[
الصفحة الرئيسية
] [
حول الموقع
] [
تعريف بصاحب الموقع
]
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً (62) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً (63) } [النساء]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب
::
66- سافر معي في المشارق والمغارب
::
(34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف
::
(033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف.
::
(067) سافر معي في المشارق والمغارب
::
(066) سافر معي في المشارق والمغارب
::
(031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف
::
(065) سافر معي في المشارق والمغارب
::
(030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث
::
::
::
::
::
::
::
::
::
::
جملة البحث
جميع محتويات الموقع
المقالات العامة
مقالات الحدث
الجهاد في فلسطين
2 أثر التربية الإسلامية في أمن المجتمع المسلم
المقالات العامة
الإيمان هو الأساس
غيث الديمة الجزء الأول
غيث الديمة الجزء الثاني
حوارات مع أوربيين مسلمين
حوارات مع أوربيين غير مسلمين
الحدود و السلطان
حكم زواج المسلم بالكتابية
رحلة هونج كونج
جوهرة الإسلام
كتاب الجهاد
المسئولية في الإسلام
دور المسجد في التربية
كتاب سبب الجريمة
كتاب الشورى في الإسلام
كتاب السباق إلى العقول
الإيمان إصطلاحاً و أثره سلوكاً
كتاب طل الربوة
كتاب الوقاية من المسكرات
الكفاءة الإدارية
معارج الصعود إلى تفسير سورة هود
مقدمة سلسلة في المشارق و المغارب
المجلد الأول : رحلات الولايات المتحدة الأمريكية
المجلد الثاني : رحلات المملكة المتحدة (بريطانيا) و آيرلندا
المجلد الثالث : رحلات اليابان وكوريا وهونغ كونغ
المجلد الرابع:رحلات إندونيسيا الجزء الأول 1400هـ ـ 1980م
المجلد الخامس : الرحلة إلى إندونيسيا الجزء الثاني 1410هـ ـ 1990م
المجلد السادس : رحلات إندونيسيا الجزء الثالث 1419هـ ـ 1989م
المجلد السابع : رحلات أستراليا و نيوزيلاندا و سريلانكا
المجلد الثامن : رحلات كندا و إسبانيا
المجلد التاسع : رحلات سويسرا و ألمانيا و النمسا
المجلد العاشر : رحلات بلجيكا و هولندا و الدنمارك
المجلد الحادي عشر:رحلات السويد و فنلندا و النرويج
المجلد الثاني عشر : رحلات فرنسا و البرتغال و إيطاليا
المجلد الثالث عشر : رحلات سنغافورة و بروناي و تايوان
المجلد الرابع عشر : رحلات باكستان و الهند
المجلد الخامس عشر : رحلات تايلاند (بانكوك)
المجلد السادس عشر : الرحلة إلى ماليزيا
المجلد السابع عشر : رحلات الفلبين
المجلد الثامن عشر : رحلة كينيا
الفهرس
(022)
سافر معي في المشارق والمغارب
(022)
سافر معي في المشارق والمغارب
السفر من هوبرت إلى برزبن:
وفي الساعة الخامسة والدقيقة العاشرة أقلعت بنا الطائرة من مطار هوبرت إلى مطار مالبورن.
مالها تركتنا؟! أخذت المضيفة تباشر الركاب بالشاي والقهوة وأم الخبائث، وتمر من عندنا ولم تلتفت إلينا، فقال الشيخ: مالها تركتنا هذه الخبيثة؟ فقلت: لعل عدم وضعنا الطاولات أمامنا هو السبب، ثم وضعتُ الطاولة أمامي، فجاءت مسرعة قائلة ماذا تريدون: شاياً أم قهوة أم خمرة؟
قلت للشيخ: ماذا تريد؟
قال: شاي، فقلت لها: كوب شاي واحد، وكوب حليب، فاستدرك الشيخ وقال لها ثلاث كلمات يجيدها: من فضلك، والظاهر أن سبب حفظها موافقتها في اللفظ كلمة "إبليس"، وأما الثانية فهي أحد ألفاظ العدد: " تو" أي اثنين، وأما الثالثة فهي الحليب: "ملك" قال لها الشيخ: "بليس تو ملك" وقد ندم الشيخ على طلبه الشاي فقط أو القهوة فقط كل مرة، وأنا أطلب الحليب، وهو حليب بقر صافي لذيذ نجده في الفندق وفي الطائرة، وفي المنازل، فأراد الشيخ أن لا يفوته ما تشبث به زميله وهو الفطرة.
