[
الصفحة الرئيسية
] [
حول الموقع
] [
تعريف بصاحب الموقع
]
﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب
::
66- سافر معي في المشارق والمغارب
::
(34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف
::
(033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف.
::
(067) سافر معي في المشارق والمغارب
::
(066) سافر معي في المشارق والمغارب
::
(031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف
::
(065) سافر معي في المشارق والمغارب
::
(030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث
::
::
::
::
::
::
::
::
::
::
جملة البحث
جميع محتويات الموقع
المقالات العامة
مقالات الحدث
الجهاد في فلسطين
2 أثر التربية الإسلامية في أمن المجتمع المسلم
المقالات العامة
الإيمان هو الأساس
غيث الديمة الجزء الأول
غيث الديمة الجزء الثاني
حوارات مع أوربيين مسلمين
حوارات مع أوربيين غير مسلمين
الحدود و السلطان
حكم زواج المسلم بالكتابية
رحلة هونج كونج
جوهرة الإسلام
كتاب الجهاد
المسئولية في الإسلام
دور المسجد في التربية
كتاب سبب الجريمة
كتاب الشورى في الإسلام
كتاب السباق إلى العقول
الإيمان إصطلاحاً و أثره سلوكاً
كتاب طل الربوة
كتاب الوقاية من المسكرات
الكفاءة الإدارية
معارج الصعود إلى تفسير سورة هود
مقدمة سلسلة في المشارق و المغارب
المجلد الأول : رحلات الولايات المتحدة الأمريكية
المجلد الثاني : رحلات المملكة المتحدة (بريطانيا) و آيرلندا
المجلد الثالث : رحلات اليابان وكوريا وهونغ كونغ
المجلد الرابع:رحلات إندونيسيا الجزء الأول 1400هـ ـ 1980م
المجلد الخامس : الرحلة إلى إندونيسيا الجزء الثاني 1410هـ ـ 1990م
المجلد السادس : رحلات إندونيسيا الجزء الثالث 1419هـ ـ 1989م
المجلد السابع : رحلات أستراليا و نيوزيلاندا و سريلانكا
المجلد الثامن : رحلات كندا و إسبانيا
المجلد التاسع : رحلات سويسرا و ألمانيا و النمسا
المجلد العاشر : رحلات بلجيكا و هولندا و الدنمارك
المجلد الحادي عشر:رحلات السويد و فنلندا و النرويج
المجلد الثاني عشر : رحلات فرنسا و البرتغال و إيطاليا
المجلد الثالث عشر : رحلات سنغافورة و بروناي و تايوان
المجلد الرابع عشر : رحلات باكستان و الهند
المجلد الخامس عشر : رحلات تايلاند (بانكوك)
المجلد السادس عشر : الرحلة إلى ماليزيا
المجلد السابع عشر : رحلات الفلبين
المجلد الثامن عشر : رحلة كينيا
الفهرس
الإيمان يذكر صاحبه بشكر ربه على نعمه
الإيمان يذكر صاحبه بشكر ربه على نعمه
الأمر السادس : أن الإيمان يذكر صاحبه بنعم الله عليه وشكره عليها
إن الإيمان يورث صاحبه شكر الله تعالى ومحبته ، لأن المؤمن يعلم أن الله تعالى هو الذي أسدى إليه جميع النعم ، الحسية منها والمعنوية ، ابتداء من نعمة خلقه وإيجاده ، وانتهاء بمثوبته ورضوانه ، كما قال تعالى :
( وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها
( [- النحل : 18] وأشار القرآن الكريم إلى مفردات كثيرة من نعمه تعالى على هذا الإنسان ، كما قال تعالى :
( الرحمن علم القرآن خلق الإنسان علمه البيان …
( [الرحمن : 1-4] وقال تعالى :
( اقرأ باسم ربك الذي خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم
( [العلق : 1-5]
وقال تعالى :
( خلق الإنسان من نطفة فإذا هو خصيم مبين والأنعام خلقها لكم فيها دفء وفيها منافع ومنها تأكلون ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس إن ربكم لرؤف رحيم والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون هو الذي أنزل من السماء ماء لكم منه شراب ومنه شجر فيه تسيمون ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون وما ذرأ لكم في الأرض مختلفا ألوانه إن في ذلك لآية لقوم يتذكرون وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحما طريا وتستخرجوا منه حلية تلبسونها وترى الفلك مواخر فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم وأنهارا وسبلا لعلكم تهتدون وعلامات وبالنجم هم يهتدون أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الله لغفور رحيم
