﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


وفاة الشيخ مصطفى كامورا الياباني

وفاة الشيخ مصطفى كامورا الياباني
هكذا تخلو وسائل إعلام المسلمين من التنويه بدعاة الإسلام!
هكذا يفارق الدنيا دعاة الإسلام الأفذاذ، فلا يدري عنهم الإعلاميون في البلدان الإسلامية، وإذا علموا عنهم أغلقوا أقلامهم، وإذا استحيوا قليلا أشاروا إليهم بخط صغير في إحدى زوايا صحفهم.
ولكن هؤلاء الإعلاميين يملأون الصفحات، ويعقدون الندوات، وينظمون المقابلات الطويلة في الفضائيات، لشعراء الإلحاد وكتاب الحداثة، ودعاة الإباحية، وأساطين العلمانية ونجوم الرياضة، وعارضات الأزياء، وراقصات الفحش، ومغنيات الإثارة، لا بل يتتبعون نوادر القردة وغيرها من الحيوانات، ليتحفوا القراء والسامعين والمشاهدين بأخبارها المفصلة…!
ومن أفذاذ الدعاة في بلدانهم المسلم الياباني:/الحاج مصطفى كمورا الذي وافاه الأجل في يوم السبت التاسع من شهر ربيع الآخر لهذا العام:1419هـ 1/8/1998م.
لم أعلم بوفاته إلا في سطور سجلت في مجلة المجتمع الكويتية في العدد:1313 صفحة:17.
عرفت بعد ذلك أن هذه السطور التي نشرتها مجلة المجتمع، هي المعلومات المختصرة التي بعث بها الأخ الدكتور صالح بن مهدي السامرائي –رئيس المركز الإسلامي في اليابان-الذي تفضل ووافاني بها عن طريق الفاكس، في يوم الإثنين 9/5/1419هـ أي بعد وفاة الفقيد بشهر.
وحيث إني قد حظيت بلقاء الداعية المسلم: مصطفى كمورا عند زيارتي الثانية لليابان، واجتمعت به في أحد مطاعم طوكيو، وأخذت منه بعض المعلومات التي تفضل بترجمتها الفورية الدكتور صالح السامرائي، فإني أرى من الوفاء له أن أنشرها ليطلع المهتمون بالدعوة إلى الله على جهود بعض الدعاة المغمورين في العالم الإسلامي.
وهذا هو مضمون المقابلة التي تمت معه رحمه الله.
مولده ونشأته ودراسته.
ولد الحاج مصطفى كمورا سنة 1912م في مدينة كويوتو (عاصمة اليابان القديمة لمدة ألف سنة تقريبا إلى ما قبل مائة سنة)
كان مع أبيه في كوريا عندما كان عمره خمس سنين، كان في المدرسة الابتدائية في سيئول.
قابل في هذا الوقت أحمد أريجا-ويرى أنه أول مسلم ياباني-وتعرف منه على الإسلام وأسلم على يديه.
كما تعرف والد الحاج مصطفى على أحمد أريجا وفهم الإسلام وأسلم أيضا وتسمى عمر.
ودرس المرحلة المتوسطة في كويوتو، ودرس المرحلة الثانوية في مدينة نارا باللغة الصينية.
وذهب الحاج مصطفى إلى منشوريا قبل خمسين سنة (شمال شرق الصين) وكانت المساجد في الصين كثيرة، وزار بعض أئمتها وسلم عليهم واستمع إليهم، مكث في منشوريا ثلاث سنين، ثم ذهب إلى منغوليا الداخلية (الصين) ليساعد حركة استقلال تركستان الشرقية(وهي التي تسوم أهلَها الحكومةُ الصينية أقسى أنواع العذاب، وأشد أنواع الإهانة والإذلال)
وكان الشيوعيون من الروس والصينيين لهم نشاط، وكان لليابانيين مصالح في هذه المنطقة الحساسة.
