[
الصفحة الرئيسية
] [
حول الموقع
] [
تعريف بصاحب الموقع
]
﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب
::
66- سافر معي في المشارق والمغارب
::
(34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف
::
(033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف.
::
(067) سافر معي في المشارق والمغارب
::
(066) سافر معي في المشارق والمغارب
::
(031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف
::
(065) سافر معي في المشارق والمغارب
::
(030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث
::
::
::
::
::
::
::
::
::
::
جملة البحث
جميع محتويات الموقع
المقالات العامة
مقالات الحدث
الجهاد في فلسطين
2 أثر التربية الإسلامية في أمن المجتمع المسلم
المقالات العامة
الإيمان هو الأساس
غيث الديمة الجزء الأول
غيث الديمة الجزء الثاني
حوارات مع أوربيين مسلمين
حوارات مع أوربيين غير مسلمين
الحدود و السلطان
حكم زواج المسلم بالكتابية
رحلة هونج كونج
جوهرة الإسلام
كتاب الجهاد
المسئولية في الإسلام
دور المسجد في التربية
كتاب سبب الجريمة
كتاب الشورى في الإسلام
كتاب السباق إلى العقول
الإيمان إصطلاحاً و أثره سلوكاً
كتاب طل الربوة
كتاب الوقاية من المسكرات
الكفاءة الإدارية
معارج الصعود إلى تفسير سورة هود
مقدمة سلسلة في المشارق و المغارب
المجلد الأول : رحلات الولايات المتحدة الأمريكية
المجلد الثاني : رحلات المملكة المتحدة (بريطانيا) و آيرلندا
المجلد الثالث : رحلات اليابان وكوريا وهونغ كونغ
المجلد الرابع:رحلات إندونيسيا الجزء الأول 1400هـ ـ 1980م
المجلد الخامس : الرحلة إلى إندونيسيا الجزء الثاني 1410هـ ـ 1990م
المجلد السادس : رحلات إندونيسيا الجزء الثالث 1419هـ ـ 1989م
المجلد السابع : رحلات أستراليا و نيوزيلاندا و سريلانكا
المجلد الثامن : رحلات كندا و إسبانيا
المجلد التاسع : رحلات سويسرا و ألمانيا و النمسا
المجلد العاشر : رحلات بلجيكا و هولندا و الدنمارك
المجلد الحادي عشر:رحلات السويد و فنلندا و النرويج
المجلد الثاني عشر : رحلات فرنسا و البرتغال و إيطاليا
المجلد الثالث عشر : رحلات سنغافورة و بروناي و تايوان
المجلد الرابع عشر : رحلات باكستان و الهند
المجلد الخامس عشر : رحلات تايلاند (بانكوك)
المجلد السادس عشر : الرحلة إلى ماليزيا
المجلد السابع عشر : رحلات الفلبين
المجلد الثامن عشر : رحلة كينيا
الفهرس
الأيمان الكاذبة من عادة المنافقين ..... المحاضرة الثالثة و العشرون ، في: 6/11/1385هـ
الأيمان الكاذبة من عادة المنافقين ..... المحاضرة الثالثة و العشرون ، في: 6/11/1385هـ
قوله تعالى:
(
(
وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ
)
)
.
لما ذكر تعالى شيئاً من صفات المنافقين، وأنهم يدعون الإيمان والطاعة بأقوالهم، ويتولون عن ذلك بأفعالهم، ولا ينقادون إلى الحق إلا طمعاً في الحظوظ الدنيوية، وكذلك لا يخرجون للجهاد مع المسلمين إلا لأجل الغنائم بين تعالى أنهم يحلفون على الكذب، وقد ذكر الله تعالى ذلك عنهم في عدة آيات..
منها قوله تعالى:
(
(
اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ
)
)
. [المنافقون:2].
وذكر تعالى في سورة التوبة أنهم يهلكون أنفسهم بالإيمان الكاذبة..
كما قال تعالى:
(
(
لَوْ كَانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قَاصِداً لَاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ
)
)
[التوبة:42].
ومعنى أقسموا حلفوا، قيل مشتق من: القِسْم، لأن اليمين لا يحتاج إليها إلا لتوكيد أمر فيه انقسام..
