{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً (62) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً (63) } [النساء]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(042)سافر معي في المشارق والمغارب

(042)سافر معي في المشارق والمغارب



أسباب الخلاف بين الشيخ السوركتي والعلويين.



السبب الذي اشتهر بين الناس



أن بعض علماء العلويين أفتى بعدم جواز تزويج العلوية بغير العلوي. وقد ذكر خلاصة هذا السبب الأستاذ البكري في كتابه "غير العلوي: واضطر الشيخ [يعني السوركتي] لذلك أن يقدم لجمعية خير استقالته يوم 15شوال سنة 1332ه-6سبتمبر عام1914م. أهـ." السالف الذكر، حيث قال: "بدء نفور العلويين من الشيخ أحمد السوركتي وتحاملهم عليه: حدث أن سأل السيد عمر سعيد بن سنكر الأستاذ الشيخ أحمد السوركتي، وكان في مجلس من مجالس العرب، بمدينة صولو عن جواز زواج العلوية من غير العلوي، فأجاب فضيلته بالجواز.



وحيث إن العلويين وغيرهم من الحضارمة يعتقدون تحريم زواج العلوية لغير العلوي، فقد أخذ القوم يتهامسون في شيء كثير من الدهشة والحيرة، وذاعت فتوى الشيخ في بتافيا وغيرها من بلدان جاوة. ولم يكد يعود الشيخ أحمد السوركتي من رحلته، إلى بتافيا إلا وقد أصبحت وجوه العلويين عابسة ضده، ينظرون إليه نظرات كلها مقت وغل، لم يجد الشيخ عشر معشار ما كان يلقاه من القوم من الاحترام والإجلال، بل وجد منهم إعراضا وإدبارا، وتعبيسا ونفورا، وليس للشيخ ذنب سوى أنه أفتى بصحة زواج العلوية من غير العلوي، واضطر الشيخ لذلك أن يقدم لجمعية خير استقالته يوم 15 شوال سنة 1332هـ 6 سبتمبر عام 1914م.



فتاوى الجانبين وغيرهم في هذه المسألة.



يتضح من كلام الأستاذ البكري هذا، أن السبب الوحيد-أو السبب الرئيس على الأقل-هو فتوى الشيخ السوركتي بجواز نكاح العلوية بغير العلوي، وهذه الفتوى تخالف ما أفتى به بعض العلويين كما سيأتي ذكره.



وحيث إن هذه المسألة هي التي اشتهرت من أسباب الخلاف الذي وقع بين الشيخ السوركتي والعلويين، فإنه يحسن إثبات بعض النصوص التي تضمنت الفتوى من قبل بعض العلويين بعدم جواز زواج العلوية بغيرالعلوي، وفتوى الشيخ السوركتي بجواز ذلك، وردود الأفعال من الجانبين، وتجاوز المسألة الطرفين في إندونيسيا إلى خارجها، حيث استُفتي فيها السيد رشيد رضا وأيد فيها الشيخ أحمد السوركتي، وما استدل به الفريقان من النصوص على تأييد كل منهما لما ذهب إليه.



ومحاولة بعض المصلحين الصلح بين الفريقين وفشل تلك المحاولة. وستكون هذه النصوص مرتبة على النحو الآتي:



أولا: فتوى الشيخ عمر العطاس.



أفتى الشيخ عمر العطاس بعدم جواز زواج العلوية بغير العلوي، وكانت فتواه ردا على الاستفتاء الذي بعث به أحد الحضارمة، إلى السيد رشيد رضا فرد عليها مؤيدا جواز زواج العلوية بغير العلوي.



ثانيا: رد الشيخ أحمد السوركتي على القول بالتحريم.



وكان ذلك في رده المطول على بعض المهاجمين له في بعض الجرائد الإندونيسية.



ثالثا: ما حصل من محاولات الصلح بين الفريقين.



وكل هذه النصوص من كتاب التاريخ السياسي لحضرموت للشيخ صالح البكري، وهو من الإرشاديين وبعضها من مجلة الرابطة، وهي الجهاز الإعلامي للعلويين.


أولا: فتوى الشيخ عمر العطاس في تزويج الشريفة بغير شريف وفضل أهل البيت



سيدي، هل هذه الفتوى المذكورة أدناه صحيحة، ويجوز العمل بما فيها أم الأصح خلافها؟ أفيدونا، لا زلتم خير خلف لخير سلف عن جوهر الإسلام، وأرجو من حضرتكم الكلام عنها في المنار، وهي: ما قولكم فيمن يستحل تزويج الشرائف بمن ليسوا بأشراف، بل لو كان بعضهم يزعم أنه هاشمي أو مطلبي أو من بقية قريش، فهل يصح تزويجهم بالشرائف أولا؟



الجواب-والله أعلم بالصواب-



اعلم أن مراعاة الكفاءة في النكاح واجبة، وهي في النسب على أربع درجات:



الأولى: العرب: لا يكافئهم غيرهم من العجم. الثانية: قريش لا يكافئهم غيرهم من بقية العرب. الثالثة: بنو هاشم لا يكافئهم غيرهم من بقية قريش. الرابعة: أولاد فاطمة الزهراء بنو الحسن والحسين رضي الله عنهم لا يكافئهم غيرهم من بني هاشم.



