﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


6-من هم غير أولي الإربة من الرجال؟ المحاضرة الرابعة عشرة في: 13/10/1385هـ.

6-من هم غير أولي الإربة من الرجال؟ المحاضرة الرابعة عشرة في: 13/10/1385هـ.

قوله تعالى: ((أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال)).
فيها أقوال متقاربة ترجع لمعنى واحد، وهو أن المراد به الذي يتبع القوم، ولا أهمية له ولا استقلال، بل يكون معهم ليأكل معهم.
قيل: المراد به الساقط النسب والحسب، كالأجير الذي لا طمع له في النساء الشريفات.
وقيل: المراد الأبله الذي لا يتنبه لمحاسن النساء.
وقيل: الأحمق، أي خفيف العقل.
وقيل: المراد المخنثون.
وقيل: الشيخ الفاني.
والأولى دخول هؤلاء وغيرهم إذا اتصفوا بما وصفهم الله في قوله ((أو التابعين غير أولي الإربة)) وعدم دخولهم أو دخول غيرهم إذا لم يتصفوا بذلك.
وهذه الآية تدل على أن الأعمال بالنيات، ويؤخذ من مفهوم مخالفتها أن من ذكر الله من المحارم إذا حدث من بعضهم النظر إلى من حرمت عليه بشهوة أنه لا يجوز له أن ينظر إليها، وكذا المرأة إذا بلغ فيها الفساد إلى أن تتعاطى السحاق لو نظرت إلى امرأة أخرى بشهوة، فلا يجوز لها النظر إليها.
والإرب والإربة الحاجة، والجمع مآرب، ومنه قوله تعالى: ((وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى)). [طه:18].
قوله: ((من الرجال)) أي البالغين.
وقد صرح بمفهومه في قوله بعد ذلك: ((أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء)).
وقد يطلق على المرأة: الرجلة، بتأنيث رجل، وهو نادر ومنه قول الشاعر:
[sh]
مزقوا ثوب فتاتهمو=فلم يراعوا حرمة الرجلة
[/sh]
[ترتيب اللسان (2/1132)]
كما أطلقوا على البنت الغلامة، ومنه قول الشاعر:
(
[sh]
ومركضة صريحي أبوها=تهان لها الغلامة والغلام
[/sh]
[نسبة في اللسان إلى أوس بن غلفاء الهجيمي، يصف في أبيات له فرساً وأول البيت: ومركضة صريحي أبوها، كما أثبته بين قوسين لعدم إدراكي له مع فضيلة الشيخ ترتيب اللسان (4/1011)]
7-الأطفال الذين لم يفهموا العورات للاطلاع عليها
قوله تعالى: ((أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء)).
يطلق الطفل على المولود الصغير من الحيوانات والآوادم، وتسمى أمه مطفلاً، وإنما تطلق كلمة طفل على الصغير حتى يبلغ، وقبل البلوغ يقال له مراهق، ولا يدخل المراهق هنا، بدليل قوله: ((الذين لم يظهروا على عورات النساء))، والمراد بالطفل الأطفال، بدليل وصفه بالجمع والمفرد إذا كان اسم جنس، يطلق ويراد به الجمع، وهو كثير، وليس بقليل كما زعم سيبويه، ويطلق ويراد به الجمع في حالاته الثلاث، أي سواء كان فيه أل، أو مضافاً أو مجرداً منهما.
فمن أمثلته وهو محلى بأل قوله تعالى هنا: ((أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء)).
وقوله تعالى: ((أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا)) [الفرقان:75].
بدليل قوله تعالى: ((لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَف)) [الزمر:20].
وقوله: ((وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَك)) أى الملائكة.. [الفجر:22].
بدليل قوله: ((صَفّاً صَفّاً)) [الفجر:22].
وقوله تعالى: ((سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ)) أى الأدبار.. [القمر:45].
بدليل قوله تعالى: ((فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ)) [الأنفال:15].
ومن أمثلته واللفظ مجرد قوله تعالى: ((إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ)) أي أنهار. [القمر:54].
بدليل قوله: ((مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفّىً)) [محمد:15].
وقوله تعالى: ((ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً)). [غافر:67].
وقوله تعالى: ((وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً)). [النساء:69].
ومن أمثلته مضافاً قوله تعالى: ((وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا)) [النحل:18]. أي نعمه.
وقوله تعالى: ((فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِه)) [النور:63]. أي أوامره..
وقوله تعالى: ((هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ)) [الذاريات:24]. أي ضيوفه.
وقال علقمة بن عبدة التميمي:
[sh]
بها جيف الحسرى فأما عظامها=فبيض وأما جلدها فصليب
[/sh]
أي وأما جلودها، وقال آخر:
[sh]
كلوا في بعض بطنكم تعفوا=فإن زمانكم زمن خميص
[/sh]
أي بطونكم. وقال عقيل بن علفة المرى:
[sh]
وكان بنو فزارة شر عم=وكنت لهم كشر بني الأخينا
[/sh]
أي شر أعمام، وقال آخر وهو العباس بن مرداس:
[sh]
