﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


القاعدة الأولى: بيان حكم تقليد المجتهد، غيره من المجتهدين

القاعدة الأولى: بيان حكم تقليد المجتهد، غيره من المجتهدين
وقد بحث العلماء في هذه القاعدة، وبينوا أن الواجب على المجتهد أن يعمل بما أداه إليه اجتهاده، وليس له أن يقلد غيره، ما دام بذل وسعه في المسألة.
قال سيف الدين أبو الحسن الآمدي، رحمه الله: "المكلف إذا كان قد حصلت له أهلية الاجتهاد بتمامها في مسألة من المسائل، فإن اجتهد فيها وأداه اجتهاده إلى حكم فيها، فقد اتفق الكل على أنه لا يجوز له تقليد غيره من المجتهدين في خلاف ما أوجبه ظنه وترك ظنه". [الإحكام في أصول الأحكام (4/177) نشر مؤسسة الحلبي].
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية، رحمه الله: "ولهذا نقل غير واحد الإجماع على أنه لا يجوز للعالم أن يقلد غيره، إذا كان قد اجتهد واستدل وتبين له الحق الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم فهنا لا يجوز له تقليد من قال خلاف ذلك بلا نزاع". [الفتاوى (19/261)].
قلت: وتبين الحق لا يشترط أن يكون عن وجود نص صريح من الكتاب والسنة، أو عن طريق الإجماع، بل يشمل طرق الاجتهاد والاستنباط المعتبرة كلها، وهى المراد.
وقال الماوردي، رحمه الله: "فالقاضي - ومثله، بل أولى منه الإمام - مأمور بالمشاورة في أحكامه وقضاياه، وهي ضربان:
الضرب الأول: ظاهر جلي، قد حصل الاتفاق فيه، وانعقد الإجماع عليه، فلا يحتاج في مثل هذا إلى مشاورة.
والضرب الثاني: نوازل حادثة، لم يتقدم فيها قول لمتبوع، أو ما اختلف فيه العلماء من مسائل الاجتهاد، فهو الذي يؤمر بالمشاورة فيها، ليتنبه بمذاكرتهم ومناظرتهم على ما يجوز أن يخفى عليه، حتى يستوضح بهم طريق الاجتهاد، يحكم باجتهاده دون اجتهادهم.. وليس على أهل الشورى إذا خالفوه في حكمه أن يعارضوه، ولا يمنعوه منه إذا كان مسوغاً في الاجتهاد". [أدب القاضي (1/260ـ261)].
فإذا كان ولي الأمر لم يتمكن من الاجتهاد والاستدلال في المسألة التي دعا لها أهل الحل والعقد، لضيق وقت النازلة - مثلاً - فهل يجوز له أن يقلد غيره؟
بحث الآمدي رحمه الله في هذه المسألة، وذكر أقوال العلماء فيها، فقال: "فمنهم من لم يجز له تقليد أحد مطلقاً، ومنهم من أجاز له ذلك مطلقاً، ومنهم من أجاز له تقليد الصحابي فقط، ومنهم من أضاف إلى الصحابي التابعي، ومنهم من قال له: أن يقلد الأعلم منه".
ورجح الآمدي القول الأول، فقال: "وذهب القاضي أبو بكر وأكثر الفقهاء إلى منع تقليد العالم للعالم، سواء كان أعلم منه أو لم يكن، وهو المختار". [الإحكام في أصول الأحكام (4/177)].
وحكى ابن تيمية، رحمه الله، في المسألة ثلاثة أقوال:
القول الأول: أن له أن يقلد من يرتضى علمه ودينه.
القول الثاني: ليس له التقليد بكل حال.
القول الثالث: أن له التقليد بكل حال.
واختار رحمه الله القول الأول، [الفتاوى (28/388)] والأقوال الثلاثة المذكورة شاملة لما ذكره الآمدي تقريباً.
