﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(01)سافر معي في المشارق والمغارب

(01)سافر معي في المشارق والمغارب



الرحلة الأولى إلى أندونيسيا 1400ه ـ 1980م



مقدمة:





خريطة إندونيسيا







موقع إندونيسيا وحدودها



مقدمة:



الحمد لله، والصلاة والسلام على عبده ورسوله خير خلق الله، محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه.



أما بعد:



فقد عرض عليّ فضيلة نائب رئيس الجامعة الإسلامية السابق (فضيلة الشيخ عبد المحسن بن حمد العباد) السفر إلى إندونيسيا في آخر السنة الدراسية قبل الماضية (1398 ـ 1399ه) للاطلاع على أحوال المسلمين هناك ـ ولا سيما المؤسسات الإسلامية المهتمة بالدعوة إلى الله والقيام بما يستطاع من الدعوة والتوجيه.



فاعتذرت آنذاك مضطراً لا مختاراً، لأن رغبتي في زيارة العالم ـ ولا سيما البلدان الإسلامية ـ شديدة، لما في ذلك من الاطلاع على الجديد المفيد في سلبه وإيجابه، يستفيد المسلم من الأحوال الطيبة التي يراها في العالم فيعمل بمقتضاها، وهي إيجابية، ويستفيد من الأحوال السيئة التي يشاهدها فيزداد بصيرة بها وابتعاداً عنها ونهياً عنها، وقبل حينذاك فضيلته عذري..



وفي هذه السنة 1399/1400ه. عندما علمت أن سفري إلى بعض البلدان للدعوة إلى الله، قد تقرر بادرت بنفسي فطلبت من فضيلة نائب رئيس الجامعة الدكتور عبد الله بن عبد الله الزائد أن تكون إندونيسيا هي التي أتوجه إليها، فحبذ ذلك فضيلته، وكنت راغباً كذلك في زيارة بعض البلدان.. في الطريق إلى إندونيسيا وهي الهند، وسيريلانكا، وتايلاند وماليزيا، وسنغافورة ثم في العودة هونغ كونغ.



وحددت تلك البلدان لفضيلة النائب فوافق أيضا عليها ولكن موعد السفر الذي تقرر في: 29/7/1400ه أجل إلى 15/8/1400ه. لمصالح تتعلق بالجامعة فكان ذلك سبباً في حذف الهند وسيريلانكا وتايلاند وسنغافورة، وإن كان هذان البلدان الأخيران قد مررنا بهما مروراً عاجلاً. واخترت للسفر معي فضيلة الشيخ الحافظ لكتاب الله عبد القوي عبد المجيد، المدرس في المعهد الثانوي التابع للجامعة، لثلاثة أمور:



الأمر الأول: تجربتي السفر معه قبل ذلك إلى بنغلاديش، إذ وجدته يجمع صفات يستفيد منها رفيقه عبادةً وترويحاً.



الأمر الثاني: أنه يحفظ كتاب الله ويتلوه تلاوة ممتعة، ونحن قد تقرر أن نكون في شهر رمضان المبارك في إندونيسيا ويناسب أن يصلي بالمسلمين هناك صلاة التراويح.



الأمر الثالث: أن عنده ما يفيدنا في المطارات والفنادق والأسواق والمطاعم في التفاهم مع الناس باللغة الإنجليزية.



وعندما قدمت لفضيلة نائب رئيس الجامعة اقتراح انتدابه، وافق فضيلته وعرضت الأمر على فضيلة الشيخ عبد القوي، فوافق أيضاً وأخذنا نتشاور ونجمع شيئاً من المعلومات عن هذا البلد للاستفادة منها. وسافر هو قبلي إلى باكستان لقضاء بعض حاجاته هناك.