( [النحل : 4-18] وقال تعالى :
( لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فإياي فارهبون وله ما في السماوات والأرض وله الدين واصبا أفغير الله تتقون وما بكم من نعمة فمن الله ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون
( [النحل : 51 – 53]
وقال تعالى :
( وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون والله أنزل من السماء ماء فأحيا به الأرض بعد موتها إن في ذلك لآية لقوم يسمعون وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا إن في ذلك لآية لقوم يعقلون وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللا يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون …. والله فضل بعضكم على بعض في الرزق فما الذين فضلوا برادي رزقهم على ما ملكت أيمانهم فهم فيه سواء أفبنعمة الله يجحدون والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطيبات أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله يكفرون ويعبدون من دون الله ما لا يملك لهم رزقا من السماوات والأرض شيئا ولا يستطيعون … [النحل : 64- 73 ] والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون ألم يروا إلى الطير مسخرات في جو السماء ما يمسكهن إلا الله إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون والله جعل لكم من بيوتكم سكنا وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا تستخفونها يوم ظعنكم ويوم إقامتكم ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثا ومتاعا إلى حين والله جعل لكم مما خلق ظلالا وجعل لكم من الجبال أكنانا وجعل لكم سرابيل تقيكم بأسكم كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون فإن تولوا فإنما عليك البلاغ المبين يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها وأكثرهم الكافرون …[ النحل : 78 – 83] فكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا واشكروا نعمة الله إن كنتم إياه تعبدون إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن الله غفور رحيم
( [النحل : 78 – 83]
والآيات المذكرة بنعم الله لا تحصى كثرة في القرآن الكريم ، ومن هذه الآيات التي سبقت هنا يتضح للمتأمل أنه لا يستطيع أن يعبر بكثرتها إلا بقول الله تعالى :
( وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها
( وقوله :
( وما بكم من نعمة فمن الله
(
فالله سبحانه هو الذي أوجد الإنسان بعد أن لم يكن شيئا :
( هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا
( [الدهر : 1]
وجعله تعالى يمر بأطوار عجيبة تحوطه فيها عناية الله :
( ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين
( [المؤمنون : 12 – 14]
وأحاط الله تعالى هذا الإنسان بعنايته في كل أطوار خلقه وحياته ، وأخرجه من بطن أمه لا يعلم شيئا ، بعد أن زوده بكل أجهزة العلم ومنافذه ، فعلمه ما لم يكن يعلم ، كما قال تعالى :
( والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون
( [النحل : 78]
ولا يزال سبحانه يحيطه ويكلؤه ويعلمه ويرزقه ، حتى يكتمل نموه ويصل إلى أعلى مستوى من القوة الجسمية والعقلية والعلمية التي كتبها الله له ، فيكون بذلك الإنسان الذي أصله الطين ، ثم النطفة رئيس دولة وقائد جيش وموجه شعب ومستخرج كنوز ومخترع وسائل رقي حضاري تحير العقول وتدير الرؤوس .
