{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً (62) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً (63) } [النساء]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(53)سافر معي في المشارق والمغارب

(53)سافر معي في المشارق والمغارب

تذكرة.

إبراهيم بن عمر السقاف العلوي [يلح في الصلح بين الطائفتين]

بسم الله الرحمن الرحيم


{وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين}.

نقدم تذكرتنا لجميع إخواننا الحضارمة المحترمين.

قد مضى زمن غير قليل وإخواننا الحضارمة يتنافسون في نشر العلم والدين ويتسابقون في ميدان الشرف. وقد نتج من تنافسهم هذا خير كثير من فتح المدارس للنشء، وتأسيس الجمعيات، وتسجيل أوقاف، وإنشاء مجلات وجرائد وغيرها من مبادئ التقدم وأساس الرقي.
وقصد الجميع فيما يتسابقون فيه أمران: وهما نشر الدين واللغة والتهيؤ لنيل الحياة السعيدة بين الأمم.

وقد خطوا في ذلك خطوات يشكرون عليها، ولا يزالون مجدين دائبين في ذلك، إلا أننا مع حسن ظننا بالجميع نرى أن هذا التنافس قد ارتفعت حرارته في بعض النقاط إلى حد التنازع المذموم الذي قد ينتج عكس المطلوب، فأنتج نوعا من التدابر والتقاطع من بعض من غفلوا عن المقصد المطلوب الذي يجب أن يكون نصب عين الجميع، والذي يؤخر عن إدراكه مثل هذا التقاطع والتنازع وتشاغل كل فئة بالفئة الأخرى دون السير وراء الضالة المنشودة، ومن المعلوم أن من يشتغل بتخذيل جمعية أو فئة أو حزب من شأنه نشر اللغة العربية والدين، يكون عاملا في تخذيل نفسه وهادما لعين الأساس الذي يبنى عليه نجاحه.

فلهذا نذكرهم بالله ونطلب من جميع الإخوان ألا يجعلوا بأسهم بينهم، وأن يتركوا التقاطع والتدابر، وأن يكونوا إخوة بمعنى الكلمة كما وصفهم الله ورسوله، وأن يعملوا جميعا يدا واحدة فيما يرفع شأنهم ويعلي قدرهم ويبلغهم ذروة الكمال تحت لواء الإسلام المقدس والله ولي التوفيق.

(الرابطة)

لقد تلقينا هذين المنشورين من السيد الجليل الهمام إبراهيم بن عمر السقاف العلوي. فالأول منهما نداء أصدره هو ممضي باسمه الكريم. وأما الثاني فهو تذكرة من الشيخ أحمد بن محمد السوركتي أرسلها إليه معدة لنشرها، ولكنها غير ممضاة باسمه ولا معنونة فجعلنا لها عنوانا أخذناه من أول جملة منها (نقدم تذكرتنا).

وقد نشرناهما تنفيذا لرغبة السيد إبراهيم في ذلك، تمهيدا للصلح بين الفئتين العلوية والإرشادية من العرب الحضارم، وهما يسعيان في ذلك منتدبين عن جمعية الرابطة الشرقية الكائنة بالبلاد المصرية، وهي جمعية عظيمة تألفت من كبار المصريين، ولها أعضاء من أفاضل أهل الشرق في سائر الأقطار.

وقد تقدم إلى مجلسها اقتراح من حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ علي سرور الزنكلوني أحد كبار علماء الأزهر الشريف وعضو مجلس إدارتها، طلب فيه من الجمعية المذكورة أن تسعى في إطفاء الفتنة القائمة بين الطائفتين العلوية والإرشادية بجاوى وسنغافوره، فوافق مجلسها على ذلك الاقتراح وقبل الطلب، ورغب إلى السيد إبراهيم بن عمر السقاف والشيخ أحمد السوركتي، بالسعي في ذلك بمكتوبين كتبهما إليهما باعتبار أنهما عضوان من أعضاء جمعية الرابطة الشرقية، وأن يساعداها على تحقيق أمنيتها في القضاء على هذه الفتنة، بأن يجتمعا على البحث في الوسائل الْحِبِّيَّة الموصلة لاستفادة السلام والوئام.

وقد مهدا فيما بينهما الطريق التي رغبا في سلوكها إلى تحقيق هذا المطلب الجليل، وابتدآ عملها بنشر هذين الندائين. بعد أن تحققا رغبة الفئتين في الصلح، فنشكرهما بلسان هذه المجلة على عملهما، ونسأل الله لهما التوفيق والسداد فيما انتدبا إليه، ونلتمس من كلا الطائفتين المتنازعتين أن يذكرا الله ويراقباه في أنفسهما وما بينهما، ويعلما أن استمرارهما على هذا التقاطع والتنازع أمر لا يرضاه الله، وقد نتج عن ذلك من الضرر في الدين والعرض والمال والصيت ما يعرفه كل أحد، وما يضمره المستقبل أدهى وأمر.

ولسنا نريد أن نومئ إلى أسباب الفتنة ولا إلى تحقيق التبعة في ذلك ومن تقع عليه منهما، فإنا في سبيل دفن الماضي بما فيه، واستقبال زمن إخاء ووفاء وصفاء واجتماع على ما يرضى الله ويعلي الإسلام، وعلى سد كل باب يفتح التنازع والخصام، كلل الله أعمال المصلحين بالنجاح.

