﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


المحاضرة الثامنة عشرة، في: 23/10/1385هـ

المحاضرة الثامنة عشرة، في: 23/10/1385هـ
مناسبة الآية لما قبلها
[عندما بدأ الشيخ في هذه المحاضرة سأله أحد الطلبة عن مناسبة هذه الآية لماقبلها؟]
فقال: لما أمر الله تعالى ببعض الأمور التى لا غنى للناس عنها، ونهى عن بعض الأمور التي بارتكابها يحصل الضرر على المجتمع والأفراد وحث على بعض الآداب السماوية، بين سبحانه أن امتثال تلك الأوامر، واجتناب تلك النواهي، والتزام تلك الآداب ينور لها قلوب بعض عباده فيوفقهم لها ويطمس قلوب آخرين، فلا يمتثلون أوامره، ويرتكبون نواهيه، فضرب للموفق هذا المثل، وضرب للضالين المثل الآتي في قوله تعالى: ((أو كظلمات في بحر لجي...)).
وللعلماء في هذا التشبيه وجهان:
الوجه الأول:
أنه تشبيه تمثيل، وهو تشبيه قصة بقصة، أو جملة بأخرى، فيكون هنا شبه صورة إشعاع نور الإيمان في قلب المؤمن باشعاع نور المصباح الواقع في الزجاجة، وهذا ظاهر.
الوجه الثاني:
أنه تشبيه مفروق، فمقابل الصدر المشكاة ومقابل القلب الزجاجة، ومقابل الإيمان المصباح ومقابل الزيت الطاعة بامتثال أوامر الله واجتناب نواهيه ومقابل الزيتونة التي يستمد منها الزيت شجرة الإسلام - كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فالزيت غذاء للوقود والعمل الصالح غذاء لنور الإيمان في القلب.
قوله: ((مثل نوره))
المثل معناه الصفة، أي صفة نوره، أي نور الله في القلب، وهو ما يقذفه فيه من العرفان لأن الإنسان لا يبصر حقاً من باطل ولا حسناً من قبيح، ولا نافعاً من ضار إلا بصحة البصيرة..
كما مضى في قوله تعالى: ((فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ)).
قوله تعالى: ((فيها مصباح))
أي في المشكاة مصباح، وهي - أي المشكاة - على وزن: مِفْعَلَة، كالمرقاة والمصفاة، ولذا يوقف عليها بالهاء، والمصباح نور القنديل.
قوله تعالى: ((المصباح في زجاجة)).
الزجاجة جوهر شفاف يزداد النور فيه تألقاً، بخلاف النور الذي لا يكون في الزجاج، فإنه لا ينير كما ينبغي.
قوله تعالى: ((الزجاجة كأنها كوكب دري)).
أي كأنها لصفائها نجم، وبعض المفسرين يذكر الزهرة وهو تمثيل، وليس المراد قصر الكوكب عليها.
وقوله: ((دري)) فيه ثلاث قراءات:
الأولى: بضم الدال وتشديد الراء المكسورة والياء: ((دُرِّي)).
الثانية: بكسر الدال وتشديد الراء المكسورة ((دِرِّي)).
الثالثة: بضم الدال وتشديد الراء المكسورة كذلك وتسكين الياء والهمزة بعدها ((دُرٍّيْءٌ))
ومعنى القراءة الأولى: أنه منير صقيل منسوب إلى الدر، وهو الياقوت، ولا إشكال في ذلك.
ومعناه على كلا القراءتين الأخريين من الدرء، وهو الدفع، لأن الكواكب تدرأ بها الشياطين، وتكون عند ذلك أشد إنارة وصفاء، وكل هذه القراءات سبعية.
قوله تعالى : ((يوقد من شجرة مباركة)).
في قوله: ((يُوقد)) ثلاث قراءات سبعية أيضاً:
الأولى: يُوقَد بالبناء للمجهول، مسنداً إلى ضمير الغائب المفرد.
الثانية: تَوَقَّد فعل ماض مسند كذلك إلى ضمير الغائب المفرد. ومرجع الضمير - على كلتا القراءتين - هو المصباح.
الثالثة: توقد بالبناء للمجهول وإسناد الفعل إلى ضمير الغائبة المفردة، ومرجع الضمير على كلتا القراءتين: الزجاجة، وإسناده إليها لملابسته لها، ووقوعه داخلها، والتوقد التلألؤ.