يوم الخميس: 14/8/1400ه ـ 26/6/1980م

تاريخ طويل مر بالخاطر في وقت قصير:


ذهبنا إلى المسجد النبوي أنا والابن عبد البر الذي قررت سفره معي لتوسيع مداركه واطلاعه معي على أحوال إخوانه المسلمين، ولا سيما الشباب الذي في مثل سنه ليحفزه ذلك على الاهتمام بدينه علماً وعملاً ودعوة، فصلينا في المسجد العصر وزرنا قبر الحبيب المصطفى صَلى الله عليه وسلم وقبري صاحبيه وخليفتيه الراشدين: أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضِي الله عنهما وعن بقية خلفاء الرسول صَلى الله عليه وسلم وأصحابه.



وفي هذا الوقت ـ وقت أداء صلاة العصر وزيارة الحبيب وصاحبيه أخذت أجول بخاطري في نشوء الدعوة إلى الله في مكة، وما ناله الرسول صَلى الله عليه وسلم وأصحابه رضِي الله عنه من أذى في سبيلها، كما تذكرت تلك القوافل المؤمنة التي تركت البلد والأهل والمال وهاجرت بدينها راضية إلى هذا البلد الحبيب ـ المدينة المنورة ـ بعد أن هدى الله طليعة الأنصار لمبايعة الرسول صَلى الله عليه وسلم على الإسلام والجهاد في سبيل الله.



وتذكرت تلك الليلة التي خرج فيها رسول الله صَلى الله عليه وسلم وصاحبه إلى الغار للاختفاء من جند الشيطان ثم الهجرة الشريفة إلى طيبة الطيبة التي كون بها صَلى الله عليه وسلم من قاعدته الصلبة من المهاجرين الذين رباهم في مكة على التوحيد والطاعة الكاملة لله ولرسوله وعلى الصبر والتحمل، ومن أنصار الله ورسوله بالمدينة الذين عاهدوه على نصرة هذا الدين وحمايته من كل معتد، وكيف كون صَلى الله عليه وسلمبين الفريقين ذلك الإخاء الفريد في حياة البشرية.



وأخذت أسرح الطرف في هذا المسجد العظيم، فتصورت مشهد رسول الله صَلى الله عليه وسلم وهو ينقل الطين والحجارة وجريد النخل مع أصحابه ويبني بيده الشريفة مهوى لأفئدة أصحابه ومن يأتي بعدهم من أمته، يعبدون الله فيه ويتعلمون دين الله من وحيه الذي كان ينزل به جبريل طرياً صباح مساء، ويطبقون ما تعلموه عملاً ودعوة، .



وأخذتْ الصور تتابع في ذهني لتأسيس أول دولة إسلامية عالمية على وجه الأرض في هذه البقعة، وكأني أشاهد تلك السرايا التي كان الرسول صَلى الله عليه وسلم يبعثها للاستطلاع والاحتكاك بجند الشيطان تمهيداً لعقد الألوية وبعث الكتائب الجهادية في أنحاء الجزيرة العربية، وتلك الغزوات التي شارك فيها رسول الله صَلى الله عليه وسلمبنفسه فانتصر فيها على أعدائه وابتلى وأصيب بما أصيب به بسبب بعض المعاصي الصادرة من بعض أصحابه.



وعرضت لي تلك الصور الرائعة: وفود الناس الداخلين في دين الله أفواجاً، واليهود الذين خُدَّت لهم الأخاديد وقتلوا ودفنوا فيها جزاء غدرهم وكيدهم، وزملاؤهم الذي حزموا حقائبهم وخرجوا إلى غير رجعة، بعد أن تمكنوا مدة طويلة من السيطرة الاقتصادية والثقافية ومن العيث في الأرض فساداً في هذه المدينة، وكيق أصبحوا اليوم –بعدأن ابتعدنا عن الاقتداء بالرسول صلى الله عَليه وسلم في إيمانه وثباته وجهاده- يسيطرون على أغلى بقعة- بعد الحرمين الشريفين، ويخيفوننا بقوتهم المادية، التي نحن قادرون على جلبها، للدفاع عن أرضنا السليبة.



