يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتْ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ (118) هَاأَنْتُمْ أُوْلاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنْ الغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (119) إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (120) - (آل عمران)
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(098)الجهاد في سبيل الله-الحذر واليقظة أو التساهل والغفلة

(098)الجهاد في سبيل الله-الحذر واليقظة أو التساهل والغفلة


من أسباب النصر أن يكون المجاهدون حذرين من عدوهم، بأن يكون تخطيطهم جيداً وتنظيمهم دقيقاً وأسرارهم محفوظة، وقد أمر الله أولياءه المجاهدين بذلك. فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً}[النساء: 71].




وذكرهم سبحانه أن عدوهم يود أن يغفلوا عن أسلحتهم وأمتعتهم، ليميل عليهم ميلة قاضية عليهم. فقال سبحانه: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُهِيناً}[النساء: 102].



انظر إلى تعليم الله عباده المجاهدين كيف يرتبون أنفسهم في الصلاة، ترتيباً لا يتمكن معه العدو من استغفالهم والهجوم عليهم، مع ذكر طمع العدو في تلك الغفلة وانظر كيف يكرر تحذير المجاهدين من عدوهم.



وأنكر سبحانه على المجاهدين أن يكون فيهم من يفشي أسرارهم، سواء كانت تتعلق بأمنهم أوخوفهم، بسلمهم أو حربهم، لأن العدو إذا علم ذلك بنى عليه خططه الحربية المضادة، وحض سبحانه على رد تلك الأمور إلى قادة الجهاد: الرسول صَلى الله عليه وسلم في زمانه، وولاة أمر المسلمين بعده..كما قال سبحانه: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاّ قَلِيلاً}[النساء: 83]. ولا شك أن القائد المطلع على أمور الحرب وخططه، أجدر بمعرفة ما ينبغي إذاعته وما لا ينبغي..



كذلك حذرهم سبحانه من أن يغفلوا عن معرفة من قد يندس في صفوفهم، من المنافقين الذين لا توجد عندهم دوافع الجهاد في سبيل الله، بل توجد عندهم عوامل التثبيط لهم وللمؤمنين..مثل هولاء لا يجوز للمسلمين أن يغفلوا عنهم، بل يجب أن يعرفوهم بالقرائن الواضحة التي منها القعود عن الجهاد في سبيل الله، وإذا عرفوا منعوهم من الخروج معهم خشية تثبيطهم. قال تعالى: {فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوّاً إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ}[التوبة: 83]. وقال: {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ}[المنافقون: 4].


وقد كان الرسول صَلى الله عليه وسلم شديد الحذر من عدوه، فكان لا يفشي سره لهم بل ولا لبعض أصحابه في الأمور المهمة. ومن ذلك ما حصل ليلة العقبة التي تمت فيها بيعة الأنصار له، فقد احتاط من أن يعلم المشركون تلك البيعة، فكان في غاية السرية، مع أن عدد المبايعين كان ثلاثة وسبعين رجلاً وامرأتين وهو عدد غير قليل.



قال ابن القيم رحمه الله: "فلما كانت ليلة العقبة: الثلث الأول من الليل، تسلل إلى الرسول صَلى الله عليه وسلم ثلاثة وسبعون رجلاً وامرأتان، فبايعوا رسول الله صَلى الله عليه وسلم خفية من قومهم ومن كفار مكة، على أن يمنعوه مما يمنعون منه نساءهم وأبناءهم وأزرهم"[زاد المعاد(2/57)]. وسبق أنه كان إذا أراد غزوة ورَّى بغيرها.


حسن تدبير القائد وتعبئة جيشه


اختيار قادة الجيش ممن يتطاوعون ويتعاونون من الأكفاء: ثلاثة إخوة، مباغتة العدو في وقت لا يتوقع فيه الهجوم، عدم الضجيج الذي ينبه العدو على قرب الغزاة. وكانت الغلبة والنصر والعز للمسلمين والهزيمة والذل للكافرين. هكذا كان المجاهدون من أصحابه ومن تبعهم، يخططون وينظمون بدقة وفي كتمان عن عدوهم، فيحرزون النصر ويسلمون من الهزيمة.



وتأمل ذلك في هذه الحادثة تر ذلك فيها واضحا، وهي قصة مواجهة أبي بكر أعداءه، من بني عبس وبني مرة وذبيان، بعد وفاة النبي صَلى الله عليه وسلم. "وبات أبو بكر رضِي الله عنه قائماً ليله يعبئ الناس، ثم خرج على تعبئته من آخر الليل، وعلى ميمنته النعمان بن مقرن، وعلى والميسرة أخوه عبد الله بن مقرن، وعلى الساقة أخوهما سويد بن مقرن. فما طلع الفجر إلا وهم والعدو في صعيد واحد، فما سمعوا للمسلمين حساً ولا همساً، حتى وضعوا فيهم السيوف، فما طلعت الشمس حتى ولوهم الأدبار وغلبوهم على عامة ظهرهم وقتل حبال، واتبعهم أبو بكر حتى نزل بذي القصة، وكان أول الفتح وذل بها المشركون وعزَّ بها المسلمون"[البداية والنهاية لابن كثير(6/313)].



قال عبد الرءوف عون - وهو يعلق على فتح مدينة بخارى: "ثم كانت خطة قتيبة في قتال الترك، تتلخص في أنه أمر قائد الخيالة بأن يناوشهم القتال ليشغلهم عنه، في الوقت الذي يتقدم فيه الجيش كله، وهم عنه مشغولون، فيصدمهم الصدمة القاضية في هجومه الخاطف. وقد تم له ذلك فعلاً فهجم عليهم من حيث لا ينتظرون، لأنهم كانوا يحاربون خيالته، وأخذتهم رماح المسلمين وسيوفهم، فلاذوا بالفرار بعد أن جرح ملكهم وجرح ابنه، وأخيراً تم لهم فتح المدينة بفضل حسن القيادة وسرعة تعديل الخطة حسب ما تمليه ظروف المعركة"[الفن الحربي في صدر الإسلام ص237 ومصدره الكامل لابن الأثير(4/542)].



هذه بعض عوامل النصر التي تعتبر شرطاً في نصر الله، فإذا تحققت من قبل المجاهدين تحقق وعد الله القائل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}[محمد: 7]. وإذا لم تتحقق كلها كانت الهزيمة الشاملة، وإذا تحقق بعضها دون بعض كان النصر والهزيمة بحسب ذلك.





السابق

الفهرس

التالي


14435095

عداد الصفحات العام

662

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م