﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(032)سافر معي في المشارق والمغارب

(032)سافر معي في المشارق والمغارب

الخميس 5/11/1404ﻫ

جولة في ضواحي مدينة بيرث:

جاءنا الأخ خليل إبراهيم فليفل في موعده المحدد في الساعة العاشرة صباحاً، واتصل بالخطوط الجوية لتغيير الحجز، إذ حجزنا يوم السبت صباحاً إلى بورت هدلند، بدلاً من يوم الجمعة ومررنا بنهر "سوان ريفر" أي نهر البجع ـ وهو الغرنوق ـ الذي عرفناه باللون الأبيض ـ ولكنه في هذا البلد ذو لون أسود.
وهذا النهر هو موئله الأصلي، وأصل النهر ينبع من شمال شرق البلاد، ويصب في المحيط الهندي، في مرفأ جريمنتون، غرب المدينة كما مررنا بحديقة كننج بارك التي كتب على كل شجرة منها اسم جندي من الجنود الذين قتلوا في الحرب العالمية الأولى، وفيها نصب للحرب العالمية الثانية، ونصب كبير للفرقة الأسترالية.. التي قضي عليها بأكملها قرب مدينة "جلي بولي".

وصلنا إلى مصب النهر في الغرب من المحيط الهندي، وعندما وقفنا على الشاطئ لنرى البحر كانت الرياح شديدة جداً أهاجت أمواج البحر، فكانت تلك الأمواج ترتفع إلى السماء وترتطم بشدة بالشاطئ فلم نطق البقاء هناك لأن رشاش الأمواج كان يخرج على هيئة سحب تسوقها رياح شديدة، لذلك أسرعنا إلى الدخول في السيارة التي خشي أن يتكسر زجاجها من ارتطام الأمواج به، وفي تلك اللحظة التي خرجنا فيها من السيارة وعدنا إليها تبللت ثيابنا.

وحصلت فرصة لشيخنا فقال: تُبْ يا أهدل من قرب البحار التي تحرص على زيارتها في كل مدينة!.
ورجعنا إلى الحديقة المذكورة، وكان ذهابنا إلى البحر من الجانب الشمالي للنهر ورجوعنا من الجانب الجنوبي منه.

في جمعية كننج الإسلامية:

وفي الساعة الثانية عشرة كنا في مقر جمعية كننج الإسلامية وقد سبقت المعلومات المتعلقة بها ـ الجمعية الثانية ـ. وجدنا عدداً قليلاً من أعضاء الجمعية في المركز، لأن اليوم عندهم يوم عمل، والناس لا يحضرون إلى المراكز الإسلامية إلا في أيام الإجازات، ووصاهم الشيخ عمر بتقوى الله وذكرهم بالواجب الملقى على عواتقهم للعمل الإسلامي، وأن المسلم يجب أن يتميز عن اليهودي والنصراني بتطبيق الإسلام، ولا تكفي الدعوة بدون امتثال، وحثهم على الجد في تربية الأبناء، حتى لا يضيعوا في هذا المجتمع الذي لا يدين بالإسلام، وطلب منهم أن يبلغوا زملاءهم تحياتنا وسرورنا بما يقومون به من عمل في المركز، وحثهم على الصبر والمثابرة حتى يحصلوا على ما يصبون إليه من مشروعات تحقق نشر الإسلام والحفاظ على أبناء المسلمين.

وحصل نقاش حول المشكلات والحروب القائمة بين بعض الشعوب الإسلامية، وأجيب عن أسئلة كثيرة في هذا الموضوع وغيره. وذكر لنا الأخ خليل فليفل أنه متزوج من امرأة أوروبية من مدينة "لكسمبورج"، التقاها في أستراليا ورغبت في الزواج به، ولكنه لم يلب رغبتها حتى أسلمت راضية مختارة، فتزوجها، وقد علمها ما تحتاج إليه من مبادئ الإسلام، والسور القصيرة التي تصلي بها مع فهم معانيها، وأنها من عائلة نصرانية متدينة، ولكنها رفضت أن تشاركهم في الكنيسة لعدم اقتناعها بما يعتقدون، ولما فهمت الإسلام اقتنعت به. وصلينا الظهر في مسجد جمعية كننج ورجعنا إلى الفندق.