إن هذا الإنسان الذي أصبح بهذه الصورة العجيبة التي ركبه مولاه فيها ، لو فكر قليلا في نعم الله تعالى عليه تفكير منصف معترف لصاحب الحق بحقه ، لما شرد عن ربه شرود كافر به جاحد لنعمه ، ولو غفل عنه قليلا عنه لعاد إليه مستحيا خائفا وجلا راجيا راغبا تائبا ، كما قال تعالى :
( إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون
( [الأعراف : 201]
إن الإنسان المخلوق الذي لا يملك إلا ما رزقه الخالق ، عندما يحسن إلى إنسان آخر بشيء قليل من المال أو بجاه أو غيره ، يجد – غالبا – من تلقى منه ذلك الإحسان يذكره - بالخير والثناء عليه - كلما حصلت مناسبة ، ويكرر شكره له ، وينشر ذلك بين الناس ، ويقع في قلبه له من المحبة ما يقع ، وعن هذا المعنى قال الشاعر :
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم فطالما استعبد الإنسانَ إحسانُ
فكيف يغفل الإنسان عن نعم ربه التي تحيط به فلا يلتفت إلى أي جهة في أي زمان وأي مكان دون أن يراها ماثلة تحيط به في نفسه وفيمن حوله ، في سفره وحضره ، في يقظته ونومته ، في خوفه وأمنه ، في سروره وحزنه ، في أنسه ووحشته ، وفي كل لحظة من لحظات عمره .
ولو لم يكن من نعم الله عليه إلا هذا الهواء الذي يستنشقه ، بدون أن يفكر أو يريد ، ولو انقطع عنه زمنا يسيرا لهلك ، لولم يكن لهذا الإنسان إلا هذه النعمة التي هيأها له ربه ، وهيأ له من الأجهزة التنفسية ما يمكنه من الاستفادة منه ، لو لم يكن له إلا ذلك لكفاه التفاتا إلى المنعم العظيم .
وكيف يغفل الإنسان عن عقله الذي منحه الله إياه ، ولو فقد هذا العقل لاختل كل شيء في حياته .
وكيف يغفل عن حواسه التي لا يستطيع أن يذوق طعم الحياة : حلوها ومرها ، وحرها وبردها ، وكافة ما يسعده أو يشقيه في حياته إلا بها : عين تبصر ، وأذن تسمع ، ويد تتناول وتبطش ، ورِجْل تخطو وتسير ، وأنف تشم ، وجلد يحس فيرتاح أو يتألم ، وأسنان تطحن الطعام و لسان تخلط ، وجهاز يهضم ، وأخر يخرج ، وقلب يضخ الدم في الجسم وينبض …
( قل هو الذي أنشأكم وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون
( [1- الملك : 23]
إن الإنسان لو فكر في شيء من ذلك وغيره في داخل نفسه وخارجها ، لخر ساجدا لربه منيبا إليه ، و لكان أحب إليه من نفسه وولده ووالده والناس أجمعين :
( يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم الذي خلقك فسواك فعدلك في أي صورة ما شاء ركبك
( [الانفطار : 6 ، 8] لو فكر الإنسان في دمه الذي يجري في عروقه بدون إرادته أو تفكيره ، في يقظته ومنامه ، في حركة دائبة يأخذ ويعطي دون انقطاع ، ينقل لكل خلية من خلاياه غذاءها ، ويصفي ما بها من فضلات لو بقيت في مكانها لأصبحت جسورا تتراكم وتمنع نقل الغذاء وتصفية الفضلات منعا يقضي على حياته ، لو فكر الإنسان في ذلك لعرف قدر نعمة الله عليه ، وكان أحب إليه من كل شيء حتى من روحه التي بين جنبيه .
إن نعمة الخلق والإيجاد والعناية الربانية بهذا الإنسان ، في حفظه ورزقه ، وغير ذلك مما لا يعد ولا يحصى من تدبير الله له ، لجديرة بإيقاظ النائم وتنبيه الغافل ، ليرجع إلى ربه ومولاه رجوع طاعة وعبادة وإقرار بحقه عليه ، ورجوع حب وشكر له .
نعمة البيان والبلاغ المبين .
