{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً (62) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً (63) } [النساء]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(015) سافر معي في المشارق والمغارب

(015) سافر معي في المشارق والمغارب

الثلاثاء 13/3/1422ه ـ 5/6/2001م

لقاء مع الأستاذ صلاح الدين واحد "جاكرتا":

زيارة الأستاذ صلاح الدين بن عبد الواحد بن هاشم أشعري (وهو أخو عبد الرحمن بن عبد الواحد ـ رئيس الجمهورية الإندونيسية في الوقت الحالي). وفي اللقاء معه أخذنا معلومات منه عن أخيه عبد الرحمن لأنه الأقرب إليه، وسمعت أنه يخالفه في كثير من معتقداته وسلوكه.



الكاتب مع صلاح الدين عبد الواحد 13/3/1422ه

كنت طلبت موعداً للقاء الأستاذ صلاح الدين، لأخذ بعض المعلومات المتعلقة بوضع جمعية نهضة العلماء في الوقت الحاضر. وقد تم الاجتماع به في مكتبه بجاكرتا من الساعة العاشرة والنصف إلى الساعة الحادية عشرة والنصف.

تاريخ ميلاد المذكور: 1942م في مدينة جومبانغ في جاوة الشرقية. الدراسة: تخرج في جامعة التكنولوجيا في باندونغ ـ الهندسة المعمارية ـ سنة 1979م الأعمال: يهتم بالنشاط الاجتماعي في جمعية نهضة العلماء وغيرها. وهو وكيل رئيس جمعية نهضة العلماء في الوقت الحاضر.

وهو عضو في اتحاد المثقفين الذي أسسه الرئيس الإندونيسي السابق: بحر الدين حبيبي. وهو أيضا يرأس ندوة إندونيسيا الموحدة، وهدفها الاتصال بين أعضاء نهضة العلماء في إندونيسيا.
عدد جمعية نهضة العلماء 30 مليوناً. ولا يوجد شخص واحد يجتمع حوله أعضاء الجمعية كلهم، وتوجد بينهم خلافات، لكنهم يتفقون على الأمور العامة.

الذي أسس الجمعية هو هاشم أشعري ـ جد صلاح الدين ـ المولود: سنة 1875م. وقد طلب العلم في مكة، ورجع إلى إندونيسيا في أواخر القرن التاسع عشر. أسس المعهد في جومبانغ سنة 1899م. وقد توفي سنة: 1947م. خلفه في رئاسة مجلس شورى الجمعية أحد طلابه، وهو: وهاب [الظاهر أن الأصل عبد الوهاب ولكنهم يختصرون كما سبق اختصاراً غير مناسب] حسب الله، الذي توفي سنة 1971م. وخلفه بشري سنشوري، الذي توفي سنة: 1980م. أما رؤساء المجلس التنفيذي للجمعية، بعد وفاة هاشم أشعري، فهم : ابنه عبدالواحد، ثم إدهام خالد، ثم عبد الرحمن واحد من سنة 1984م إلى أن تولى رئاسة الجمهورية.

معلومات أدلى بها الأستاذ صلاح الدين عن أخيه عبد الرحمن واحد:

وهنا أحببت أن أسأل الأستاذ صلاح الدين عن أخيه عبد الرحمن الذي أحدثت أعماله ضجة بين الناس، فقلت له: ما الأسباب التي جعلت الناس يختارون عبدالرحمن عبد الواحد لرئاسة الجمعية؟ فقال: أولاً: الذين أيدوه، هم من الحكومة، ومن شباب النهضة وعلمائها، والسبب أنه درس في الشرق الأوسط، وبذلك ظنوا أنه عالم، وكذلك احترامهم لسلالته.

قلت: من رشحه لرئاسة الجمهورية؟

قال: أول من رشحه أمين رئيس الذي هو رئيس حزب الأمانة. وحزب التنمية الإسلامي، وحزب الهلال والنجمة، وحزب البعث الذي يرأسه عبد الرحمن نفسه، وهؤلاء كانوا يريدون الدكتور حبيبي، ولكن المجلس رفضه فاختاروا عبد الرحمن واحد، حتى لا تتولى الرئاسة ميجاواتي، لأنها امرأة، ولأنها ليس عندها ولاء للإسلام، ولا كفاءة عندها للرئاسة.

قلت: وهل لدى عبد الرحمن كفاءة لرئاسة الجمهورية؟

قال: ليس لديه كفاءة لذلك، لأنه لا خبرة له بالعمل الجماعي، وهو قد ألف العمل الانفرادي، وهو مفكر، وليس سياسياً، ولا يجيد التنظيم، ولا قدرة له على جمع الناس حوله، لذلك كثر أعداؤه، وهو لا يستجيب للنصح.

