﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


أسلوب عمر في الاستخلاف:

أسلوب عمر في الاستخلاف:
ولما طعن عمر رضي الله عنه، طلب منه أصحابه أن يستخلف كما استخلف أبو بكر رضي الله عنه، فاتخذ أسلوباً آخر في الشورى لاختيار الخليفة من بعده، فاختار للناس ستة، توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راضٍ، كما قال عمر، وهم: علي وعثمان والزبير وطلحة وسعد وعبد الرحمن ابن عوف رضي الله عنهم، وقال: "ما أجد أحق بهذا الأمر من هؤلاء النفر".
وأوصى من استخلف بعده بالمهاجرين والأنصار وأهل الأمصار خيراً، وبأهل الذمة.
"فلما فرغ من دفنه اجتمع هؤلاء الرهط، فقال عبد الرحمن: اجعلوا أمركم إلى ثلاثة منكم، فقال الزبير: قد جعلت أمري إلى علي، فقال طلحة: قد جعلت أمري إلى عثمان، وقال سعد: قد جعلت أمري إلى عبد الرحمن بن عوف.
فقال عبد الرحمن: أيكما تبرأ من هذا الأمر فنجعله إليه، والله عليه والإسلام لينظرن أفضلهم في نفسه؟ فأُسكت الشيخان، فقال عبد الرحمن: أفتجعلونه إلي، والله علي أن لا آلو عن أفضلكم؟ قالا: نعم.
فأخذ بيد أحدهما فقال: لك قرابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، والقدم في الإسلام ما قد علمت، فالله عليك لئن أمَّرتك لتعدلن، ولئن أمَّرت عثمان لتسمعن ولتطيعن؟ ثم خلا بالآخر فقال مثل ذلك، فلما أخذ الميثاق، قال: ارفع يدك يا عثمان فبايعه، فبايع له علي، وولج أهل الدار فبايعوه". [البخاري (4/204)].
وهذه الرواية المختصرة هنا في كيفية بيعة عثمان رضي الله عنه، قد يظن من لا يعلم تفاصيلها أن المشاورة على اختيار الخليفة اقتصرت على هؤلاء الستة، والواقع أن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، سهر ليالي وهو يستشير الناس، يخلوا بهم ويسألهم.
وقد فصَّل ذلك في رواية أخرى تدل على اجتهاده رضي الله عنه في الأمر، ثم مبايعة الناس عامة لعثمان رضي الله عنه: "فلما ولوا عبد الرحمن أمرهم، فمال الناس على عبد الرحمن حتى ما أرى أحداً من الناس يتبع أولئك الرهط، ولا يطأ عقبه، ومال الناس على عبد الرحمن يشاورونه تلك الليالي حتى إذا كانت الليلة التي أصبحنا منها فبايعنا عثمان.
قال المسوِّر: طرقني عبد الرحمن بعد هجع من الليل، فضرب الباب حتى استيقظت، فقال: أراك نائماً، فوالله ما اكتحلت هذه الليلة بكبير نوم، انطلق فادع الزبير وسعداً، فدعوتهما له، فشاورهما، ثم دعاني، فقال: ادع لي علياً، فدعوته، فناجاه حتى ابهارّ الليل، ثم قام علي من عنده وهو على طمع، وقد كان عبد الرحمن يخشى من علي شيئاً.
ثم قال: ادع لي عثمان، فدعوته، فناجاه حتى فرق بينهما المؤذن بالصبح، فلما صلى الصبح، واجتمع أولئك الرهط عند المنبر، فأرسل إلى من كان حاضراً من المهاجرين والأنصار، وأرسل إلى أمراء الأجناد، وكانوا وافوا تلك الحجة مع عمر، فلما اجتمعوا تشهد عبد الرحمن، ثم قال:
"أما بعد يا علي إني قد نظرت في أمر الناس، فلم أرهم يعدلون بعثمان، فلا تجعلن على نفسك سبيلاً، فقال: أبايعك على سنة الله ورسوله والخليفتين من بعده، فبايعه عبد الرحمن، وبايعه الناس: المهاجرون والأنصار وأمراء الأجناد والمسلمون". [البخاري (8/123)].
يتضح من هذا النص: أن الخليفة عمر رضي الله عنه، جعل الأمر إلى أفضل الموجودين من أصحابه، وهم النفر الستة، لعلمه بأنهم سيبذلون غاية جهدهم لجعل الخلافة في الرجل الأفضل كفاءة، وأن الستة قد اختصروا العدد حتى آل الأمر إلى واحد منهم يستشير الناس، بعد أن تنازل هو عن تولي هذا الأمر، وأنه قد بذل كل ما في وسعه وطاقته في مشاورة الناس، أفراداً وجماعات حتى علم رغبتهم.
ثم دعا كل من قدر على دعوته لحضور البيعة، وأعلن أمام الملأ أن الناس قد اختاروا عثمان رضي الله عنه فبايعه وبايع الناس من ارتضوه خليفة عليهم، ولو كان الناس لم يختاروا عثمان أثناء مشاورة عبد الرحمن إياهم، لردوا على عبد الرحمن قوله: فلم أرهم يعدلون بعثمان، فكانت بيعة عثمان عامة، وكان اختياره من أهل الحل والعقد الذين أمكن حضورهم من أهل المدينة وغيرها من البلدان الإسلامية.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "قال الطبري: لم يكن في أهل الإسلام أحد له المنزلة في الدين والهجرة والسابقة والعقل والعلم والمعرفة بالسياسة، ما للستة الذين جعل عمر الأمر شورى بينهم". وقال: "وفيه أن من أسند إليه ذلك يبذل وسعه في الاختيار ويهجر أهله وليله اهتماماً بما هو فيه حتى يكمله". [الفتح (13/198ـ199)].
هذا ما يتعلق باختيار الخلفاء الثلاثة: أبي بكر وعمر وعثمان.
أما علي رضي الله عنه. فقد كانت بيعته بعد مقتل عثمان في وقت فتنة، حاول التهرب منها، كما حاول غيره، ثم لما رآها تعينت عليه قبلها، فبايعه غالب الناس، وتأخر بعضهم، وقيل إن بعضهم بايعه خوفاً.
وعلى كل حال، فقد كان الناس يقولون: "لا يصلح لها إلا علي". [البداية والنهاية لابن كثير (7/226)].
هذا هو المثال الأول - تعددت حوادثه - مما جرت فيه الشورى بعد الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو اختيار خليفته للمسلمين، وهو من أخطر أمورهم الداخلة تحت قوله تعالى: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ }.

1 - البخاري (4/204)
2 - البخاري (8/123)
3 - الفتح (13/198ـ199)
4 - البداية والنهاية لابن كثير (7/226)



السابق

الفهرس

التالي


15992068

عداد الصفحات العام

1220

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م