﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


غايات الكفار

غايات الكفار
ولما كان الكفار فاقدي الإيمان تراهم يتعاطون كل ما يهوونه في علاقاتهم مع غيرهم – منهم أو من غيرهم – باتخاذ أي وسيلة تحقق لهم أي غاية يريدون تحقيقها ، غير مقيدين أنفسهم بحلال أو حرام ، وأصبحت القاعدة عندهم فعلا أو قولا: ( إن الغاية تسوغ الوسيلة ) فإذا قرر الكافر لنفسه غاية يريد أن يحققها – وأم الغايات عنده أن يأكل ويتمتع كالأنعام – اتخذ أي وسيلة يتوصل بها إلى تلك الغاية ، دون نظر إلى كونها مشروعة أو غير مشروعة ، ودون نظر إلى كونها ضارة لغيره أو غير ضارة . ولهذا قال أهل مدين في ردهم على دعوة نبيهم شعيب : ( يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نفعل في أموالنا ما نشاء ( [هود : 87]
وهذه القاعدة " الغاية تسوغ الوسيلة " المكيافيلية صارت دستور حياة لأعداء الله الأصليين وأذنابهم من ذوي الأسماء الإسلامية .
وهذه القاعدة هي أساس علاقة اليهود بغيرهم ، وقد بين القرآن الكريم بعض مواقفهم الماكرة .
من ذلك : ما ذكره الله تعالى في أصحاب السبت ، حيث حرم عليهم صيد الأسماك يوم السبت وابتلاهم بمجيئها في ذلك اليوم ، فاحتالوا على أمر الله بحفر أخاديد في البحر يوم السبت لتكون شراكا للأسماك التي تقع فيها ، ويأخذوها يوم الأحد ، كما قال تعالى : ( واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر إذ يعدون في السبت إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا ويوم لا يسبتون لا تأتيهم كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون ( [الأعراف : 163]
ومن ذلك أكلهم أموال الناس بالباطل وإظهار اعتقادهم بأن ذلك حق لهم مع غيرهم ، كما قال تعالى : ( ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك إلا ما دمت عليه قائما ذلك بـأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون ( [- آل عمران : 75]
وقال عنهم : ( وأخذهم الربا وقد نهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل وأعتدنا للكافرين منهم عذابا أليما ([ النساء : 161]
والسبب في ذلك فقدهم الإيمان الذي يجعل صاحبه يتحرج من أن يراه الله حيث نهاه ، أو يفقده حيث أمره ، بخلاف المؤمنين الذين قد لا يتركون مندوبا ، فضلا عن واجب ،ولا يفعلون مكروها ، فضلا عن محرم ، ليتوصلوا بما فعلوا أو تركوا إلى تحقيق غاية مشروعة ، فلا يتخذوا وسيلة لم يأذن بها الله ، ولو كانت الغاية التي تتخذ لها تلك الوسيلة مشروعة .
بل قد يترك المؤمن المباح ورعا ، ليحقق أعلى ما يمكنه من تقوى ربه ونيله رضاه تعالى ، يبين ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( لا يبلغ المؤمن أن يكون من المتقين حتى يدع ما لا بأس به ، خشية أن يقع فيما به بأس ) [رواه الحاكم في المستدرك ، من حديث عطية بن سعد ، برقم : 7899 وصححه . وذكره ابن كثير في مقدمة تفسيره ، وعزاه إلى ابن ماجه و الترمذي ونقل عنه أنه قال : هذا حديث حسن غريب]
الأمر الرابع : أن الإيمان يحقق لصاحبه معنى وجوده في الأرض .
وأي شيء لا يتحقق معنى وجوده ، أو تحقق معنى يعود على معنى وجوده بالنقض فقد قيمته ، وأصبح وجوده كعدمه ، بل قد يكون عدمه خيرا من وجوده .
ولنضرب لذلك بعض الأمثلة :
فالقلم يصنع من أجل الكتابة به ، فلو اشترى شخص ما قلما للكتابة واتضح له بعد شرائه أنه غير صالح للكتابة ، فله الحق في إعادته إلى البائع ، لفقد المعنى الذي اشتراه من أجله .
والمعنى الذي وجدت من أجله الثياب هو لبسها لستر العورات ، وإظهار الزينة ، والوقاية من الحر والبرد ، فإذا صنعت الثياب الجميلة الصالحة لما ذكر ، ثم كدست في الصناديق والحقائب … ومشى الناس كالحيوانات عرايا ، فقدت تلك الثياب معنى وجودها ، وأصبحت غير ذات قيمة .
والمعنى الذي وجدت من أجله النعال ، وقاية الأرجل من الحر والبرد والأشواك ولسع العقارب ولدغ الثعابين ، وغيرها من المؤذيات ، فلو حمل الناس نعالهم بأيديهم ولم يلبسوها ، بل استمروا يمشون حفاة طول حياتهم ، فأي معنى لصنع النعال وبيعها وشرائها ؟!
والمعنى الذي صنعت من أجله الطائرات ، هو الانتقال السريع بها وقطع المسافات البعيدة في مدة قصيرة ، أو حمل الناس وأمتعتهم وبضائعهم من مكان إلى آخر ، أو اتخاذها سلاحا ضد الأعداء ، كما في الطائرات الحربية … فلو خصصت الطائرات لما خصصت له عربات تنظيف الشوارع في المدن لنقل الفضلات والقمامات ، وخصصت عربات تنظيف الشوارع للأسفار البعيدة ، لكان فاعل ذلك سفيها أشد السفه ، مع أنه جعل لكل من الصنفين معنىً مّا .
والطريق المعبد وجد من أجل تسهيل سير المسافرين ونقل الأثقال من مكان إلى آخر ، فإذا استقدمت الشركات المتخصصة لإنشاء الطرق السريعة فبنت تلك الطرق بناء محكما ، ووضعت معالمها الدالة على جهات السير والانحناءات والمرتفعات والمنخفضات … ثم استعملت تلك الطرق المعبدة زرائب للأغنام والأبقار ، ومبارك للإبل ، وملاعب للأطفال ، وصرفت عنها السيارات لتسير في طرق وعرة في الصحارى والجبال والمستنقعات ، ينال المسافرون فيها أشد العناء والمشقات التي تكون سببا في الانقطاع والجوع والعطش ، بل زهوق الأرواح ، فهل تحقق لتلك الطرق معناها الذي يفترض أنها وجدت من أجله ؟!
وإن المعنى الذي وجد من أجله الإنسان أجل وأسمى من أي معنى وجد من أجله شيء آخر في هذه الحياة ، لأن تحقيق معنى وجود الإنسان يتحقق به كل معنى مفيد نافع في الكون ، ويُدفَع به كل معنى فاسد ضار ، لأن المعنى الذي وجد من أجله الإنسان هو الميزان الذي توزن به الأعمال والأخلاق والقيم .
فما المعنى الذي أوجد الله من أجله الإنسان في هذه الحياة ؟





السابق

الفهرس

التالي


11400056

عداد الصفحات العام

2588

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م