﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


السبب الثاني: أن اليهود والنصارى يكفرون بدينهم الحق:

السبب الثاني: أن اليهود والنصارى يكفرون بدينهم الحق:
الذي أنزله الله تعالى في التوراة والإنجيل، على موسى وعيسى، عليهم الصلاة والسلام؛ لأن الدين الذي نزل عليهم هو دين التوحيد، ودين الإسلام الذي أنزله الله تعالى على نبينا صلى الله عليه و سلم، وعلى جميع الرسل قبله، من نوح إلى عيسى عليه السلام، ومن كان منهم عنده شيء مما بقي من التوراة أو الإنجيل الذي أنزله الله تعالى حرفوه، كما قال تعالى: {وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنْ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنْ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ(78)} [1].
وما لم يحرفوه كتموه، ومن أهم ما يكتمونه رسالة نبينا محمد صلى الله عليه و سلم، كما قال تعالى: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (146)} [1].
وقد دعاهم رسولنا بما أوحاه الله تعالى عليه من كتابنا؛ أن يستووا معنا في عبادته وحده، وترك اتخاذ أرباب من دونه، وأمرنا إذا أبوا هذه الدعوة أن نعلن إسلامنا الذي رفضوه، وأقام عليهم الحجة القاطعة، والبرهان الساطع، على أن ادعاءهم أنهم على حق إنما هو جدال بالباطل، سواء فيما علموه من التوراة والإنجيل من نبوة محمد صلى الله عليه و سلم، أو فيما جهلوه من ملة إبراهيم الذي يدعون أنه كان يهودياً أو نصرانياً، وبيَّن تعالى أن أحق الناس بالانتساب إلى إبراهيم عليه السلام هو رسولنا محمد صلى الله عليه و سلم، ومن آمن به واتبع ما أنزله الله عليه،كما قال تعالى: { قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (64) يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتْ التَّوْرَاةُ وَالإِنجِيلُ إِلاَّ مِنْ بَعْدِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (65) هَاأَنْتُمْ هَؤُلاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (66) مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلا نَصْرَانِيّاً وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَمَا كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ (67) إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ (68)} [3].