وتسلسلت حوادث التاريخ الإسلامي في ذهني إلى أن فتحت فارس والروم ثم امتدت فتوح الإسلام إلى شرق الدنيا وغربها.. ثم انتقل ذهني إلى تجار المسلمين وهم يفتحون البلدان بالقدوة الحسنة والمعاملات النظيفة الشريفة، ومن تلك البلدان إندونيسيا التي أزمعت السفر إليها.



وقلت في نفسي: ما الذي سأعمله في هذه الرحلة القصيرة وما المنهج الذي أسير عليه ويفيد من سأجتمع بهم في هذه المدة؟ ثم خرجنا من المسجد النبوي بعد أداء الصلاة وزيارة الحبيب صَلى الله عليه وسلم وصاحبيه رضِي الله عنهما، ورجعنا إلى المنزل، فودعنا الأسرة وأخذنا حقائبنا وانطلقنا إلى مطار المدينة المنورة. وكنت أفكر في قضاء رمضان خارج الحرمين الشريفين بما فيهما من روحانية إيمانية قلما توجد في غيرهما ـ ولكن ما أزمعت السفر من أجله كان يسليني ويذكرني بخروج أصحاب رسول الله صَلى الله عليه وسلم من هذا البلد إلى غيره للدعوة إلى الله..



وفي قاعة المطار سرح خيالي إلى وسائل المواصلات في عهد الرسول صَلى الله عليه وسلم وأصحابه ومن تبعهم في الدعوة إلى الله والجهاد في سبيله، وكيف استطاعوا أن يصلوا إلى كل بقعة في الأرض أمكنهم الوصول إليها فنشروا فيها هدى الله وراية الحق، وقارنت ذلك بما يسره الله لنا من الوسائل في هذا العصر من وسائل المواصلات وغيرها مما لو استغله المسلمون في الدعوة إلى الله لما بقي شبر في الأرض لم تبلغه الدعوة إلى الله وأن المسلمين القادرين كلهم يأثمون على عدم قيامهم بواجبهم من التخطيط العلمي الكامل والتنظيم الدقيق والسعي الجاد بكل قوة، لإيصال دين الله إلى الناس كافة مسلمهم الجاهل وكافرهم الجاحد.



وكنت قبل يوم السفر هذا بيوم واحد اجتمعت بالابن عبد البر الذي قررت سفره معي ونصحته وضربت له مثلا للمسافر الصالح وآخر للمسافر الفاسد، قلت له: المسافر الصالح يجعل قدوته النحلة التي تقطف الأزهار النظيفة ذات الرائحة الطيبة والرحيق الشافي، فتخرجه عسلاً مصفى يشفي الناس من الآلام والأمراض، وهكذا المسافر الصالح ينظر إلى الأمور الطيبة والصفات الحميدة التي يجدها في الناس فيتحلى بها ويعود إلى أهله وجيرانه بأخلاق زكية يهديها لهم قبل أن يهدي شيئاً من الأمور المادية.



أما المسافر الفاسد ـ فإنه مثل الْجُعَل الذي اعتاد أن يغوص في وسط القاذورات المنتنة، يأخذ في تقليب أجزائها هنا وهناك إذا رآه أحد نفر منه، فعليك يا ابني أن تكون نحلةً لا جُعَلاً..

وذكَّرت الابن مرة أخرى بهذا المثل في مطار المدينة وقلت له: لا أريد أن أكرر عليك النصيحة فعليك أن تعض على نصيحتي بالنواجذ.



وقد استفاد من هذه النصيحة فرأيت منه ما يسر في رحلتنا على الرغم من طولها نسبياً وعلى الرغم مما فيها من أمور جديدة بالنسبة له أيضاً صالحة للجعلان، فالحمد لله على توفيقه.

وكان الأبناء الصغار معنا فودعناهم وأوصيناهم بتقوى الله ورجعوا مع بعض أصدقائنا إلى المدينة.



