﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


الفصل الثالث عشر: عَمَّنْ تُصَفَّدُ الشَّيَاطِينُ؟

الفصل الثالث عشر: عَمَّنْ تُصَفَّدُ الشَّيَاطِينُ؟

روى أبو هريرة رضي الله عنه، قال: "قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ((إذا كان رمضان، فُتحت أبواب الرحمة وغُلقت أبواب جهنم، وسُلسلت الشياطين))[ البخاري (1800) ومسلم (1079) واللفظ له.].
وساقه الإمام أحمد، بلفظ: ((قد جاءكم رمضان، شهر مبارك افترض الله عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب الجنة، ويغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه الشياطين، فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها..)) [المسند (7148).].
وسياق النسائي قريب من سياق الإمام أحمد[سنن النسائي (2106).].
ورواه الحاكم بلفظ: ((إذا كان أول ليلة من رمضان، صُفدت الشياطين ومردة الجن، وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنان فلم يغلق منها باب، ونادى منادٍ: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار))[ المستدرك على الصحيحين (1532) وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذه السياقة".]. ورواه الترمذي بنفس السياق، إلا انه زاد بعد قوله: ((ولله عتقاء من النار، وذلك كل ليلة))[ سنن الترمذي (682).].
في هذه الأحاديث ثلاث مسائل رئيسة:
المسألة الأولى: أن الله يفتح في أول ليلة من شهر رمضان أبواب الرحمة، أو الجنة.
المسألة الثانية: أنه تعالى يغلق أبواب جهنم.
المسألة الثالثة: أنه يسلسل الشياطين، ومردة الجن.
وسنتناول في الفقرات التالية المسألة الثالثة (تصفيد الشياطين).
ولسنا نريد الدخول فيما قيل من أن تصفيدهم وسلسلتهم، حقيقة أو مجاز، فالمراد على كلا الرأيين، أن الله تعالى يخفف من شر الشياطين ووسوستهم في صدور المؤمنين، إعانة لهم على صيام رمضان وقيامه، والاجتهاد في الإكثار من الطاعات، ومجاهدة النفس على ترك المعاصي... هذا هو المعنى المراد من تصفيد الشياطين... و الله اعلم.
و"التصفيد" معناه في اللغة شَدُّ الأصفاد، وهي القيود والأغلال، في أيدي المسجونين وأرجلهم.
ويورد العلماء في هذه المسألة إشكالاً، وهو أن كثيراً من المسلمين، يرتكبون المعاصي في شهر رمضان الذي تصفد فيه الشياطين، وقد لا يصوم بعضهم الشهر نفسه..!!
قال الحافظ ابن حجر: "وقال القرطبي ـ بعد أن رجح حمله على ظاهره ـ: فإن قيل كيف نرى الشرور والمعاصي واقعة في رمضان كثيراً، فلو صفدت الشياطين، لم يقع ذلك؟
فالجواب: أنها إنما تغل عن الصائمين الصومَ الذي حوفظ على شروطه، وروعيت آدابه، أو المصفد بعض الشياطين، وهم المردة، لا كلهم، أو المقصود تقليل الشرور فيه، وهذا أمر محسوس، فإن وقوع ذلك فيه أقل من غيره، إذ لا يلزم من تصفيد جميعهم أن لا يقع شر ولا معصية.." [فتح الباري (4/115).].
ويبدو أن ما ذكره القرطبي رحمه الله "أنها إنما تغل عن الصائمين الصومَ الذي حوفظ على شروطه، وروعيت آدابه" هو جواب سليم.
ونحن نرى أثر تصفيد الله تعالى الشياطين في هذا الشهر، واضحة في سلوك المسلمين، كل منهم بقدر ما يبذل من الاجتهاد في طاعة الله، والبعد عن معصيته، فالمسلم المجتهد في طاعة الله في غير رمضان، يزيد اجتهاده في رمضان، والمسلم الذي يسدد ويقارب ويكون منه تقصير في غير رمضان، يكون في رمضان أكثر تسديداً ومقاربة، وأقل تقصيراً فيه، والمسلم الذي يكثر فسقه في غير رمضان، يقل فسقه فيه.
أما المسلم الموغل في ترك الطاعات، المبالغ في ارتكاب الكبائر في غير رمضان، فإنه يجذبه في هذا الشهر الكريم أربعة عوامل:
العامل الأول: أجواء رمضان الإيمانية العبادية، التي يراها في عامة المسلمين، في المنازل و الأسر، وفي الشوارع والأسواق التي تختفي فيها المطاعم والمشارب في النهار، وفي المساجد والجوامع التي تمتلئ بالمصلين في الليل والنهار.
العامل الثاني: نفسه الأمارة بالسوء التي تشده إلى ما ألفته من الوقوع في حمأة الشر والفساد.
العامل الثالث: الشيطان الذي يوسوس في صدره، ويغريه بالاستمرار في سلوك سبله التي كان يسلكها في غير رمضان.
العامل الرابع: شهواته التي تدعوه إلى تناول ما ألف التلذذ به منها...
