﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(025) مفتاح باب الريان

(025) مفتاح باب الريان
لا تيأس من رحمة ربك وبادر بالتوبة!

تصور أن ملِكاً ظالماً جباراً قوياً، لا يتردد في إيذاء من يريد من رعيته، بأي نوع من أنواع الإيذاء بحق وبدون حق: السجن والاعتقال، الضرب المبرح، القتل، غصب الأموال، تخريب الديار، تشريد الناس ونفيهم. وقد قرب إليه بعض الفقراء الخاملين الضعفاء من رعيته، فرفع منزلته، بما أغدق عليه من الأموال، وبما منحه من الجاه والسلطان، ووضع له منهجاً يسير عليه في تصرفاته، بحيث لا يتعدى الحدود التي رسمها له.

ولكن الرجل طغى وأعطى نفسه الحق في الخروج على ما حدده له الملك، وبالغ في عصيانه إلى الحد الذي اعتدى فيه على بعض أقارب الملك، بالقتل والسخرية والإهانات، وعلى أمواله، بالسلب والنهب والسرقة، وعلى عرضه بالقذف والسب، فأصدر ذلك الملك أوامره لرجال شرطته وجيشه واستخباراته بالقبض عليه، لينزل به ما يشفي غيظه من العقوبات، فلم يتمكن من القبض عليه، لقدرته على الاختفاء والهرب. ثم أدرك أن الملك على وشك القبص عليه، فبادر إلى تسليمه للملك الجبار الظالم، مستسلماً له طالباً عفوه ورحمته، تُرَى ماذا سيكون مصير الرجل عند هذا الملك الجبار؟

هل تظنه سيعفو عنه؟ أو تظنه سيوبخه ثم يطرده من عمله ويكتفي بذلك؟ أو تظنه سيأمر بضربه وإهانته ثم يدعه وشأنه؟ كلا! إنه سينزل به من الإهانات والخزي أمام الملأ، ما لم يكن يتصوره الرجل ولا غيره من الرعية، وقد يصلبه بعد الضرب والإهانات، وهو حي في أكبر ميادين بلده، حتى يموت، ليراه الناس بتلك الحال، وقد يأمر بتقطيعه إرْبا إرباً.

هذا مثال واحد يوضح شأن مواقف الجبارين، في ولاياتهم، ممن خرج عن طاعتهم، وجنى عليهم، بل إن الجبارين ليعتدون على من خالفهم - وإن كان على حق - بكل أنواع العدوان، من ضرب وسجن وحرق ورجم و طرد وقتل، كما فعلت الأمم السابقة مع الأنبياء والرسل، حتى لو طلب أهل الحق المهادنة بين الفريقين، حتى يحكم الله بينهم، فلا يرضون بالمسالمة والمهادنة، إلا بإكراه أهل الحق على ترك دينهم والدخول في ملة الكفر. ومن أمثلة ذلك ما بينه الله تعالى من موقف قوم شعيب منه، في قوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ طَائِفَةٌ مِنْكُمْ آمَنُوا بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطَائِفَةٌ لَمْ يُؤْمِنُوا فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ (87) قَالَ الْمَلأ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ (88)} [الأعراف]. والأمثلة كثيرة جداً، في القرآن وفي السنة، و في قصة أصحاب الأخدود عبرة.

هذه طبيعة جبابرة المخلوقين.

فكيف يستقبل الله تعالى الجبار القادر على قصم كل جبار من المخلوقين، مَن رجع إليه نادماً، طالباً عفوه ورحمته، وقد ارتكب كل أنواع المعاصي التي نهاه عنها، من أكبر الكبائر الذي هو الشرك الأكبر، إلى أصغرها، كوضع قليل من الأذى في طريق الناس؟ وقبل الإجابة على هذا السؤال، ينبغي أن يلتفت الإنسان إلى الوراء، ليتذكر نعم الله تعالى عليه، ابتداء من إيجاده بعد العدم، ومروراً بكل أطوار حياته، التي لا يجد نفسه في أي لحظة من لحظات عمره، مستغنياً عن فضل الله عليه، ونعمه التي لا يحصيها إلا هو تعالى: {هَلْ أَتَى عَلَى الإنسان حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً (1)} [الإنسان]. {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (18)} [النحل]. {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ(53)} [النحل].{وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ(78)} [النحل].

وقد اختصر القرآن الكريم للإنسان رحلته في الدنيا والآخرة، في خمس آيات من كتابه، فقال: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ (12)} إلى قوله تعالى: {ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ (16)} [المؤمنون.. هذا الإنسان الذي تلك حاله، ينسى ربه الذي أوجده من العدم، وينسى نعمه التي لا حياة له بدونها، إضافة إلى نعمة هدايته إلى ما ينفعه في دنياه وآخرته، بإرسال رسله بوحيه، ينسى هذا الإنسان، خالقه ونعمه عليه، فإذا هو كما وصفه خالقه: {خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (4)} [النحل]. {أَوَلَمْ يَرَ الإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (77)} [يس].

مع نسيان المخلوق نعم ربه وكثرة معاصيه له حتى بالكفر به يناديه ربه ليرجع إليه

ومع ذلك ينادي الخالق العظيم، عبده الآبق المسرف في معاصيه، ليعود إليه بكل ذنوبه ومعاصيه، ليغفرها له، وينهاه عن القنوط واليأس من تلك المغفرة والرحمة. فقد قال تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53)} [الزمر]. ومعلوم عند أهل السنة والجماعة، أن جميع الذنوب، ما عدا الشرك بالله، هي تحت مشيئته تعالى، إن شاء غفرها وأدخل صاحبها الجنة، بدون أن يدخله النار، وإن شاء أدخله النار وعذبه ليطهره، ثم يدخله الجنة. كما قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً (48)} [النساء].

ولكن المسلم العاقل الذي يعلم أن الله تعالى قد لا يغفر له ذنوبه، بل قد يعذبه بالنار، قبل أن يدخله الجنة، هذا المسلم يحرص على البعد عن معاصي الله، وإذا وقع في شيء منها، رجع إلى ربه فتاب توبة نصوحاً، لينجو من العذاب، ويفوز بدخول الجنة ابتداء.

دعوة الله عبده إلى التوبة وفرحه بها:

فقد دعا رسل الله تعالى قومهم، إلى التوبة، كما قال تعالى عن هود عليه السلام لقومه: {وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ(52)} [هود]. روى عبد الله بن مسعود، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: (لَلَّهُ أشد فرحاً بتوبة عبده المؤمن، من رجل في أرض دويَّة مهلكة، معه راحلته عليها طعامه وشرابه، فنام فاستيقظ وقد ذهبت، فطلبها حتى أدركه العطش، ثم قال: أرجعُ إلى مكاني الذي كنت فيه، فأنام حتى أموت، فوضع رأسه على ساعده ليموت، فاستيقظ وعنده راحلته وعليها زاده وطعامه وشرابه، فالله أشد فرحاً بتوبة العبد المؤمن من هذا براحلته وزاده) [البخاري (5950) من حديث أنس مختصراً، مسلم رقم (2744) واللفظ له، و"الدَّويَّة" بتشديد الدال المفتوحة، والياء المشددة: الأرض القفر].






السابق

الفهرس

التالي


16306731

عداد الصفحات العام

3234

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م