{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً (62) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً (63) } [النساء]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(40)سافر معي في المشارق والمغارب

(40)سافر معي في المشارق والمغارب
خواطر واقتراحات:

عندما أقلعت الطائرة من مطار: دارون ـ مغادرة بذلك الأراضي الأسترالية ـ أخذت في استعراض ما ظهر لي من عقبات في سبيل المحافظة على إيمان المسلمين ودينهم، والوسائل التي تمكنهم من اجتياز تلك
العقبات.

فبان لي أن أهم المشكلات التي يعانيها المسلمون تنقسم قسمين رئيسين: القسم الأول: مشكلات داخلية: أي في ذات المسلمين أنفسهم وهي كما يأتي:

أولا: ضعف الإيمان: كما هي حالة أغلب المسلمين في الأرض، وضعف الإيمان هو أساس كل المصائب التي تحيط بالمسلمين.

ثانيا: قلة الفقه في الدين: وبه يتصف كثير من الذين يتزعمون قيادة المسلمين فضلاً عن عامتهم، والجهل بالدين داء عضال، لأن الجاهل كالأعمى الذي لا قائد له ولا خبرة له بدروبه التي يريد أن يسلكها.

ثالثا: اهتمام كثير من المسلمين بأمور الدنيا أكثر من الاهتمام بالأمور الدينية.

رابعاً: شدة الخلاف بين الجماعات من جهة وبين الجماعة الواحدة. وذلك مبني على الأمور الثلاثة السابقة، والخلاف قد سماه الرسول صلى الله عليه وسلم حالقة الدين.

وهذا لا يعني أن كل المسلمين فيهم هذه الصفات، فقد يكون بينهم أفراد عندهم إيمان قوي، وعلم طيب، واهتمام بالمصالح الإسلامية العامة، ولكنهم قليل، والقليل يغلبه الكثير، كما في الماء إذا لم يبلغ قلتين.

القسم الثاني: مشكلات خارجية: وهو يشمل ما يأتي:
أولا: وجود المسلمين في بيئة جاهلية: فالبلاد بلاد كفر، أكثر أهلها لا يدينون بدين - ومن دان بدين فرضاً - فأصول دينهم وفروعها كلها ضد الإسلام بأصوله وفروعه. يبدأ ذلك بالشرك وينتهي بإباحة المحرمات، والمسلمون كبارهم مختلطون بكبار أهل البلد، وصغارهم بصغارهم، في السكن والعمل والدراسة واللعب والثقافة العامة التي تتولى نشرها كل المؤسسات: التعليمية والإعلامية وغيرها.

ثانيا: تزوج كثير من المسلمين بالنصرانيات: وهن اللاتي يصبحن المربيات والموجهات للأولاد، وبذلك تصبح عادات البلد كلها في داخل البيت المسلم، وتتولى المرأة تلقين الأولاد في صغرهم بكل ما تريد، لأنها ألصق بهم من الأب لاشتغال الأب بالعمل، وعدم اهتمامه بالأولاد، فينشأ الأولاد بعيدين كل البعد عن الإسلام ولو سموا مسلمين!.[وقد كتبت رسالة في ذلك بعنوان: حكم زواج المسلم بالكتابية في بلاد الكفر، وهي موجودة في موقع الروضة الإسلامي]

ثالثا: تشويه معاني الإسلام في مناهج التعليم، والإعلام: التعليم الذي يصوغ الصغار، والإعلام الذي يبث سمومه في الكبير والصغير، لأنهما ـ أي التعليم والإعلام ـ بيد قوم يظنون أن الإسلام هو العدو الأول للحضارة الغربية القائمة على الوثنية والإباحية ـ وليس العلوم التجريبية النافعة ـ وقد أتقن أعداء الإسلام من اليهود والمبشرين والمستشرقين سبل الكيد للإسلام والدس عليه، وكل تلك السبل موجودة في أستراليا كغيرها من البلدان الغربية، ولا شك أن المسلم الضعيف الإيمان قليل العلم يتأثر بالدعايات من حيث يشعر أو لا يشعر، وفي ذلك خطر عظيم على أبناء المسلمين في هذا البلد.

أمور أخرى جديرة بالاهتمام:

وبالتأمل في هذه المشكلات ـ داخلية كانت أو خارجية ـ بدا لي أن هناك أموراً أخرى جديرة بالاهتمام لمواجهة تلك المشكلات وغيرها:

الأمر الأول: أن يجتهد الصالحون من المسلمين في اختيار من يرونه أصلحهم في دينه وثقافته وأخلاقه، وأبعدهم عن الحرص على المناصب وابتزاز الأموال باسم الدين، ليتولوا شؤونهم الإدارية والتوجيهية، فإنهم إذا اختاروا من تتوافر فيهم هذه الصفات، نصحوا لهم وعملوا جهدهم في جلب ما ينفعهم ودفع ما يضرهم، على عكس من يتصفون بأضداد تلك الصفات.