وقوله: ((من شجرة))
على حذف مضاف، أي من زيت شجرة والشجر في لغة العرب ما قام على ساق، وخلافه النجم..
وبعضهم فسر به قوله تعالى: ((وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ)) [الرحمن:6].
ومعنى كونها ((مباركة)) أنها كثيرة الخيرات.
وقوله: ((زيتونة)) عطف بيان على شجرة، عند من يجيز مجيء عطف البيان من النكرة،كما قال ابن مالك:
[sh]
فقد يكونان منكرين=كما يكونان معرفين
[/sh]
وبدل عند من لا يجيز ذلك.
وأما من زعم أنه نعت فقد غلط.
وإنما وصفت شجرة الزيتونة بكونها مباركة لكثرة خيراتها فإنها كلها خير ومنافع، ويزعم بعضهم أنها أول شجرة نبتت في الأرض، وأول شجرة نبتت بعد الطوفان، وأنها أكثر الشجر دواماً.
وقوله تعالى: ((لا شرقية ولا غربية))..
فيه أقوال كثيرة:
أظهرها أن هذه الشجرة بادية لا يسترها شئ عن الشمس في وقت شروقها ولا في غروبها، وذلك بأن لا يكون في شرقها ولا في غربها شجر، لأنها إذ وجد شجر في شرقها وغربه، إن كانت في شرق البستان مال عليها الظل عند ميل الشمس إلى الغرب، وإن كانت في غربه وقع عليها الظل عند الشروق، ومنعها شعاعَ الشمس ينقص من ثمرها ويضعف فائدتها، فلا يوجد شرقها شجر ولا غربها، فيمنعها شعاع الشمس في أول النهار أو آخره.
وهذا أصفى لزيتها وأحسن.
وذهب بعضهم إلى أن المراد وجود تلك الشجرة في وسط البستان فلا يقع عليها شعاع الشمس، عند شروقها، ولا عند غروبها، لما يحيط بها من الأشجار وهذا باطل، لأن الظل الدائم على الشجرة يكسب ثمرها ضعفاً وضآلة، ولهذا تجد الزراع يباعدون بين ما يزرعون، لأن تقارب الزرع يضره.
وقال بعضهم: المراد أنها في الشام، والشام لا يوصف بأنه مشرق ولا مغرب، وهذا ليس بسديد، فإن الشام قد وصفت في القرآن بأنها مشارق..
كما قال تعالى: ((وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا)) [الأعراف: من الآية137، قلت: المشارق والمغارب نسبية، فقد يكون مكان ما مشرقاً بالنسبة لمكان غربه، ويكون ذلك المكان نفسه مغرباً بالنسبة لمكان شرقه].
وقال جماعة: إنما هذا من باب التمثيل، فلا وجود لهذه الشجرة، وهذا مردود، لأن الله وصفها بأنها زيتونة.
قوله تعالى: ((يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار..))..
يكاد مضارع كاد، وأصله: كَوِد بالواو مكسور العين، بدليل فتحها في المضارع، ولو كانت مفتوحة في الماضي لكان مضارعها: يكود، وهو فعل مقاربة، يدل على قرب اتصاف المبتدأ بالخبر، مع أنه لم يتصف به فعلاً في النفي والإثبات.
وليس بسديد قول من يقول: إن نفيها إثبات، وإثباتها نفى، ولا دليل لهم في قوله تعالى: ((فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ)) [البقرة: من الآية71]..
لأن المراد وما قاربوا الفعل إلا بعد جهد جهيد.
وقد غلط البيانيون في هذه الآية ((يكاد زيتها..)) غلطاً فاحشاً إذ عدوها من المبالغات التي ليست واقعة.
والمعنى الذي تدل عليه أن زيتها قارب الإضاءة لشدة صفائه وشفافة جوهريته وحسنه، ولكنه لم يضىء بالفعل.
قوله تعالى: ((ولو لم تمسسه نار))
أي في جميع الأحوال حتى في الحال التي لم تمسسه فيها نار، لبياضه ورونقه وصفائه.
وقوله تعالى: ((نور على نور)).
أي الزجاجة تنير، والمصباح كذلك ينير، والزيت لصفائه يكاد ينير، فهو نور على نور.
وكذلك المسلم قلبه ينير على الفطرة التى فطره الله عليها ويغذي فطرته نور الإسلام، والطاعة، فهو نور على نور.