وهذا الصنف من 14، يحتاج إلى إرادة قوية، وعزم شديد، ونية صادقة، ليرجح كفة العامل الأول، واللجوء إلى الله تعالى ليعينه على التغلب على هزيمة جيوش العوامل الثلاثة، فإن انتصر على أعدائه نال حظه من تصفيد الشياطين، وفاز بالخير العميم في شهر رمضان، وإن هُزِم في هذه المعركة، بقي أسيراً لشيطانه ونفسه وهواه، وحرم فرص نفحات هذا الشهر الكريم.
ولمزيد من الإيضاح نقول: إن الله تعالى ذكر في كتابه، أنه أنزل كتبه السابقة، وأنزل كتابه القرآن، هدىً للناس، ولكن كثيراً من 14، لم يهتدوا بالكتب السابقة، ولا بالقرآن الكريم، وهذا يدل على أن من أراد الهداية في كتب الله المنزلة في عهد رسله السابقين، وجدها وعَبَد اللهَ فكان مهتدياً فعلاً، ومن أراد الهداية في كتاب الله "القرآن" وجدها فيه وعبد الله تعالى، فكان مهتدياً بالفعل، وأن من لم يرد الهداية الموجودة في كتاب الله، لم يكن من المهتدين بالفعل، مع أنها متاحة له لو أراد.
قال تعالى: { الم (1) اللهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (2) نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ (3) مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ(4)}[7]. فهو تعالى أنزل التوراة والإنجيل {هُدىً لِلنَّاسِ} في عهد موسى وعيسى، عليهما السلام، ولكن المهتدين بهما فعلاً قليل.
وقال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ(185)} [8]. وها هو القرآن الكريم قد بقي محفوظاً، يحمل الهدى لكافة 14، ومع ذلك لم يهتد به فعلاً إلا القليل من بني البشر، ولهذا خصَّ سبحانه و تعالى من انتفع بهذا القرآن واهتدى بهداه في آيات كثيرة:
منها قوله تعالى: {ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ(2)} [8]. والمقصود من هذا أن الله تعالى يشرع وييسر ما ينفع الإنسان ويدعوه إلى الانتفاع به، وينقسم 14 قسمين:
قسم يستجيب لدعوة الله وينتفع بما أوجده لنفعه..
وقسم يرفض دعوة الله ولا ينتفع بما أوجده لنفعه..
ومن هذا الباب تيسير الله تعالى لعباده المؤمنين سبل طاعته، وتسهيله لهم ترك معصيته، في هذا الشهر الكريم، بتصفيده الشياطين الذي يضلون عباد الله، الذي دعاهم إلى الانتفاع بهذا التيسير والتسهيل.
فمن لبى دعوته، واستعان به وجاهد نفسه وهواه وشيطانه، انتفع بما يسره الله له، ومن أبى إلا التمرد على طاعة الله، واستمر مطيعاً للشيطان، فهو الذي جنى على نفسه وحرمها من فرصة سانحة متاحة.
وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه، ما يبين هذا المعنى، فقد روى أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: ((كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى)) قالوا: يا رسول الله ومن يأبى؟ قال: ((من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى))[ صحيح البخاري، برقم (6851).]. فمن اغتنم تصفيد الشياطين واجتهد في طاعة ربه، بمنزلة من اهتدى بالقرآن، ومن تجاهل ذلك واستمر في غيه، بمنزلة من أبى الاهتداء بالقرآن.
فيصح أن يقال: إن الشياطين إنما صفدت لمن يرغب في طاعة الله وترك معصيته، ولم تصفد لمن أصر على الاستجابة لها.
كما صح أن يقال: إن القرآن هدى لمن اتقى الله وسعى في طاعته، وليس هدى لغيره ممن كفر به.
أقسام الهدى:
القسم الأول: هدى دلالة وإرشاد وهو بمعنى البيان، وهذا شامل لكل 14، فالقرآن يهديهم ويدلهم على الحق ويبينه لهم ويدعوهم إليه، ويهديهم ويدلهم على الباطل، أي يبينه لهم، ويحذرهم منه، فيهتدي به فعلاً من استجاب، ويحرم من هدايته من استكبر وأبى.
ولنضرب مثالاً يوضح الأمر: لو أن جباراً في الأرض، جمع 14 في سجن كبير وكبلهم بالأغلال والأصفاد، وأحاط السجن بحراس شداد، يمنعون المسجونين من الخروج، ويسومونهم سوء العذاب، ثم هيأ الله لهم أميراً رحيماً أقوى من ذلك الجبار، ومعه جنود أقوياء يطيعون أمره، فأمرهم بطرد حراس السجن وفتح أبوابه، ثم أمر منادياً ينادي من في السجن: أن اخرجوا فأنتم أحرار طلقاء، فاغتنم الفرصة من يريدون العزة والحرية وخرجوا، وأبى آخرون ممن ألفوا الذل والهوان، وأصروا على بقائهم في سجن ذلك الجبار..!!