الأمر الثاني: أن يجتهدوا في استقدام علماء، من ذوي الفقه في الدين من البلدان الإسلامية، بمساعدة المؤسسات الإسلامية المعنية، ليقوموا بتعليمهم أمور دينهم وتقوية الإيمان في نفوسهم ونفوس أسرهم، ويؤموهم في صلاتهم، ويفتوهم في دينهم ببيان الحلال والحرام، حتى يعملوا بأمر الله ويتركوا نهيه سبحانه.

الأمر الثالث: أن تحاول المجالس الإسلامية في كل ولاية، إنشاء مراكز إسلامية شاملة لكل المرافق المعينة على خدمات المسلمين. ويشمل المركز المرافق الآتية:

1 ـ مسجد.[أشرت إلى بعض وظائف المسجد المهمة في كتاب: (دور المسجد في التربية) وهو مطبوع…]

2 ـ مدرسة. (من روضة الأطفال إلى الثانوية).

3 ـ قاعة اجتماعات.
4 ـ دار ضيافة.
5 ـ ملاعب رياضية.
6 ـ مكتبة: يجلب لها الكتب والمراجع الإسلامية المختلفة باللغة العربية والإنجليزية، ويعني باختيار القصص الإسلامية السليمة. وبمناسبة الكتب والمكتبة، فإن على المؤسسات الإسلامية مسؤولية عظيمة فيما يتعلق بالترجمة:

1 ـ ترجمة معاني القرآن العظيم، بأن تراجع الترجمات الموجودة، ويختار أحسنها وأكثرها قرباً إلى معاني الآيات القرآنية، وتؤلف لها لجنة من المختصين في اللغة العربية والإنجليزية والتفسير وأحكام الفقه الإسلامي، وتصاغ الترجمة صياغة ذات أسلوب أدبي، ويكون المقصود بها شرح معاني الآيات شرحاً مفهوماً بالمعنى، لا بالترجمة الحرفية التي قد تفهم منها بعض المصطلحات على غير حقيقتها، فإذا تمت الترجمة على هذا الوصف، وجب أن تطبع بكميات كثيرة وتوزع على المراكز الإسلامية في كل العالم، وكذلك تنشر في المكتبات العامة والتجارية في كل البلدان، ليستفيد منها المسلمون وغيرهم.

2 ـ أن تختار كتب صغيرة، أو تؤلف في العقيدة، تعني بشرح المعاني الإيمانية، الإيمان بالله: بربوبيته وألوهيته، وأسمائه وصفاته، بأسلوب سهل مع البراهين القوية الدالة على صحة هذا الإيمان وتترجم وتنشر في العالم كذلك.

3 ـ تختار كتب وتؤلف في الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية وتترجم وتنشر كذلك.

4 ـ تنتقي بعض الكتب التي تبرز أسرار حكم التشريع في الإسلام وتترجم وتنشر، وكذلك كتب في الأدب والسلوك.

والترجمة تحتاج إلى مؤسسة إسلامية تنشئ داراً خاصة للترجمة، وتختار رجالاً أكفاء في اللغة العربية واللغات الأجنبية، مع فهمهم للدين الإسلامي فهماً دقيقاً، وتفرغهم لهذا العمل، وتكون في هذه الدار عدة أقسام:

قسم مهمته اختيار الكتب الإسلامية المفيدة وترشيحها للترجمة. وقسم مهمته فحص هذه الكتب والعلم بسلامتها. وقسم يتولى الترجمة والمراجعة. وقسم يتولى الطبع. وقسم يتولى التوزيع والنشر.

هذه خمسة أقسام وقد يحتاج إلى أكثر، لأن هذه السطور التي تكتب هنا هي خواطر، والأمر يحتاج إلى دراسة جادة وعمل.

وإن هذا المشروع لفرض على المسلمين أن يقوموا به، ليمكنوا العالم من معرفة الدين الإسلامي الذي يجب أن يبلغ إلى العالمين. والمؤسسات الإسلامية المعنية بالدعوة إلى الإسلام هي التي يجب أن تضطلع بهذا الأمر بالاتصال بالحكومات أو بالتجار المسلمين لإقامة هذا المشروع [ذكرت في كتاب: (الإيمان هو الأساس) الشروط الواجب توافرها في الترجمة والمترجم في فصل: الإيمان بكتب الله.]