أساس الحكم في إندونيسيا:


وكان معنا في سفرنا هذا أحد الطلبة الإندونيسيين ـ وهو طالب في كلية اللغة العربية وهو الأخ عبد الله بن سعيد باهرمز ـ وبدأت أسأله عن بعض الشؤون في بلاده، لا سيما ما يتعلق بالدعوة، كما سألته عن المبادئ الخمسة التي كنت سمعتها من قبل والتي قال بعض الإخوة الذين زاروا إندونيسيا قبلي: إنها ـ أي المبادئ الخمسة ـ يجمعها الشعار الذي تنادي الحكومة الشعب كله بأن يخلص له الولاء وهو:(بنتشاسيلا) التي تعتبر أساس الحكم في إندونيسيا،





وكان الطالب المذكور يحتفظ ببعض المنشورات الحكومية، وفيها تفسير لهذا الشعار فأخذت أقرأ وأتأمل فوقع في نفسي أن هذا الشعار شبيه بالشعارات الأخرى التي نودي بها في هذا العصر لتحل محل الولاء لله ولرسوله وللمؤمنين، ولكني ما كنت جازماً لأني لم أستوعبه وإن كنت سمعت من بعض المشايخ ما يشير إلى هذا المعنى. وجاء الوقت فطارت بنا الطائرة إلى جدة وهنالك ـ في المطار ـ استقبلنا بعض الأصدقاء فبتنا في منزله والتقينا بعض المهتمين بشؤون الدعوة فتذاكرنا ذلك بصفة عامة.



الجمعة: 15 /8/1400ه 27/6/1980م

السفر إلى كراتشي:

وفي صباح هذا اليوم أخلدنا إلى الراحة وغرقنا في بحر النوم العميق تعويضاً عن فقده في الليلة السابقة. وفي الساعة الثامنة مساء تحركنا إلى مطار جدة الدولي وتم وزن العفش في الساعة الثامنة والنصف فودعنا أصدقاءنا في جدة ودخلنا قاعة الانتظار.


ألا أيها الليل الطويل ألا انجل!


وفي الساعة التاسعة والدقيقة الأربعين صعدنا إلى الطائرة، على أن يكون الإقلاع حسب الموعد في الساعة العاشرة والنصف، ولكن الطائرة تأخرت إلى الحادية عشرة، وذلك أمر طبيعي كثيراً ما يحصل، إلا أن المضيفة أعلنت عن وجود خلل في الطائرة يقتضي عودتنا إلى قاعة الانتظار مرة أخرى، فنزلنا وانتظرنا إلى الساعة الثانية عشرة، فأعلن المذيع أسفه لتأخر الطائرة مرة أخرى وأنها ستقلع في الساعة الواحدة وخمس وأربعين دقيقة، فانتظرنا وتخلل هذا الانتظار التسلية المعتادة: توزيع شراب العصير ثم طبق العشاء الخفيف، وتمنى الابن عبد البر لو استطعنا أن ننام!



فوضى المسلمين أزعجت غيرهم!


وفي الساعة الثانية عشرة والنصف أعلن عن موعد إقلاع طائرة مصرية إلى القاهرة، فأخذ الركاب يتزاحمون ويتدافعون ويتصايحون، وبعض الأوروبيين ينظرون إليهم نظر دهشة وتعجب من هذه الحالة السيئة ومن هذا المنظر الفوضوي، وكان أحدهم قريباً منا يقف فينظر متعجباً ثم يقعد ثم يذهب بنفسه إلى المسافرين لينظر إليهم من قريب ويسمع أصواتهم، ثم يعود فيجلس فقلت للأخ الإندونيسي سل هذا الأوروبي من أين هو؟ فسأله فقال له: من إيطاليا. قلت له: هل يجيد اللغة الإنجليزية؟ فقال: لا، ولكنه يتفاهم بها قليلاً.


انظر إلى صفوف المسلمين في الصلاة!