وقال رحمه الله في موضع آخر: "ولكن هل يجوز مع قدرته على الاستدلال أن يقلد؟ هذا فيه قولان: فمذهب الشافعي وأحمد وغيرهما، لا يجوز وحكى عن محمد بن الحسن جوازه". [الفتاوى (19/261)].
وقد أفاض ابن القيم رحمه الله في الاستدلال على أن اتباع الصحابي واجب، ثم قال وهو يوضح أنواع المفتين: أحدهم العالم بكتاب الله وسنة رسوله وأقوال الصحابة، فهو المجتهد في أحكام النوازل، يقصد فيها موافقة الأدلة الشرعية حيث كانت، ولا ينافي اجتهاده تقليده لغيره أحياناً، فلا تجد أحداً من الأئمة، إلا وهو مقلد من هو أعلم منه في بعض الأحكام، وقد قال الشافعي، رحمه الله، ورضي عنه في موضع من الحج: قلته تقليداً لعطاء". [إعلام الموقعين (4/123)، (4/212)].
قلت: ونستخلص من هذه القاعدة أن المجتهد الذي يدعو إلى الشورى، قبل أن يتوصل باجتهاده إلى ما يظن أنه الصواب في الأمر، فيه ثلاثة أقوال شاملة:
القول الأول: لا يجوز له تقليد غيره مطلقاً.
والقول الثاني: يجوز مطلقاً.
والقول الثالث: يجوز في حال دون حال.
ويعلم من هذا عدم القول بوجوب تقليد المجتهد غيره، وإنما غاية ما في ذلك إنه يجوز له، عند الحاجة.
والذي يترتب على هذه القاعدة أن ولي الأمر المجتهد الذي في وسعه الوصول إلى معرفة الحكم باجتهاده، لا يلزم برأي أهل الشورى، لأن في ذلك إلزاماً له بالتقليد وهو لا يلزمه.
وجوب عمل ولي الأمر بما انعقد عليه الإجماع ولو كان أهل الشورى هم علماء المسلمين كلهم، بأن حضروا من كل أقطار الأرض، أو وجدت وسيلة الاتصال بهم ومعرفة آرائهم وحججهم، وأجمعوا كلهم على رأي واحد، لكان للقول بوجوب التزام ولي الأمر برأيهم وجه، وإن كان الإجماع لا يثبت مع مخالفته لهم، أما أن يلزم برأي أهل الشورى، ولو اتفقوا وهم عدد قليل بالنسبة لعلماء المسلمين المتفرقين في الأرض، ولا يعلم رأيهم ولا ما عندهم من الأدلة، فإن ذلك بعيد عن الحق، ولا دليل عليه من كتاب ولا سنة. والله تعالى أعلم.
ويدعم الاستدلال بهذه القاعدة، أن العلماء اشترطوا في الإمام الذي ينصب خليفة للمسلمين العلمَ المؤدي إلى الاجتهاد في النوازل والأحكام، وبهذا يعلم عدم الفرق في حظر تقليد العالم المجتهد غيره فيما أداه إليه اجتهاده، بين الإمام وغيره من العلماء، كالقضاة. [راجع الأحكام السلطانية للماوردي ص6، ومجموع الفتاوى لابن تيمية (28/254)].
وقد نص على ذلك ابن قدامة، رحمه الله، فقال: "فإذا اتفق أمر مشكل شاورهم، فإن اتضح له الحق حكم به، وإن لم يتضح له أخره ولم يقلد غيره، ضاق الوقت أو اتسع، لأنه مجتهد فلم يقلد غيره". [الكافي (3/446ـ447) وسبق النص كاملاً..].
1 - الإحكام في أصول الأحكام (4/177) نشر مؤسسة الحلبي
2 - الفتاوى (19/261)
3 - أدب القاضي (1/260ـ261)
4 - الإحكام في أصول الأحكام (4/177)
5 - الفتاوى (28/388)
6 - الفتاوى (19/261)
7 - إعلام الموقعين (4/123)، (4/212)
8 - راجع الأحكام السلطانية للماوردي ص6، ومجموع الفتاوى لابن تيمية (28/254)
9 - الكافي (3/446ـ447) وسبق النص كاملاً..



السابق

الفهرس

التالي


15996653

عداد الصفحات العام

1846

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م