وكان المسلمون الأتراك "الويغور" يحاربون الروس والصين فانكسروا وعبروا جبال الهيملايا إلى الهند، ووصلوا إلى كلكتا وشنغهاي وتلقفهم اليابانيون، فدربوهم وكونوا منهم مقاومة، وكانت اليابان ترفع شعار آسيا الكبرى لعمل اتحاد آسيوي كبير، وكان الحاج مصطفى ضمن من استقبل هؤلاء المسلمين، وكانت اليابان ذات قوة عسكرية عظمى، فالتقوا بهؤلاء وذهبوا إلى غرب الصين لمحاربة الصينيين ولكن المؤسف أن هذا التخطيط فشل بعد قنبلة هيروشيما، فاندحرت اليابان ولم تحقق الآمال.
مناصرته لإخوانه المسلمين في ميادين المعارك.
وقال الحاج مصطفى: وقبض الشيوعيون على بعض المسلمين وعددهم ستة وعشرون وقتلوهم. ونحن انسحبنا من منغوليا الداخلية، أنا وعمرميتا، وسودا، ورجعنا إلى اليابان، هذه مرحلة ما قبل الحرب العالمية الثانية 1945م وفي العشر السنين التي تلت احترقت طوكيو، ولم يكن يوجد قوت، أكل الناس أوراق الشجر وغيرها، ولم توجد ملابس ولا غيرها من الحاجات الضرورية، وبذلك لم توجد دعوة إلى الإسلام، لأن الناس مهتمون بالطعام وغيره مما يحتاجون.
تأسيسه أول جمعية إسلامية في اليابان.
وبعد عشر سنين أخرى بدأ الناس يتنفسون، وأسستُ أول جمعية إسلامية سنة 1953م، وبدأنا نفكر في الإسلام والدعوة إليه.
رحلاته ونشاطه في الدعوة.
ومنطقتي "كويوتو،، في غرب اليابان عزمت على فعل شيء للإسلام فيها، فكونت جمعية سميت بجمعية الصداقة الإسلامية اليابانية، لجمع الناس، وبدأت بذلك صحوة، وكان جماعة التبليغ يعملون في اليابان، ولكنهم في سنة 1960م رجعوا إلى باكستان، وذهبت معهم إلى لاهور، وملتان و بشاور. وبعد أن رجعت من باكستان ذهبت إلى السعودية مع عمر ميتا سنة 1964م 1965م، وفي مكة المكرمة ترجم عمر ميتا معاني القرآن الكريم بإشراف رابطة العالم الإسلامي، وكنت معه أساعده في ذلك، وكان الشيخ محمد سرور الصبان والشيخ القزاز في الرابطة، والذي كان يحركهم هو المهندس عبد الرشيد أرشد من كبار جماعة التبليغ، وقد جاء إلى اليابان سنة 1959م، واهتدى على يده خيرة الناس في اليابان، فلما سمع أن عمر ميتا بدأ في ترجمة معاني القرآن الكريم للغة اليابانية، أراد أن تتم الترجمة تحت إشرافه وبمساعدته، وكان يحفظ القرآن الكريم، فتكلم مع الشيخ الصبان واستدعت الرابطة عمر ميتا، لعمل ذلك في سنة 1962م، وبعد أن قضى عمر ميتا مدة في مكة استدعاني عن طريق الرابطة لمساعدته.
ورجعنا من مكة بعد أن انتهت مسودة الترجمة، وفي اليابان تم ترتيبها وتنقيحها، وطبعت أول طبعة لها في سنة 1972م وساعد الملك فيصل رحمه الله بمبالغ ما زالت إلى الآن تنفق على طباعة الترجمة كلما نفذت طبعتها.
ثم بدأت مرحلة النشاط، فاتصلنا أنا وعمر ميتا بالدكتور صالح السامرائي
سنة 1966م، وبدأت الدعوة في اليابان، وكنا نقضي الليالي والأيام في جنوب اليابان نحاول نشر الإسلام بين الناس، وهم يطردوننا مثل الكلاب، وصبرنا حتى استطعنا أن نتغلغل في جامعات اليابان بسبب النظام العلماني. وبدأ العمل باسم التبليغ، ولا يوجد مركز ولا مساعدات، وكان كل وأحد ينفق على نفسه من كيسه.
إسهامه في إنشاء المركز الإسلامي في اليابان.