حول الصلح: حقائق ينبغي أن تعرف.

إن الواجب يقضي بأن نبين لإخواننا من عموم العرب بهذه الجهات، أن دعاة التفريق وموقدي نار الفتن وحاملي معاول الهدم، باسم التجديد والإصلاح والمجدين في تكييف حالتهم الاجتماعية بكيفيات يظنونها من مستلزمات العصر ومن أسلحة المزاحمة على المنافع.

كثيرا ما يكونون هم البلاء الأكبر وهم سبب انخداع العامة بما لا يفيد وإبعادهم عن كل نافع ثم دهورة الشعب بأجمعه في مهاوي من الانحطاط الخلقي يقبر فيها وجوده الاجتماعي.
وأن كثيرا من أولئك الذين لا تتجاوز مداركهم حدود الظواهر المحيطة بهم، قد يكونون آلات في أيدي الغير للقضاء على شعوبهم من حيث يشعرون ومن حيث لا يشعرون.

إن الوسائل التي يتخذها من أشرنا إليهم لتحقيق ما يسعون إليه كثيرة، ولكن أهمها وأنكاها وسيلة التفرقة والتجزئة وإيجاد الأحزاب المتضادة، وهذه القضية معلومة عند الناس ولم يبق من لم يفهم إلى اليوم أن سلاح المتغلب (فرق تسد).
غير أن الطرق التي يسلكونها في إيجاد التفريق ثم في إبعاد كل فريق من الآخر، هي طرق شيطانية خفية وخطرة جدا، فمنها قلب الحقائق والسعاية وتبليغ كل فريق عن الآخر ما يوغر صدره ويزيد الحقد عليه والكراهية، له حتى يتسع الخرق على الراقع ويستعصي الداء، ويصبح الشعب مقسوما على نفسه، حتى يعتقد كل حزب أن حياته ومنافعه منوطة بقوة حزبه وضعف الآخر وتضعضعه.

ويجد الإنسان صورة مصغرة لما ذكرناه إذا استعرض حالة جالية العربية في جاوى ونواحيها، وإذا نظرنا نظرة اعتبار إلى ماضيهم البعيد والقريب والى حاضرهم. كان مهاجرو العرب في هذه البلاد قبل الاختلاف الذي وقع بينهم، على غاية من الصفاء والعطف على بعضهم وحب التعاون على الخير، وكانت جهودهم جميعا موجهة إلى غاية واحدة، هي النفع العام، ولما تحركت هممهم لفتح المدارس العربية الإسلامية التي أسسوها لتثقيف أبنائهم بثقافة الإسلام، كانت الأيدي متضافرة على إتقان تلك المدارس وجلب الأساتذة لها مجدين في إبلاغها الغاية النهائية من الإحسان والترتيب بحيث لو استمروا على تلك الحالة عشر أو 15 سنة، لكنا جنينا ثمار تلك المساعي يانعة.

ولكن حدث ما صدع تلك الوحدة، فتفرقت الجهود وأخذت مبادئ النفرة والتحزب تزداد فتبعد كل فريق عن الآخر، إلى أن وصلنا إلى الحالة التي نحن عليها اليوم، وحيث إن مساعي المصلحين تكاد تكلل بالنجاح على ما يحفظ لكل من الفريقين حقوقه، فنرجو من عموم إخواننا الحضارمة أن يفهم كل منهم واجبه نحو المجموع الحضرمي، وأن لا يلتفت إلى ما يوعز به إليه من لا يفهم الأمور من محبي الشقاق ومروجي الفتنة، فقد أخذ هؤلاء يفسرون لكل من الفريقين شروط الصلح بما ينفرهم منه ويحبب إليهم البقاء فيما كانوا فيه من النزاع والشقاق، يجب أن يفهم الفريقان أن الواضعين لشروط الصلح يعرف كل منهما المسؤولية الملقاة على عاتقه عارفا منطوق تلك الشروط ومفهومها، وأنه ليس هناك مخادعة ولا مصانعة فليتق الله الذين لا يريدون إلا الفتنة ولا يرغبون إلا في الشقاق.

ناصح: طلب نرجو أن يقابل بالقبول.

ينبغي أن يقابل كل من الفريقين عهد الصلح بما يثبت دعائم الألفة ويذهب آثار الوحشة، وقد اشتملت شروط الصلح على تجنب ما يجرح الخواطر، ولا يشك أحد أن كلمة (السيد) من أعظم أسباب التنافر والوحشة، وقد خرج بعضهم الآن في استعمالها حتى عن معناها المبتكر (توان) فصار البعض يصدر بها اسمه حتى على رؤوس الأبواب والدكاكين.
وأكثر آخرون من ذلك بعد اطلاعهم شروط الصلح، فهل يريد هؤلاء أن يكونوا أول جاهد في نقض الصلح قبل تمامه؟ إن لنا في بعد نظر الزعماء وحسن نيتهم في الصلح أملا كبيرا أن يعيروا كلمتنا هذه حقها، حتى لا يعيدوها جذعة على حين شارفنا عهد الاتفاق والوئام فعسى أن لا يذهب تنبيهنا هذا صرخة في واد، أو نفخ في رماد.
من قلم تحرير المجلة.




السابق

الفهرس

التالي


14213131

عداد الصفحات العام

857

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م