﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


المبحث الأول: بيان بعض صفات أهل الشورى الجبلية

المبحث الأول: بيان بعض صفات أهل الشورى الجبلية

إن الصفات الحميدة التي يتحلى بها الإنسان قسمان:
القسم الأول: صفات جبلية جبل الله عليها الإنسان:
وهى الصفات التي لا غنى عنها لفوزه الدنيوي في حياته، وذلك مثل الشجاعة، والكرم، والصدق وأداء الأمانة، وقوة الإرادة، وإنصاف المظلوم، وإعانة الضعيف، والحكمة، وضبط النفس، والحلم والتأني في الأمور، والصبر على المكاره، وإدراك عواقب الأمور، والإحساس بالمسؤولية المنوطة به، وحسن التدبير والتصرف الحكيم عند الحوادث.
إن هذه الصفات وما أشبهها هي أسس الأخلاق التي لا يستغني عنها المرء في حياته، سواء كانت كاملة فيه أم ناقصة لأن التعامل بين البشر يقتضي وجودها، وقد توجد هذه الصفات في المسلم وغير المسلم، لأنها أخلاق إنسانية محمودة عند عامة البشر، وفقدها مذموم كذلك عند الأمم.
وموقف الإسلام من هذه الصفات إقرارها والدعوة إليها وتوجيهها فيما يرضي الباري سبحانه وتعالى.
وقد أثنى الرسول صلى الله عليه وسلم، على أشج عبد القيس بالعقل والرزانة والتأني في الأمور، كما في حديث ابن عباس، وأبى سعيد الخدري، رضي الله عنهم أنه قال له: ((إن فيك خصلتين يحبهما الله ورسوله، الحلم والأناة)). [مسلم (1/48)].
وهاتان الخصلتان فطريتان في الأغلب، وإن كان المرء قد يكتسبهما بالمعالجة والتدريب والممارسة كغيرهما من الصفات الفطرية.
قال النووي، رحمه الله: "وسبب قول النبي صلى الله عليه وسلم ذلك له، ما جاء في حديث الوفد أنهم لما وصلوا المدينة، بادروا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وأقام الأشج عند رحالهم، فجمعها وعقل ناقته، ولبس أحسن ثيابه، ثم أقبل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقربه النبي صلى الله عليه وسلم وأجلسه إلى جانبه". [شرح النووي على مسلم (1/189)].
وفي رواية قال: "يا رسول الله أنا أتخلق بهما أم الله جبلني عليهما؟ قال: ((بل الله جبلك عليهما)) قال: الحمد لله الذي جبلني على خلتين يحبهما الله ورسوله". [أبو داود (5/395ـ396) والرواية من حديث زارع بن عامر ـ وكان ضمن الوفد ـ وقال المنذري رحمه الله: "وأخرج هذا الحديث أبو القاسم البغوي في معجم الصحابة، وقال: ولا أعلم للزارع غيره، وذكر أبو عمر النمري أن كنيته "أبو الوازع" وأن له ابناً يسمى الزارع، وبه كان يكنى، وأن حديثه عن البصريين، وأن حديثه هذا حسن. انظر مختصر سنن أبي داود (8/90ـ91)].
وقد أطلق المودودي رحمه الله على هذه الصفات: الأخلاق الإنسانية الأساسية، وهو يقصد بها الجبلية الفطرية..
قال: "وهى تشتمل على سائر الصفات التي لابد منها لفلاح الإنسان ونجاحه في هذه الدنيا، سواء كان عمله وكفاحه لغاية صحيحة أو غير صحيحة، وسواء في بابها أيؤمن بالله واليوم الآخر والوحي والرسالة أم لا" ـ إلى أن قال: "فكل من تحلى بهذه الأخلاق واستوعبها في نفسه استيعاباً، فلابد أن يرى ثمرات جهوده يانعة عما قريب، ويجيء نجاحه في هذه الدنيا كفلق الصبح، فيبرز ويسبق الذين لا يتحلون بهذه الأخلاق، أو كان حظهم منها أقل وأنقص من حظه". [4].
إن هذه الصفات الفطرية لا بد أن يكون الحد الأدنى منها موجوداً في أهل الحل والعقد، الذين تعرض عليهم الأمور للتشاور فيها، فإن فقدت في شخص فقدت أهليته للشورى وإن فقد أغلبها نقصت أهليته للشورى، وبخاصة تلك الصفات التي إذا فقدها فقد معها الرأي السديد، كالحلم وحسن التدبير.
فإن الرجل الخفيف العقل الذي لا يتدبر الأمر، وإنما يلقي ما عَنَّ له دون نظر في عواقبه، لا يؤَمَّل أن يصدر منه رأي سديد، وكذلك ضعيف الإرادة، أو المتصف بالجبن، لا يرجى منه أن يشير بما يحتاج إلى إقدام وشجاعة، بسبب تهيبه وضعف إرادته، وكذلك البخيل لا ينتظر أن يشير بما يحتاج إلى البذل والعطاء، حرصاً على ما في يده، وإن كان في مواقفه تلك كلها هلاك أمته.
وإذا لم تكن الصفات الفطرية موجودة في المرء طبيعةً، واستطاع أن يكتسبها حتى أصبحت سجيةً أو قريبة منها، فإنه عندئذٍ مؤهَّل لأن يكون من أهل الشورى، إذا ضُمَّت إلى صفاته تلك الصفات الشرعية التي هي المهيمنة على سواها.

1 - مسلم (1/48)
2 - شرح النووي على مسلم (1/189)
3 - أبو داود (5/395ـ396) والرواية من حديث زارع بن عامر ـ وكان ضمن الوفد ـ وقال المنذري رحمه الله: "وأخرج هذا الحديث أبو القاسم البغوي في معجم الصحابة، وقال: ولا أعلم للزارع غيره، وذكر أبو عمر النمري أن كنيته "أبو الوازع" وأن له ابناً يسمى الزارع، وبه كان يكنى، وأن حديثه عن البصريين، وأن حديثه هذا حسن. انظر مختصر سنن أبي داود (8/90ـ91)
4 - الأسس الأخلاقية للحركة الإسلامية، طبع دار الفكر بدمشق، ص20ـ21



السابق

الفهرس

التالي


16485454

عداد الصفحات العام

843

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م