{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً (62) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً (63) } [النساء]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(021)سافر معي في المشارق والمغارب في مدينة سنداي

(021)سافر معي في المشارق والمغارب في مدينة سنداي

مع الطلبة المسلمين في جامعة (توهوكو) (Tohoko):

انتقلنا من المطار إلى وسط مدينة سنداي، حيث كان بعض الطلبة المسلمين في هذه المدينة في استقبالنا في محطة القطار، ومنهم أحد الطلبة الإيرانيين، ونقلونا إلى مقرهم في القسم الداخلي بجامعة توهوكو، صلينا معهم الظهر وصلينا نحن العصر، وانتقلنا إلى منزل الأخ محمد عارف خان الباكستاني، حيث قد أعد لنا طعام الغداء، وهو يسكن مع زوجته في شقة صغيرة بمنافعها، وجلس معنا الطالب الإيراني محمد طاغي أحمد، الذي يدرس هندسة مدنية، وأعطانا هو والأخ محمد عارف المعلومات الآتية: قبل أن يقدم الطعام على السفرة:

معلومات عن المسلمين في مدينة سنداي:

عدد الطلبة المسلمين مع عوائلهم خمسون، وهم من إندونيسيا، وماليزيا، وباكستان، وبنغلاديش، والهند، وأفغانستان، وإيران، والعراق، ومصر، وسوريا، وتونس، وغيرها.

ومقر نشاطهم الآن في سكن الطلبة الجامعي، لأن المقر الأول الذي كان يعد مركزاً إسلامياً صغيراً قد أغلق بسبب عدم وجود الإمكانات.. ولكن النشاط قائم باسمه ويعرف بـ"المركز الثقافي الإسلامي" ويشتركون في العمل مع بعض المسلمين اليابانيين.

ونشاطهم الآن يتضمن ما يأتي:

صلاة الجمعة في قاعة الجامعة وكذا صلاة العيد، وصلاة التراويح في رمضان، ويستغلون أي مناسبة لإقامة حفلة إسلامية، لإظهار الإسلام. ويقوم بعضهم بتدريس اللغة العربية لبعض الطلبة والطالبات من اليابانيين والهدف إلقاء بعض المعاني الإسلامية. ويعملون على اجتماع المسلمين في محافظة مصاغي التي عاصمتها سنداي.

وكان يوجد في المنطقة سبعة عشر مسلماً، وقد حاول الطلبة تتبعهم ليجدوهم، فلم يجدوا منهم إلا ثلاثة أشخاص فقط، والباقون إما انتقلوا إلى أماكن أخرى، وإما تغيرت عناوينهم.

وبدأوا يوزعون نشرات إسلامية عن طريق صناديق البريد إلى المنازل. ويأملون أن يفتحوا مكتباً ومكتبة وفيديو، وغير ذلك من وسائل الدعوة بعد شهرين من الآن.

ولا يوجد أحد من الطلبة متخصص في الشريعة، ولكن أحد الطلبة المصريين واسمه عباس طه معلوماته طيبة عن الإسلام والحديث واللغة العربية ولدى الطالب الإيراني معرفة قليلة، كما يوجد الدكتور سراج الدين أحمد من الجماعة الإسلامية في الهند، عنده فكر إسلامي وتنظيم، وهو يدرس الزراعة (زمالة).

ويحاولون الاتصال باليابانيين غير المسلمين في الحفلات والمناسبات، ولهم معهم صلات صداقة، ويعتزمون في عيد الأضحى أن يقيموا حفلة كبيرة ويدعوهم إليها. وتوجد عند اليابانيين رغبة في معرفة بعض الأمور عن الإسلام، وبخاصة الشبهات التي سمعوها من أعداء الإسلام الغربيين.

أما اللغة العربية فالإقبال على تعلمها كبير، وقد سجل ما يقارب ثلاثين طالباً وطالبة لتعلمها بعد الإعلان عن ذلك في إحدى الجرائد، وهذا أحد المنافذ للوصول إلى الياباني وإيصال بعض مبادئ الإسلام إليه. وقاموا بتنظيم إعداد اللحم الحلال وتوزيعه على المسلمين.

وعندما يُدَرِّس الأخ طه اللغة العربية يستعمل أمثلة من القرآن ويحاول شرح بعض معانيها.

ومن شبهات اليابانيين أن الصلاة تأخذ وقتاً طويلاً، وكذلك يتعجبون من تعدد الزوجات، ومجاملة الياباني بمشاركته في شرب الخمر مهمة جداً عندهم، ويتساءلون لماذا لا يتناوله المسلمون، وكذلك يلقون أسئلة حول الصيام والحجاب والجهاد، هذه الموضوعات دائماً هي التي تدور المناقشات حولها.

قلت: هذه الموضوعات ليست خاصة بتساؤل الياباني، بل هي عامة في أغلب البلدان لذلك ينبغي للداعية أن يتسلح بالحجج والبيانات التي تدل على أن ما شرعه الله من هذه الأمور وغيرها، فيه مصالح عظيمة للعباد والأصل تعليم الناس قبلها معاني الإيمان بالله ورسوله واليوم الآخر والوحي، بحجج مقنعة فإن ذلك يزيل كل شبهة بعد الإيمان به.