ولكن هناك نعما أخرى أجل وأسمى من نعمة الخلق والإيجاد والرزق والحفظ من الهلاك - لأن الإنسان يشترك في هذه النعم مع سائر الحيوان – من تلك النعم " نعمة البيان والبلاغ المبين " بيان الهدى والحق ، والضلال والباطل ، بإرسال الرسل وإنزال الكتب ، كما قال تعالى :
( ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت
( [النحل : 36]
وقال تعالى :
( هو الذي بعث في الأميين رسولا يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين
( [الجمعة : 2]
وقال تعالى :
( الرحمن علم القرآن خلق الإنسان علمه البيان
( [الرحمان 1- 4]
ولهذا بين تعالى أن البلاغ المبين هو وظيفة رسل الله كلهم ، كما قال تعالى :
( قالوا ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون وما علينا إلا البلاغ المبين
( [يس : 16-17] وقال تعالى :
( وهل على الرسل إلا البلاغ المبين
( [النحل : 35 ] وأخبر رسوله صلى الله عليه وسلم أنه إذا لم يقم بهذا البلاغ ، لم يؤد وظيفته التي كلفه الله إياها ، فقال تعالى :
{ يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته }
[ المائدة : 67]
ولعن الله من كتم الحق من علماء الأديان ، كما قال تعالى :
{ إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم
( [البقرة : 159 ، 160]
وبذلك أقام الله الحجة على عباد : كما في قوله عز وجل :
( رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما
( [النساء : 165]
ونعمة البيان والبلاغ المبين ، يحيى بها الموتى ويبصر العميان ، فهي حياة لهم ونور ، إذا عرفوها حق المعرفة وقدروها حق التقدير ، فشكروا من أنعم عليهم بها ، أما من كفر هذه النعمة ولم يشكر ربه عليها ويعمل بما بان له من الحق ، فهو أشد عمى ممن فقد بصره ، لم يزل يسير حياته كلها في ظلام يتخبط ، وإن ظن أنه من المبصرين :
( أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون
( [الأنعام : 122]
نعمة الهداية والتوفيق
تلك نعم عظيمة ، وهي مجرد أمثلة ، لأن نعم الله لا يحصيها إلا الله ، وهي نعم يشترك فيها الناس كلهم – مؤمنهم وكافرهم - ولكن أعظم نعم الله على عبده نعمة الهداية والتوفيق التي يخص الله بها من شاء من عباده ، وهم الذين آمنوا به حق الإيمان وعبدوه حق العبادة ، وهي النعمة التي لا فلاح ولا فوز في الدنيا والآخرة لمن فقدها ، ألا وهي نعمة توفيق الله لعبده وهدايته الكونية القدرية – مع هدايته الشرعية – [الهداية الشرعية هي بيان الله لعبده حقيقة الدين الذي أمره به ، عن طريق وحيه ورسله ، وهدايته القدرية هي توفيقه لقبول هذا الدين والعمل به ، لما علم منه من صدق إرادة الحق والعمل به] للإيمان به وطاعة رسوله والعمل بشريعته ، أي هدايته للإسلام الذي لا يقبل الله من أحد سواه
( : إن الدين عند الله الإسلام
( [آل عمران : 19]
( ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل من وهو في الآخرة من الخاسرين
( [آل عمران : 85]
وهذه الهداية هي أعظم الضرورات للإنسان ، فهي أعظم من ضرورات الطعام والشراب والهواء ، بل لا نسبة بينها وبين غيرها من الضرورات المادية التي لا يعيش الإنسان بدونها ، لأن الضرورات المادية كلها لا يؤثر فقدها إلا في الجسم ، وغاية تأثيرها فيه هو الموت ، والموت أمر حتم لا ينجو منه أحد من خلق الله .
أما ضرورة الهداية والتوفيق ففقدها يؤدي إلى التعاسة والشقاء والفوضى والظلم والعبودية والذل ، لأنواع شتى من الطواغيت في الحياة الدنيا ، ثم إلى الخسارة العظيمة في الآخرة بالحرمان من الجنة ورضا الله ، والدخول في نار جهنم دخولا أبديا لا حياة بعده ولا موت ، وعندئذ لا ينفع مال ولا ولد ولا والد ولا جاه ولا شفاعة ولا سلطان مما كان يتمتع به في الدنيا .