وقوله:
(
(
جهد أيمانهم
)
)
.
جهد مما ناب عن المفعول المطلق، والمراد أقسموا إقساماً بليغاً، أي قدر طاقتهم وسعتهم، تقول العرب: جهد يمينه، إذا بلغ فيها غايه جهده، وقيل: حذف الفعل العامل في المفعول المطلق، أي يجتهدون..
قال ابن عباس: من أقسم بالله فقد بلغ في اليمين جهده، لأنه ليس وراء الله شيء يؤكد به..
قوله تعالى:
(
(
لئن أمرتهم ليخرجن
)
)
.
أي قائلين: والله لئن أمرتهم ليخرجن.
والمراد الخروج للجهاد في سبيل الله، وهذا هو الأظهر، لأنه أعظم ما يقسم عليه، وكان المنافقون كثيراً ما يتخلفون عنه، لأن فيه مخاطرة بالمال والنفس.
وقيل: المراد خروجهم من بيوتهم وأبنائهم.
قوله تعالى:
(
(
لا تقسموا
)
)
..
المعروف أن المخلِص عادة، لا يحتاج إلى الإقسام وتأكيد الأخبار ولهذا يقول المتنبي:
[sh]
وفي اليمين على ما أنت واعده=ما دل أنك في الميعاد متهم
[/sh]
ولهذا كان المقرر في مذهب مالك، أن الشاهد إذا حلف على شهادته ردت، لأنه متهم.
والمعروف في علوم البلاغة أن الخبر الابتدائي لا يؤكد..
والمعنى: لا حاجة إلى أن تقسموا..
قوله تعالى:
(
(
طاعة معروفة
)
)
..
في إعراب"طاعة" ثلاثة أوجه:
اثنان محتملان، وأظهرهما أولهما والثالث: شاذ..
الوجه الأول: أن"طاعة" مبتدأ، وسوغ الابتداء به، مع أنه نكرة كونه موصوفاً، والخبر محذوف، أي طاعة معروفة ـ وهي الطاعة الحقيقية ـ أولى وخير من الأيمان الكاذبة..
الوجه الثاني: أنه خبر مبتدأ محذوف، أي طاعتكم طاعة معروفة أنها نفاق لا حقيقة لها، فالمعنى أن إقسامكم على طاعة حقيقتها الكذب.
الوجه الثالث: أن طاعة مرفوعة بتكن محذوفة، والتقدير: لتكن منكم طاعة معروفة..
قوله تعالى:
(
(
إن الله خبير بما تعملون
)
)
..
هذا هو الزاجر الأعظم والواعظ الأكبر، الذي يتكرر غالباً في كل صفحة من صفحات القرآن الكريم، أي إن الله تعالى يعلم ما تسرون وما تعلنون، ومن ذلك حلفكم على الكذب ونفاقكم..
والخبرة أخص من العلم، فإنها لا تطلق إلا على ما من شأنه أن يخفى ولهذا يقال: "على الخبير بها سقطت"..
وقال تعالى:
(
(
وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً
)
)
[الكهف:68].
وقال تعالى أيضاً:
(
(
الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً
)
)
[الفرقان: 59].
ويقال: أنا عالم أو الواحد نصف الاثنين، ولا يقال: أنا خبير بذلك..
قوله تعالى:
(
(
قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ
)
)
.
قوله تعالى:
(
(
قل أطيعوا الله
)
)
أي أطيعوه فيما أمركم به..
(
(
وأطيعوا الرسول
)
)
فيما بلغكم به عن ربه، وسبق أن طاعة الله مستلزمة لطاعة الرسول، وأن طاعة الرسول مستلزمة لطاعة الله تعالى، وإنما يذكر اسم الله تعالى تبركاً وتعظيماً، لأن من أطاع الرسول فقد أطاع الله..
قوله:
(
(
فإن تولوا
)
)
مضارع حذفت منه إحدى التاءين بدليل قوله بعده:
(
(
وعليكم ما حملتم
)
)
ولو كان ماضياً للغائب لقال: وعليهم ما حملوا..
قوله:
(
(
فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم
)
)
..