فقلنا أسلموا إنا أخوكم=وقد سلمت من الإحن الصدور
[/sh]
وهو أسلوب معروف في اللغة العربية والقرآن، لاًن اسم الجنس قدر مشترك.
قوله تعالى: ((الذين لم يظهروا)).
مفهومه أنهم لو ظهروا لما جاز لهم النظر.
ولظهر إطلاقان:
الأول: بمعنى غلب، ومنه قوله تعالى: ((فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ)) [الصف: من الآية14].
الثاني: بمعني اطلع وفهم، ومنه قوله تعالى: ((إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً)) [الكهف:20].
ولهذا قال بعضهم بالقول الأول: أي غلب، وقال بعضهم بالقول الثانى.
والعورة ما يسوؤك أن يطلع عليه، ويسمى البيت الخارج عن الحصن عورة، ومنه قوله تعالى: ((وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ)) [الأحزاب: من الآية13] والمراد هنا ما تستره المرأة من المحاسن.
وعورات بإسكان الواو، وقرىء قراءة غير سبعية بفتحها، والقياس لا يساعد هذه القراءة، فإن فَعْلة إذا كانت اسماً وجمعت يجوز فتح عينها إتباعاً لفائها، إذا كانت صحيحة العين، أما إذا كانت معتلة فالقياس أن تبقى ساكنة.
وقد أشار ابن مالك إلى الشرط المذكور بقوله:
[sh]
والسالم العين الثلاثي اسماً=اتباع عين فاءه بما شكل
إن سـاكن العـين مؤنثاً بدا=مختتماً بالتاء أو مـجردا
[/sh]
كما أشار في الكافية إلى أن جمع فعلة المعتلة العين على فعلات بفتح العين لغة لقوم، وبقية العرب لا تنطق بذلك، فقال:
[sh]
وما كجوزة وبيضة فعن=هذيل افتح، عند غيرهم سكن
[/sh]
من وسائل صيانة المرأة وحشمتها
قوله تعالى: ((وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)).
هذه من تتمة الآداب الاجتماعية الكريمة التي تحصي الشرف وتطرد الرذيلة، ولو تأملها الناس لعرفوا أن ضمان نجاة المجتمعات في التمسك بالشرع الحنيف.
فمن أعظم ما تميل إليه القلوب صوت حلي النساء عند سماع الناس له، سواء كانت المرأة مضطجعة أو ماشية، وقد كان العرب يتغزلون بذلك،كما قال الشاعر:
[sh]
تسمع للحلي وسواساً إذا انصرفت=كما استعان بريح عشرق زجل
[/sh]
[من قصيدة للأعشى، ميمون بن قيس، مختار الشعر الجاهلي لمحمد سيد الكيلاني (2/97)].
ويؤخذ من مفهوم موافقة هذه الآية أن حكم الطيب حكم الحلي.
الحلي يحرك الشهوة بالسماع، والطيب يحرك الشهوة بالشم، وقد نصت السنة على هذا المفهوم.
[وردت أحاديث في نهي المرأة عن أن تخرج متطيبة، منها: حديث غنيم بن قيس الأشعري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا من ريحها فهي زانية) النسائي (8/153) وفي حديث أبي هريرة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إيما امرأة أصابت بخوراً فلا تشهد العشاء الآخرة) النسائي (8/154)].
قوله تعالى: ((ليعلم ما يخفين من زينتهن)).
بيان لعلة النهي عن الضرب بالأرجل، وهذا يدل على أن الخلخال ونحوه من الحلي من الزينة الخفية.
ونأخذ من هذه الآداب الاجتماعية السماوية عبرة وموعظة حينما نسمع ونرى دعاة السفور أتباع الشيطان يصادمون أوامر الله تعالى وتعاليم نبيه صلى الله عليه وسلم..
فإن خروجهن عن تلك التعاليم جنى عليهم الآثار السيئة من كثرة الفواحش! وضياع الشرف والفضيلة والإنسانية، وما ذلك إلا فلسفة شيطانية..
فقد خلق الله تعالى المرأة صالحة لخدمة المجتمع الإسلامي، وهي في حال ستر ومحافظة على شرفها وقيمها الروحية وعرض أهلها..
فإن الرجل يخرج للجهاد أو الكسب أو غير ذلك من الأمور المتعلقة به، ويرجع وقد قرت عينه بالقيام بمهمة أولاده وماله وكل ما يلزم في بيته، فتقوم بحاجة المريض، وتنظيف البيت ونسج الثياب وتقريب الطعام وغير ذلك..
فالرجل يخرج لما يناسبه، والمرأة تبقى لما يناسبها.
ولما كان هذا تعاوناً نزيهاً أغضب إبليس وأحزنه، فألقى إلى المرأة وساوسه، وخيل إليها أنها في سجن وحبس، وكبت، وأن لها الحق في الخروج سافرة فاعلة ما تشاء، حسداً وكيداً منه كما هي عادته..
فتخرج أمام الأعين الخائنة التي تتمتع بها حراماً، وربما حصل مالا ينبغي، على أثر ذلك، فإن العين والنظر إلى المحارم بريد الزنى، وهي البلاء في كل شىء، وربما بذل الإنسان كل شيء في سبيل نظرة واحدة، كما قال أحد الشعراء:
[sh]
قلت اسمحوا لي أن أفوز بنظرة=ودعوا القيامة بعد ذاك تقوم
[/sh]
ومع ذلك فإن الحوائج المهمة في البيت تبقى بدون قائم بها، فينعكس الأمر وتنخرم المعيشة، ومع الخزي والعار والكشف الذي لا يرضاه الله ولا ترضاه الانسانية النظيفة.
ولكن ماذا نقول، ولمن نقول؟
[sh]
لقد أسمعت لو ناديت حياً=ولكن لا حياة لمن تنادي
[/sh]




السابق

الفهرس

التالي


16485108

عداد الصفحات العام

497

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م