﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


المحاضرة التاسعة في: 7/9/1385هـ

المحاضرة التاسعة في: 7/9/1385هـ
((خطوات)) قرىء بضم الطاء وسكونها، وهما قراءتان سبعيتان، ويجوز لغة فتحها، وقرىء بذلك قراءة شاذة.
وأصل الخطوة ما بين قدمي الماشي، والخطوة بفتح الخاء المرة من الخطو.
والمراد النهي عن اتباع طرائق الشيطان ونظمه التي زينها للكفرة الجهلة، فاقتفوا أثره، وعملوا كعمله، من عبادة الأصنام، وتحليل المحرمات وعكسه.
ويدخل في هذا النهي رمي المحصنات.
والضمير في قوله تعالى: ((فإنه)) الأظهر أنه يرجع إلى الشيطان أي فإن الشيطان يأمر من اتبعه بالضلال، ومثله لا يستحق الاتباع.
وقيل: يرجع إلى المتبع، أي فإن الذى يتبع خطوات الشيطان من الآمرين بالفحشاء والمنكر، كما هي عادة المتبوع الذى هو الشيطان.
و ((الفحشاء)) مصدر أنث تأنيثاً لفظياً بالهمزة، وهي تطلق على كل خصلة متناهية فيما لا ينبغي في الأغلب، كالشرك، وتحريم الحلال، وتحليل الحرام، والوقوع في أعراض المسلمين الأبرياء.
و ((المنكر)) لغة من أنكر، اسم مفعول، وهو غير المعروف، وهو في الشرع ما أنكره الشارع ونهى عنه وحذر منه.
وكل ما يرد الشرع بإباحته أو وجوبه أو سنيته فليس بمنكر، وإنما هو معروف.
وجواب الشرط في قوله: ((ومن يتبع)) مقدر، أي فقد ضل.
وقال بعضهم: الجواب مذكور، وهو ما دخلت عليه الفاء في قوله: ((فانه يأمر)) والضلال يفهم منه.
وجواب ((لولا)) هو قوله: ((ما زكى)) دخلت عليه ما النافية فلا يقترن باللام، غالباً، وخبر المبتدأ محذوف، أي لولا فضل الله موجود.
قوله: ((ورحمته)) أي بكم.
وقرىء ((زكى)) بالتخفيف، والمراد ما كان زاكياً، أي طاهراً من أقذار الشرك والمعاصي، فطهارة من طهر منكم إنما هي بفضل الله تعالى ورحمته.
وقرىء بالتشديد ((زكى)) أي ما طهر الله أحداً منكم لولا فضله ورحمته.
قوله: ((من أحد)) دخلت ((من)) على النكرة في سياق النفي، لتصيرها نصاً صريحاً في العموم.
و((أحد)) في محل الفاعل على قراءة التخفيف، وفي محل المفعول على قراءة التشديد.
ويدل على هذا المعنى، أي كون طهارة العبد حاصلة له بفضل الله ورحمته، قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (لن يدخل أحد منكم الجنة بعمله). [الحديث في صحيح مسلم (4/2170) عن أبي هريرة وعن جابر وعن عائشة رضي الله عنهم بألفاظ متقاربة، منها: (لن يدخل أحدٌ منكم عمله الجنة) قالوا: ولا أنت يا رسول الله! قال: (ولا أنا إلا أن يتغمدني الله منه بفضل ورحمة)].
ولهذه الحكمة نهى الله سبحانه وتعالى العبد أن يزكي نفسه، كما قال تعالى: ((فلا ئركوا انفستكم هو أعلم بمن اتقى)). [النجم:32].
ولا ينافي هذا قوله تعالى: ((قد أفلح من زكاها)) [الشمس: 9]. فإن المراد بالتزكية المسندة إلى العبد كونه تسبب في حصولها بطاعته الله تعالى، والتوفيق لذلك من الله عز وجل.
ومن هذا القبيل إسناد التوفي إلى ملك الموت..
كما قال تعالى: ((قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ)) [السجدة:11]..
مع قوله تعالى: ((اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا)) [الزمر:42]. لأن الله هو الذي يأمر ملك الموت بالتوفي.
قوله: ((ولكن الله يزكي من يشاء)) أي يطهره من الذنوب بتوفيقه لما يرضيه، أو المراد يثني عليه، كما يقال: زكى الشهود، أى عدلهم وأثنى عليهم، والأول أولى.
قوله تعالى: ((والله سميع عليم)).
أى سميع لكل ما يقوله الخلق في السر والعلن، عليم بما يظهرون وما يبطنون، كما قال تعالى: ((وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ)). [البقرة:235].
(2) العفو عن ذوي العثرات استمرار الاحسان إليهم:
قوله تعالى: ((ولا يأتل أوئو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى…)) الآية.
هذه الآية نزلت في أبي بكر الصديق ومسطح بإطباق المفسرين، وكان مسطح فقيراً، وأبو بكر ينفق عليه، صلة للرحم، فلما وقع الافك كان مسطح ممن خاض فيه، فلما نزلت براءة عائشة اشتد أبو بكر غيظاً على مسطح، لأنه صدر عنه عكس ما كان يتوقعه منه للقرابة التي بينهما والاحسان الذى يغمره به أبو بكر، كما قال الشاعر:
[sh]
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة=على المرء من وقع الحسام المهند
[/sh]