هذه الآيات واضحة جداً بأن اليهود والنصارى ـ وإن سماهم الله أهل كتاب ـ أنهم مشركون بالله تعالى، كما هو واضح؛ لأنهم ليسوا على دين إبراهيم ـ عليه السلام ـ دين التوحيد والإسلام لله وحده، وإذا نفى الله عنهم التوحيد، لم يثبت لهم إلا الشرك، ولهذا قال تعالى: { وَمَا كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ } بعد قوله: { مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلا نَصْرَانِيّاً وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفاً مُسْلِماً }..
ثم إن اليهود لا يؤمنون بعيسى عليه السلام ولا بمحمد صلى الله عليه و سلم، والنصارى لا يؤمنون، بموسى عليه السلام ولا بمحمد صلى الله عليه و سلم، والأمة التي تعلن كفرها برسول واحد من رسل الله هي كافرة حقاً..
كما قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً (150) أُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ حَقّاً وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُهِيناً (151)} [4].
ولهذا ترى اليهود والنصارى يحاولون لشدّة حسدهم لهذه الأمة إخراجها من الدين الحق إلى غيره من أديان الكفر، إما باتباع دينهم المحرف، وهذا ما يفعله المنصرون، وإما باتباع مبادئ كفر يبثها اليهود في أوساط المسلمين، بعناوين متنوعة، كالنوادي والأحزاب الإلحادية ونحوها التي تؤدي بأصحابها إلى الكفر بالله تعالى. وذلك غير خاف على من له أدنى اطلاع على نشاطاتهم في العالم في كل العصور.
أما السبب الأول وهو اعترافهم بعدم الإيمان بالإسلام ووصفهم بالكفار ـ وهو الكفر بدين الإسلام ـ فهو أمر لا يحتاج إلى إثبات.
وأما السبب الثاني وهو عدم إيمانهم بالدين الحق الذي نزلت به التوراة والإنجيل على كل من موسى عليه السلام وعيسى عليه السلام، فقد أخبرنا الله تعالى به فيما أنزله على محمد صلى الله عليه و سلم من كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، حيث أخبرنا بأنهم حرفوا وبدلوا وكتموا، فدعوى اليهود الإيمان بالتوراة، ودعوى النصارى الإيمان بالإنجيل، دعوى كاذبة، بدليل أن اليهود قالت للنصارى ليسوا على شيء، وقالت النصارى لليهود: ليسوا على شيء، فأخبرنا الله تعالى أنهم كلهم ليسوا على شيء، كما سبق في قوله تعالى: {وَقَالَتْ الْيَهُودُ لَيْسَتْ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتْ النَّصَارَى لَيْسَتْ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (113)}[1].
وما سعي النصارى الجاد في تنصير المسلمين في غالب البلدان، وإنفاقهم الأموال وإنشاء المستشفيات والمدارس والكنائس، التي يتخذونها ذرائع لتنصير جهال أبناء المسلمين، الذين يعتبرونهم كفاراً، وبعث المنصرين من المهندسين والأطباء وغيرهم إلى تلك البلدان إلا دليل على كفرهم بدين الإسلام.
وقد يكون بعضهم يؤمن بأن الإسلام حق، ولكنه يستكبر عن الإقرار به ويصر على كفره.
وقد يظهر بعض قادة النصارى بأن القرآن من عند الله، وأن محمداً صلى الله عليه و سلم رسول الله، وأن الإسلام حق، ولكنه يقول عن رسالة الرسول ودين الإسلام أنهما خاصان بالعرب، وليسا لكل البشر يجب عليهم كلهم الإيمان بهما.
وقد يظهر بعض النصارى اليوم أن الإسلام دين سماوي ويدعون إلى ما يسمونه بحوار الأديان، وغالبهم إنما يظهرون ذلك خداعاً للمسلمين وتضليلاً لهم.
ونحن مع ذلك لا نمنع الحوار مع أهل الكتاب، ولا غيرهم، وكتابنا مليء بالحوار بين الرسل وقومهم الكافرين، بل نؤيده ونعتقد أنه قد يكون واجباً علينا لنبين لهم أن الإسلام هو الحق، وأن كل ما عداه من الأديان باطل بعد الرسالة الخاتمة، ولا يجوز لنا أن نداهن ونكتم ما نطق به كتابنا وما دعا إليه نبينا صلى الله عليه و سلم، مجاراةً لمن نحاوره ومداهنةً له؛ لأن الله تعالى لعن من كتم الحق بعد أن بينه الله تعالى.
قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنْ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمْ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمْ اللاَّعِنُونَ (159) إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (160)} [1].
وقد يعترف بعضهم تحت قهر البراهين والأدلة الدامغة بأن الإسلام حق، ولكنه لا يرى أن الأديان الأخرى من اليهودية والنصرانية المحرفتين أصبحت أدياناً لا يرضى بها الله بعد مجيء الإسلام، ويرى أنه لا ينبغي للنصارى إخراج المسلمين من دينهم، ولكن هذا الفريق قليل بل نادر.
ويغلب على ظني أن من هذا الفريق النادر: "الأب الدكتور ميشيل لولونغ الفرنسي" الذي قابلته في مكتبه بالكنيسة في باريس، يوم الخميس: 24/1/1408ه ـ 17/9/1987م.
فقد أجريت معه حواراً طويلاً، أنقل منه النص الآتي الدال على أنه من هذا النوع النادر، لأني لمست منه الصدق فيما يقول، وقد قال عنه الدكتور عبد الله بن عمر نصيف الذي كان أميناً عاماً لرابطة العالم الإسلامي: إنه قد يكون ممن يؤمن بالإسلام ويكتم إيمانه، لما رأى فيه من الصدق[يمكن مراجعة هذا الحوار في المجلد الثاني عشر من سلسلة في المشارق والمغارب (فرنسا).].
وهذا نص كلام الرجل في حواري معه:
فقد قال في أول كلامه: "أنا لست مبشراً، ولا أرى أن المسلمين في حاجة إلى التبشير؛ لأن عندهم ما يكفيهم، وهو الإسلام الذي جاء به القرآن والرسول محمد صلى الله عليه و سلم".
وسألت الأب فقلت: ما دمت على اطلاع طيب على القرآن والسنة والسيرة النبوية، فهل وصلت في اطلاعك ذلك إلى أن القرآن هو كلام الله حقاً، وأن محمداً صلى الله عليه و سلم هو رسول الله صدقاً؟
فأجاب: "هذا سؤال مهم وصعب، ولقد حاولت في كتاب مع مجموعة من المسيحيين والمسلمين أن أشرح كيف يكون موقف المسيحي من القرآن ومن محمد ـ صلى الله عليه و سلم ـ، وموقفي الخاص كمسيحي لا أستطيع أن أشاطر المسلمين ـ يعني أوافقهم ـ تماماً في عقيدتهم، ولا أستطيع الاعتقاد بأن القرآن والرسول ـ صلى الله عليه و سلم ـ جاءا عوضاً عن الديانة المسيحية، كما هو موقف المسلمين من المسيح، يعني كما أن المسلمين لا يعتقدون أن المسيح إله، بل يعتقدون أنه رسول فقط، مخالفين في ذلك عقيدة النصارى الذين يعتقدون أنه رسول وإله، فموقفنا نحن المسيحيين من القرآن ومن الرسول كموقف المسلمين من عقيدتنا، أي لا نوافق أن الإسلام جاء بديلاً للمسيحية.
ولكن لا بد من احترام القرآن واحترام الرسول ـ صلى الله عليه و سلم ـ، لا بد أن أفهم ماذا يقول الله لي في القرآن وما يقول الرسول ـ صلى الله عليه و سلم ـ، وأنا أعتقد أن القرآن من الله وأن محمداً مرسل من الله، ولكن الوحي الإلهي الذي نزل على المسيح كان كاملا".
ويمكن مراجعة حواري معه في كتاب "حوارات مع أوربيين غير مسلمين".

1 - البقرة
2 - البقرة
3 - آل عمران
4 - النساء
5 - البقرة
6 - البقرة
7 - يمكن مراجعة هذا الحوار في المجلد الثاني عشر من سلسلة في المشارق والمغارب (فرنسا).



السابق

الفهرس

التالي


15996708

عداد الصفحات العام

1901

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م