أي إنما على الرسول صلى الله عليه وسلم مسؤولية هي التبليغ، وعليكم مسؤولية وهي الطاعة والقبول، فهو عليه ما حمل، أي ما كلفه تكليفاً جازماً وهو التبليغ على أتم الوجوه، وقد فعل ما يجب عليه فقام بما كلفه، وأنتم إذا توليتم فقد بقي عليكم ما حملتموه مسؤولين عنه، وهو الطاعة والامتثال.
قوله تعالى:
(
(
وإن تطيعوه تهتدوا
)
)
..
أي إن أمري لكم بطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم هو عين الهدى، وهو سلوك طريق الرشاد.
قوله تعالى:
(
(
وما على الرسول إلا البلاغ المبين
)
)
.
أي ليس عليه إلا البلاغ، وهو المعبر عنه بما في قوله:
(
(
ما حمل
)
)
..
و
(
(
البلاغ
)
)
فَعال بمعنى التفعيل، وكثيراً ما يطلق الفعال على التفعيل، كسلم سلاما وكلم كلاماً وطلق طلاقاً وبين بياناً وبلغ بلاغاً..
و
(
(
المبين
)
)
أي البين الواضح الذي لا لبس فيه..
ويؤخذ من هذه الآية الكريمة أن المبلغين لشريعة النبي صلى الله عليه وسلم يجب عليهم أن يبينوها للناس على أتم الوجوه..
والمراد أن النبي صلى الله عليه وسلم ليس مكلفاً بهدايتكم ولا شفائكم ولا حسابكم، وإنما كلف تبليغكم، وقد جاءت آيات أخر تدل على أنه مأمور بالجهاد، وهو في الحقيقة من كمال التبليغ..
(7)
وعد صادق مقيد بشروطه..
قوله تعالى:
(
(
وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ * لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ
)
)
.
سبب نزول الآية
مما ذكر في سبب نزول هذه الآية أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا في أول الإسلام في خوف وقلق شديدين، حتى كان لا يمر عليهم يوم واحد وهم آمنون، فشكا بعضهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم ما كانوا يعانون من ذلك فنزلت الآية..
وبعضهم يفسر الآية بأن المراد من الذين وعدهم الله ما ذُكِر، هم الخلفاء الأربعة، لأن الصفات المذكورة في الآية وجدت فيهم، وفتحوا مشارق الأرض ومغاربها، والمراد من هذا التفسير التمثيل وإلا فالآية عامة لكل من اتصف بتلك الصفات إلى يوم القيامة..
فقوله تعالى:
(
(
وعد الله الذين آمنوا منكم ...
)
)
.
أي وعد الله وعده الصادق بذلك من اتصف بتلك الصفات.
والإيمان إذا ذكر مفرداً شمل الأعمال، وإذا ذكر معه العمل انصرف إلى الإيمان الأكبر الذي هو الإيمان القلبي..
والقلب هو موضع الإيمان، والجوارح تبع له، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب)
. [البخاري
(1/19)
ومسلم
(3/1219)
من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه].
قوله تعالى:
(
(
وعملوا الصالحات
)
)
..
أي ظهرت على جوارحهم آثار الإيمان، والصالحات جمع صالحة، وهذا اللفظ"الصالحة"تنوسيت فيه الوصفية وأطلق على كل خصلة طيبة، كالحسنة..
قال أبو العاص زوج زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم:
بنت الأمين جزاك الله صالحة...ولك بعل سيثني بالذي علما
وقال آخر:
[sh]
الحب مشغلة عن كل صالحة=وسكرة الحب تنفي سكرة الوسن
[/sh]
متى تكون الأعمال صالحة؟
والأعمال لا تكون صالحة إلا إذا اجتمعت فيها ثلاثة أمور:
الأمر الأول: كونها على أساس العقيدة الصحيحة.
الأمر الثاني: كونها على أساس الشرع، مطابقة له.
الأمر الثالث: أن يكون العامل مخلصاً في عمله. [راجع كتاب: معارج الصعود إلى تفسير سورة هود ص:83].
قوله تعالى:
(
(
ليستخلفنهم في الأرض
)
)
..