هاج و أهاج!

ذهب الشيخ إلى غرفته ونام، أما أنا فقد فتحت نافذة غرفتي المطلة على الخليج ـ ونحن في الطابق الثاني عشر من الفندق ـ فرأيت الخليج متأثراً بهياج المحيط الهندي الذي لم نستطع الوقوف على شاطئه لهياجه، وكان الخليج هائجاً كذلك، كانت أمواجه ترتفع ثم تمتد على الرصيف على الرغم من ارتفاعه، وحاولت أن أنام فلم أقدر لشدة تأثير المنظر عليّ: منظر البحر وأمواجه المتتابعة، وتمايل أشجار الحدائق المجاورة لشدة الهواء الذي كان يصارعها، وكلما أغلقت النافذة وأردت أن أمتد، دفعني الشوق إلى فتحها والوقوف بجانبها لأرى ذلك الهياج الذي أهاجني، فقد هاج البحر وأهاج غيره.

أين الرحمة؟!

إنني أثني دائماً على التزام الأوربيين – والأستراليون أوربيون – بتطبيق أنظمتهم التي وضعوها معتقدين أنها تحقق لهم مصالحهم، ولكن النظام وقد وضع لمصالح الناس لا يجوز أن يكون قاسياً إلى درجة الإضرار بالفرد، وإن كان النظام في مصلحة من يقع منه ذلك الضرر.

إن كثيرا من المسلمين ـ وإن كان إسلامهم ضعيفاً في نفوسهم ـ وعملهم به قليلاً، ترق عواطفهم على الضعيف والمضطر، ويتنازلون عما يخولهم النظام ويجعله حقاً لهم في سبيل رحمة الضعيف. أقول هذا وقد رأيت منظرا من النافذة عندما كنت أطل على البحر آسفني: رأيت امرأة قطعت نصف الشارع لتعبر من رصيف إلى آخر، فوقفت في مكانها والمطر نازل عليها، ولم يعطها السائقون فرصة العبور من مكانها، فكانت سيارة تمر من ورائها وأخرى من أمامها، وهي في الوسط، وقفت دقيقة واحدة، ولم تتحرك إلا بعد أن انقطعت السيارات، ولهذا اضطر الغربيون أن يمنحوا الكفيف عصا ملونة ليعبر بها الشارع، حتى لا يستمر واقفاً لا يرحمه أحد بسبب النظام، فلا يرحم الإنسان إلا في حدود النظام، والنظام بشري، يفوته كثير من المصالح بسبب الجهل والهوى.

أما في بلداننا الإسلامية -ومنها العربيةـ وإن كانت الفوضى تسيطر على كثير من الناس ـ فالغالب أن السائقين إذا رأوا طفلاً أو امرأةً أو شيخاً كبيراً أو كفيفاً ـ بدون عصا بيضاء ـ واقفاً على الشارع، لا بد أن يوجد منهم من يرحم ذلك الواقف ويقف له وإن كان الحق للسائق في المرور، لأن الإسلام يدعو إلى الإيثار والرحمة، وكثير من الأنظمة البشرية قد تنطوي على الأثرة، لذلك تجد النظام البشري أحياناً لا يرحم.

وتراكمت السحب قبل المغرب واشتد الغيم وادْلَهَمَّ السواد الذي تعاونت على وجوده ـ بإذن الله ـ خضرة الغابات وزرقة البحر المائلة إلى السواد، والسحب السوداء، التي أكسبت العمارات المجاورة للفندق لوناً آخر غير لونها، فأصبح اللون الأبيض منها يرى كأنه بني داكن.

وإن جمال هذه البلاد ليغري بسكناها، لولا أن بلاد الإسلام خير منها، ولو لم يكن فيها شيء من الجمال المادي، فالمسلم مأمور بأن يهاجر من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام، منهي عن العكس، إلا أن الضرورات قد تبيح المحظورات!.