وبعد حرب البترول بدأ الناس يتساءلون عن الإسلام، وتذاكرنا مع السامرائي، واتفقنا على إنشاء قاعدة تدعم العمل للإسلام، وانبثق عن ذلك فكرة إنشاء المركز الإسلامي، فكانت أولا اجتماعات وتخطيطا في سنة 1974م، وفي أول سنة 1975م فتح مقر المركز في غرفتين متجاورتين، ودعونا إلى المركز عمر ميتا وخالد كيبا، وأنشأت مسجدا صغيرا في أوساكا مع مشاركتي في العمل في طوكيو.
وحضر الإمام الجندول، وإمام الحرم المكي عبد العزيز آل الشيخ إلى مسجد أوساكا ومعهم أحمد توتونجي وأقيم احتفال جيد بهذه المناسبة وتوليت رئاسة المركز في الفترة الثانية، وكنت بعدها مستشارا، وذهبت مرتين إلى السعودية، وإلى ليبيا، وزرت منطقة الشرق الأوسط كانت المرة الأولى من زيارة السعودية لطلب مساعدة المركز، والمرة الثانية لمساعدة المسجد في أوساكا.
أول كتاب أُلف عن الإسلام في اليابان.
ومكثت ثمان سنوات أكتب عن تاريخ اليابان فيما يتعلق بالإسلام، وكان معي اثنان يساعدانني، انتهيت من الكتاب وهو جاهز للطبع، وهذا أول كتاب يكتب عن تاريخ الإسلام في اليابان من مسلم ياباني، ولم يكتب أحد مثله، ولا يستطيع أحد ان يكتب مثله -هكذا قال، ثم ابتسم. (والكتاب مكون من ستة أجزاء، وهو باللغة الياباني.) .
وقال الحاج مصطفى: إن كيا شي-أحد المسلمين اليابانيين-ذهب إلى الأزهر قبل خمسين سنة ودرس هناك وذهب إلى إندونيسيا عندما استعمرها الأوربيون، أصيب بضربة طائرة هناك واستشهد.
وقال الحاج مصطفى: إنني أشعر بالألم، لأن المسلمين اليابانيين الآن أسماؤهم إسلامية، ولكن بعضهم لا يحمل غير الاسم بخلاف جيلنا قبل الحرب العالمية الثانية، كان عددنا قليلا ولكن كان عند هذا الجيل همة ونشاط، وكان هدفنا الإسلام لا الماديات، وإن من المؤسف أن الشباب المسلمين اليابانيين الذين يذهبون إلى بلدان المسلمين لدراسة اللغة العربية والدين الإسلامي، كثير منهم يحمل العربية كتابة وتحدثا، ولكنه يستخدمها لحسابه الخاص، ولا نرى منهم من يضحي في سبيل الإسلام، كما كنا نضحي، إنهم يجرون وراء الفلوس وليس وراء العمل الصالح، وأعتقد أن الإخلاص في العمل ومراقبة الله هي أهم الصفات للداعية في اليابان، ولا بأس أن يتعلم الياباني اللغة العربية ويعمل في شركة، ولكن لا بد أن يخصص شيئا من وقته للدعوة إلى الإسلام.
أين الإخلاص الموجود في الشباب الآن من الإخلاص الذي كان يحمله الجيل السابق، الذي ذهب للحج على حساب نفسه وتعرض للمخاطر خلال ستة أشهر ذهابا وإيابا، أين هذا الإخلاص؟
إن على المسلم أول ما يأتي من الخارج أن يتصل بالمسلمين الأوائل في اليابان ليأخذ منهم الحقائق عن الإسلام والمسلمين في اليابان، وأنا واحد من هؤلاء وسأعطي ما عندي من معلومات. اهـ.
هذا، وقد تجشم الحاج مصطفى كمورا عناء الأسفار منتقلا من مدينة إلى أخرى، مع كبر سنه وقلة ذات يده، ليتمكن من الاجتماع بنا كلما أتيحت له الفرصة، وذلك لأمرين:
الأمر الأول: معرفته حرصنا على أخذ ما أمكننا من المعلومات عن الإسلام والمسلمين في اليابان.
الأمر الثاني: حرصه على حث الزائرين لليابان من البلدان الإسلامية على الاهتمام بالمسلمين في اليابان…
لذلك ما كنا نصل إلى مدينة من مدن اليابان إلا وجدناه فيها، إما أن يكون سبقنا وإما أن يكون وصل بعدنا بيوم أو ساعات.
