﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


دعاوى غريبة يتفوه بها بعض ذراري المسلمين:

دعاوى غريبة يتفوه بها بعض ذراري المسلمين:
ومن عجب أن نجد بعض المنتسبين إلى الإسلام ممن يزعمون أنهم يؤمنون بالقرآن الكريم الذي بين غاية البيان، وأوضح غاية الإيضاح، أن اليهود والنصارى كفار، إضافة إلى أن اليهود والنصارى أنفسهم يصرحون بأنهم لا يؤمنون بالإسلام.
بل إن قادتهم يحاربون الإسلام في عقر داره، بكل ما يملكون من التضليل والكذب والخداع، بل من وسائل الحرب التي نراها تنتشر في شعوبنا ظلماً وعدواناً، تدعمهم في ذلك شعوبهم مادياً ومعنوياً.
أقول: من عجب أن نجد من المنتسبين إلى الإسلام من يعتقد أن اليهود والنصارى مؤمنون إيماناً شرعياً كإيمان المسلمين؛ لأنهم أهل كتاب، مع أن القرآن الكريم وصفهم بالكفر.
والأعجب من ذلك أن نرى من يقحم نفسه في صفوف طلبة العلم، ويحاول بتكلف شديد أن يستنبط من القرآن الكريم، ما يستدل به على أن بعض أهل الكتاب الذين لم يدخلوا في الإسلام، ليسوا بكفار!
ولولا خشية اغترار الجهال بدين الإسلام من المسلمين بمثل هذا الفهم الأعوج الذي تروج لنشره بعض الصحف، لما كنا في حاجة إلى ذكره فضلاً عن الرد عليه.
فمن غرائب استدلالات هؤلاء فهمهم لحرف الجر "مِن" الداخلة على أهل الكتاب في مثل قوله تعالى: {مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (105)}[1].
أنها للتبعيض، وبنوا على ذلك الفهم السقيم تقسيم أهل الكتاب قسمين: قسم كافر، وقسم غير كافر ولو كفر بالإسلام!
وهو فهم أعوج لوجهين:
الوجه الأول: أن "مِن" هنا ليست للتبعيض، كما بين ذلك علماء التفسير، بل هي للبيان، كما قال المفسر فخر الدين الرازي رحمه الله: "المسألة الأولى: {مِنْ} الأولى للبيان؛ لأن الذين كفروا جنس تحته نوعان أهل الكتاب والمشركون، والدليل عليه قوله تعالى: { لَمْ يَكُنْ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ.. (1)}، والثانية مزيده لاستغراق الخير، والثالثة لابتداء الغاية"[التفسير الكبير (3/204) وراجع تفسير أبي السعود (1/142) وتفسير الجلالين (1/22) وغيرها من كتب التفسير، والآية من سورة البينة.].
ولو سلمنا لهم هذا الفهم، لكان تركيب الآية هكذا: "إن الذين كفروا بعض أهل الكتاب والمشركين" وهو كما ترى يتنزه عنه كلام الله؛ لأن من الكافرين من ليس من أهل الكتاب، كمشركي قريش وغيرهم من عبدة الأصنام، بل ممن يخرج من الإسلام بعد الدخول فيه.
الوجه الثاني: اعتقادهم ـ بناء على فهمهم الأعوج لمعنى {مِن} ـ أن بعض أهل الكتاب ليسوا كفاراً، ولو لم يدخلوا في الإسلام، وهو اعتقاد يخالف القرآن والسنة وإجماع علماء الأمة، بل وسائر من له أدنى علم بكتاب الله تعالى.
ونحن نقول بصرف النظر عن هذا الفهم الأعوج: نعم أهل الكتاب قسمان: قسم كافر بالإسلام كما مضى. وقسم مؤمن به وليس بكافر، وهم الذين دخلوا في الإسلام.
وكل من أثنى الله تعالى عليهم من أهل الكتاب بعد نزول القرآن، فهو ممن آمن بالرسول صلى الله عليه و سلم واتبع دينه الذي جاء به من عند الله.
كما قال تعالى: {وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمْ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمْ الْفَاسِقُونَ(110)} [3].
وقال تعالى: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (52) وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ (53) أُوْلَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (54)} [4].
وقد دل على معنى الآية حديث أبي موسى رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه و سلم، قال: (ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه، وأدرك النبي صلى الله عليه و سلم، فآمن به واتبعه وصدقه فله أجران..) الحديث[صحيح البخاري (3/1096) وصحيح مسلم (1/134) واللفظ له]...
وقال تعالى: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ(199)}[3].
ومنهم على سبيل المثال، عبد الله بن سلام الذي كان يهودياً فأسلم، والنجاشي ملك النصارى في الحبشة، أسلم على يد المهاجرين إلى بلاده من المسلمين وصلى عليه الرسول صلى الله عليه و سلم بعد موته صلاة الغائب، وغيرهما ممن اتبع دين الإسلام في أي عصر من العصور، ومنهم محمد أسد وكان يهودياً، ويوسف إسلام وكان من النصارى، وغيرهم كثير في غالب البلدان، وقد أجريت مقابلات مع عدد منهم تضمنها كتاب "حوارات مع مسلمين أوربيين".
ونقول أيضاً: نعم كثير من اليهود والنصارى مؤمنون بدينهم المحرف المبدل، الذي لم يعد ديناً مقبولاً عند الله بعد مجيء الإسلام، وليسوا مؤمنين بدينهم الحق الذي أنزله على أنبيائهم، وبخاصة موسى وعيسى عليهما السلام.
إذ التوراة التي جاء بها موسى، والإنجيل الذي جاء به عيسى، قد حُرِّفا وبُدِّلا ولم يعودا محفوظين يصح الرجوع إليهما والاكتفاء بهما، بعد نزول الرسالة الخاتمة والقرآن المهيمن على جميع الكتب.
ولا ينبغي أن يغضب اليهود والنصارى من إطلاقنا الكفر عليهم؛ لأنا نقصد أنهم كفار بدين الإسلام، وهم يعترفون بذلك، فلم الغضب من أمر هم يصرحون به، ولو كانوا يؤمنون بالإسلام، لكان لهم الحق في غضبهم هذا، ونحن نبرأ إلى الله أن نكفِّر من لم يكفره الله، ولا نكفِّر إلا من يصرح بنفسه أنه يكفر بهذا الدين.
كما أنهم يطلقون على المسلمين أنهم كفار، والأمر كذلك فيما يتعلق بدينهم الذي هم عليه اليوم، فإن المسلمين يعتقدون أنه دين محرف لا يجوز الإيمان به، بخلاف الدين الذي أنزله الله على موسى وعيسى قبل التحريف، فإن المسلمين يؤمنون به ويعتقدون أن من لم يؤمن به فهو كافر.
ولهذا قال الله تعالى عن المسلمين: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285)}[1].



1 - البقرة
2 - التفسير الكبير (3/204) وراجع تفسير أبي السعود (1/142) وتفسير الجلالين (1/22) وغيرها من كتب التفسير، والآية من سورة البينة.
3 - آل عمران
4 - القصص
5 - صحيح البخاري (3/1096) وصحيح مسلم (1/134) واللفظ له
6 - آل عمران
7 - البقرة



السابق

الفهرس

التالي


16485007

عداد الصفحات العام

396

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م