أي وعدهم الله قائلاً: والله ليستخلفنهم، أي يجعل القوة والسيطرة والخلافة لهم، وقد شوهد هذا في الخلفاء الأربعة، رضي الله عنهم..
وفي حديث سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(الخلافة بعدي ثلاثون سنة، ثم يكون ملكاً عضوضاً)
. [حديث سفينة في المسند
(5/220-221)
قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
(الخلافة ثلاثون عاماً ـ وفي رواية: سَنَة ـ ثم تكون بعد ذلك الملك ـ وفي رواية: ثم ملكاً بعد ذلك ـ)
ولفظه في الترمذي قريب من هذا، وقال
(4/503)
: هذا حديث حسن قد رواه غير واحد عن سعيد بن جمهان، ولا نعرفه غلا من حديث سعيد بن جمهان.
وإذا كان حديث سفينة قد يفهم منه أن الخلافة لا تعود بعد الخلفاء الأربعة، لأنه ذكر بعدها الملك فقط، فقد ورد ما يدل على خلاف هذا المفهوم كما رواه أبو حذيفة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكاً عاضاً، فيكون ما شاء الله أن يكون، ثم يرفعها، ثم تكون ملكاً عاضاً، فيكون ما شاء الله أن يكون، ثم يرفعها، ثم تكون ملكاً جبرية، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة)
ثم سكت.. أحمد في المسند:
(4/273)
..
وذكره الشيخ ناصر الدين الألباني في الأحاديث الصحيحة
(1/8)
فقد بدأ بالخلافة ـ بعد النبوة ـ وختم بها ـ بعد الْمُلكَين: العاض والجبري ـ ثم سكت، فلا بد من خلافة بعد الملكين وتكون على منهاج النبوة].
وقوله:
(
(
الذين آمنوا منكم
)
)
..
أخذ بعض المفسرين من مفهومها أن المراد الخلفاء الأربعة، والصحيح العموم، وإن كان الخلفاء الأربعة يدخلون في ذلك دخولاً أولياً، لأن الأمة الواحدة يخاطب موجودها، ويدخل في ذلك المعدوم تبعاً للموجود..
وقد خرج النبي صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه من مكة خائفين فأمنهم الله تعالى..
قوله تعالى:
(
(
كما استخلف الذين من قبلهم
)
)
.
هذه سنته تعالى في جميع الأمم الماضية، من أقام أوامر الله في أرضه نصره الله وأيده ومكن له، وبدله بعد الخوف أمناً..
ومن ذلك ما وقع لبني إسرائيل، فإن موسى عليه السلام جاء وهم مستعبدون فلما أطاعوا أورثهم الأرض ومكن لهم فيها..
كما قال تعالى:
(
(
وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرائيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ
)
)
. [الأعراف:137].
وقال تعالى:
(
(
وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ
)
)
[القصص:5].
ونفهم من قوله تعالى:
(
(
ليستخلفنهم في الأرض
)
)
امتداد حكمهم وقوتهم في أنحاء المعمورة. [بحسب قوة الصفات التي ذكرها الله تعالى فيهم، مع الأخذ بأسباب النصر المادية].
قوله تعالى:
(
(
وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم
)
)
..
يقال: مكن له إذا جعل له مكانة، أي يجعل لهم ديناً قوياً، ظاهراً على الأديان كلها..
كما قال تعالى:
(
(
هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ
)
)
. [الصف:9].
والمراد انتشار الدين وسيطرته على كل دين في الأرض..
قوله تعالى:
(
(
وليبدلنهم
)
)
..
قرأ السبعة بتشديد الدال، من بدّل، وقرئ ـ في غير السبعة ـ بالتخفيف من أبدل..
وقد كان هذا التبديل في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنهم كانوا في خوف شديد، تتكالب عليه قوى الشر من كل جهة فبدل الله خوفهم أمناً، ودانت لهم كل الدنيا..
قوله تعالى:
(
(
يعبدونني
)
)
..
جملة حالية، أي حال كونهم يعبدونني أعطيهم ما ذكر، والرابط هو ضمير الجماعة الذي هو الواو، على حد قول ابن مالك:
[sh]
وذات بدء بمضارع ثبت=حوت ضميراً ومن الواو خلت
[/sh]
وقوله تعالى:
(
(
لا يشركون بي شيئاً
)
)
..