وجدناه في توكوشيما، وفي هيروشيما، وفي كوبي، وفي أوساكا…
مؤامرة البوذيين على الداعية المسلم: مصطفى كمورا.
والبوذيون الآن متحركون ضد الإسلام، وأعداء الإسلام كثيرون، ويوجد منهم قسم يسمى (سوكاجاكّاي) أي السلام العالمي، وزعيمه يسمى إيكيدا-اسم لبحيرة في الأصل-وهو مقيم في طوكيو، وأتباعه في طوكيو عشرة ملايين، وله أتباع كثيرون في العالم، ما عدا العالم العربي، فانه لا يوجد له فيه أتباع، ولذلك فهم يحقدون على الإسلام والمسلمين. وقد خططوا للقيام بعمل ضد الإسلام في أوساكا، فقد كان الحاج مصطفى كمورا في حاجة إلى مال لإقامة مركز إسلامي، فتسلل شخص من البوذيين باسم الإسلام وعرض على الحاج مصطفى مبلغ عشرة ملايين ين، فأخذها منه وأقاموا مركزا إسلاميا كبيرا في وسط مدينة أوساكا وجهزوه بالديكور وغيره، وبعد ذلك بسنة أرادوا استرداد المال وقد نفذ، فصاروا يهددون الحاج مصطفى كمورا بالقتل، فاضطر إلى الاختفاء وأغلق المركز وأصيب المسلمون بخيبة أمل.
قصة مصطفى كمورا في أحد فنادق أبي ظبي!
ذكر الحاج مصطفى كمورا قصة حصلت له في أحد فنادق أبي ظبي، وهو أنه خرج إلى شرفة غرفته وقفل الزجاج خشية من دخول الذباب، ولم يكن يعلم أن الزجاج لا يفتح من الخارج، فبقى في الشرفة محتارا، وكان الحر شديدا، وعندما طبخه الحر طبخا، أخذ يصيح من النافذة، ومكث ما يقارب ساعة، ثم جاءه الفرج بعد أن سمعه بعض الناس وهو يصيح ففتحوا له...
معلومات أدلى بها مصطفى كمورا عن مسجد كوبي.
أخذنا المعلومات عن المسجد من الحاج مصطفى كمورا،لأنه أعرف الناس به، وبالعمل الإسلامي في اليابان بصفة عامة. (ترجم بيننا محمد أحسن الباكستاني).
أنشئ هذا المسجد في سنة 1935م.
وكان قد وجد هنا قبل ستين سنة مسلمون من الهند، وبعضهم من الجنسية البريطانية، وعددهم تسعون، وكلهم من أصل هندي ثم جاء بعض الأتراك وعددهم مائة وثلاثون شخصا تقريبا، وكان أكثر الهنود تجارا، وعندما زاد عدد المسلمين فكروا في مقر يقيمون فيه شعائر دينهم، فعزموا على إنشاء مسجد.
وفي سنة 1934م بدأوا ينظمون أنفسهم لإقامة المسجد، فكان هذا المسجد الذي نحن فيه الآن.
والذي نظم شؤون المسلمين وأدارها هو الأخ فيروز الدين الباكستاني-ولا زال أولاد هذا الرجل موجودين في الهند والباكستان-كما قال الأخ محمد أحسن المترجم.
وكانت قيمة أرض المسجد كلها، التي أقيم عليها المسجد والتي تحيط به واحدا وعشرين ألف ين ياباني (الأرض الفارغة في مؤخرة المسجد تؤجر مواقف للسيارات لمصلحة المسجد، وتتبعه مرافق غرف ودورات مياه وأماكن وضوء.)
بدأ تعمير المسجد على شكل يشابه تاج محل في الهند، والقنديل الوحيد المعلق في وسطه من تركيا، ركب عندما أنشئ المسجد.
وعندما افتتح المسجد حضر بعض المصريين وبعض المسلمين من الصين وإندونيسيا، ومن كثير من البلدان الإسلامية، حفل افتتاحه.
وأعلن للناس في طوكيو عن ذلك، وهذا هو أول مسجد يبنى في اليابان، وقبله بأربع سنوات كان الأتراك قد بنوا محلا صغيرا للاجتماع وللصلاة في مدينة ناجويا، بين مدينة كوبي وطوكيو، وكان أحمد أريجا يسكن في كوبي ويعمل في التجارة.
