{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً (62) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً (63) } [النساء]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


ما سببب اشتعال الحروب في المنطقة العربيةالمحيطة بالمساجد الثلاثة أكثر من أي منطقة أخرى في العالم؟

ما سببب اشتعال الحروب في المنطقة العربيةالمحيطة بالمساجد الثلاثة أكثر من أي منطقة أخرى في العالم؟



1/من شهر شوال سنة 1438ه



هكذا وجه لي أحد الناس هذا السؤال.



فأجبته بما يأتي:



يبدو لي أن الأسباب كثيرة، وأهمها فيما يظهر لي سببان:



السبب الأول- وهو أساسها وأقواها - أن هذه المنطقة هي موطن رسالات الله تعالى، من عهد آدم عليه السلام الذي يقال: إنه نزوله كان بعرفات –مع اختلاف في ذلك- ويبدو أن نزوله في هذه المنطقة أقرب من غيره، لأن أبناءه الرسل الذين أرساهم الله ممن ذكرهم لنا في كتابه، كلهم كانوا في هذه المنطقة، من نوح عليه السلام، وهو أول رسول أرسله الله لهداية البشر، ودعوتهم إلى توحيده وطاعته، آخرهم وخاتمهم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، وهذا الأمر واضح في كتاب الله سبحانه، كما في سورة الأعراف وغيرها.



والمفروض في سكان هذه المنطقة أن يشكروا الله تعالى على أن جعلهم آخر أمم الأرض يتلقون هدى الله على يد آخر رسول ختم الله به رسله، وشرفهم بآخر كتاب أنزله من كتبه، اشتمل على كل ما يحقق لهم الحياة السعادة الطيبة في دنياهم، ويجعلهم -وهم آخر الأمم زمنا-أول الأمم فضلا ومنزلة، وأخرجهم في الأرض لهداية الناس إلى يوم القيامة.



كما قال تعالى: (كنتم خير أمة أخرجت الناس) وأن يكونوا أكثر اتباعا لرسولهم في دعوته إلى الله تعالى، كما قال عز وجل: (قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني..) يوسف



وقد مضت فترة طويلة من أول بعثه صلى الله عليه وسلم إلى ما قبل آخر رمز لخلافته في الأرض، وهذه الأمة عزيزة قوية، آمنة مطمئنة، ليس في منطقة رسالات الله المذكورة فقط، بل في كل شبر من الأرض المعمورة، من حدود الصين شرقا، إلى كا كان يسمى بحر الظلمات غربا، وإن كانت مرت عليها فترات ضعف بسبب بعدها عن الإسلام، وكانت تنهض بعده وتعود إلى مركرز قيادة العالم، في عقيدتها وعبادتها، وأخلاقها وقدوتها.



وعندما ابتعدت بعدا بعيدا عن دينها، وهجرت تطبيق شريعتها التي أمرها الله بالتمسك بها، وفسق عنها غالب أفرادها ومجتمعاتها وحكامها، منهم من يجحد الله ودينه ويصرح بإلحاده، ومنهم من ينكر وجود شريعة في دين الله، برغم ما ذكر في كتاب الله وسنة نبيه صَلى الله عليه وسلم من الشرائع والأحكام، ومنهم من يدعي الإسلام بلسانه كذبا ونفاقا و يحل القوانين البشرية محل الشريعة الإسلامية.



أذاق الله هذه الأمة ما تستحق من الشقاق والنزاع وعدوان بعضها على بعض،جزاء وفاقا، وقد أخبرنا الله تعالى أن أبانا آدم وأمنا حواء، وعدوهما وعدونا إبليس، بنفي الخوف والحزن في كتابه عمن اتبع دينه وآمن بوحيه وعمل به، في قوله تعالى: (قلنا اهبطوا منها جميعا فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون).



وقال في سورة طه: (قال اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا...)

فسنة الله في خلقه لا تتغير ولا تتبدل، فالذي يؤمن به من الأممم لا يضل ولا يشقى، ومن أعرض عن ذكره، فجزاؤه أن يعيش حياة كلها حرج وضيق ونكد، من الأولين من بني آدم والآخرين، ولهذا قال تعالى عمن كفر برسالة محمد صلى الله عليه وسلم(أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِّنْ أُولَ?ئِكُمْ أَمْ لَكُم بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ) القمر.



