{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً (62) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً (63) } [النساء]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(08)تابع للقاعدة السابعة

(08)تابع للقاعدة السابعة
التزكية الربانية

حظوظ الناس من دعائهم لله

وذكر الله تعالى أن الذين يؤدون مناسكهم في الحج، ثم يدعونه ليحقق لهم ما يريدون، ينقسمون قسمين:

القسم الأول: همه الدنيا ومصالحها المادية فقط من المال والجاه والمنصب والأولاد والقوة وغيرها، لا فرق عنده بين الاستمتاع بذلك عن طريق حلال أو حرام.

القسم الثاني: قصده وغايته من دعائه إياه، أن يجود الله عليه برحمته في الآخرة، برضاه عنه، وإدخاله جنة نعيمه، وينجيه من نار جهنم، ويؤتيه من فضله المقيم لحياته في الدنيا.

فالقسم الأول الذين يريدون العاجلة فقط، هم أبعد الناس عن كل أنواع التزكية وهم محرومون من رحمة الله في الآخرة، بل هم مأزورون، لأنهم هم الذين اختاروا لأنفسهم ذلك.

والقسم الثاني الذين اختاروا الآخرة بإخلاص، وسألوا رزقهم من الله في الدنيا، فوعدهم سبحانه بتحقيق ما طلبوه بدعائهم له، وسعيهم في كسب رزقهم باتخاذ الأسباب المشروعة، كما قال تعالى: {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً فَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ (200) وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (201) أُوْلَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ (202)] [البقرة]

الإشارة في قوله: أولئك، تعود إلى القسم الثاني، أما القسم الأول، فقد ذكر جزاءهم في قوله: {وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ} أي لا نصيب له من الثواب ودخول الجنة

هاتان الآيتان، جاءتا في سياق أداء مناسك الحج، التي هي من أعظم ما يطلب المرء في عملها تزكية نفسه، كما روى أبو هريرة، رضي الله عنه، قالَ: سَمِعْتُ رسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يَقولُ: (منْ حجَّ فَلَم يرْفُثْ، وَلَم يفْسُقْ، رجَع كَيَومِ ولَدتْهُ أُمُّهُ). [البخاري ومسلم].

وفي حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - : قال : كان أكثر دعاءِ النبي -صلى الله عليه وسلم- : (اللَّهمَّ آتنا في الدنيا حسنة ، وفي الآخرة حَسنة ، وقِنا عذابَ النار) [أخرجه البخاري ومسلم]

والدعاء باللسان في هذا المقام وغيره، لا بد أن يكون صادرا عن القلب، وقد أشار الله تعالى إلى ذلك، قوله تعالى: {وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ (145)] [آل عمران] فإرادة القلب هي أساس الأقوال والأفعال.

وكون القلب هو المحرك لنطق اللسان، وفعل الجوارح، كفتح العين وغمضها، وبطش اليد وقبضها، ومشي الرجل ووقوفها، وقيام الجسم واضطجاعه، وكل حركات الجسم، مرهون بإرادة القلب وأمره، حقيقة لا يمترى فيها، فهو في الحقيقة مناط التكليف في الدنيا، ومحل الجزاء في الآخرة.

من ذلك تعليق إثم كاتم الشهادة بقلبه، كما قال تعالى: {وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (283)} [البقرة] فهذه الشهادة لا ينطق بها القلب، وإنما ينطق بها اللسان، ولكن اللسان، لا ينطق إلا إذا أمره القلب.

ومن ذلك كفارة اليمين التي فرضها الله على الحانث فيها، لا بد أن ينعقد عليها القلب، ولا يؤاخذ الحالف بمجرد نطق اللسان، كما قال تعالى: {لا يُؤَاخِذُكُمْ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (225)} [البقرة]

وتأمل قول الله تعالى: {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً (27)} [النساء] وفكر بعقلك واستشعر بقلبك، وانظر بعينك، واسمع بأذنك، وقارن بين ما يريده الله لخلقه – وبخاصة المسلمين – وما يريده هؤلاء؟ الله تعالى يريد لهم الطهارة ومعالي الأمور والعدل وحسن الأخلاق، والتوبة إليه من الآثام والأرجاس، وهم يريدون لأنفسهم تدنيس قلوبهم، وقذارة أنفسهم، وسقوط هممهم، ونشر الفواحش والمنكرات التي تجعلهم عبيدا للشيطان، وهدفا لإجلابه عليهم بخيله ورجله، فهم إنما يفعلون ذلك كله بإرادة من قلوبهم، تحرك بالسوء والشر أجسامهم، فإرادة قلوبهم هي التي جعلتهم يسعون في الميل العظيم الذي أرادوه، وأراد لهم الله غيره.
وقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن الأصل في تحريك الجسم بجميع أعضائه، إنما هو القلب، روى النُّعمان بنِ بَشيرٍ رضيَ اللَّه عنهما قال: سمِعْتُ رسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يَقُولُ: (إِنَّ الحَلاَلَ بَيِّنٌ، وإِنَّ الحَرامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهما مُشْتَبِهاتٌ لاَ يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَن اتَّقى الشُّبُهاتِ، اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ في الشبُهاتِ، وقَعَ في الحَرامِ، كالرَّاعي يرْعى حَوْلَ الحِمى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَع فِيهِ، أَلاَ وإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلاَ وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمهُ، أَلاَ وإِنَّ في الجسَدِ مُضغَةً إذا صلَحَت صَلَحَ الجسَدُ كُلُّهُ، وَإِذا فَسَدَتْ فَسدَ الجَسَدُ كُلُّهُ: أَلاَ وَهِي القَلْبُ) [البخاري ومسلم].
قال ابن تيمية، رحمه الله: في مجموع الفتاوى: " ثم القلب هو الأصل، فإذا كان فيه معرفة وإرادة سَرَى ذلك إلى البدن بالضرورة، لا يمكن أن يتخلف البدن عما يريده القلب؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح‏: ‏‏(‏ألا وإن في الجَسَدِ مُضْغَةً إذا صَلَحت صَلَح لها سائر الجسد، وإذا فَسَدَتْ فَسَدَ لها سائر الجسد، ألا وهي القلب‏)‏.