و((نور)) خبر مبتدأ محذوف، أي هو - أي المذكور - والمقصود من هذا المثل وأشباهه الاعتبار، فيحرص الإنسان على صقالة قلبة،كما يحرص على نظافة الزجاجة من الوسخ وعلى المداومة على العمل الصالح الذي يمد به نور الإيمان كما يحرص على إمداد المصباح بالزيت.
قوله تعالى: ((يهدي الله لنوره من يشاء)).
أي يهدي من يشاء أن يهديه.
والمراد بالنور الإيمان الذي ضرب له هذا المثل.
وقد جرت عادة الله في القرآن وفي كتبه السماوية الأخرى أن يكثر من ضرب الأمثال، لأنها أعظم وسيلة للإفهام.
والنظير يفهم بنظيره، والمعنوي يمثل بالمحسوس، حتى يصير مثله.
وقد بين الله تعالى العلة في ضرب الأمثال بقوله تعالى: ((وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ)) [ابراهيم: من الآية25]..
وبين تعالى أنه لا يعرفها إلا العلماء، كما قال تعالى: ((وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ)) [العنكبوت:43].
كما بين تعالى أنها سبب في هداية قوم، وهم المطيعون وسبب في إضلال قوم، وهم العصاة، فقال تعالى: ((إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ)) [البقرة:26].
والذين يهديهم بالأمثال هم العالمون كما مر.
قوله تعالى: ((والله بكل شىء عليم)).
أي ولإحاطة علمه بكل شيء يقرب لكم المعقولات بأن يضرب لها الأمثال بالمحسوسات.
(3) المواضع التي يستمد فيها نور الله ..
قوله تعالى: ((فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ))
في قوله: ((في بيوت)) قراءتان سبعيتان:
الأولى: بضم الباء، قرأ بها نافع وبقية السبعة.
الثانية بكسر الباء، وتروى قراءة عن نافع، وهو خلاف القياس.
واختلف فيما يتعلق به الجار والمجرور:
فقيل: إنه يتعلق بالمصباح، وقيل: يتعلق بمشكاة، وهما متقاربان.
والمراد كينونة هذا النور العظيم في أعظم المواضع المناسبة له، وهي المساجد، لأنها إنما بنيت لهذا النور خاصة، بخلاف بيوت الناس، فإنها وإن وقعت فيها عبادات، لم تبن خصيصاً لها، وإنما بنيت للراحة وغيرها من أنواع الحاجات.
فلما ضرب الله تعالى المثل لهذا النور، جعل ظرفه أحسن البقاع.
وقوله: ((أذن الله أن ترفع))..
الاذن أعم من مطلق الاباحة، فيشمل الأمر.
والرفع قسمان:
الأول: الرفع الحسي، وهو رفع القواعد والبناء، ومنه قوله تعالى: ((وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)) [البقرة:127]
الثاني: الرفع المعنوي، وذلك يكون بأداء عبادة الله تعالى فيها، وصونها عما ينجسها حسياً كان أو معنوياً، كارتكاب المنكرات.
وعمارة المساجد الحقيقية هي العمارة المعنوية، فلو زخرف المسجد وارتكبت فيه المنكرات، أو لم تقم فيه عبادة الله فليس بمعمور حقيقة، ولو بني بالنخل والجريد والطين وأقيمت فيه العبادة، وطهر من الأقذار الحسية والمعنوية فهو معمور حقيقة.
ولهذا كان مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم مبنياً بالجريد والنخل ومع ذلك كانت عمارته أعظم من اليوم، وإن كانت عمارته الحسية اليوم أعظم من ذلك اليوم.
وفي تعقيب المثل بذكر كون المساجد ظرفاً لذلك النور تنبيه على أن صقالة القلب تكون بتزويده بالطاعة.
قوله تعالى: ((ويذكر فيها اسمه)).
لأن الإنسان يعبد الله تعالى ويناجيه باسمه، في قراءته ودعائه وتسبيحه.
وقوله: ((يُسَّبحُ له فيها بالغدو والآصال رجال...)).