ومن الآيات التي تنطبق على هذه الأمة، كما انطبقت على النصارى قبلهم،الذين تكركوا شيئا مما في كتابهم، فكان جزاؤهم إلصاق العداوة بين بعضهم وبعض، كما قال تعالى عنهم: {وَمِنْ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمْ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (14)} المائدة.



فقد نلنا ما ناله النصارى من العداوة والبغضاء وضرب بعضنا رقاب بعض، والجامع بيننا وبينهم ترك ما أنزله الله عليهم في كتابهم، وتركنا نحن ما أنزله الله علينا في كتابنا، والجزاء إغراء الله العداوة والبغضاء، كما أغرى الله العداوة بينهم، وتلك هي سنة الله التي لا تتبدل ولا تتغير.



والذي يفضله الله على غيره ويخصه بميزة لا ينالها غيره، يستحق من العقاب –إذا قصر في وظيفته_أشد ممن لم يعطه ذلك الفضل وتلك الميزة، كما ذكر الله تعالى ما يدل على ذلك في سورة الأحزاب عن زوجات الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم من مضاعة العقاب عليهن، دون غيرهن لما خصهم الله تعالى بمصاحبة نبيه، ومشاركتهن له في منازله، وعيشهن معه، حيث كنا يشهدن حياته كلها وسلوكه وأخلاقه، ويسمعن منه مباشرة ما ينزل من الوحي، وما يفعله من الأعمال التي يأمره الله بها، ولهذا قال تعالى مخاطبا لهن: {يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول...} 32 الأحزاب يعني أن أجرهن يضاعف على طاعتهن



كما أنهن إذا عصين الله ورسوله، يضاعف لهن العذاب كذلك، قال تعال: {يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين..} 30 الأحزاب.



فالعرب الذين شرفهم الله بسكنى أفضل بقاع الأرض، وأكرمهم بنزول الوحي بلغتهم، واختار أفضل الرسل وخاتمهم منهم، وجعلهم قادة الدنيا، بعد أن كانوا أعرابا رعاة ماشية، يتقاتلون فيما بينهم عشرات السنين، وينهب بعضهم بعضا، يستحقون من العقاب أكثر مما يستحقه غيرهم من العقاب على تركهم دينهم، ونحن نقرأ ذلك في تاريخهم الطويل، كلما ابتعدوا عن دين الله عاقبهم الله بمقدار ابتعادهم حتى وصلوا إلى أسوأ البعد عن الله في هذا العصر، فكان العقاب الأشد عليهم، وسوف لا يرفعه عنهم إلا إذا رجعوا إلى ربهم وطبقوا ما أمرهم بتطبيق في كتاب وسنة رسوله صلى الله عَليه وسلم.



هذا هو السبب الأول، وهوأساس كل الأسباب الأخرى التي ترتب عليها ما حصل ويحصل من اشتعال نار الحروب والدمار الذي أصابنا.



السبب الثاني: الذي ترتب على تركنا ما أنزل الله علينا من كتابنا وسنة نبيا، هو سوء الإدارة والتدبير في كل شؤون حياتنا، الأخلاقية والاجتماعية والسياسية والمالية و والصناعية والاقتصادية، والإعلامية والاقتصادية والولائية والميثاقية، والوَعدِيَّة، وكل ما فيه صلاح ورفعة ورقي لهذه الأمة.



سلكنا في ذلك سبيل سلوك المنافقين، من الكذب والخيانة والفجور والحسد والاستئثار والتفريق بين القوي والضعيف، والفقير والغني، والشريف والوضيع، وبالجملة فقدنا العدل وأحللنا محله الظلم، هذه الأمور وغيرها من السلببيات التي عاشتها هذه الأمة من النكد والضيق والأسى، أعُدُّها سببا واحدا مترتبا على السبب الأول، وهو نسياننا ديننا وتركنا لتطبيق كتابانا، كما نسي النصارى –واليهود قبلنا تطبيق كتبهم واتباع تعايم أنبائهم، فعاملنا الله كما عاملهم!






السابق

الفهرس

التالي


14239952

عداد الصفحات العام

1461

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م