إن طبيعة البلاد جذابة، ولطف الأستراليين في المعاملة مغر، وفطرتهم تميل إلى الصفاء وعدم الحقد، ولكن يخشى عليهم أن يفقدوا تلك الفطرة وذلك الصفاء على مر الأيام بكثرة الحاقدين الذين يفدون إليهم من العالم من يهود ونصارى وغيرهم.

ولو أن المسلمين اليوم جدوا في انتقاء الصالحين منهم والعلماء العاملين الذين يحبون هداية البشر إلى دين الله، وبذلوا في سبيل ذلك الأموال لإقامة المساجد وإنشاء المدارس الإسلامية، وتمويل الدعاة ومساعدة المحتاجين من المسلمين الذين فيهم قدوة حسنة للاستيطان والدعوة في أستراليا، لدخل كثير من الأستراليين في دين الله، وبخاصة إذا وجد الكتاب الإسلامي المناسب لكل فئة بلغة القوم ومستوياتهم يبين فيه محاسن هذا الدين ويشرح غوامضه بلغة سهلة وأسلوب ميسر، ويرد على شبهات الأعداء الذين استوطنوا في أستراليا وساءهم أن يوجد المسلمون على أرضها.

وإني لأرى ـ وأجزم ـ كما رأى غيري وجزم، أن أكثر الناس لم يبلغهم الإسلام على حقيقته، ولم يروه مطبقاً كما يريد الله في واقع الحياة ليتأثروا به. ولهذا قالت المذيعة النيوزلندية التي قابلت الدكتور جعفر شيخ إدريس في مدينة "ولنجتون": إننا لم نسمع عن الإسلام إلا هذه الأيام بمناسبة الكلام عن اللحم الحلال، وكان قولها هذا قبل أيام من كتابة هذه السطور.

في مسجد بيرث الذي بناه الأفغان سنة 1905م:

صلينا المغرب في هذا المسجد، وبعد الصلاة ألقى فضيلة الشيخ عمر محاضرة، قال فيها: إن وجود هذا المسجد في هذا البلد منذ ثمانين سنة تقريباً يدل على اهتمام المسلمين بإقامة المساجد للعبادة، وقد كان الرسول r اهتم ببناء المسجد أول قدومه مهاجراً إلى المدينة المنورة، فقد بنى مسجد قباء عند أول نزوله قباء، وبنى مسجده الشريف عند أول نزوله بالمدينة المنورة.

ومساجد المسلمين ليست كبقية المعابد، لأن المساجد بنيت لذكر الله وعبادته وإقامة دينه في كل الأوقات، بخلاف معابد اليهود و النصارى والوثنيين، فإن أوقات قصدها قليلة، ويعبد فيها غير الله، وتوجد فيها معصية لله، والمسلمون سواسية في مساجدهم بدون تفرقة بين جنس وجنس، وذكر قصة المرأة السوداء التي كانت تسكن في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقوم بتنظيفه، فلما ماتت ودفنها الصحابة ليلاً دون علم الرسول صلى الله عليه وسلم وسأل عنها فأخبروه بذلك فطلب أن يدلوه على قبرها فذهب إليه وصلى عليها.

ولهذا فإن المسلم عندما يصل إلى أي بلد يسأل عن المسجد، فإذا وجده وجد فيه إخوة يحبهم ويحبونه، فتذهب غربته، فالعناية بالمسجد وعمارته مادياً ومعنوياً من أهم الأمور في الإسلام، والمسجد وشعائره هي التي تميز المسلمين عن غيرهم عند المجاهدين، فإذا جاء الجيش الإسلامي لغزو بلد تريث فإن سمع أذاناً كف عن قتالهم، وإلا قاتلهم. وقد سرَّنا وجود المساجد في هذا البلد والاهتمام بها، ولكن الذي فقدناه ـ أو هو قليل ـ إحضار أطفال المسلمين إلى المساجد، فإن حضورهم إلى المسجد يجعلهم يألفونه ويعتادونه إذا كبروا، وعدم حضورهم إلى المسجد يجعلهم يعزفون عنه ويفضلون حضور بيوت الملاهي على بيوت الله، واعتياد الإنسان المسجد يدل على إيمانه )إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين(.[التوبة 18]

