﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


الفصل الأول: قتل المرتد وأدلته

الفصل الأول: قتل المرتد وأدلته

يجب أن يقتل من ارتد عن الإسلام إذا كان بالغاً عاقلاً غير مكره إذا عرضت عليه التوبة وأصر على ردته ولم يتب منها.
وعلى هذا جماهير علماء الأمة الإسلامية من عهد الصحابة رضي الله عنهم إلى عصرنا هذا، بل حكا العلماء الإجماع على هذا الحكم، والأدلة على ذلك كثيرة، نذكر منها ما يأتي:
الدليل الأول: حديث ابن عباس رضي الله عنهـما عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (من بدل دينه فاقتلوه). [صحيح البخاري (6/2537 – (6/2682) دار ابن كثير اليمامة] أي من بدل دينه من الإسلام إلى غيره من ملل الكفر، فاقتلوه.
الدليل الثاني: قوله صلى الله عليه وسلم: (لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة). [صحيح مسلم (3/1302) / دار إحياء التراث العربي/ بيروت.] والمراد بترك الدين الخروج من دين الإسلام إلى الكفر، وهو بذاته مفارقة لجماعة المسلمين؛ لأنه بردته فارقهم وانضم إلى أهل الكفر الذي انتقل إليه.
الدليل الثالث: حديث عثمان رضي الله عنه، كما قال أبو أمامة سهل بن حنيف، رضي الله عنه: "إن عثمان بن عفان أشرف يوم الدار، فقال: أنشدكم بالله أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: زنا بعد إحصان، أو كفر بعد إسلام، أو قتل نفس بغير حق، فيقتل به) فوالله ما زنيت في جاهلية ولا إسلام، ولا ارتددت منذ بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا قتلت النفس التي حرم الله، فبم تقتلونني؟".[الترمذي (4/460-461) وقال: وفي الباب عن ابن مسعود وعائشة وابن عباس.. وهذا حديث حسن، وقال المحشي على جامع الأصول (10/215) وإسناده صحيح.]
فقول عثمان ـ وهو الخليفة الثالث في الإسلام ـ رضي الله عنه: "فبم تقتلونني؟" بعد أن نفى عن نفسه ارتكاب ما يستحق به القتل من الثلاثة الموجبة له في الحديث، ومنها قوله: (ولا ارتددت منذ بايعت رسول الله) دليل واضح على أن المرتد عن دين الإسلام يستحق القتل.
الدليل الرابع: ما ورد في قصة معاذ وأبي موسى الأشعري رضي الله عنهـما، عندما بعثهما الرسول ‘ إلى اليمن، "فزار معاذ أبا موسى، فإذا رجل موثق، فقال: ما هذا فقال أبو موسى: يهودي أسلم ثم ارتد، فقال معاذ لأضربن عنقه". [صحيح البخاري، (4/1578) دار إحياء التراث العربي.]
وفي رواية: "فقال معاذ: لا أجلس حتى أضرب عنقه، قضى الله وقضى رسوله" [مصنف ابن أبي شيبة (6/584) دار الفكر.]
حكم المرأة المرتدة:
الأدلة المذكورة سابقاً تشمل من ارتد عن الإسلام رجلاً كان أو امرأة، وبذلك قال الجمهور العلماء، مستدلين بعموم النصوص السابقة، مثل قوله: (من بدل دينه فاقتلوه) ومعلوم أن "من" الموصولة تشمل عند أهل اللغة الذكر والأنثى والمثنى والجمع، كما قال ابن مالك رحمه الله في الألفية بعد أن ذكر الأسماء الموصولة الخاصة:
ومن وما وأل
تساوي ما ذكر