قلت: هل هو مستبد بالرأي؟
سكت قليلاً، فقلت له: هل هو دكتاتور؟ قال: تستطيع أن تقول ذلك. ثم قال الأستاذ صلاح الدين: في سنة 1998م تم الإذن بإقامة الأحزاب، وأقامت جمعية النهضة حزباً، اسمه حزب البعث، وكان عبد الرحمن لا يريد إقامة الحزب على أساس الإسلام، ولا يريد تنفيذ الإسلام في الدولة، وتفسير ذلك يدور بين أمرين:

الأمر الأول: أن ذلك رأي ثابت عنده.
الأمر الثاني: أن يكون سياسة. وكلا الأمرين غير صحيح.

والمسلمون في إندونيسيا مختلفون في اليهود والنصارى: فبعضهم يرون أنهم أهل كتاب، وليسوا مشركين، وعلى هذا الرأي عبد الرحمن واحد. والرد عليه ليس سهلاً، لأنه كثير التقلب، حيث يغير رأيه متى شاء.

قلت: هل هو مكيافللي؟ قال: هو شبيه بذلك، ومما يدل على تقلبه أنه يرى أن لا حاجة إلى تبادل تحية الإسلام (السلام عليكم) وهي منتشرة في البلد، وقد صرح بذلك.


الكاتب مع صلاح الدين عبد الواحد 13/2/1422ه

ويرى الاكتفاء بالتحية الإندونيسية: سلامات ملام... سلامات باقي... ولكنه مع ذلك يستعمل تحية الإسلام.

قلت: بماذا تفسر صلته باليهود؟ قال: بعض الناس يرى أن ذلك من باب السياسة، للاستفادة من الغرب من الناحية الاقتصادية، وبعضهم يرى أنه مقتنع بذلك، وأنهم هم يستفيدون منه.

قلت: وما رأيكم أنتم؟ قال: هم الذين يستفيدون منه. قلت: هل يحافظ على إقامة الصلاة؟
قال: هو يترك الصلاة كثيراً. والدليل على ذلك أنه يستقبل الناس في القصر من بعد العصر إلى ما بعد العشاء، دون أن يصلي، وأنا أسألك: هل يصح الجمع بين الصلوات؟

قلت له: قد جعل الله الصلاة كتاباً موقوتاً، ولا يصح الجمع إلا لمسافر أو مريض أو في حالات ندرة من الحاجات. والجرائد كتبت عنه ما يدل على عدم استقامته أخلاقياً، فما رأيك؟

قال: قصة الفاحشة التي قيلت عنه، هو ينفيها، والصورة التي انتشرت بين الناس، لا يمكن أن إثبات فعله الفاحشة عن طريقها. وقد كان بعض علماء النهضة يفعلون شيئاً من ذلك، ربما على رأي بعض المذاهب أن المرأة تزوج نفسها بدون ولي، أو على مذهب المتعة. [هكذا حاول الأستاذ صلاح إيجاد مخرج لأمثال أخيه، وهو كما يظهر من كلامه غير مقتنع].

عندئذ قلت له: إن المذهب الذي لا يشترط الولي، هو المذهب الحنفي، ولكنه يشترط الشهود، أما جواز المتعة فجماهير أهل السنة لا يقولون به، وأنتم مذهبكم هو مذهب الإمام الشافعي، وهو لا يجيز النكاح بدون ولي. والمعروف عند جمعية نهضة العلماء أنهم مقلدون للمذهب الشافعي، ولا يرون الاجتهاد، كما تراه الجمعية المحمدية، فهذا يدل على عدم الورع في من يفعل ذلك من علمائكم. والأصل أن يكونوا قدوة حسنة للأتباع. قال: هذا صحيح.

قلت: لماذا اختاره المسلمون في جمعية نهضة العلماء زعيماً لهم وهم يعرفون عنه هذه الأمور؟ قال: هم يعتقدون أنه ولي ومعصوم، ويشبهون أفعاله بأفعال الخضر (يقصد الرجل الصالح صاحب موسى عَليه اللام) وهو يحب اعتقاد الناس ذلك فيه، ويستفيد من ذلك الاعتقاد، ولم يسمع منه أنه ينفي عن نفسه ما يعتقده الناس فيه من الولاية.

قلت: هل موقف العلماء في جمعية النهضة موافق لهذا الاعتقاد؟ قال: فرق بين عقولهم التي لا تعتقد ذلك، وبين عواطفهم، ولذلك يرون بعقولهم أنه ناقص الكفاءة في الرئاسة، ولكن عواطفهم مع بقائه في القصر، لأن في سقوطه ضرراً على الجمعية.

