﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


الفصل السادس: وسائل الاهتداء بالقرآن

الف1ل السادس: وسائل الاهتداء بالقرآن

ووسائل الاهتداء بكتاب الله عند تلاوته:
الوسيلة الأولى: تلاوته أو سماعه والإن1ات له بتدبر لفهم معانيه:
وهذه الوسيلة هي مفتاح تزكية المسلم نفسه، بطاعة الله وترك معا1يه، على أساس تلاوة القرآن الكريم؛ لأن فهم مراد الله تعالى من عبده المؤمن يعين القارئ على تطبيق ما فهمه.
فقد بيَّن سبحانه أنه أنزل هذا القرآن، ليتدبره العقلاء، ويتذكروا ما فيه من الحق الذي يبينه لهم، ويدعوهم إلى العمل به، والباطل الذي يكشفه لهم ويحذرهم منه، وما يجب عليهم من طاعة الله ورسوله 1لى الله عليه و سلم، قال تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الأَلْبَابِ(29)} [1].
وأنكر سبحانه على من ع1اه، وأهمل تدبر كتابه. كما قال تعالى: {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً(82)} [2].
وقال تعالى: {أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الأَوَّلِينَ(68)} [3].
وقال تعالى: {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا(24)} [4].
فينبغي للمؤمن، وهو يتلو كتاب الله، أن يحقق ما أراده الله من إنزال القرآن من التدبر والتذكر، وألا يكون كأهل الكفر والنفاق الذين لا يعيرون كتاب الله اهتماماً، ولا يلقون له بالاً، بل يعارضون ويلغون فيه.
الوسيلة الثانية: أن يبحث القارئ لكتاب الله أو السامع له، عما يحبه الله تعالى:
من القول والعمل والاعتقاد، ومن الأخلاق وال1فات، وما يكرهه الله من ذلك، ويبحث كذلك عمن يحبهم الله ومن يبغضهم.
فسيجد في كتاب الله ذكر المؤمنين والمؤمنات والثناء عليهم و1فاتهم وثوابهم، وما شابه ذلك، كال1الحين، والشهداء، والمتقين، وال1ديقين، ويجد ذكر الكفار وذمهم و1فاتهم وعقابهم، ويجد ذكر المنافقين وتقبيحهم و1فاتهم وجزائهم، ومثل ذلك الظالمون، والفاسقون، والمجرمون.
وسيجد تالي القرآن أقوالاً وأعمالاً أمر الله بإتيانها، وأخرى نهى الله عنها، وسيجد ما يهيئ للمسافر إلى الجنة ما يؤهله للسفر إليها، وللمسافر إلى النار ما يهيئه للسفر إليها، وهكذا.
إن معرفة تالي القرآن لذلك كله، يعينه على طاعة ربه وترك مع1يته.
ولنضرب لذلك بعض الأمثلة:
فالله تعالى يحب الإحسان والمحسنين: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ(195)} [5].
وهو يحب التقوى والمتقين: {بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ(76)} [6].
ويحب ال1بر وال1ابرين: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَ1َابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ ال1َّابِرِينَ(146)} [6].
ويحب التوكل والمتوكلين: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ(159)} [6].
ويحب الطهر والمتطهرين: {لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ(108)} [9].
ويحب العدل وأهله: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَ1ْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَ1ْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ(9)} [10].
ويحب الجهاد والمجاهدين: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ 1َفّاً كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْ1ُو1ٌ(4)} [ال1ف].
ولا يحب العدوان والمعتدين بل يبغضهم: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ(190)} [5].
ولا يحب الفساد والمفسدين: {وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ(205)} [5].
ولا يحب الكفر والكافرين: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ(32)} [6].
ولا يحب الظلم والظالمين: {وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا ال1َّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ(57)}[6].
ولا يحب الخيانة والخائنين: {وَلا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّاناً أَثِيماً(107)}[2].
ولا يحب الإسراف والمسرفين: {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَ1َادِهِ وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ(141)} [17].
الوسيلة الثالثة: عرض القارئ نفسه على ما يحبه الله وما يكرهه وما يأمر به، وما ينهى عنه:
ويعرض 1فاته على 1فات المؤمنين، و1فات الكافرين و1فات المنافقين، ليعرف موضعه الذي وضع نفسه فيه، ومن هم قرناؤه؟
فإن وجد في نفسه خيراً فليحر1 عليه، وإن وجد غير ذلك فليعلم أن المرء مع من أحب، وليداوِ نفسه بالقرآن الكريم: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي ال1ُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (57)} [18]. {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ..(9)} [19].
وسيجد قارئ القرآن كثيراً من علاقات أ1ناف البشر بعضهم ببعض، كالأسرة من أب وأم وابن وبنت، وزوج وزوجة، وأخ وأخت، وكل ذي رحم مع رحمه، وجار مع جاره، ودائن ومدين، وولي أمر ورعية.
ولكل من تلك الأ1ناف حقوق، وعليه واجبات، ل1احب الحق أن ينال حقه بدون زيادة، وعلى من عليه واجب أن يؤدي واجبه بدون نق1، والقارئ لا بد أن يكون واحداً من هؤلاء، له حقوق وعليه واجبات، وهو في حاجة إلى معرفة حقوقه، حتى لا يأخذ ما ليس فيه حق، ومعرفة واجباته، حتى يؤديها إلى أهلها.
إن القرآن مرآة المؤمن يرى فيه محاسن نفسه، فيحر1 على بقائها و الازدياد منها، ويرى مساوئها فيحر1 على التخل1 منها والبعد عن مثيلاتها، وهذه المرآة تظهر للإنسان طهارة قلبه أو قذارته، ولا توجد مرآة تحقق هذا الغرض غير كتاب الله وسنة رسوله 1لى الله عليه و سلم... ولهذا يحر1 عباد الله ال1الحون على المداومة على النظر فيهما، رغبة في تعاهد قلوبهم وطهارتها.
{إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ ال1َّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً(9)} [19]. ولهذا قال ابن مسعود رضي الله عنه وغيره من السلف: "إذا سمعت الله تعالى يقول في القرآن {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} فارعها سمعك فإنها خير يأمر به أو شر ينهى عنه"[ تفسير القرآن العظيم، لابن كثير (1/61).].
ومعنى قوله: "فارعها سمعك" يعني: أ1غ لما بعد نداء الله بـ{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} واهتم به؛ لأن ما يتلو ذلك النداء، لا يخلو من ذكر خير، لا يليق بالمؤمن تفويته، أو ذكر شر، لا يليق بالمؤمن ارتكابه.

1 - ص
2 - النساء
3 - المؤمنون
4 - محمد
5 - البقرة
6 - آل عمران
7 - آل عمران
8 - آل عمران
9 - التوبة
10 - الحجرات
11 - الصف
12 - البقرة
13 - البقرة
14 - آل عمران
15 - آل عمران
16 - النساء
17 - الأنعام
18 - يونس
19 - الإسراء
20 - الإسراء
21 - تفسير القرآن العظيم، لابن كثير (1/61).



السابق

الفهرس

التالي


15996721

عداد الصفحات العام

1914

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م