ومن محاسن المسلمين وجود هذا المسجد، غفر الله لمن بناه... وأهم ما أحببنا رؤيته هو المسجد القديم هذا، وليست مناظر مدينة بيرث ولا جمالها، ومن بنى لله بيتاً بنى الله له بيتاً في الجنة، كما ثبت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال الأخ أيوب خان: إن مسجد مدينة أدلايد بني في سنة 1893م وفي برزبن بني المسجد في سنة 1911م.


وقد التقينا بعض الإخوة: الشيخ محمود النشار. مصري، من كفر الدوار، قرب مدينة الإسكندرية.
ولد سنة 1932م. ودرس في كلية الزراعة. جاء إلى أستراليا سنة 1967م (سنة الهزيمة العربية) ونزل في مدينة بيرث، وعمل في التحليل الكيماوي، وترك ذلك في سنة 1980م، وهو يقوم بإمامة المسجد منذ سنتين ولم يتزوج.

الأخ محمد عبد الوهاب: (مسلم جديد)

ولد في إنجلترا في "ونشتر" 1955م، وجاء إلى أستراليا سنة 1967م مع والده، درس الابتدائية في إنجلترا والثانوية في أستراليا، ورجع إلى إنجلترا، وتجول في بلاد أوربا فرنسا وألمانيا وإيطاليا، ثم رجع إلى أستراليا وعمره عشرون سنة، عمل في المشتل: زراعة الزهور والأشجار، وكان أول اتصاله بالإسلام سنة 1974م، اتصل بأحد المسلمين وقرأ عن الإسلام، وفتح الله قلبه للإيمان، وسافر بعد إسلامه إلى تركيا ومصر والسودان.

والسبب الأول لإسلامه هو التوحيد، لأنه تربى في المدارس المسيحية وكان عنده شك في التثليث، فلما وجد التوحيد في الإسلام انشرح صدره له. وكان سبب سفره بعد إسلامه أن يطلع على حقيقة الإسلام في بلدان المسلمين، ورجع إلى أستراليا، ثم ذهب إلى الهند وباكستان وماليزيا، وتزوج سنة 1982م، وعنده ولد سماه أحمد. وسألناه ـ بعد أن أدلى بهذه المعلومات ـ هل وجد في البلدان الإسلامية الإسلام على حقيقته كما عرفه من القرآن والسنة؟. فقال: وجدت ذلك في بعض الأفراد، ولم أجده في الدول.
قلنا له: هل خالجك شك في الإسلام عندما رأيت الدول التي زرتها لا تطبقه؟. قال: لا، لم يغير ذلك من إيماني شيئاً، ولكني حزنت حزناً شديداً.

وسألناه عن نشاطه في الدعوة: فقال: لا يدعو غير المسلمين مباشرة، وإنما يدعوهم بعمله: بصلاته وسلوكه ولباسه، ويكتب إلى أهله بما رآه في البلاد الإسلامية ولا ينكرون عليه إسلامه. وسألناه: هل ترى دخول غير المسلم في الإسلام سهلاً؟ فقال: إذا وجد دعاة صالحون يمثلون الإسلام ويكونون قدوة حسنة ووجد المجتمع الإسلامي الذي يطبق الإسلام في حياته، فلا أرى صعوبة في ذلك.

قلت: نعم، بهذه الشروط التي ذكرها الأخ محمد، وهذا يفسر لنا قلة إقبال غير المسلمين إلى الإسلام، لأنهم لم يجدوا من يبلغهم حقيقة الإسلام بالوسائل المناسبة، ولم يجدوا الدعاة الذين يمثلون القدوة الحسنة، الذين يخاطبون كل أمة بلغتها، ولم يجدوا الكتب والمراجع التي تقنعهم بالإسلام بلغتهم، ولم يجدوا التطبيق العملي في حياة كثير من المجتمعات الإسلامية، ولهذا اختصر الأخ محمد أسباب سهولة دخول غير المسلمين في الإسلام في هذه الأمور تقريباً.