إن كان الصمم من اللغة الإنجليزية فنحن توأم!
هبطت بنا الطائرة في مطار مالبورن في الساعة السادسة والدقيقة العاشرة. نزلنا من الطائرة والشيخ يقول: نقول لأول مضيف أو مضيفة نجدها: برزبن ونريها البطاقة، فوجد مضيفة واقفة على رأس الممر الذي يخرج منه ركاب الطائرة إلى قاعات المطار، فأراها البطاقة وقال: برزبن، فمشت أمامنا قليلاً حتى أرتنا البوابة رقم: 5، فأشارت لنا إليها، وجئنا إلى الموظفة المسؤولة في هذه البوابة فأريناها البطاقة، وقلنا: برزبن، فأشارت لنا إلى الداخل وقالت: ابقوا هنا، فدخلنا إلى القاعة، فجلسنا ننتظر مع المنتظرين، وقال الشيخ: خل بالك ترى آذاني مصمومة، يقصد: انتبه للإعلان عن رحلتنا، قلت له: هل آذانك مصمومة من كل كلام، أم من اللغة الإنجليزية فقط؟ فإن كان الصمم من اللغة الإنجليزية فقط فنحن توأم.
وبعد خمس دقائق أعلنت المضيفة عن صعود الطائرة وسمعنا كلمة: تو سدني، ومشينا وراء الركاب
فصعدنا، وقد كانت أرقام بوابات الخروج من مطار هوبرت، ومطار مالبورن ومطار سدني واحدة:
(5)
كما كانت أرقام مقاعدنا في الطائرات الثلاث الدرجة الأولى كذلك واحدة.
طايحين في الخمر!
جاءت إلينا المضيفة بطبق الطعام، فرددناه لعدم معرفتنا بما فيه من حلال وحرام، فأشارت لنا أن هناك أشياء أخرى ستحضرها إن أردنا، فقلت لها: احضري ذلك، فأحضرتها وكان من بينها سلطة خضراء، فأخذناها ورددنا الباقي، ثم أخذ الشيخ فنجان قهوة وأخذت كوب حليب ـ ونظر الشيخ إلى الجيران فرآهم يشربون الخمر، إذا شرب أحدهم من نوع أحضر له نوع آخر منه، فيشرب وهكذا، فقال متعجباً بلهجة ملؤها الحزن والأسى: "شف طايحين في الخمر" فقلت له: ما بعد الكفر ذنب! وقلت له: إن من فضل الله علينا أن نترك ما لا ندري أهو حلال أم حرام، ونسأل الله أن يرزقنا شكره والتزام أمره، وهؤلاء لا يسألون عن شيء، ولا يفكرون في حلال أو حرام كالأنعام )بل هم أضل
( ولكنهم لم يبلغوا حقيقة هذا الدين لتقصير المسلمين.
في مطار سدني:
وهبطت الطائرة في مطار سدني في الساعة الثامنة والدقيقة الأربعين ـ أي أن مدة الطيران كانت ساعة وثلث الساعة تقريباً، وكان المطر في ذلك الوقت منهمراً، ولكنه لم يمسنا، لأن الخروج من الطائرة والدخول إليها في ممر متصل بها وبقاعات المطار دائماً. وفي آخر الممر المؤدي إلى القاعة وجدنا المضيفة واقفة، كالعادة في كل مطار لتسهيل مهمة الركاب المحتاجين مثلنا، فأريناها البطاقة فأشارت لنا إلى بوابتنا.
ويرفضانه!
