا كان نصرانياً وزار بومباي سنة 1900م ولفت نظره أحد المساجد، فدخله وسأل عن الإسلام فأسلم.



وفي آخر القرن الماضي أقام ياباني في استنبول وهو خليل يمادا، وأسلم، ولم يترك أثراً معيناً، ولكن ابنه، وهو رئيس مدرسة تعليم إعداد الشاي على الطريقة اليابانية، اتصل به بعض المسلمين وظهر لهم من كلامه أن والده كان مسلماً، واستعد هو نفسه لتفهم الإسلام، وقد وجد الدكتور السامرائي مع زوجة يمادا أوسمة عثمانية.



وقال الدكتور صالح: إن علي أحمد الجرجاوي زار اليابان سنة 1907ه، وهو صاحب مجلة الإرشاد، وألف كتاباً، وفي تلك الفترة عقد مؤتمر للأديان في اليابان، وقد يفهم من كتابه أنه حضر المؤتمر، والذي يبدو أنه لم يحضره.



وحضر أحد الأتراك اليابان عام 1909م واسمه عبد الرشيد إبراهيم وهو من أكابر علماء قازان، وكتب عن اليابان، وكتابه علمي دقيق، وحج معه أول مسلم ياباني واسمه عمر ياماوكا، وكان عبد الرشيد يلبس لباسه الأزهري ويدور في قرى وأرياف اليابان للدعوة إلى الإسلام، والتقى بالأمراء والوزراء والأساتذة والصحفيين وضباط الجيش، وكتب أربعمائة صفحة عن اليابان، واهتدى على يده بعضهم، ويبدو أنه حاول أن يوجد مقراً للمسلمين، وذهب إلى سنغافورة وإلى بومباي، والتقى به عمر ياماوكا في استنبول، ثم رجع إلى اليابان.



وذكر عبد الرشيد أن هندياً سأله سؤالاً بحضور عمر ياماوكا فقال له عبد الرشيد: هذا السؤال ليس وقته الآن، وكان السؤال عن ختان عمر ياماوكا، ولما علم عمر ياماوكا بذلك غضب بسبب أن عبد الرشيد لم يخبره بأن عليه أن يختتن لأنه يريد تنفيذ ما يأمر به الرسول r.



ثم ذكر الدكتور السامرائي قصة لياباني أسلم حديثاً، وذكر له أنه يسن للمسلم أن يختتن، فقال: إنه مستعد، فقيل له على سبيل المزاح: يقطع ثلث الذكر فأصر على استعداده، ثم انه اختتن حسب السنة، ومعنى هذا أن المسلم عندما يقتنع بالإسلام يستسلم لأمر الله مهما كان.



وقال الدكتور السامرائي: إن عبد الرشيد إبراهيم ألقى محاضرة في جمعية الشبان المسلمين، وقال: إن إمبراطور اليابان قبل مائة سنة ـ فترة ميجي، مؤسس نهضة اليابان ـ كتب إلى السلطان عبد الحميد يطلب منه أن يبعث إلى الشعب الياباني من يشرح له الإسلام، وكان الإمبراطور الياباني يرغب في اتصال شعب اليابان بالشعب المسلم، ليتعاونا ضد ضغوط الدول الكبرى عليهما.



فاستشار السلطان التركي جمال الدين الأفغاني فقال له: إذا أردت أن تبعث إلى اليابانيين من يشرح لهم الإسلام، فعليك أن تدرب علماء وتعدهم إعداداً خاصاً، يمكنهم من إعطاء صورة طيبة عن الإسلام، بحيث يؤثرون في الناس، أما الموجودون فقد ينفرون الناس عن الإسلام.



وقد وجدت الأخ الدكتور حامد تْشُوىْ يونغ كيل الكوري قد نقل هذه القصة عن الدكتور صالح السامرائي، عن طريق الدكتور السيد غلاب والدكتور حسن عبد القادر صالح، ومحمود شاكر في كتاب البلدان الإسلامية و الأقليات المسلمة ـ طبع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، في كتابه الدعوة الإسلامية في كوريا، وهو ـ أي كتاب الدكتور حامد ـ رسالة دكتوراه حصل عليها من جامعة أم درمان الإسلامية في السودان ص66 ـ 68 ثم قال: "وتؤكد مجلة الأقليات الإسلامية: "زينول" على قول الدكتور صالح مهدي السامرائي: إن السيد عبد الرشيد إبراهيم التركي الجنسية والمولود في روسيا، قد جاء إلى اليابان عام 1909م وأنه كان واعظاً مسلماً مخلصاً إلى اليابان، ومات عام 1944م، وأسلم عدد من اليابانيين على يده، وأسلم أول رجل ياباني على يده اسمه كوتا رو ياماوكا (KOTAR YAMAOKA).






السابق

الفهرس

التالي


14948097

عداد الصفحات العام

701

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م