وقال أبو هريرة‏:‏ "القلب مَلِكٌ والأعضاء جنوده، فإذا طاب الملك طابت جنوده، وإذا خَبُثَ الملك خبثت جنوده، وقول أبي هريرة تقريب، وقول النبي صلى الله عليه وسلم أحسن بياناً، فإن الملك وإن كان صالحاً فالجند لهم اختيار، قد يعصون به ملكهم وبالعكس، فيكون فيهم صلاح مع فساده، أو فساد مع صلاحه، بخلاف القلب؛ فإن الجسد تابع له لا يخرج عن إرادته قط، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ‏:‏‏(‏إذا صلحت صلح لها سائر الجسد، وإذا فسدت فسد لها سائر الجسد‏)

فإذا كان القلب صالحاً بما فيه من الإيمان علماً وعملاً قلبياً، لزم ضرورة صلاح الجسد بالقول الظاهر والعمل بالإيمان المطلق، كما قال أئمة أهل الحديث‏:‏ قول وعمل، قول باطن وظاهر، وعمل باطن وظاهر، والظاهر تابع للباطن لازم له، متى صلح الباطن صلح الظاهر، وإذا فسد فسد؛ ولهذا قال‏:‏ من قال من الصحابه عن المصلي العابث‏:‏ لو خَشَع قَلْبُ هذا لخشعت جوارحه‏.‏" انتهى كلام ابن تيمية.

وفي حديث النعمان، ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم، ظهور الحلال الذي شرع الله حله، وظهور الحرام الذي شرع الله تحريمه، وأن هناك شبهات، لا يعلمها إلا القليل من الناس، ولذلك يشرع في حق من لا يعلمها، أن يتورع من تعاطيها، حذرا من أن يتعاطى محرما بدون علم، وشبه هذا التورع والحذر، بحذر راعي الغنم وغيره من الحيوانات، من أن تقع في زرع محميٍّ، فترتع فيه بغير قصد منه، فيبعدها عما يحيطها من حماها، وليس عن الزرع فقط، وفي قوله صلى الله عليه وسلم: (فَمَن اتَّقى الشُّبُهاتِ، اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وعِرْضِهِ) ما يدل على أن هؤلاء المتقين المستبرئين لدينهم وعرضهم، لا يقوون على ذلك إلا إذا تدبروا بقلوبهم، وتأملوا بعقولهم العواقب الوخيمة، فإذا لم يتدبروا ويتعقلوا، ويفضلوا تنزيه أنفسهم من تلك الشبهات، تعرضو للطعن في دينهم، والوقوع في أعراضهم، وذلك هو لب التزكية الربانية النبوية الإبراهيمية المحمدية.

ثم زاد الأمر بيانا، بمشبه به محسوس يعلمه كل الناس، ولا يتعاطون التعدي عليه، وهو أن لكل ملك من ملوك الدنيا حمى يحظر على الناس الاقتراب منه، والناس يخافون أن يقتربوا منه لسطوة الملك، وقدرته على معاقبة من تجاوز حظره، والمقصود من ذلك بيان أن الناس إذا كانوا يحذرون الملوك، فلا يقربون حماهم، فإن محارم الله يجب أن تكون أشد حرمة واحتراما وبعدا عنها، فلا يقعوا فيها، لأن بعض الملوك قد يتخذ حمى غير مشروع، بل قد يكون ظلما، والله تعالى لا يشرع إلا ما فيه مصلحة لخلقه، وهو أرحم بهم من أنفسهم، ولا يظلم ربك أحدا، وهو أشد قوة من جميع المخلوقين، وأعظم قدرة على جزاء من اعتدى على محارمه، فيجب طاعته فيما شرع.