قلت له: هل قمت بنصح أخيك فيما ترى أنه يستحق النصح فيه؟ قال: كنت نصحته في بعض الأمور، فلم يقبل نصحي، والآن يحاول العمل ببعض ما نصحته فيه، ولكن بعد فوات الأوان.

قلت: كيف صلته بالمستشرقين؟ قال: صلته بهم قوية جداً، وبينه وبين المسلمين بسبب ذلك عداوة. وهو يميل إلى النصارى، ولذلك يخطِّئ المسلمين في أمبون، ويرى أنهم هم السبب في الفتن التي حصلت بينهم وبين النصارى هناك.

قلت له: هل يستغيث بالموتى في القبور؟ قال: هو يزور القبور كثيراً. قلت: زيارة القبور من حيث هي سنة، وكلنا نزورها. قال: ولكنه يكلف نفسه بزيارة قبور بعيدة جداً، ونحن إذا زرنا القبور يكون بين ما نفعله وبين الشرك خطاً فاصلاً، وهو لا يوجد هذا الخط الفاصل في زيارته، وهو يدعي أنه يستطيع الكلام مع الأرواح في القبور. ثم إنه يشترك مع الوثنيين في طقوسهم ويفعل معهم كما يفعلون في عبادتهم، وبعضهم يفسر ذلك على أنه سياسة!

قلت: كيف ترى مستقبله السياسي؟ قال: سينتهي دوره السياسي الفعلي، وقد يبقى رمزاً، وهذا أحسن له، والغالب أنه سيسقط. وهو عنده شجاعة، ولكن شجاعته تتجاوز الحد. قلت: تعني أنه متهور؟ قال: نعم.

وبعد الانتهاء من كتابة هذه المعلومات عن الأستاذ صلاح، وإرادتي توديعه، قال: لقد زارنا الإعلاميون والمفكرون والكتاب من بلدان كثيرة، ولكنك أول زائر لنا من الشرق الأوسط.

تنبيهات:

التنبيه الأول: أن الشعب الإندونيسي بجميع فئاته، تردد ألسنتهم اسم عبد الرحمن واحد، منهم الذام له ـ وهم الأغلب ـ ومنهم المادح، وكثير منهم يتندرون به ويذكرون عنه نكات تهكمية.

التنبيه الثاني: أنه لا يوجد أي احتياط عند الناس في المدح أو الذم، فلا يخاف أحد من رقابة مباحث ولا استخبارات، يتكلمون في الشارع وفي المطعم، وفي المجلس، وفي الندوات الإذاعية والتلفازية وفي الجرائد والمجلات، ويتكلم في الرئيس [عبد الرحمن بن عبد الواحد] أقرب المقربين إليه ناقداً له بكل صراحة دون تعريض، وما هذه المقابلة مع أخيه إلا دليل واضح على ذلك.

التنبيه الثالث: أن الجيش الإندونيسي يدير الأمور بحنكة من وراء الأبواب والستائر، فهو لا يريد أن يظهر بمظهر المسيطر على الأمور بالقوة والطوارئ المعروفة، وفي نفس الوقت لا يعطي فرصة لمن يريد أن يسيطر عليه ويقلل من شأنه، وقد رفض مسؤول الأمن إقالة الرئيس له، وتضامن مع هذا المسؤول بقية القادة، حتى إنهم قاموا باستعراض عسكري، قرب القصر الجمهوري، يوم الاثنين 12/3/1422هـ4/6/2001م، وصرح كبارهم أنهم لا يؤيدون تلك الإقالة إلا إذا وافق عليها البرلمان الإندونيسي.

التنبيه الرابع: أن الأحزاب السياسية ـ عدا حزب البعث التابع للرئيس ـ شبه مجمعة على اتخاذ الإجراءات الرسمية لتنحية الرجل عن الرئاسة، ولكن هناك همساً بأن بعض الأحزاب تحاول عمل صفقات مع الرئيس لبقائه، تستفيد منها سياسياً... والله أعلم ما ذا سيكون؟

التنبيه الخامس: أن الرئيس ـ وهو كما يقال كثير الحيل ـ متشبث بالبقاء في القصر، وكلما أخفق في حيلة طلع إلى الناس بأخرى، ولهذا أربك الأحزاب والبرلمان والشعب. إلا أن بعضهم شبه قرب نهايته بالدابة التي تتحرك حركة الموت، ويسميها الفقهاء في الميتة التي لا زالت تظهر فيها الحياة بـ(حركة المذبوح) ولله في خلقه شؤون.





السابق

الفهرس

التالي


14213174

عداد الصفحات العام

900

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م