مساحة المسجد القديم ستون متراً مربعاً (فقط!)، ويوجد دور تحت الدور الأرضي للمسافرين، وفي فنائه غرف أعدت لاستقبال الضيوف أيضاً، ومطبخ، وغرفة لغسل الموتى، وقد زيد في المسجد، وساعد في تكملة بنائه بهذه الزيادة ثلاثة من المسلمين في مدينة بيرث، ولم يتناولوا مساعدة من الخارج إلا ألف دولار من ماليزيا، وألف دولار من السفير المصري، والسفير السعودي تبرع بخمسة آلاف دولار تقريباً، وفيه قاعة للاجتماعات. ومصاريف المسجد يؤديها اثنان متطوعان من المسلمين هنا. وقد أثنى الأخ خليل فليفل على الأخ أيوب.

وألقى فضيلة الشيخ عمر كلمة شكر فيها الجمعية على الخدمات التي تقوم بها وحثهم على مواصلة الجهود في ذلك. ثم قال الأخ أيوب: لقد زارنا الدكتور عبد الله الزايد، وكان مبعوثاً من الملك فيصل، ووعدنا بالمساعدة ولم يأتنا شيء، ولكن نأمل أن يصل إلينا ما يساعدنا على مهمتنا، وهذا المسجد يعتمد على الله ثم على أهله، ونملك الآن ثلاثة وعشرين ألف دولار، منها خمسة آلاف من السفير السعودي والباقي محلية، وتمر بنا فترات نكون في حاجة إلى المال لهذا المسجد ولكن الله ييسر الأمور.
وقد كلف التوسيع الجديد وموقف السيارات خمسمائة وثمانين ألف دولار. وحصل نقاش طويل حول المساعدات لا داعي لإثباته هنا. وقد دلهم فضيلة الشيخ عمر على كيفية طلب المساعدة ومتابعة ذلك.

وتابع فضيلة الشيخ عمر كلامه حول وجوب وحدة المسلمين التي لها دعائم قوية في الإسلام، وأن كل الوشائج والصلات تنقطع إلا وشيجة الإسلام، وحث الحاضرين على تفهم الإسلام بالتعليم وتطبيقه بالعمل، وعلى الإخلاص في العمل والمتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم ودارت مناقشات طويلة وألقيت أسئلة وأجيب عنها. وقد أنشئت جمعية مسجد بيرث الإسلامية سنة 1905م. ورئيسها هو متولي أمر المسجد محمد أيوب خان، ونائبه سليمان كجمك، ألباني، وهما اللذان يقومان بالإدارة فقط.

نشاط الجمعية:

يعلمون المسلمين كل سبت وأحد وبخاصة الصغار، وخصصت غرفة لجماعة التبليغ ويقومون بجولتين في الأسبوع. وينظمون حفلات الأعياد وعقود الزواج وبقية حفلات المناسبات. وقال أيوب خان أما عدد الأعضاء، فإنا نعتبر كل المسلمين أعضاء، لأن بيت الله مفتوح للجميع.

مسلم جديد: الأخ محمد أمين.

والتقينا الأخ الأسترالي: محمد أمين، أسلم منذ ستة شهور. وقال: إنه قبل أن يسلم قرأ القرآن عن طريق ترجمة معانيه باللغة الإنجليزية لمدة أربع سنوات، وتعرف على بعض الطلبة في الجامعة من المسلمين.
والسبب في دخوله الإسلام أنه من وقت قراءة القرآن، بدأ ينسى الدين المسيحي، وتعرف على رجل أفغاني مسلم وعلمه الدين الإسلامي فاقتنع به وأسلم. درس في الجامعة: كلية الزراعة، ودرس سنتين ليكون معلماً وأصبح معلماً، ولكنه ترك التدريس بعد أن أسلم، لأن كل المدرسات والطالبات متبرجات، ويصعب عليه العمل معهن، وقال: في إمكاني أن أستمر ولكن إيماني ليس قوياً وأخشى على نفسي.