قال الإخوة: والحديث عن العقيدة يشوق اليابانيين ويصغون له [وقد لمسنا هذا عندما ألْقيْتُ محاضرة في عدد من غير المسلمين في المركز الإسلامي في توكيوشيما، كما سيأتي] وإذا وجد عربي يجيد اللغة العربية وقواعدها وعنده مقدرة على التحدث باليابانية، فإنه يفيد جداً إذا درس اليابانيين اللغة العربية.

ثبات المؤمن الحق على إيمانه:

ثم التفتُّ إلى الأخ محمد عارف خان وطلبت منه بعض المعلومات عن نفسه، قال الأخ محمد: إنه درس في روسيا ست سنوات في علوم المعادن في أوكرانيا، ورجع منها سنة 1974م فمكث في الباكستان سنة ونصف السنة، ثم انتقل إلى اليابان وقد حاول معه -كغيره - الشيوعيون أن يعتنق الإلحاد، ولكنه قال: الذي يكون هناك يرى الشيوعية على حقيقتها، فلا يقدرون على إقناعه بها، وقال: إنهم يمتحنون الطالب في الماركسية كل سنة، وإحدى المواد في الإلحاد، وبعض الطلبة المسلمين رفضوا هذه المادة فأعفوهم من ذلك، ولكنهم يلحون على الطلبة أن يحضروا الامتحان ويجيبوا بما يريدون.

وذهب عدد من الطلبة الباكستانيين إلى الجامعة ورفضوا هذه المادة، فسألوهم: هل تعتقدون بوجود إله؟ قالوا: نعم، فتركوهم والمجتمع الروسي مفتوح، ويقولون للناس كل شيء ملككم ويدرسون الأخلاق، كالصدق، ويستغلون بعض رجال الدين لخدمة مصالحهم [هذا الاستغلال يوجد في كل البلدان، ومنها بلدان المسلمين.].

ثم قربت المائدة الباكستانية المفلفلة - اللذيذة - فلم نغادرها إلا بعد الأخذ بثأرنا من الطعام الذي عانينا منه كثيراً من المشقات وإن كان حلالاً، لاختلاف الطبخات وتباين الرغبات.

الاجتماع بالطلبة المسلمين في إحدى قاعات الجامعة:

ثم ذهبنا من منزل الأخ محمد عارف إلى إحدى القاعات في السكن الجامعي، والتقينا بعض الإخوة الطلبة، ومنهم الأخ طه عباس طه الذي تخرج في كلية الهندسة في مصر، ونال درجة الماجستير، والآن يحضر الدكتوراه ـ هندسة المعادن ـ وقال الأخ طه: إنه مسرور بلقاء الإخوة المسلمين في هذا البلد والتعاون معهم في إقامة شعائر الإسلام، وهو يقوم بتدريس بعض الطلبة اليابانيين اللغة العربية، وقد حضرنا بعض الوقت في الفصل الذي يُدَرّس فيه، وقال: إنه يأمل أن يوجد بعد رجوعه إلى بلده من يقوم مقامه. وقال: إن أخاه يسمى محمد صلاح الدين عباس يعمل في مطار المدينة المنورة.

الياباني المسلم محمد ساتو:

وممن اجتمعنا بهم: الأخ الياباني المسلم محمد ساتو، الذي أسلم عام 1976م وهو يعمل في شركة كوكاكولا، وهو أمين عام المركز الإسلامي في سنداي، وقد حاول أن يصادق كثيراً من اليابانيين، وقال الأخ محمد: إن نشاطنا محدود، والأمر الأساسي في نشاطنا هو إيجاد مناسبات نتمكن فيها من الاختلاط باليابانيين، وأهم ما يجذب الياباني الأمور الثقافية والتاريخ ومنه تاريخ الشعوب الإسلامية، كالمعارض ونحوها.

وعندما جاء إلى هنا أحد المجاهدين الأفغان دعونا الناس للحضور، فطلبوا إضافة إلى موضوع المجاهدين الحديث عن موضوعات ثقافية ومعلومات أخرى. وإذا حصلت مناسبة واجتمعنا بالناس أخذنا عناوينهم وأسماءهم لاستغلال ذلك في المناسبات المقبلة، والإقبال يزيد.

ومن أسئلة اليابانيين التي يلقونها حول الإسلام مسألة تعدد الزوجات، لأنهم يسمعون ذلك من وسائل الإعلام بدون تفكير، ولكن ميزة الياباني أنه يصبر على النقاش ويصغي لشرح معاني الإسلام، وسياحة الياباني في البلدان الإسلامية مؤثرة جداً، حيث إنه يرى هناك بعض الأمور، فإذا رجعوا إلى بلادهم يبحثون عن بعض أهل تلك البلدان ويربطون معهم صداقات.
إلى هنا انتهى كلام الأخ محمد ساتو وقد تَعَرَّضَ لطبيعة الياباني والوسائل المؤثرة فيه، والداعية المسلم يستطيع أن يستغل أي ثغرة يتسلل منها إلى قلوب الناس بدعوته.