وعلى ذلك حملها علماء الأصول، كما قال في مراقي السعود: "ومَا شُمُولُ مَنْ لِلانثى جَنَفُ" فالأحكام الثلاثة المذكورة في الحديث..[6] شاملة للذكر والأنثى وكذا لفظ "امرئ" في قوله: (لا يحل دم امرئ مسلم) يشمل كذلك الذكر والأنثى.
ومن أصرح الأدلة على المساواة بين الرجل والمرأة المرتدين في الحكم، التنصيص على قتل المرتدة، كما وقع في بعض الروايات في حديث معاذ عندما أرسله النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن، وقال له: (أيما رجل ارتد عن الإسلام فادعه فإن عاد وإلا فاضرب عنقه، وأيما امرأة ارتدت عن الإسلام فادعها، فإن عادت وإلا فاضرب عنقها). [ذكر هذه الرواية الحافظ في فتح الباري (12/272) دار المعرفة/ بيروت، وحسنها، ثم قال: "وهو نص في موضع النزاع فيجب المصير إليه، ويؤيده اشتراك الرجال والنساء في الحدود كلها، كالزنا والسرقة وشرب الخمر والقذف، وعزا الحديث في نصب الراية (3/457) دار الحديث /مصر، إلى الطبراني.]
وإذا أنعمت النظر في هذه الأدلة وجدت كل واحد منها صالحاً للاحتجاج به على حدة فكيف بها مجتمعة..؟
وذهب أبو حنيفة رحمه الله، إلى أن المرأة لا تقتل بل تحبس ويضيق عليها حتى تتوب، و استدل على ذلك بالنهي عن قتل النساء وبأن المرأة لا تقتل بالكفر الأصلي، فلا تقتل بالكفر الطارئ.
وهذا الاستدلال غير ناهض لاستثناء المرأة من حكم قتل المرتد، فالنهي ورد في الكافرة الأصلية كما هو واضح في القصة التي ورد النهي بسببها.
ولو فرضنا العموم لكان الأمر بقتل المرتد معارضاً له بعمومه. فكيف وقد ورد الأمر بقتل المرتدة بخصوصه كما سبق قريباً؟
ثم إنه يفرق بين الكفر الأصلي والكفر الطارئ من وجوه أهمها:
أن الرجل يقر على كفره الأصلي ولا يقر على الكفر الطارئ.[فتح الباري (12/272) المغني (9/3) المقنع (3/516) فتح القدير (6/71).]
وقال القرطبي رحمه الله: "واختلفوا في المرتدة: فقال مالك والأوزاعي والشافعي والليث بن سعد: تقتل كما يقتل المرتد سواء، وحجتهم ظاهر الحديث: (من بدل دينه فاقتلوه) و"مَن" يصلح للذكر والأنثى.
وقال الثوري وأبو حنيفة وأصحابه: لا تقتل المرتدة، وهو قول ابن شبرمة، وإليه ذهب ابن علية وهو قول عطاء والحسن، واحتجوا بأن ابن عباس روى عن النبي ‘ أنه قال: (من بدل دينه فاقتلوه).
ثم إن ابن عباس لم يقتل المرتدة، ومن روى حديثاً كان أعلم بتأويله، وروي عن على مثله، ونهى صلى الله عليه وسلم، عن قتل النساء والصبيان.
واحتج الأولون بقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث كفر بعد إيمان...) فعم كل من كفر بعد إيمانه وهو أصح". [تفسير القرطبي (3/48).]
وقال الأمير الصنعاني رحمه الله: "ذهب الجمهور إلى أنها تقتل المرأة المرتدة؛ لأن كلمة "مَن" هنا تعم الذكر والأنثى، ولأنه أخرج ابن المنذر عن بن عباس راوي الحديث أنه قال: تقتل المرأة المرتدة، ولما أخرجه هو والدارقطني، أن أبا بكر رضي الله عنه، قتل امرأة مرتدة في خلافته والصحابة متوافرون ولم ينكر عليه أحد، وهو حديث حسن". [سبل السلام (3/265).]

1 - صحيح البخاري (6/2537 – (6/2682) دار ابن كثير اليمامة
2 - صحيح مسلم (3/1302) / دار إحياء التراث العربي/ بيروت.
3 - الترمذي (4/460-461) وقال: وفي الباب عن ابن مسعود وعائشة وابن عباس.. وهذا حديث حسن، وقال المحشي على جامع الأصول (10/215) وإسناده صحيح.
4 - صحيح البخاري، (4/1578) دار إحياء التراث العربي.
5 - مصنف ابن أبي شيبة (6/584) دار الفكر.
6 - حل دم الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة.
7 - ذكر هذه الرواية الحافظ في فتح الباري (12/272) دار المعرفة/ بيروت، وحسنها، ثم قال: "وهو نص في موضع النزاع فيجب المصير إليه، ويؤيده اشتراك الرجال والنساء في الحدود كلها، كالزنا والسرقة وشرب الخمر والقذف، وعزا الحديث في نصب الراية (3/457) دار الحديث /مصر، إلى الطبراني.
8 - فتح الباري (12/272) المغني (9/3) المقنع (3/516) فتح القدير (6/71).
9 - تفسير القرطبي (3/48).
10 - سبل السلام (3/265).



السابق

الفهرس

التالي


16484996

عداد الصفحات العام

385

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م