﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


الأمر الثالث مما يعين العبد على الإخلاص:

الأمر الثالث مما يعين العبد على الإخلاص:

لجوء المؤمن إلى ربه تعالى في كل أحواله، وبخاصة عندما يريد أن يؤدي عملاً يتقرب به إلى الله، يلجأ إليه ويدعوه أن يجعل عمله خالصاً له فيقول: اللهم اجعل عملي خالصاً لوجهك الكريم، لا تشوبه شائبة رياء لأحد، فإذا دعاه صادقاً راجياً منه ذلك، أعانه وأذهب عنه الالتفات إلى سواه، ووقاه وساوس الشيطان، وهوى النفس الأمارة بالسوء؛ لأنه تعالى قد وعد عباده بالاستجابة لدعائهم إذا صدقوا فيه، كما قال تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِي فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186)}[1]



وقال تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (60)} [2]



ولا سيما دعاء المؤمن ربه في جوف الليل، الذي يدفعه إيمانه بربه وخوفه منه، إلى هجر ما هو شديد الحب له والركون إليه من نوم عميق، وراحة مرغوبة، على فراش وثير، وخل أثير، يهجر ذلك طمعاً في رضا الله وثوابه، والفوز بما خفي عنه من قرة أعين، وخوفاً من سخط الله وعقابه، فهو خائف طامع عامل، كما قال تعالى: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنْ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (16) فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (17)} [3].

سائراً في درب ذلك الركب العظيم الذين قال الله تعالى عنهم: {وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقاً (69)} [4]



والمرء مع من أحب، كما في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله متى الساعة؟ قال: >وما أعددت للساعة؟< قال: حب الله ورسوله، قال: >فإنك مع من أحببت<.

قال أنس: فما فرحنا بعد الإسلام فرحاً أشد من قول النبي صلى الله عليه و سلم: >فإنك مع من أحببت< قال أنس: فأنا أحب الله ورسوله وأبا بكر وعمر، فأرجو أن أكون معهم وإن لم أعمل بأعمالهم"[البخاري (5/2283) ومسلم (4/2032) واللفظ له.].

وينبغي أن يتحين المؤمن ما يتحينه الصائد الماهر من أوقات الفوز بالمطلوب في أوقات الإجابة، كما روى أبو سعيد وأبو هريرة رضي الله عنهـما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: >إن الله يمهل حتى إذا ذهب ثلث الليل الأول نزل إلى السماء الدنيا، فيقول هل من مستغفر؟ هل من تائب؟ هل من سائل؟ هل من داع؟ حتى ينفجر الفجر< [البخاري (5/2283) ومسلم (4/2032) واللفظ له.]



وفي رواية عنهما: >إذا مضى شطر الليل أو ثلث الليل، أمر منادياً فنادى هل من داعٍ فيستجاب له؟ هل من سائل فيعطى سؤله؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ هل من تائب فيتاب عليه؟<.

الأمر الرابع مما يعين العبد على الإخلاص: أن يتذكر المسلم عظمة الله تعالى الذي لا ينفعه ولا يضره غيره، لا في الدنيا ولا في الآخرة، كما مضى. كما قال تعالى: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (17)} [7]



ومن عظمته التي إذا تذكرها الإنسان أعانته إلى الإخلاص له، أنه تعالى يعلم كل شيء لا تخفى عليه خافية، فكل ما تكنه الصدور لا فرق عنده بين ما غاب عن الناس وما شهدوه، وليس هذا لأحد غير الله، كما قال تعالى: {وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ (74)} [8]



فعلمه تعالى بما تخفيه الضمائر على سواه من المخلوقات دافع قوي، ومعين عظيم للمؤمن على مجاهدة نفسه ليخلص أعماله لربه، فإن كل ما عدا الله تعالى لا يعلم إلا ما ظهر له من قول أو فعل، أما رب السموات والأرض، فلا تخفى عليه خافية.

كما قال تعالى: {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (61)} [9]



فإذا تصور العبد وهو يُقدم على عمل أن ربه يعلم ما في قلبه ثم قصد بعمله غيره، فليعتبر ذلك برهاناً على فقده الإخلاص لله في ذلك العمل، فليجاهد نفسه وهواه والشيطان على تطهير قلبه من الشرك الخفي على غير الله، ولينقِّ عمله من شائبة العمل للمخلوقين، ويخلصه للخالق جل وعلا.

1 - البقرة.
2 - غافر.
3 - السجدة.
4 - النساء.
5 - البخاري (5/2283) ومسلم (4/2032) واللفظ له.
6 - البخاري (5/2283) ومسلم (4/2032) واللفظ له.
7 - الأنعام، والآيات مثلها كثير.
8 - النمل.
9 - يونس.



السابق

الفهرس

التالي


15996506

عداد الصفحات العام

1699

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م