وفي طريقنا إلى البوابة اعترضنا شابان، أحدهما أكبر سناً من الآخر فسلما علينا فقلت: من أين أنتما؟ وقال أكبرهما: نحن لبنانيان، وسألني هل جئتما هنا من أجل حضور المؤتمر الإسلامي؟ قلت: أي مؤتمر هذا؟ فقال: لقد عقد مؤتمر إسلامي عالمي قبل أسبوعين، قلت: لماذا؟ فقال: لأجل شؤون الحج، فعرفنا أنه يقصد المؤتمر الشيعي، وقلت: لعل هذين الشابين من شيعة لبنان، أو أنهما تأثرا بذلك، وكل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه
(ويقاس على ذلك كل أنواع المعاصي والفسق ومن ذلك: الترفيض، أي يرفّضانه)
.
وكثير من المؤتمرات التي يعقدها الشيعة أو غيرهم ممن يتخذون الدين الإسلامي مطية لبعض مآربهم، هي شبيهة بمسجد الضرار الذي بناه المنافقون في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، للإضرار بالمسلمين وتفريق كلمتهم، ولم نستطع التحدث مع هذين الشابين لأن الموظف المسؤول بمجرد ما رآنا قال: فضلا اذهبوا إلى الطائرة ـ فصعدنا إلى الطائرة وتحركت للإقلاع بمجرد ركوبنا. وأقلعت الطائرة من مطار سدني إلى مطار برزبن في الساعة الثامنة والدقيقة والخامسة والخمسين.
دقة النظام وإنجاز المواعيد:
إن القوم قد أتقنوا التنظيم المريح السريع، وكذلك التزموا الحفاظ على العادية، [أعني بها ما عدا الوعود السياسية، التي قد يتعاطون من أجل عدم الوفاء بها كل وسيلة ممكنة، إذا كان في الوفاء بها ضرراً عليهم...] ولذلك يتيسر أمر المسافر ولو كان لا يجيد لغة القوم، فترى الموظف المرشد في كل مكان في المطارات وغيرها كالدوائر الحكومية، ومن ذلك دقة مواعيد طيرانهم تهبط من طائرة في مطار وتصعد إلى أخرى في نفس الوقت أو بعده بقليل، وتجد أرقام مقعدك وبوابة خروجك واحدة في المطارات المختلفة، وإن تلك الدقة وتلك الأنظمة تستحق الإعجاب، ونتمنى للشعوب المتخلفة في النظام ودقة المواعيد أن تبلغ تلك الدقة، ليس في طيرانها بل في كل أعمالها وليس اقتداء بتلك الدول المسماة بالدول المتقدمة بل تمسكاً بالإسلام الذي لم يسبق في كل مجال من مجالات حياة الإنسان بدقة نظام أو موعد، ولقد جعل خلف الموعد من علامات النفاق.
نظام هناك و فوضى هنا!
قد يتعجب القارئ من هذا العنوان الذي ينافي مضمون العنوان الذي قبله في ظاهره، كيف يكون القوم ذوي دقة في النظام والمواعيد وتنتشر فيهم الفوضى؟ ولكن إذا عرف القارئ انفكاك الجهة كما يقول علماء أصول الفقه زالت الغرابة. وانفكاك الجهة هنا المقصود به أن دقة النظام والمواعيد في أمور، والفوضى في أمور أخرى، فلا منافاة أن يوصفوا بدقة النظام والمواعيد في الأمور الأولى، وبالفوضى في الأمور الأخرى.
إنهم يحافظون على المواعيد وعلى تطبيق النظام وإعطاء الإنسان حقه الذي يفرضه القانون، ومعاملتهم حسنة جداً ويظهر عليهم الرفق وغير ذلك من الأمور، وهذا ما قصدته في العنوان السابق.