فحلف أبو بكر أن لا ينفق على مسطح، فنزلت في ذلك الآية.
ومعنى: ((ياتل)) يحلف من الألية بمعنى اليمين، كما قال الشاعر:
قليل الألايا حافظ ليمينه ،،، وإن بدرت منه الألية برت
والنهي موجه إلى ما يقع في المستقبل، ويفهم منه أن ما وقع في الماضى من أبي بكر رضي الله عنه لا ينبغي، ففيه إشارة إلى ذلك، دون توبيخ.
والفضل في اللغة الزيادة، والمراد به هنا الصلاح في الدين والعمل بدليل عطف السعة عليه.
قوله تعالى: ((أن يؤتوا أولي القربى)) أي أن لا يؤتوا، فحذفت لا النافية، وهي
لا تحذف إلا إذا سبقها قسم وكان مدخولها فعلاً مضارعاً، كما هنا، ومنه قول امرىء القيس:
فقلت يمين الله أبرح قاعداً ،،، ولو قطعوا رأسي لديك وأوصالي

قال بعض الفقهاء: لو قال الفاهم للغة العربية لزوجه: علي الطلاق تقومين، ثم قامت طلقت، لأن لا محذوفة، أي لا تقومين.
وقيل: لا يحتاج إلى تقدير لا، ويكون الكلام على تقدير عن، وحذف حرف الجر مع أن و أن مطرد، أي عن أن يؤتوا، أى عن إيتائهم.
وقد نهى الله تعالى عن جعل اليمين بالله تعالى عرضة لعدم البر، كما قال تعالى: ((وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)). [البقرة:224].
والسنة بينت أن المسلم إذا حلف على ترك معروف أنه يكفر ويأتي ذلك المعروف.
[وردت في ذلك أحاديث، منها قوله صلى الله عليه وسلم: (ولا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها إلا كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير) صحيح البخاري (7/238) وصحيح مسلم (3/1268-1274)].
وقد فعل ذلك أبو بكر، رضي الله عنه بعد أن سمع قول الله عز وجل ((ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم)). [قال أبو بكر: والله إني لأحب أن يغفر الله لي، فرجع إلى مسطح النفقة التي كان ينفق عليه، وقال: لا أنزعها منه أبداً.."الجامع لأحكام القرآن (12/207)"].
فمعنى الآية على هذا: لا يحلف أصحاب الفضل والغنى عن إيتاء أصحاب القربى، وصورة السبب لا يجوز إخراجها.
والقربى مصدر مؤنث بالألف المقصورة، والمراد به القرابة.
وقوله: و ((المساكين)) معطوف على قوله ((أولي القربى)) وكذلك قوله: ((والمهاجرين)) أي فإن مسطحاً اجتمعت فيه صفات يستحق بها الايتاء والصلة، وهي القرابة والمسكنة والهجرة.
وقيل: إن ((يأتل)) من ألا يألو، إذا قصر، يقال: لست آلياً أي مقصراً، ومنه قوله تعالى: ((لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً)) [آل عمران:118].
وجنح إلى هذا أبو عبيد، وعلى هذا فلا حاجة إلى تقدير لا النافية بل يتعين تقدير حرف الجر، أي في أن يؤتوا وهو مطرد في مثل هذا الموضع كما مر..
قال ابن مالك:
[sh]
وفي أن وأن يطرد=مع أمن لبس، كعجيب أن يدوا
[/sh]
يقال: فلان في المكارم غير آلٍ، أي غير مقصر.
قوله: ((والسعة)) وزنه: علة، حذفت فاؤه، لأنه من الوسع أى ذو وسع في المال.
قوله تعالى: ((وليعفوا)). الأصل في الأمر أنه للوجوب، وهذا صيغة من صيغه الأربع المعروفة.
وأصل العفو الطمس، يقال: عفت الريح الأثر، أي طمسته.
أي ليطمسوا أثر الذنب بالتغاضي والحلم، حتى كأنه لم يكن له أثر.
قوله تعالى: ((وليصفحوا)). مأخوذ من صفحة العنق، يقال: صفح عنه، أى أعرض عنه صفحاً، إذا التفت عنه وولاه صفحة عنقه، معرضاً عن عتابه وتأنيبه والصفح والعفو، وإن اختلفا مفهوماً فهما متقاربان ما صدقا.
قال بعضهم: والصفح أبلغ من العفو، لأن فيه تغاضياً كاملاً.
ما يؤخذ من هذه الآية:
يؤخذ منها أنه لا ينبغي للمسلم أن يحلف على ترك شيء من وجوه البر، كالصدقة ونحوها.
وأن من فعل ذلك كفر عن يمينه ولا يتمادى على ترك البر.
ويؤخذ منها الرد على المعتزلة القائلين: إن الكبائر تحبط الأعمال لأن مسطحاً رضي الله عنه كان ممن خاض في رمي عائشة، وذلك كبيرة قطعاً، كما قال تعالى: ((وهو عند الله عظيم)) وتوعد على ذلك توعداً عظيماً فقال تعالى: ((إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم))..
ومع ذلك بين الله تعالى أن هجرة مسطح باقية، فلو كانت الكبيرة - غير الشرك - تحبط العمل، لما بقيت له هجرة..
فلما نوه تعالى بهجرته بعد ارتكابه ذنب القذف، دل ذلك على أن سائر الذنوب لا تقضي على الأعمال الصالحة - إلا ذنب الشرك الذي لا يغفره الله -.
ولا ينافي هذا قوله تعالى: ((أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ)). [الحجرات:2]
لأن الآية إما أن تحمل على المنافقين، وإما أن تكون خرجت مخرج التهديد.




السابق

الفهرس

التالي


16477999

عداد الصفحات العام

1677

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م