﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(04)سافر معي في المشارق والمغارب

(04)سافر معي في المشارق والمغارب

السفر إلى مدينة طليطلة:

ثم ذهبنا مع الأخ الكريم أبي عبيدة، وهو شاب صالح نشيط - ولا أزكي على الله أحداً - لزيارة المدينة التاريخية الإسلامية طليطلة، التي فتحها طارق بن زياد في أواخر القرن الأول الهجري، وسقطت من أيدي المسلمين في القرن الخامس.[راجع التاريخ الأندلسي للدكتور عبد الرحمن الحجي ص 85، 331.]

كان الأخ أبو عبيدة هو الذي يقود السيارة، وكنت متعباً جداً أحاول مغالبة النوم وأتحدث مع الشيخ وأبي عبيدة، ولكن العبد نام، ولم يشعر إلا عندما اهتزت السيارة اهتزازاً غير عادي ثم وقفتْ، وإذا دولاب السيارة قد خرب (بنشر الكفر) ونزلنا من أجل تركيب الدولاب الاحتياطي (الاستبنة) ولكن مفتاح الماسكات (الصواميل) كان قد تساقطت أسنانه لطول عمره وشيخوخته، فلم يقوَ على فتح تلك الماسكات، فذهب الأخ أبو عبيدة إلى ورشة قريبة واستعار مفتاحاً فتياً قوي الأسنان، وركب الدولاب الاحتياطي وسرنا على بركة الله، وكان النشاط قد بدأ يدب في جسمي بعد تلك الغفوة الطيبة، وكان سيرنا من مدينة مدريد إلى طليطلة في اتجاه الجنوب مع ميل قليل إلى الغرب.

في مدينة طليطلة

بوابة طليطلة تنفخ في رماد وتصرخ في واد!

أقبلنا على مدينة طليطلة، فاستقبلتنا بوابتها التي قيل لنا: إنها من بقايا بناء المسلمين، وهي واقفة، أحسست وأنا أنظر إليها أنها ترمز لوجه المدينة الكئيب، الذي يذرف الدمع على الماضي المجيد الذي بناه الفاتحون المسلمون على أساس كلمة الله، بالعدل والإحسان والخلق الحسن والتقوى ورحمة الصالحين، قبل البناء بالحجر والطين والآجر والنقش بالذهب الثمين. إنها واقفة تصارع عوامل التغيير وعوادي الزمن، لتشهد لقواد الجهاد في سبيل الله بأنهم أدوا واجبهم، فرفعوا في سماء هذه البلاد ذكر الله وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر وآمنوا بالله. ولتُحدِّث أجيال المسلمين القادمة، بتقاعس آبائهم وأجدادهم الذين كانوا شر خلف لخير سلف، الذين. باعوا الدين بالدنيا فخسروا الدنيا والآخرة، واقفة تعلن لكل قادم أنها انتظرت طويلاً فاتحاً جديداً من قواد المسلمين، يحرر أرضها من الشرك بالله ودنس الصليب وظلم الطغاة، ويعيد للمآذن ذلك التكبير والتعظيم للخالق، وذلك العدل للمظلوم من خلق الله، ولكنها تنفخ في رماد وتصرخ في واد! تمر السيارات الداخلة والخارجة على يمينها ويسارها - أي بجانبيها - ويمر المشاة عبرها.


الكاتب وعلى يساره الشيخ عمر فلاتة بلباسه العربي في محراب جامع طليطلة
15/11/1405ﻫ

هل أنتِ عربية!

صعدنا إلى المسجد ذي القباب التسع، الذي زينت نقوشه بالآيات القرآنية، فأخذنا نتأمل في أول بناء شاهدناه من آثار المسلمين في بلاد الأندلس السليبة، ووقف صبيان طليطلة وصباياها يصوبون أنظارهم إلى هؤلاء القوم الذين يتأملون في هذا البناء القديم المهجور، يبدو على وجههم الحزن والأسى.

ولا فرق بين وجوه هؤلاء الأطفال عن وجوه أقرانهم في البلدان العربية: الدم العربي واضح فيهم، قال الشيخ لبنت صغيرة: أنت عربية؟ فأخذت تردد كلمة عربي، عربي... وكأنه ذكرها بهذه الكلمة التي ربما سمعتها من أبيها وأمها الساكنين بجوار المسجد الذي يزوره العرب كثيراً، وقد تكون البنت سألت عن هؤلاء الزوار فقالوا لها عرب، فذكرها الشيخ بالكلمة فأخذت ترددها حتى لا تنساها.

وكنت حاولت أن أنفث ما يتلجلج في صدري من أسى وحزن على هذا المنظر المؤسف المبكي: مسجد شيده أولياء الله بقي أكثر من ثمانية قرون مهجوراً ينتظر من يحيي فيه ذكر الله فلم أجد فيه تلك الصفة، فقلت:
قِف بالديار ونح ماضيها،،،،،،،،،،،،،وسل المآذن ما الذي يبكيها

ولكني لم أقدر على مواصلة إنشاء إتمام هذا المطلع، لأنا كنا على عجل، إذ كانت الشمس على وشك الغروب، ونحن في حاجة إلى أن نرى أماكن أخرى، وذهبنا إلى سور المدينة الذي ما زال يحتضنها من بعض جهاتها، وبقربه باب جسر نهر تاج الذي بني في عهد المسلمين، وهو يؤدي إلى قصر في الشاطئ الآخر من النهر.

ثم رجعنا إلى مدريد والأسى والحزن والألم يحزان في نفوسنا على ضياع مجد تليد شيده لنا الآباء فأضعناه.
كما قال الشاعر الأندلسي يرثى سقوط طليطلة من أيدي المسلمين:
لثكلك كيف تبتسم الثغور،،،،،،،،،،،،،،،،سرورا بعد ما سبيت ثغور
لقد قصمت ظهور حين قالوا،،،،،،،،،،،،،،،،،أمير الكافرين له ظهور
طليطلة قد أباح الكفر منها،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،حماها إن ذا نبأ كبير
مساجدها كنائس، أيُّ قلب،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،على هذا يقر ولا يطير
فيا أسفاه يا أسفاه حزنا،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، يُكرر ما تكررت الدهور
يطول علَيَّ ليلِي ربّ خطب،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، يطول لهوله الليل القصير
وقيل تجمعوا لفراق شمل،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،طليطلة قد تملكها الكفور
ولا تجنح إلى سلم وحارب،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،عسى أن يجبر العظم الكسير
ونرجو أن يتيح الله نصـرا،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،عليهم إنه نـعم النصير

صح النوم!

كنا أنا والشيخ نتناوب في النعاس، مرة يغفو هو - وكانت بعض غفواته في غير هذه السفرة قد تصل إلى أربع ساعات - وأنا صاح، وتارة أغفو أنا وهو صاح، فغفوت عند عودتنا من طليطلة إلى مدريد، فسمعته يقول: صح النوم! فقلت بدون شعور: صح النوم أنت! فكانت نكتة يرددها الشيخ إذا ما جاءت مناسبة. أوصلنا الأخ أبو عبيدة إلى الفندق، وغفا كل واحد منا في غرفته إلى الصباح.






السابق

الفهرس

التالي


15251591

عداد الصفحات العام

385

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م