وإنهم إذا دخلوا المراقص والمسارح وتناولوا الخمرة وبدؤوا في الرقص والاحتكاك يفوقون فوضى جميع الحيوانات، وكأنهم مجانين وقد رأيت ذلك في التلفزيون الذي تعمدت أن أرى كثيراً من برامجه. إنهم يجتمعون عراة إلا من شريط يستر العورة الكبرى ـ كما يقول الفقهاء ـ هذا بالنسبة للمرأة ـ في الغالب ـ أما الرجل فحسب مزاجه والغالب أن يكون مستوراً إلى الكعبين ـ ويأخذ الرجال والنساء أزواجاً – يعني رجلا وامرأة – في الرقص وما يتبعه من الاحتكاك السيئ وترتفع أصواتهم ارتفاعاً مزعجاً، ولا يستطيع الإنسان وصف ما يرى إلا بالجنون، ولكنهم قد لا يفعل ذلك كثير منهم في الشوارع والأسواق والطائرات، وقد يحصل من بعضهم شيء من ذلك، على صفة ليست كتلك التي في المراكز الفوضوية
(أي المسارح والمراقص)
.
ولكننا في هذه الطائرة رأينا المضيفين والمضيفات، تجمعوا في مقدمة الطائرة يتضاحكون ويقهقهون ويشربون، وارتفعت أصواتهم ارتفاعاً غير عادي وقد تجمعوا بجانب الشيخ الكريم يضحكون وفي أيديهم كؤوس الخمر فقلت له: إني أخشى أن تنكب عليك هذه الكؤوس فقال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، قلت له: قل لهم: مالكم تكأكأتم على كتكأكؤكم على ذي جنة؟ وصرفهم الله عنه استجابة لاستعاذته.
الخلاصة أن نظامهم دقيق في المعاملات الرسمية، وتخيم عليهم الفوضى في الصلات الشخصية، والغالب أن يكون ذلك في أماكن خاصة وقد يحصل شيء منه في الأماكن العامة. وحلقت الطائرة على مدينة برزبن بعد ساعة من إقلاعها من مطار سدني ـ فكانت المدينة، والظلام الذي يغطيها والأنوار المتلألئة بها، شبيهة بجوخ أسود وُشِّيَ بفصوص من فضة، وقد بدت شوارعها وحاراتها متناسقة بتناسق أضوائها الكهربائية وهي ممتدة على مساحة واسعاً جداً من الأرض. وقد هبطت بنا الطائرة في مطار برزبن في الساعة العاشرة والدقيقة الخامسة ـ مع العلم أن الطائرة من نوع بوينغ 727 السريعة الطيران فكانت مدة الطيران ساعة واحدة.
(7)
في مدينة برزبن
في فندق شيراتون الجديد:
استقبلنا في مطار: برزبن، الشيخ محمد رحيم الله إمام مسجد الجمعية الإسلامية في برزبن ـ والأخ إقبال محمد، ونزلنا في فندق شيراتون الجديد في برزبن الذي فتح قبل قدومنا بأسبوع، غالب غرفه لم تزال أبكاراً، لذلك قال الشيخ محمد رحيم الله عندما دخلنا قاعة الاستقبال: لا يزال الفندق بكراً، قلت: ومع ذلك فإن أجرته كأجرة الفنادق المماثلة التي قد صارت ثيباً، والحقيقة أنه فندق غاية في الفخامة، كما أن أثاثه من الأثاث الفاخر.
السبت 29/10/1404ه
إمداد مطعم الشيخ بالطعام:
في الساعة العاشرة من صباح اليوم جاءنا الشيخ محمد رحيم الله، إمام المسجد الجامع في برزبن، وخرجنا معه إلى السوق قرب الفندق لشراء بعض الأطعمة الخفيفة من العسل والفواكه واللبن، وما أشبه ذلك لوضعها في المطعم المتنقل الذي كان الشيخ يحرص على حمله ولا يسمح لي بحمله، وهو الذي كان يمدنا بالبرنامج الثالث بعد صلاة الفجر من كل يوم وكذلك في الليل، حيث نكتفي به عن طعام الفنادق ويمتاز بالاطمئنان إليه. لكونه معروفاً بأنه حلال وبرخصه بالنسبة لطعام الفنادق، ويمتاز الشيخ محمد، وهو من بنغلاديش ـ بالهدوء وسعة البال وطيب القلب والابتسامة الطيبة التي يلقى بها غيره ـ .