(قلت: هذا هو الصدق، المؤمن الذي يعلم وسائل المنكر القوية التي تصعب عليه مقاومتها، لا بد أن يتجنبها ولا يلقي بنفسه فيها، وليس كما يتبجح بعض المسلمين الذين يخالفون أوامر الله ويختلطون بالمنكرات ويزعمون أنهم قادرون على تجنب الفساد..!).

ومما لفت نظر الأخ محمد أمين في القرآن أنه عندما قرأ سورتي الإخلاص، وسورة العصر وجد أن الإله واحد فقط في الإسلام (التوحيد) وكان قبل ذلك يفكر ويتعجب كيف يكون الإله عدة آلهة؟!.

وعندما ذهب إلى الهند وبنغلاديش أخذ فكرة قوية عن الإسلام، وقال: إنه يوجد في مبادئ المسيحية ما يشبه الإسلام (في بعض الآداب) ولكن كلام المسيحيين نظري، أما الإسلام ففيه تطبيق عملي مثل حجاب المرأة وطاعة الولد والديه.

وكان الأخ محمد لابساً لباساً عربياً: (غترة وعليها عصابة كعصابة أهل البادية عندنا، ولحافاً كلحاف السودانيين أو الحضارمة). وقال: إنه كان يشرب قبل الإسلام، وله صديقات وهو أمر طبيعي في المسيحية، ولكنه بعد أن أسلم قوي على ترك تلك الأمور المخالفة للإسلام. وعندما يدخل المسجد يشعر بسلام.

وسألناه عن موقف أقاربه منه بعد إسلامه؟

فقال: إن والديه عندما أسلم عارضاه بشدة وعنف، وعندما سافر إلى الهند بعث صديقاً له يقرأ لهما ترجمة معاني القرآن ويشرح لهما الإسلام، وقد مرض في الهند مرضاً شديداً، وقال له والداه: إن سبب مرضه هو الإسلام، ولكنه ثبت على إسلامه. وما زال يعيش معهم اعتبارياً، ولكنه فضل أن يعيش في الجامع فراراً من المحرمات وارتكابها. ويقوم بخدمة والديه إلا فيما يحرمه الإسلام. ولم يتزوج إلى الآن، وهو عازم على الزواج ثم الحج، وعمره إحدى وعشرون سنة.

هل يكره الأستراليون الإسلام؟

أجاب الأخ محمد: إننا لو أريناهم الإسلام على حقيقته في سلوكنا، لما كرهوا الإسلام ولأحبوه، ولكنهم يسمعون دعاية ضد الإسلام غربية خبيثة ويسمعون عن تصرفات بعض حكام المسلمين ما يوافق تلك الدعاية السيئة، وهذا هو السبب في عدم إقبالهم إلى الإسلام.

وما الوسائل المفيدة لنشر الإسلام؟

وقال الأخ محمد: إن الأستراليين إذا وجدوا من يتحدث عن الإسلام منهم بلغتهم سيستمعون إليه أكثر، وإذا علموا معاني الإسلام جيداً فإنهم سيدخلون فيه. ومما يساعد على فهم الإسلام ترجمة الكتب الإسلامية، لأنها تساعد على التعريف بالإسلام، وتمهد الطريق للدعوة وسبب إسلام كثير منهم هو قراءتهم ترجمة معاني القرآن الكريم.

وقد نصحنا الأخ محمد أمين أن يذهب إلى بلد إسلامي ليتعلم الدين الإسلامي حتى يعود قادراً على شرح معاني الإسلام للأستراليين، ونصحناه أن يتصل بالسفير السعودي ليساعده على ذلك، فقال: إنه يرغب في ذلك وسيفعل.





السابق

الفهرس

التالي


15251402

عداد الصفحات العام

196

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م