قلت: فلنجعله في موقف الدفاع بعد أن نعتذر له من هذا المنظر ونبرئ منه الإسلام، فقلت: أخبره بأن هذا المنظر لا يقره الإسلام، وأن المسلمين الأصل فيهم الإيثار والصبر والنظام، وسبب هذا الذي يراه هو جهل المسلمين بدينهم وبعدهم عنه. فقال: لي ثلاث سنوات في المملكة العربية السعودية وقد تكرر هذا المنظر أمامي. فقلت له: قل له: هل رأى المسلمين عندما يقفون في صفوف الصلاة في المسجد وراء الإمام؟ قال: نعم، قلت: هذا نظام الإسلام في المسجد وفي الحرب وفي الحج وفي كل مكان ولكن جهل المسلمين هو السبب.


دعوة إلى الإسلام:


سألناه هل يعرف شيئا عن الإسلام؟ فأجاب: قليلاً عن طريق بعض الكتابات الصحفية. وهل ترغب في دراسة الإسلام والدخول فيه؟ فأجاب: أنا ـ مثل المسلمين ـ أعتقد أن إله الكون واحد، وإن كنت مسيحياً. فطلبنا منه أن يدرس الإسلام وأن يدخل فيه، لأن القرآن آخر ما نزل من الكتب السماوية وهو محفوظ من التغيير والتبديل، والرسول آخر الرسل وخاتمهم، والدين الإسلامي هو الدين الذي لا يرضى الله دينا سواه، واتفقنا على أن نراسله ونبعث له بعض الكتب عن مبادئ الإسلام. ولكنا فقدنا عنوانه ، فلم نستطع الوفاء بالوعد.

وكان باستمرار يشرب الدخان، فأشرنا إلى أضرار التدخين فاعترف بذلك، ولكنه قال:(بروبلم) أي مشكلة ـ يعني تركه صعب.



وفي الساعة الواحدة والثلث أعلن عن استعداد الطائرة فصعدنا إليها. وتحركت الطائرة في الساعة الثانية إلا عشر دقائق وفي الثانية والدقيقة الثانية عشرة كُرِّر الأسف وعادت الطائرة إلى مكانها بعد جولة في الأرض لا بأس بها ووعد المضيف بإعطاء معلومات جديدة وفي الساعة الثالثة نزلنا إلى القاعة مرة أخرى وأعلن أن الإقلاع سيكون في الرابعة. ويسر الله تعالى أن أقلعت الطائرة فعلاً في الساعة الرابعة والنصف صباحاً بدلاً من العاشرة والنصف مساء فكانت تلك الليلة طويلة علينا كطولها على امرئ القيس الذي خاطب الليل قائلاً:

ألا أيها الليل الطويل ألا انجل،،،،،،،،،بصبح وما الإصباح منك بأمثل



إلا أن السبب مختلف والهدف الذي كان يود هو أن يصبح من أجله - والإصباح عنده غير مفيد - غير الهدف عندنا ونحن على يقين أن ما أختاره الله كان خيراً، ولكنا بشر نستعجل والحمد لله على كل حال.



وكان الابن عبد البر والأخ عبد الله بن سعيد باهرمز - أحد الطلبة الإندونيسيين في كلية اللغة العربية - في الدرجة السياحية، وأنا في الدرجة الأولى، لأن تذكرة سفري الرسمية كانت كذلك، وما كنت أظن أني أجد صعوبة في طائرة سعودية في التخاطب، عندما أقلعت الطائرة جاءت المضيفة فخاطبتني باللغة الإنجليزية، فقلت:(نو اسبيك إنجلش) قالت: (نو اسبيك أربيك) فأشرت إليها أن تأتي بمن يكلمني باللغة العربية، والظاهر أنها لم تفهم فواصلت المحاولة، فقالت: (آر يو ونت تي؟) قلت) :يس) فجاءت بالشاي، ثم قدمت طعام الإفطار.







السابق

الفهرس

التالي


15251392

عداد الصفحات العام

186

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م