البدء بصغار الأمور قبل كبارها:
وبعد شراء الأطعمة ذهبنا نتجول، وكنا في اشتياق للخروج إلى أطراف المدينة لنتصورها ونقف على أطرافها وعلى الشاطئ الغربي للمحيط الهادي. فقال الشيخ محمد: نذهب إلى النهر الصغير ـ يعني الخليج المتفرع عن البحر ـ وكأن الشيخ يقيس ذلك على ما يفعله الربانيون وهو أن يعلموا الناس صغار المسائل قبل كبارها، وهو قياس بعيد قد لا يكون خطر بباله. فقلت له أنا: لنذهب إلى البحر الكبير،
(ومن قصد البحر استقل السواقيا)
فقال الشيخ: نذهب إلى الصغير نبدأ به ثم نذهب إلى الكبير، فالأفضل البدء بصغار الأمور قبل كبارها، مؤيداً بذلك رأي الشيخ محمد رحيم الله، فسكتُّ امتثالاً لا اقتناعاً، وذهبنا إلى النهر الصغير فوجدنا الباب المؤدي إليه مغلقاً.
وذهبنا إلى باب آخر مفتوح فقال الحارس: ماذا تريدون؟ فقال الشيخ محمد: نريد أن نتفرج. قال: إن المكان فيه إصلاحات وعمل لا يسمح بالدخول، وكان اليوم عطلة، فحمدت الله تعالى على ذلك وقلت لهما: الآن ليس أمامنا إلا البحر الكبير. فذهبنا إلى الشاطئ وكانت المسافة إليه خمسين كيلو متراً تقريباً. ولعل بعد المسافة كان من أسرار اختيار الشيخ محمد النهر الصغير القريب، وبخاصة أنه كان يسقي سيارته ماء بين آونة وأخرى، لسرعة ارتفاع حرارتها.
والزورق مفقود!
أراد الشيخ محمد أن نتمتع برحلة بحرية قصيرة، فذهب إلى مكاتب بعض الشركات لاستئجار زورق فقالوا له: اذهب إلى مكان كذا قد تجد فيه ذلك. فذهبنا ولكن الناس في عطلة فلم نجد شيئاً.
متفق عليه!
مِلْنا إلى جانب من الشارع نظيف ـ وكل الشوارع جوانبها نظيفة ـ فتوضأنا من صنبور ماء واختلفنا في جهة القبلة، ومن الصعب أن تجد من يعرف القبلة بداهةً بغير البوصلة، أو في غير بيت الله أو منزل الشخص نفسه، وأنا حريص في أسفاري أن أكون عارفاً بالجهات لأتصور البلدان على طبيعتها، والغالب أن أكون واعياً للجهات الأربع وفروعها، فأشار الشيخ إلى جهة، وأشار الشيخ محمد إلى جهة أخرى، وأشرت أنا إلى جهة ثالثة، وكانت لديه آلة تحديد القبلة
(بوصلة)
فنظر إليها فإذا هي كما أشرتُ، فقلت: الحمد لله! الأمر متفق عليه. وكان الناس الذين يمرون بالشارع ينظرون إلينا متعجبين من صلاتنا في هذا المكان.
الكلب والمذهب!
كانت إحدى النساء تمشي على شاطئ البحر وقبلها كلبها، فاتجه الكلب إلينا أنا والشيخ عمر، ولعل ملابسنا العربية هي التي لفتت نظره إلينا، وهو كلب ضخم الجثة برقبته طوق من الحبال، فاقترب أولاً من الشيخ فقابله بالهدوء وعدم المبالاة، حتى شم ثوبه فتركه ومشى إليَّ فقلت: كخ، ورفعت يدي تحذيراً له من الاقتراب مني، فرفع هو يديه ورأسه يريد مصارعتي ففررت منه، وقال لي الشيخ: لو فعلت كما فعلت ما أصابك منه شيء، قلت له: يجب أن تغسل ثوبك سبع مرات. فقال: أنا مالكي ولست شافعياً، ولذلك تركني الكلب بهدوء، وأراد أن يضايقك لأنك شافعي تقول بنجاسته، ولما رأته صاحبته ابتسمت ومشت إليه بهدوء فمسكته وأراحني الله منه!.