وما أكثر الموضوعات التاريخية في القرآن والسنة والسيرة النبوية التي يستطيع أن يدخل في زوايا ما احتوت عليه من عقيدة وخلق وغيرهما! بل ما أكثر المشكلات التي تقلق البشر اليوم، ولم يجدوا لها حلاً في أنظمتهم وقوانينهم وعاداتهم، وقد جاء الإسلام بحلها من يوم نزوله على سيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام! وسألت الأخ محمد عن عدد طلبة هذه الجامعة، فقال: إنهم أقل من خمسة عشر ألفاً، وعدد غير اليابانيين حوالي أربعمائة.

وممن التقينا بهم الأخ السوري جمال الدين هزبر، من معرة النعمان ـ بلد أبي العلا المعري ـ وللأخ جمال في اليابان سنتان ونصف وهو يدرس الطب - مرحلة الدكتوراه - وتخصصه عمليات جراحة المسالك البولية.

والأخ خالد معلا من تونس - سفاقس - له سنتان ونصف مرحلة الدكتوراه، هندسة مدنية.
وقال الأخ خالد: إن من أسئلة اليابانيين حرب المسلمين بعضهم بعضاً. وللإعلام الإسرائيلي دور كبير من قبل السفارة الإسرائيلية. [قلت: مع غياب الإعلام العربي الإسلامي] وبعض اليابانيين يتعصبون لليهود. وقال الدكتور السامرائي: إن الحاج عمر ميتا كان يوصي العرب أن يتحدوا ويتركوا الخلاف، حتى يقبل اليابانيون الإسلام.

هذا وقد اجتمعنا بالإخوة كلهم في قاعة من قاعات السكن الداخلي، وألْقيْتُ محاضرة تضمنت العناصر الآتية:

1 ـ العقيدة أساس الإسلام.
2 ـ لا بد من تزكية الدعاة أنفسهم أولاً، ثم المسلمين ثانياً.
3 ـ التعلم لمبادئ الإسلام من الأمور الضرورية.
4 ـ التصدي للأفكار الأجنبية المعادية للإسلام، ودحضها بالأدلة والبراهين.
5 ـ وجوب الوقوف أمام العلمانية في البلاد الإسلامية، لأنهم هم الذين يمتلكون إمكانات الشعوب الإسلامية، ولا يسمحون باستغلالها في الدعوة إلى الله، بل يستعملونها ضد الدعوة.
6 ـ مشكلات المسلمين كثرة الأحزاب المتصارعة على السلطة في الشعوب الإسلامية، مما أحدث الخراب لكل مشروع بناء لتلك البلدان.

وكان من ضمن الحاضرين طلبة آخرون غير من ذكر قبل وهم من تركيا وبنغلاديش وإيران.
ثم حدثهم الدكتور صالح عن نشأة الإسلام في اليابان، وحثهم على الاجتهاد في الدعوة، لأنهم أصبحوا كثيرين بالنسبة للزمن الماضي، وودعنا الإخوة وواصلنا السير.

السفر من مدينة سنداي إلى مدينة طوكيو:

ثم ذهب بنا الأخ محمد ساتو بالسيارة إلى محطة القطار في سنداي، وكان راديو سيارته مفتوحاً على بعض الأغاني اليابانية، وعندما سمعت اللحن ظننت أن تلك الأغنية من المدائح السودانية، فقلت للأخ الدكتور موسى محمد عمر السوداني: هذا اللحن سوداني إلا أني لم أفهم كلماته. فقال: هكذا بعض الألحان اليابانية تشبه اللحن السوداني، قلت: الظاهر أن بين السودان واليابان صلة نسب موسيقية.

وقد بدأ بنا القطار سيره في الساعة السابعة والنصف مساء. وذكر الدكتور صالح أنه قرأ في إحدى الجرائد أن الشعب الياباني وفر الآن ما يعادل عشرة آلاف بليون ريال، أي إن نصيب الفرد الواحد منهم أربعة وثمانون ألف ريال.

ملأوا ظاهر الأرض وباطنها والجو والبحر:

عندما نزلنا في محطة القطار العامة في طوكيو، صعدنا إلى محطة قطار فرعية توصلنا إلى فندقنا، وأغلب الظن أن عدد الطوابق التي صعدناها خمسة، واليابانيون مثل النمل في واديه صاعدين هابطين، وهم لكثرتهم تجد طائراتهم وقطاراتهم وسياراتهم وبواخرهم وفنادقهم وأسواقهم ومكاتبهم ومصانعهم وطرقاتهم، كلها مملوءة، ولكن كالنمل لا تسمع لهم ضجيجاً، ولا ترى فوضى، وهم دائما يسعون سعياً حثيثاً يسابقون الزمن جرياً من محطة إلى أخرى، ومن قطار إلى آخر، ومن طائرة إلى أخرى ومن باخرة إلى أخرى، حرصاً على الوقت وعدم إضاعة أي دقيقة منه بدون فائدة..




السابق

الفهرس

التالي


14213340

عداد الصفحات العام

1066

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م