والدليل عليه-كما في التحفة والنهاية وغيرهما-من خبر مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله اصطفى من العرب كنانة، واصطفى من كنانة قريشا، واصطفى من قريش بني هاشم) والأحاديث الواردة في فضل العرب وفي فضل قريش وفي فضل بني هاشم كثيرة جدا، وقال ابن حجر في التحفة والرملي في النهاية: أولاد فاطمة لا يكافئهم غيرهم من بقية بني هاشم، لأن من خصائصه صلى الله عليه وسلم أن أولاد بناته ينتسبون إليه في الكفاءة وغيرها، كالوقف والوصية، كما صرحوا به، لأنهم أبناؤه كما ثبت في قصة المباهلة في قوله تعالى: {ندع أبناءنا وأبناءكم} فإنه ورد أنه خرج ومعه الحسن والحسين وعلي وفاطمة. وروى الحاكم، قال صلى الله عليه وسلم: (لكل بني أم عصبة إلا أبناء فاطمة فأنا وليهم وعصبتهم).

وأخرج الترمذي عن أسامة أنه صلى الله عليه وسلم أجلس الحسن والحسين يوما على فخذيه وقال: (هذان ابناي وابنا بنتي، اللهم إني أحبهما فأحبهما).



وأخرج الطبراني وغيره أنه صلى الله عليه وسلم قال: (كل بني أم ينتمون إلى عصبة إلا ولد فاطمة فأنا وليهم وأنا عصبتهم). فقول الشارع نص، ويترتب عليه أحكام البنوة في الأشباح والأرواح، كالحسن والحسين وأولادهما، والتشريف ببعض خصائصه صلى الله عليه وسلم، كوجوب الصلاة عليهم، ودخولهم في آية التطهير، وتحريم الزكاة عليهم، وافتراض محبتهم على الأمة، وغير ذلك.



ثم اعلم أن الشرف قسمان: ذاتي، وصفاتي. وقد اصطلح العلماء على أن الشرف الذاتي للنبي صلى الله عليه وسلم بالنسبة لذريته، فكما كانت ذات النبوة مختارة إليه من الوجود جعلها الله معدنا لكل نعت محمود، ولم يزل يسري منها في شعبها مظهرها في المعدن، ومع ذلك فقد بالغ الجليل الكبير في كمال التطهير لها، كما قال: {ويطهركم تطهيرا} لا بعمل عملوه، ولا بصالح قدموه، بل بسابق عناية من الله لهم، فتأثير البضعة النبوية لا يدركه أكابر الأولياء من غيرهم، ولو جاهدوا أبد الآباد، ولهذا السر قال الله تعالى: {قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى}.



إذا عرفت ذلك واتضح لك أن مقام ذات النبوة وقدرها لا يدرك، وعرفت أن الكفاءة عند العرب بل وغيرهم أمر مرعي، وقد جاء الشرع في ذلك على موافقة عادتهم، وعرفت أن تزويج الأدنى بمن ليس كفؤا لها يلحق عارا على عصبتها كما صرح به الفقهاء، الواصل في ذلك العار عند تزويج الشرائف بغير الأشراف إلى مقامه صلى الله عليه وسلم، تحقق لديك أن الجرأة على ذلك إيذاء للنبي صلى الله عليه وسلم ولذريته.



وأي إيذاء أعظم من إلحاق العار، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (من آذى أهل بيتي فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله) وقال عليه الصلاة والسلام: (لا تؤذوني في أهل بيتي).

وقال عليه الصلاة والسلام: (احفظوني في أهل بيتي فإيذاؤهم من أكبر الكبائر، ومن استحله فقد كفر).



فلا يجوز تزويج غير السيد بالسيدة، ولو رضيت وأسقطت الكفاءة أو رضي وليها، لأن الحق ليس لهما، لأنه شرف ذاتي ليس من كسبهما حتى يسقطاه، بل له صلى الله عليه وسلم، ولكافة أبناء الحسنين ولا يتصور رضاهم، وقد ثبت أنهم موال على ما سواهم من كافة الخلق بنص حديث (من كنت مولاه فعليٌّ مولاه).



وهل يجوز تزويج العبد مولاته؟ لا قائل به، بل قد منع خليفة الزمان السلطان عبد الحميد خان أيده الله تبعا لسلفه، تزويج السيدات بغير السادة، وأمر الخليفة يجب العمل به في المباحات، فضلا عن الموافق للحكم الشرعي.



وأما ما نسب إلى الإمام مالك عالم دار الهجرة رضي الله عنه من أن المسلمين أكفاء، فلا يبعد أنه مقول عليه، لأنه ثبت عنه أنه امتنع من لبس النعال في المدينة، وقال: "أستحي أن أطأ بنعلي أرضا وطئها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقدمه".



فمن استعظم واستشرف أرضا وطئها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقدمه، (هل) يبيح ويستحل افتراش ووطء بضعته صلى الله عليه وسلم؟ يجل قدره عما نسب إليه رضي الله عنه.

وفي هذا القدر كفاية لمن من الله عليه بالهداية، ومن قال بخلاف ما ذكر، فإما من عدم اطلاع، وإما جهل بقدره صلى الله عليه وسلم وقدر أهل بيته، بل من تجرأ وارتكب ذلك بعد اطلاعه على ما ذكر فهو ضعيف إيمان، بل مسلوبه لمراغمته ومعاندته للشرع، يخشى عليه من سوء العاقبة {ومن يضلل الله فلا هادي له} حفظنا الله من ارتكاب الموبقات وعصمنا من الهجوم على الخطيئات، وعرفنا قدر نبيه وأهل بيته السادات، إنه ولي التوفيق.

غير أنه معلوم لذي كل ذي عقل أنه للضرورات تباح المحظورات وارتكاب أخف الضررين لدفع الأشد متعين، فلا يلزمك العناد وارتكاب الفساد والعدول عن سبيل الرشاد، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. قاله بفمه، وكتبه بقلمه، أضعف الناس، عمر بن سالم العطاس، عفا الله عنه آمين، وذلك في شهر محرم سنة 1323هـ.






السابق

الفهرس

التالي


14217296

عداد الصفحات العام

2393

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م