ولهذا فرض الله على عباده المؤمنين قراءة سورة الفاتحة في كل ركعة من صلاتهم – فرضا ونفلا – للإمام والمأموم [على خلاف في المأموم ، ولكنه ينال ما يناله الإمام لسماعه قراءته ، وطلبه الهداية بلسان الحال ، وقراءة الإمام عند من لا يرى قراءة المأموم معه قراءة للمأموم] – والمنفرد ، رحمة منه تعالى بهم بأن جعلهم يطلبون منه تعالى هدايته وتوفيقه لاتباع صراطه المستقيم ، صراط الأنبياء والمرسلين والشهداء والصالحين ، أهل الإيمان الصادق و العلم النافع والعمل الصالح ، ويطلبون منه النجاة من سبيل الهالكين ، الذين يعبدونه على جهل منهم به وبدينه ، مع تمسكهم بماهم عليه من الباطل ورفضهم للحق الذي جاء من عند الله على يد خاتم رسله صلى الله عليه وسلم ، والذين يحرفون كتبه وآياته وما جاءهم به رسله عليهم الصلاة والسلام ، ويعصونه تعالى على علم ، ويقفون في وجه الحق وأهله ، وهم به عالمون ، ويدخل في الصنفين – العابدين له على جهل ، والمحرفين لكتبه – اليهود والنصارى وكل من سار على دربهم من الأمم . قال تعالى في سورة الفاتحة :
( الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين إياك نعبد وإياك نستعين اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين
( [ الفاتحة : 1 - 7]
وتظهر أهمية هذه النعمة وخطرها يوم القيامة ، عندما تنصب الموازين فتثقل موازين المهتدين ، وتخف موازين المغضوب عليهم والضالين ، وتكون النتيجة الجنة ورضا الله عمن هدى الله ، والنار وسخط الله على من حرم هدايته وتوفيقه .
كما قال تعالى :
( فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون ألم تكن آياتي تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون قال اخسئوا فيها ولا تكلمون إنه كان فريق من عبادي يقولون ربنا آمنا فاغفر لنا وأنت خير الراحمين فاتخذتموهم سخريا حتى أنسوكم ذكري وكنتم منهم تضحكون إني جزيتهم اليوم بما صبروا إنهم هم الفائزون
( [المؤمنون : 101-111]
وقال تعالى :
( فأما من ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية وأما من خفت موازينه فأمه هاوية وما أدراك ما هيه نار حامية
( [القارعة : 6-11]
يدرك المؤمن الذي يعلم خطر هذه النعمة – نعمة الهداية والتوفيق – فيزداد إيمانا بربه ، ويمتلئ قلبه محبة له ، فلا يحب أحدا أو شيئا إلا تبعا لمحبة ربه ، ولا يبغض أحدا أو شيئا إلا تبعا لبغض ربه ، يعتقد أنه في حياته ومماته ودنياه وآخرته لله تعالى وحده ، لا لسواه كما قال تعالى :
( قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين
( [الأنعام : 163]
قال الدكتور يوسف القرضاوي [الإيمان وأثره في حياة الإنسان : ص : 67 حسن الترابي] وفقه الله : [ فالمؤمن ذو الفكر والبصيرة لا يكاد يشعر بنفسه وأبعاد وجودها ، إلا ذكر بها ربه ، ولا يحب نفسه ، إلا كان الله أحب إليه منها ومن كل قريب ، ثم يقع في نفس المؤمن حب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وحب دينه ، وحب المؤمنين …
( ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان : أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله ، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار )
] [صحيح البخاري ، رقم 16 . وصحيح مسلم ، رقم 43]
الفهرس
16477740
عداد الصفحات العام
1418
عداد الصفحات اليومي
جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م