ألا يصح أن يقال: إن أبواب السجن فتحت للجميع، باعتبار أن الفرصة أتيحت لهم، ويقال: إن أبواب السجن إنما فتحت لمن خرجوا، باعتبار أنهم هم الذين استفادوا منه فعلاً؟ وعلى هذا يقاس تصفيد الشياطين، ويعرف من صفدت لهم حقيقة.
وهل ينتصر القاعد على عدوه؟
معلوم أن الشيطان عدو لآدم وذريته، وعداؤه للإنسان قديم، إذ لم يوجد الإنسان إلا كان الشيطان بجانبه، يحسده على الخير الذي آتاه الله، ويدبر له المؤامرات، ويكيد له المكائد ويغريه بالمعاصي، ويزين له الابتعاد عن طاعة الله ورضاه، وهو مُصِرٌّ على مواصلة العداء والإضلال، وهو ملازم للإنسان ملازمة مستمرة، في كل مكان وزمان، وله أساليب متنوعة في الإضلال والإغواء وقلب الحقائق حتى يُرِيَ الإنسانَ الحقَّ باطلاً والباطلَ حقاً، ويتخذ أنواعًا من التهديد والتخويف التي يرعب بها الإنسان، ليثنيه عن طاعة الله، ويوقعه في معصيته.. إنه الشيطان!
وقد أبان الله لخلقه تلك العداوة، وحذرهم من عدوهم غاية التحذير، وأمرهم أن يتخذوه عدواً كما اتخذهم هو أعداء، والقرآن مليء بالآيات المحذرة منه، وقد ذكرت شطراً منها مع التعليق على بعض معانيها في كتاب "الجهاد في سبيل الله ـ حقيقته وغايته".
ومنها قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ (5) إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ (6)} [11]. وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ(208)}[8]. ولا ينتصر العدو على عدوه وهو قاعد، بل لا بد من أن يدفع عن نفسه، بكل وسيلة متاحة لمجاهدته، ولهذا نرى الحيوانات في الغابات والقفار يقاتل بعضها بعضاً، هجوماً ودفاعاً، وقد يقضي القوي على الضعيف، أو يطرده من الأرض التي يسيطر عليها، وهكذا البشر، من لم يتخذ أسباب القوة، لا يعيش إلا ذليلاً مهاناً، ومن لم يُرهب عدوُّه أرهبه عدوه.
قال تعالى: {وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنْ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (200) إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنْ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ(201)}[13]. فَدَفْعُ الإنسانِ أذى عدوه إبليس، لا يكون بالسيف والرشاش والصاروخ، وإنما يكون بالاستجابة لأمر الله وطاعة رسوله، والالتجاء إلى الله تعالى والاستعاذة به منه، والإكثار من ذكر الله. فإذا لم يتخذ الإنسان هذا السلاح لمحاربة هذا العدو، صرعه ولا بد.
ثم إن الشياطين التي توسوس في صدور ابن آدم، ولا يسلم منها المؤمن إلا بالاستعاذة بالله من وسواسها، هذه الشياطين تكون من الجن والإنس، ولهذا منح الله خلقه من 14 سورة سميت باسمهم: "سورة 14" وفيها أمر الله تعالى رسوله، وهو قدوة أمته، بالاستعاذة من القسمين:
{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَهِ النَّاسِ (3) مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) مِنْ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (6)}[14]. والشياطين، ليس لهم سلطان على عباد الله المؤمنين الحريصين على طاعة الله وترك معصيته، أما من آثر تولي الشياطين، على ولاية الله، فإن الله تعالى يكله على من تولاه، فيكون له عليه سلطان، ويكون سلطانه عليه بقدر توليه إياه..
كما قال تعالى: { فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (98) إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (99) إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ (100)} [15]. وعلى ضوء ما مضى ينبغي أن نفهم معنى تصفيد الله للشياطين في هذا الشهر الكريم.

1 - البخاري (1800) ومسلم (1079) واللفظ له.
2 - المسند (7148).
3 - سنن النسائي (2106).
4 - المستدرك على الصحيحين (1532) وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذه السياقة".
5 - سنن الترمذي (682).
6 - فتح الباري (4/115).
7 - آل عمران
8 - البقرة
9 - البقرة
10 - صحيح البخاري، برقم (6851).
11 - فاطر
12 - البقرة
13 - الأعراف
14 - الناس
15 - النحل



السابق

الفهرس

التالي


15996664

عداد الصفحات العام

1857

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م