وفي خلال الحرب العالمية الثانية هدمت كل المباني حول هذا المسجد، ولكنه سلمه الله، ولما لم يكن للأتراك خلال الحرب مساكن سكنوا فيه سنتين.
ويتبع المسجد طابق أرضي أيضا.
واشترى الأتراك الأرض المجاورة للمسجد، وبنوا فيها مدرسة دينية للأطفال.
وأكثر الأتراك رجعوا إلى تركيا، وذهب بعضهم إلى أمريكا، ولم تبق منهم هنا إلا أسرة واحدة، وكان أبوهم إماما، وقد توفي بعد أن أم الناس في المسجد عشرين عاما، واسمه حسين كلكي. والهنود رجعوا إلى بلادهم، وبعضهم توفي هنا. والمسلمون المقيمون في كوبي عشر أسر تقريبا.
المركز الإسلامي في أوساكا.
ذهبنا قبل أن ننزل في الفندق مع الحاج مصطفى كمورا والأخ عبد العزيز التركستاني، إلى المركز الإسلامي في أوساكا، وهو عبارة عن غرفة صغيرة لا تزيد عن ثلاثة أمتار في مترين، فيها رفوف بها بعض الكتب والمصاحف، وهي مفتوحة دائما سواء كان الحاج مصطفى كمورا موجودا فيها أم لا، لأن بعض الطلبة المسلمين الوافدين يرتادونها للصلاة وللاستفادة منها، وهي في عمارة مكونة من ثلاثة أدوار، كان للمركز فيها أربع غرف، ولعدم وجود الإمكانات المادية تقلص عدد الغرف في المركز شيئا فشيئا حتى وصل إلى هذه الغرفة، وقال الحاج مصطفى: إنه يخشى أن تؤخذ منه أيضا إذا لم يتوافر إيجارها.
وكان عندهم قبل ذلك مبنى استأجروه غير هذا كان يكلف ثلاثمائة ألف ين ياباني، بقوا فيه خمس سنوات، ولم يقدروا على تحمل تكلفته.
وأرانا الحاج مصطفى كمورا ملفا فيه بعض الوثائق، من ضمنها سيارة كانت تستعمل للإعلان عن الإسلام، يتجولون بها في الشوارع، وفي داخلها صورة للحاج مصطفى وهو يرتدي اللباس العربي: الثوب والغترة والعقال، وفيه بطاقات دعوة لافتتاح المركز في أوساكا يوم الجمعة الخامس من شهر محرم سنة 1398ه-الموافق السادس من شهر ديسمبر
سنة 1977م.
وقال الحاج مصطفى: إننا نحرص على بقاء مركز في هذا البلد، لوجود طلاب يترددون عليه ويستفيدون منه، وفيه وسيلة للدعوة لمن أراد أن يتعرف على الإسلام.
وكان الحاج مصطفى كمورا آخر ياباني مسلم نراه عند خروجنا من آخر المدن التي زرناها في اليابان، وهي مدينة أوساكا، حيث ودعنا في مطارها ونحن متجهون إلى مدينة: سول عاصمة كوريا.
لقد مر على اجتماعي بالحاج مصطفى كمورا ما يقارب ثلاثة عشر عاما، وكنت أسأل عنه الدكتور صالح السامرائي فيذكر لي أنه لا زال مهتما بالدعوة إلى الإسلام مع كبر سنه وما يعتوره من أمراض.
وأسأل الله تعالى أن يكون قد فارق الدنيا على طاعة الله ورضاه، وأن يكون قد أحسن الله خاتمته.
ولعل مما يبشر بحسن خاتمته ما ذكره الدكتور صالح السامرائي في آخر نعيه له حيث قال: "فقد لازمه حب القرآن الكريم إلى آخر لحظة من حياته، حيث كان يضع التسجيلات القرآنية بجانبه، وفي أذنه سماعة المسجل التي لم تفارقه".
د/ عبد الله قادري الأهدل
المدينة المنورة
18/5/1419هـ




السابق

الفهرس

التالي


15251360

عداد الصفحات العام

154

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م