﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(026)تربية المجتمع - الابتعاد عن الغش والكذب

(026)تربية المجتمع - الابتعاد عن الغش والكذب



الغش والكذب والخيانة والغدر والفجور، كلها ضد النصح الذي أوجبه الشارع لكل مسلم على كل مسلم.



وهذه الأمور إذا تمكنت من نفوس أفراد المجتمع وانتشرت فيه، اختل توازنه وضرب الله بعضه ببعض، وأصبح كل فرد فيه لا يأمن الآخرين على قضيب من أراك، وفي ذلك غاية التردي والانتكاس وغاية الخوف والقلق.



لذلك حذر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم من تلك الصفات تحذيراً شديداً، وهي متلازمة، فالغش ـ مثلاً كذب وخيانة وغدر وفجور..



وهكذا أمر الله سبحانه بأداء الأمانة إلى أهلها. فقال: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا (58)}[النساء].



ونهى سبحانه عن إضاعة الأمانة بالخيانة، فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ(27)} [الأنفال].



ووعيد الغاش للمسلمين شديد عند الله وعند رسوله، حيث أظهره صلى الله عليه وسلم، كأنه ليس من المسلمين، كما روى أبو هريرة، رضي الله عنه أن رسول لله صلى الله عليه وسلم، قال: (من حمل علينا السلاح فليس منا، ومن غشنا فليس منا) [مسلم (1/99).]. تأمل كيف نَزَّل من غش المسلمين كمن قاتلهم في الذنب.



وفي حديث أبي هريرة أيضاً، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، مر على صبرة طعام، فأدخل يده فيها، فنالت أصابعه بللاً، فقال: (ما هذا؟) قال: أصابته السماء [أي المطر] يا رسول الله، قال: (أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس؟ من غش فليس مني) [مسلم (1/99).].



وفي هذا ما يوجب على ولاة الأمور تفقد أسواق رعاياهم وتتبع ما عسى أن يكون في سلعهم من عيوب خفية يغشون بها إخوانهم.



ووصف صلى الله عليه وسلم، من اتصف بالكذب والخيانة والغدر والفجور، بالنفاق كما في حديث عبد الله بن عمرو،رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر) [البخاري (1/14) ومسلم (1/78).].



ومعلوم أن المنافقين يفسدون في الأرض، مع ادعائهم لأنفسهم الإصلاح كما وصفهم الله في كتابه:) {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلا إِنَّهُمْ هُمْ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ (12)} [البقرة] ولقد تفشت هذه الصفات في كثير من المسلمين حتى أصبح الأخ لا يأمن أخاه على كثير من أموره.



وهنا تنبيه لا بد منه، وهو أن كثيراً من الناس، يطرأ بأذهانهم عند ذكر الكذب والغش، غش الأفراد للأفراد، ويغيب عنهم، أن أسوأ الكذب وأشد الغش، وأعظمهما خطراً على المسلمين، وقوعهما بين الراعي ورعيته، أو بين دولة وأخرى من دول الشعوب الإسلامية؛ لأن ضررهما في هاتين الحالتين يحطم الشعوب بأكملها، حيث لم يعد الشعب يثق في حاكمه، والحاكم لا يثق في شعبه، ويترتب على ذلك إظهار كل طائفة ولاءها للأخرى، مع اتخاذ كل منهما ما يتاح لها من الكيد والمكر بأختها، كما أن كذب دولة مسلمة على دولة مسلمة، يحدث من النزاع والشقاق بين الدولتين، وشعبيهما عداوة وبغضاء شديدتين وتترتب عليها من المفاسد ما لا تحمد عقباه، كما هو مشاهد اليوم بين بعض الدول والشعوب الإسلامية.



وأيهما أعظم جرماً غش شخص لآخر، بإخفاء طعامه المبلول في أسفله ليستر عيب ما يريد بيعه، من المشتري، أم غش حكومات تتولى أمور الأمة لشعوبها في ضرورات حياتها، من الدين والنفس والعرض والعقل والمال، وغش دولة لأخرى؟



غش في التعليم، وغش في الاقتصاد، وغش في الإعلام، وغش في عدم إعداد عدة الدفاع عن الوطن، وغش في العلاقات الدولية التي تخضع الشعوب للدول المعادية لها.



بل لقد فشا الغش والخداع والمكايدة، بين الجماعات والأحزاب في الشعب الواحد، فأصبح كثير من الشعوب تغلي بتدبير المكايد بين تلك الجماعات والأحزاب، وبين هذه كلها وبين الحكام فيها، مما أضعف الشعوب الإسلامية وجعلها لقمة سائغة لأعدائها المتربصين بها.



ولهذا عظَّم رسول الله صلى الله عليه وسلم، أمر الغش الذي يصدر من ولاة الأمر، كما في حديث معقل بن يسار المزني الذي ذكره لعبيد الله بن زياد عندما زاره في مرض موته "معقل" فقال له معقل: إني محدثك حديثاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، لو علمت أن لي حياة ما حدثتك، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: (ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته، إلا حرم الله عليه الجنة). [صحيح مسلم، رقم 142].



والغش والكذب، يجلبان البغضاء والتنافر، وتمني كل طائفة طرد الطائفة الأخرى من هذه الحياة، بل تدعو عليها بطردها من رحمة الله، بدلاً من اتخاذ أسباب غرس الأخوة الإسلامية في النفوس، يدل على ذلك، حديث عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ عنه، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ : (خِيَارُ أَئِمَّتِكُمْ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمْ الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ) [صحيح مسلم، رقم 1855]. فكيف تتوطد الأخوة الإسلامية في أمة هذا حالها في غالب شعوبها؟!





السابق

الفهرس

التالي


16485413

عداد الصفحات العام

802

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م