﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


المبحث الثاني: ما جرت فيه مشاورة خلفائه من بعده:

المبحث الثاني: ما جرت فيه مشاورة خلفائه من بعده:
إذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم، هو رسول الله إلى الأمة، وولي أمر المسلمين في حياته فإن خلفاءه من بعده هم أولياء أمورهم، والأصل في ولي الأمر العام، أن يكون مجتهداً وذا رأي وبصيرة. [1].
وإذا كان كذلك فانه يكون قادراً على استحضار حكم الله، في الأمر الوارد من كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، أو إجماع الأمة أو القياس المستنبط من الكتاب والسنة، بإعطاء النظير المسكوت عنه حكم النظير المنصوص عليه.
وإذا لم يجد دليلاً باجتهاده هو، سأل غيره من أهل العلم، فقد يجد عند غيره ما غاب عنه، فإن لم يجد لجأ إلى مشاورة أهل الحل والعقد في ذلك، وهم العلماء والزعماء وذوو الاختصاص كما مضى.
وإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يستشير أصحابه فيما لم ينزل عليه فيه شرع من الله، والوحي يتنـزل عليه، فإن غيره أولى بالمشاورة، لانقطاع الوحي بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، وإن كان محفوظاً في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فانه قد يغيب عنه الدليل مهما بلغ من العلم، كما أنه قد ترد حوادث جديدة، لم تكن قد حدثت في الماضي، تحتاج إلى اجتهاد جديد، قد لا يوجد لها دليل واضح، فيحتاج إلى استنباط أو قياس، والناس يختلفون في ذلك اختلافاً كثيراً، فما يراه هذا دليلاً قد لا يراه الآخر كذلك، وإذا اجتمع المجتهدون وأصحاب الرأي، وتذاكروا في الأمر، فقد يصلون إلى حكم لا يصل إليه كل منهم إذ انفرد.
فالأمر الذي جرت فيه الشورى بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، هو ما لم يرد فيه نص من كتاب ولا سنة، ولا انعقد عليه إجماع ولا قياس جلي، أو وجد له دليل من تلك الأدلة، ولكنه يحتمل أكثر من معنى يحتاج إلى اجتهاد يعين الراجح منها، وهذا ما كان يحدث في عهد الخلفاء الراشدين وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال البخاري، رحمه الله: "وكانت الأئمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم يستشيرون الأمناء من أهل العلم، في الأمور المباحة، ليأخذوا بأسهلها، فإذا وضح الكتاب أو السنة لم يتعدوه إلى غيره.. وكان القراء أصحاب مشورة عمر، كهولاً أو شباناً، وكان وقافاً عند كتاب الله عز وجل". [البخاري (8/162)].
وقال الحافظ، رحمه الله: "وقد ورد في استشارة الأئمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم أخبار كثيرة: منها مشاورة أبي بكر رضي الله عنه في قتال أهل الردة.. وأخرج البيهقي بسند صحيح عن ميمون بن مهران، قال: كان أبو بكر الصديق إذا ورد عليه أمر، نظر في كتاب الله، فإن وجد فيه ما يقضي به قضى بينهم، وإن علمه من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى به، وإن لم يعلم خرج فسأل المسلمين عن السنة، فإن أعياه ذلك، دعا رؤوس المسلمين وعلماءهم واستشارهم، وأن عمر بن الخطاب كان يفعل ذلك". [الفتح (13/342)].
وقال أبو الحسن الماوردي، رحمه الله: "فأما غير رسول الله صلى الله عليه وسلم، من صحابته ومن بعدهم من سائر أمته، فمشاورتهم تعم في مصالح الدنيا وأحكام الدين، فما اختص منها بالدنيا ندب إليه عقلاً، وما اختص منها بالدين ندب إليه شرعاً". [أدب القاضي (1/260)].
وبهذا يظهر أن كل ما لم يرد به نص ولا إجماع أو أشكل أمره على ولي الأمر، فإنه يلجأ فيه إلى مشاورة أهل الحل والعقد، سواء كان يتعلق بشؤون الدنيا أو أحكام الدين - وإن كان في هذه خلاف بالنسبة للرسول صلى الله عليه وسلم كما مضى - فإنه لا خلاف فيه بعد وفاته، لحاجة الأمة إلى معرفة الحكم الذي لم يعد الوحي يتنزل به، كما كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

1 - راجع الأحكام السلطانية للماوردي ص6
2 - البخاري (8/162)
3 - الفتح (13/342)
4 - أدب القاضي (1/260)



السابق

الفهرس

التالي


16306874

عداد الصفحات العام

3377

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م