الأمر الرابع: أن تتولى المؤسسات المعنية بالدعوة إلى الإسلام في المملكة العربية السعودية وغيرها، كالرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، ورابطة العالم الإسلامي، والجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، وجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية... بإقامة دورات لأئمة المساجد ومدرسي اللغة العربية ومبادئ الإسلام، ليتقووا في ذلك ويكون نفعهم أكثر، ويمكن أن تتعاون هذه المؤسسات مع المؤسسات الأخرى في الكويت وقطر ومصر وغيرها، بعضها تتولى انتداب المدرسين، وبعضها تتولى الإنفاق المالي، وبعضها تتولى وضع المناهج وإعداد الكتب والمذكرات.

وتقام الدورة كل عام في منطقة من المناطق، ليحضرها مع المدرسين أكبر عدد ممكن من عامة المسلمين أو غيرهم، ليروا كيفية تطبيق الإسلام في العبادة والمعاملة.

الأمر الخامس: بعث الدعاة في الإجازات الصيفية. ويختارون من ذوي الفقه في الدين القادرين على نقل المعاني الإسلامية إلى المسلمين بالقول والعمل، ويستحسن أن يكونوا ممن يجمعون بين الفقه في الدين وإجادة اللغة الأجنبية التي هي لغة أهل البلد، فإن لم يتيسر ذلك اختير مع كل داعية ممن تقدمت صفاته، مترجم ماهر في الترجمة الفورية، عنده ثقافة إسلامية ومقدرة على ترجمة المصطلحات الإسلامية.

وهؤلاء الدعاة أرى أنهم ينقسمون قسمين:

القسم الأول: يبقى في كل مدينة أو مركز فترة مناسبة يعلم فيها المسلمين ويفتيهم ولا تقل عن عشرة أيام ـ مثلاً ـ

القسم الثاني: مهمته الأساسية: أن يلتقي زعماء الجمعيات والمراكز الإسلامية في بلدان معينة - وبخاصة البلدان التي لا توجد عن المسلمين فيها معلومات كافية ـ لمعرفة نشاط مؤسساتهم، وتقويمه وتوجيههم ـ إن لزم الأمر ـ بما فيه مزيد من النشاط المفيد، بحسب التجارب والخبرات، ولأخذ معلومات عن الإسلام والمسلمين في هذه البلدان: وتسجيلها، مع تسجيل ما يرى من مقترحات لتقوية الدعوة الإسلامية في كل بلد، وتسلم هذه المعلومات للمؤسسات الإسلامية لدراستها والقيام بما يمكنها من عمل على ضوئها فإن وجود المعلومات ضرورة لمن يريد العمل في أي مكان.

الأمر السادس: الإكثار من المنح الدراسية، لأبناء المسلمين في أستراليا ونيوزيلندا وما شابههما من البلدان، ليتلقوا تعليمهم في بيئة إسلامية يتأثرون بها، حتى إذا رجعوا إلى بلدانهم يؤثرون في أهليهم وغيرهم، والمعاهد والجامعات الإسلامية كثيرة في العالم الإسلامي: في المملكة العربية السعودية، ومصر، وقطر، والباكستان، والهند، وماليزيا، وغيرها، وإذا كانت بعض الجامعات لا تستطيع أن تقدم منحاً للطلاب، فإن بعض المؤسسات يمكن أن تتكفل بالنفقات المالية لهؤلاء الطلاب.

الأمر السابع: الواجب على أغنياء المسلمين وحكومات الشعوب الإسلامية أن تساعد المسلمين في هذه البلدان، لإقامة مشروعاتهم حتى لا يضيع المسلمون وأبناؤهم في تيارات الكفر والعادات المخالفة للإسلام، وقد علمنا أن بعض أولاد المسلمين في فترات ماضية تنصروا وتركوا دينهم بسبب عدم وجود من يعنى بهم. ويمكن أن يقوم التجار الصالحون من المسلمين، باستثمار أموالهم في تلك البلدان، ويخصصوا جزءً من أرباحها لمصالح المسلمين العامة.[إنني أكتب هذه المقترحات وأنا أرى صعوبة تطبيقها، بسبب غفلة كثير من المسلمين في تلك البلدان عن مصالحهم من جهة، وعدم اهتمام أكثر المسلمين في خارجها بإخوانهم في تلك البلدان من جهة أخرى، ولكنه واجبي وقد جلت في مشارق الأرض ومغاربها ورأيت بعيني الخطر المحدق بالمسلمين في تلك البلدان أن أنقل من باب البلاغ ما رأيت واقترح ما أراه نافعاً وأرجو الله أن يهيئ من المسلمين من يؤدي واجبه، والله المستعان.] وقد وجدنا جهوداً طيبة لبعض الدول والشعوب الإسلامية وبعض الأغنياء ولكنها لا تكفي.





السابق

الفهرس

التالي


14213195

عداد الصفحات العام

921

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م