﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


تمهيد:

تمهيد:
سبق أن ولي أمر المسلمين - أي إمامهم - يجب أن تتوافر فيه شروط، منها أن يكون عالماً مجتهداً. [1].
والمراد بالاجتهاد: "معرفة الشريعة الإسلامية: قواعدها، ومقاصدها وعلل أحكامها، من نصوص الشارع، بعد التزود بما يساعد على هذه المعرفة من العلوم الأخرى "الوسائل" سواء أشق طريقه إليه بنفسه، أو باتباع منهج مجتهد مطلق آخر عن فهم واقتناع، وهو القدرة على استخراج الأحكام الفرعية من أدلتها، والقدرة على التصرف في الأصول التي يبني عليها مجتهداته". [2].
وسبق كذلك أن أهل الشورى يجب أن يكونوا علماء، ولابد أن يكون فيهم مجتهدون. [3].
وسبق أنه يجب على ولي الأمر أن لا يقدم قول أحد، كائناً من كان، على ما جاء فيه نص من كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وكذا ما أجمع عليه العلماء، أو كان مبنياً على قياس جلي، وأن على ولي الأمر أن يجتهد في ذلك بنفسه، فإن عجز سأل العلماء ورؤوس الناس من المسلمين، فإن وجد شيئاً من ذلك عمل به وإلا جمع أهل الحل والعقد واستشارهم. [4].
وهذا يدل أن الشورى إنما يحتاج إليها ولي الأمر، إذا لم يظهر له وجه الصواب في الأمر بدليله. [5].
فإذا جمع ولي الأمر أهل الشورى للبحث فيما هو محل للاجتهاد، وعرض عليهم الأمر الذي أهمه، فلا تخلو مشورتهم من ثلاثة أمور:
الأمر الأول: أن يتفقوا على رأي واحد هم وولي الأمر، ولا يوجد هنا إشكال لأن ولي الأمر مطمئن إلى صواب رأيه بموافقة أهل الحل والعقد له، فعليه أن يعمل به..
الأمر الثاني: أن يختلفوا ويكون رأي الأغلب منهم موافقاً لرأي ولي الأمر، أو يستوي عدد كل فريق منهم، والظاهر أن الإمام هنا مخير، إلا أنه يشرع له أن يستقصي آراء غير الحاضرين حسب الإمكان، لأنه قد يعثر عندهم على رأي أرجح أو دليل لم يستحضره الحاضرون فيحل الإشكال.
الأمر الثالث: أن يتفقوا على رأي أو يكون الأغلب منهم على ذلك الرأي، ورأي ولي الأمر على خلافهم، وهنا يرد الإشكال وفيه ترد المباحث الثلاثة الآتية.
ويجب قبل ذكر المباحث التنبيه على أمر مهم جداً، لابد أن يراعيه ولي الأمر وأهل الحل والعقد معاً في الشورى، وهو أن يتجردوا جميعاً للحق، ويبتعدوا عن الهوى والتعصب لرأي معين مبني على الرغبة والهوى، وليس على دليل مرجِّح، وأن يستعينوا بالله سبحانه وتعالى على هدايتهم لما اختلفوا فيه من الحق، وأن يصغي كل واحد منهم لأي رأي يعرض وحجته، ويجتهدوا جميعاً في تمحيص الآراء وأوجه الاستدلال، والتعرف على المصالح والمفاسد المترتبة على تلك الآراء.
فإذا ما توافرت فيهم هذه المعاني وحسنت النيات، فإن الله سبحانه وتعالى لا بد هاديهم إلى الصواب من الرأي.
قال ابن جرير، رحمه الله، في تفسير قوله تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ}. [آل عمران: 159].
"وأما أمته فإنهم إذا تشاوروا مستنين بفعله في ذلك، على تصادق وتآخ للحق وإرادة جميعهم الصواب من غير ميل إلى هوى، ولا حيد عن هدى، فالله مسددهم وموفقهم". [جامع البيان عن تأويل آي القرآن (4/152)].
وإذا راجع الباحث الأحداث والمواقف التي كان السلف الصالح يعقدون لها الشورى، وجد أن التوفيق كان حليفهم فيها، فما كانوا يخرجون إلا موفقين مسددين من ربهم. [7].
ولا شك أن الذي يتعرض لرحمة الله وتوفيقه بالإخلاص له ودعائه، وقصد إرادة الحق الذي يرضيه، جدير أن ينال توفيقه وتسديده، كما قال تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً }. [الطلاق: 3].
وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يدعو ربه أن يهديه لما اختُلِف فيه من الحق، كما روت عائشة، رضي الله عنهـا، أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان إذا قام يصلي من الليل يقول: ((اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم)). [مسلم (1/534) وراجع مجموع الفتاوى لابن تيمية (35/362)].
فإذا لم يجتمع ولي الأمر وأهل شواره على هذه المعاني، بل اجتمعوا على اتباع أهوائهم، غير مبالين بطلب الحق، ولا لاجئين إلى ربهم طالبين توفيقه، فإن النزاع والفشل سيكونان عاقبة اجتماعهم، لأن اتباع الهوى بغي وعدوان، والبغي علة علل الاختلاف، كما قال تعالى: {وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ }. [آل عمران: 19].

1 - راجع أول المبحث الثاني من الفصل الثالث
2 - انظر الاجتهاد ومدى حاجتنا إليه في هذا العصر، السيد محمود موسى ص356، نشر دار الكتب الحديثة، القاهرة
3 - راجع المبحث الثاني من الفصل الثالث
4 - راجع المبحث الثالث من الفصل الثالث
5 - كما سبق في نفس المبحث المذكور
6 - جامع البيان عن تأويل آي القرآن (4/152)
7 - راجع الأمثلة المذكورة في المبحث الأخير من الفصل الثالث
8 - مسلم (1/534) وراجع مجموع الفتاوى لابن تيمية (35/362)



السابق

الفهرس

التالي


16484809

عداد الصفحات العام

198

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م