حال أيضاً من فاعل يعبدونني أي يعبدونني في حال كونهم مخلصين عبادتهم لي، وهي من نوع الحال المتداخلة..
وهاتان الجملتان جامعتان لمعنى لا إله إلا الله، فمعنى: لا يشركون بي هو معنى لا إله، ومعنى: يعبدونني، وهو معنى إلا الله..
وبعض النحويين يمنع الحال المتعددة ويجيز الحال المتداخلة، كما هنا، والصحيح جوازها معاً، ومما يدل على جواز الحال المتعددة قوله تعالى:
(
(
وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً
)
)
[الأعراف:150].
فغضبان وأسفا حالان، وهي متعددة، صاحبها موسى عليه السلام، وعاملها: رجع.
قوله:"شيئا"أي شيئاً من المعبودات، فيكون مفعولاً به ليشركون ويجوز أن يكون شيئاً من الشرك، فيكون مما ناب عن المفعول المطلق، أي شركٍ قليلاً كان أو كثيراً..
وقوله تعالى:
(
(
دينهم الذي ارتضى لهم
)
)
..
معناه أنه لا يرضى لهم ديناً غيره، وهو كقوله تعالى:
(
(
الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً
)
)
. [المائدة:3].
وقوله:
(
(
إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْأِسْلامُ
)
)
. [آل عمران:19].
قوله تعالى:
(
(
ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون
)
)
.
قال بعضهم: المراد بالكفر والفسق هنا، كفر دون كفر وفسق دون فسق.
والأظهر أن المراد الكفر الأكبر والفسق الأكبر، فهم خارجون عن طاعة الله خروجاً كلياً، والفسق يطلق على الكفر الأكبر..
كما في قوله تعالى:
(
(
وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُون
)
)
[السجدة:20].
قوله تعالى:
(
(
وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون
)
)
.
إقامة الصلاة والإتيان بها على الوجه الأكمل، وإيتاء الزكاة إعطاء الحق الواجب بشروطه..
قوله:
(
(
وأطيعوا الرسول
)
)
هذا من عطف العام على الخاص..
وعطف العام على الخاص، أو عطف الخاص على العام، كلاهما مقبول إذا كان في الخاص مزية لا توجد في أفراد العام الأخرى..
ولما كانت الصلاة والزكاة من أعظم الدعائم، بدأ بهما ثم عطف الأمر بالطاعة عليهما تنويهاً بشأنهما..
وقوله:
(
(
لعلكم ترحمون
)
)
.
لعل في القرآن لها معنيان:
المعنى الأول: التعليل، أي لأجل رحمتكم..
المعنى الثاني: على ظاهرها الترجي، ولكن بالنظر للمخاطبين أي بحسب ما يظهر لهم، أما الله تعالى فهو يعلم السر وأخفى..
وحذِف فاعل:
(
(
ترحمون
)
)
وأقيم مفعوله مقامه، لأنه معلوم وهو الله تعالى..
قوله تعالى:
(
(
لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ
)
)
.
قرئ:
(
(
تحسبن
)
)
بالتاء والياء، وبكسر السين وفتحها، وهي قراءات سبعية، والحسبان ظن، والمراد على قراءة التاء: لا تظنن يا محمد الذين كفروا معجزين، أي سابقين فائتين ربهم، كلا..! لا خلاص لهم منه، بل هم تحت قبضته يفعل بهم ما يشاء..
أما قراءة الياء، فاختلف في الفاعل:
فقال جماعة: الفاعل الذين، والمفعول الأول محذوف، والتقدير: لا يحسبن الذين كفروا أنفسهم معجزين، وفي هذا نزاع..
وقال آخرون: بل في الكلام التفات إلى الغيبة، والفاعل هو النبي صلى الله عليه وسلم، والذين مفعول أول، ومعجزين مفعول ثان، كما هو الشأن في قراءة التاء، والتقدير: ولا يحسبن محمد الذين كفروا معجزين..
الفهرس
16485030
عداد الصفحات العام
419
عداد الصفحات اليومي
جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م