وكثير من الناس، قد يقعون في تعاطي المحرمات بسبب ميل قلوبهم، إلى الشهوات التي يزينها لهم الشيطان وأتباعه، مع شعورهم بقلوبهم، بأن ما مالت إليه تلك القلوب، بعدم الاطمئنان إلى تعاطيه، فتغلبهم الشهوة ووسوة الشيطان، فلا يتورعون، ومما يعين من يريد اتقاء الشبهات والحذر من الوقوع فيها، تحقيق ما دل عليه الحديث الذي رواه وابصةَ بنِ مَعْبِدٍ رضيَ اللَّه عنه قال: أَتَيْتُ رسولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم فقال: ( جِئْتَ تسأَلُ عنِ البِرِّ؟ ) قلت: نعم، فقال: (اسْتَفْتِ قَلْبَكَ، البِرُّ: ما اطْمَأَنَّتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ، واطْمَأَنَّ إِلَيْهِ القَلْبُ، والإِثمُ ما حاكَ في النَّفْسِ وتَرَدَّدَ في الصَّدْرِ، وإِنْ أَفْتَاكَ النَّاسُ وَأَفْتَوكَ) [قال النووي رحمه الله في رياض الصالحين: حديثٌ حسن، رواهُ أحمدُ، والدَّارَمِيُّ في [مُسْنَدَيْهِما".]

وَروى أبو هُريْرة رضي الله عَنْهُ، قال: قالَ رَسُولُ الله صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: (إِنَّ الله لا يَنْظُرُ إِلى أَجْسامِكْم، وَلا إِلى صُوَرِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعمالِكُمْ) [مسلم.]

في هذا الحديث قسم الإنسان قسمين اثنين، القسم الأول: جسم وصورة، والقسم الثاني قلب وعمل، وأوضح أن الله تعالى لا ينظر إلى القسم الأول في الإنسان نظر تكريم وحب ورتبة تقربه إليه، بل ينظر إليه، إذا خلا من القسم الثاني نظر سخط ومقت، فهو عنده كما قال الله تعالى فيمن يزعم أنه يتقرب إليه بنحر الأضاحي في الحج، بدون تقوى له ولا إخلاص، فلا يقبلها الله منه لمجرد سفك دمها وتوزيع لحمها، وإنما يتقبلها منه لتقواه، كما قال تعالى: {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ ... (37)} [الحج] ولكنه ينظر إلى القسم الثاني، الذي هو القلب الذي يثمر إيمانه ويقينه وتقواه العمل الصالح الذي يتقرب به إلى ربه.

احفظ هذه القاعدة: " القلب أساس التزكية والتدسية " وتدبر قول الله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1): (9)} إلى قوله: {أُوْلَئِكَ هُمْ الْوَارِثُونَ (10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (11)}. وقوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10)} [الشمس] وغيرها من الآيات.

وتدبر كل أمر يأمرك الله به، أو أمرك به رسوله، وكل نهي تقرأه في القرآن أو السنة، واعلم ان طاعتك لهما في ذلك تزكية، وعصيانك لهما تدسية ومعصية، وانظر في مرآة قلبك، هل حرك لسانك، بالنطق بالخير، أوالصمت عن الشر، وحركات جسمك كلها، هل عملتْ خيرا أو شرا، وفكر في عاقبة أمرك في ذلك كله، فجسمك وأعضاء جسمك كلها، هي جنود لقلبك، فإذا رزقك الله مُلك قلبك، بمراقبة ربك، أمنت من هلاكك بما قد تفعله أعضاؤك، وإن ملكك الشيطان، فالتقم قلبك، وملك زمامه بالوسوسة واتباع ما يأمره به من خطواته، أهلكتك جنود قلبك: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً (36) } [الإسراء]

فالقلب هو مأوى كل خير وبر ، وفيه تكمن جميع الصفات الحميدة، وهو كذلك مسكن كل سوء وشر، وفيه تنبت كل الخلال الذميمة، يتضح ذلك في حديث حُذيْفَة بنِ الْيمانِ، رضي اللَّه عنه، قال: حدثنا رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم، حَديثْين قَدْ رَأَيْتُ أَحدَهُمَا، وَأَنَا أَنْتظرُ الآخَرَ: حدَّثَنا أَنَّ الأَمَانَة نَزلتْ في جَذْرِ قُلُوبِ الرِّجَالِ، ثُمَّ نَزَلَ الْقُرآنُ فَعلموا مِنَ الْقُرْآن، وَعلِمُوا مِنَ السُّنَّةِ، ثُمَّ حَدَّثنا عَنْ رَفْعِ الأَمانَةِ فَقال: (يَنَـامُ الرَّجل النَّوْمةَ فَتُقبضُ الأَمَانَةُ مِنْ قَلْبِهِ...) إلى أن قال: (حَتَّى يُقَالَ: إِنَّ في بَنِي فَلانٍ رَجُلاً أَمِيناً .. وَمَا في قلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلِ مِنْ إِيمانٍ.) [متفقٌ عليه]

ومعلوم أن المنافقين هم الذين تجتمع في قلوبهم الخيانة والكذب والغدر وخلف الوعد ونقض العهد، وهم الذين يظهرون الإيمان، ويبطنون الكفر، أو يظهرون الطاعة، ويخفون المعصية.






السابق

الفهرس

التالي


14235656

عداد الصفحات العام

1304

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م