ذِكر حنيذ الدجاج فَجَّر المشايخ شعراً!
قال لنا الشيخ محمد: الآن نذهب إلى أحد مطاعم المسلمين وفيه طعام حلال لتناول طعام الغداء،
فذهبنا ووجدنا المطعم مقفلاً. فقال: نذهب إلى مطعم آخر وفيه دجاج لذيذ لأنه حنيذ، فذهبنا إليه. وفي الطريق إليه حضر شيطانُ شعرِ الدجاجِ وسجعه، فتجاوبت قرائح الثلاثة:
فقال الشيخ عمر: هيا إلى الدجاجِ
وقلت أنا: يا معشر الحجاجِ
وقال الشيخ: لأنه حنيذ
فقلت: وأكله لذيذ
وقال الشيخ محمد رحيم: وإنه حلال
فقلت: كلوه يا رجال
هذا ما سجلته وقد فاتني شيء منه ولكنه قليل. وصلنا إلى ذلك المطعم، ووجدنا صاحبه المسمى إقبال، وهو من المسلمين الذين هاجروا من جنوب إفريقيا، فقدم لنا الدجاج والخبز والعصير، ولشدة سروره بنا عندما علم أننا من المدينة رفض أن يأخذ منا شيئاً من قيمة الطعام على رغم محاولتنا.
[وكانت كلمة الحجاج من الألفاظ التي نطلقها على أنفسنا من باب التشبيه، لأن كثيراً من الحجاج يفدون إلى بلادنا وهم لا يجيدون إلا لغاتهم المحلية، فإذا لم يجدوا من يترجم لهم تعبوا وقد يتوهون، وكنا كذلك إلا أنا لم نته لوجود مرافقين ومترجمين من إخواننا المسلمين.]
وذكر لنا الشيخ محمد رحيم الله أن هذا الرجل اجتهد في تعليم أولاده القرآن الكريم، حتى ختموه وطلب منا مساعدته في التحاق ابنه بالجامعة الإسلامية ليتعلم اللغة العربية والإسلام، وقد أكمل الدراسة الثانوية، وهو الآن في الجامعة ـ في برزبن ـ وقد أخبرناه بالشروط اللازمة للالتحاق بالجامعة، وقلنا له عليه أن يتخذ الوسائل ووعدناه أن نساعده إذا جاءت معاملته.
وكان بعض الأستراليين يدخلون إلى المطعم فيشترون من ذلك الدجاج ويأكلون وهم واقفون بسرعة، ويمسحون أيديهم بمناديل الورق ويذهبون حفاظاً على أوقاتهم.
وضع خطة لزيارتنا مدينة برزبن:
ثم رجعنا إلى الفندق واسترحنا إلى المساء، حيث جاءنا رئيس الجمعية في كويزلاند: سلطان محمد دين وإمام المسجد الشيخ: محمد رحيم الله، لوضع خطة اللقاءات والزيارات والتعرف على الجمعيات الموجودة
في برزبن، واتفقنا اليوم على ما يأتي:
1 ـ صلاة المغرب في جامع وستئند.
2 ـ صلاة العشاء في جامع برزبن ـ الذي يحتوي عليه المركز الإسلامي في منطقة تسمى: مندغر أباد، للاجتماع بالمسلمين فيه.
3 ـ زيارة المدرسة الإسلامية في المركز نفسه بين الساعة العاشرة والحادية عشرة.
4 ـ تناول طعام العشاء ببيت الشيخ ناصر المصري في
(وستئند)
.
صلينا المغرب في جامع
(وستئند)
وكتبنا بعض المعلومات عن المجلس الإسلامي، وعن المسلمين في الولاية.
الفهرس
14230819
عداد الصفحات العام
3108
عداد الصفحات اليومي
جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م