وفي قوله: ((يُسَبِّح)) قراءتان:
الأولى بالبناء للمجهول، والثانية بالبناء للمعلوم.
وعلى القراءة الثانية، يكون ((رجال)) فاعلَ يسبح أي يسبح فيها لله رجال، وعلى القراءة الأولى يكون ((رجال)) فاعل فعل محذوف، كأنه ذكر التسبيح له على وجه الإجمال، ثم خص الرجال، فهو من حذف الفعل إذا دل عليه دليل، كما قال ابن مالك:
[sh]
ويرفع الفاعل فعل أضمرا=كمثل زيد في جواب من قرا
[/sh]
ومن شواهد العرب المعروفة لمثل هذه الآية قول الشاعر:
[sh]
لبيك يزيد، ضارع لخصومه=ومختبط مما تطيح الطوائح
[/sh]
والتسبيح في اللغة الإبعاد، وتسبيح الله تنزيهه عما لا يليق بكماله وجلاله.
وكثيراً ما يطلق التسبيح على الصلاة، لأنها من أعظم العبادات التي فيها غاية التنزيه لله تعالى.
فقال بعضهم: المراد بالتسبيح هنا الصلاة.
وقال آخرون: إنه شامل لكل العبادات.
والغدو أول النهار، والآصال أواخر النهار.
والذين قالوا: إن المراد بالتسبيح الصلاة، قالوا: هي صلاة الصبح والعصر لقوة القول بأن كل واحدة منهما الصلاة الوسطى.
ويؤخذ من هذه الآية أن النساء لسن مكلفات بصلاة الجماعة وزيارة المساجد، لأن الله خص بها الرجال.
ومفهوم المخالفة الذي دلت عليه هذه الآية، بينته الأحاديث الصحيحة وهو أن صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في المسجد.
[لما روى أبو داود من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في حجرتها، وصلاتها في مخدعها أفضل من صلاتها في بيتها) سنن أبي داود (1/383) والمراد بمخدعها: البيت الصغير يكون في داخل البيت الكبير، تحفظ فيه الأشياء الثمينة].
ولكنها إذا كانت متأدبة بالآداب الإسلامية، بحيث لا تتطيب ولا تُظهر حليها بضرب بعضه في بعض لتثير به قلوب الرجال ولا تمشي في وسط الطريق لتضايق الرجال فلا تمنع من إتيان المساجد، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (لا تمنعوا إماء الله مساجد الله). [رواه ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم، البخاري (1/211) ومسلم، واللفظ له (1/327)].
[وذكر شيخنا المفسر قصة جرت لعاتكة بنت زيد مع زوجها عبد الرحمن بن عوف، ولم أستطع إكمال القصة معه
هكذا وجدته في الكراسة التي كتبت فيها هذا التفسير عن فضيلة الشيخ.
ولما عدت إلى بعض المراجع وجدت القصة في الإصابة أن الذي احتال عليها لتترك الخروج إلى المسجد.. هو الزبير رضي الله عنه، وليس عبد الرحمن بن عوف، فلا أدري أهو سبق لسان من الشيخ، أم توجد رواية أخرى لم أهتد إليها؟
وفي القصة:"كانت عاتكة بنت زيد تتردد على المسجد وكان زوجها: الزبير لا يحب خروجها إلى المسجد، ولكنه لم يمنعها لنهي الرسول صلى الله عليه وسلم عن ذلك فاحتال عليها إذ كمن لها في الطريق وهي لا تدري فلما مرت به ضرب على عجيزتها فلما رجعت لم تخرج بعد ذلك فسألها عن السبب، فقالت: كنا نخرج والناس ناس. (الإصابة (4/346) و راجع شرح الزرقاني على الموطأ 2/9)]
وقالت عائشة رضي الله عنها:"لو أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ما أحدث النساء لمنعهن كما منعت نساء بني إسرائيل". [البخاري (1/162-163) ولكن المرأة التي لم تحدث منكر بخروجها إلى المسجد لا يشرع منها].




السابق

الفهرس

التالي


16307753

عداد الصفحات العام

841

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م