﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


أثر الإيمان في حياة الأمة

أثر الإيمان في حياة الأمة
الآثار السابقة هي التي يحدثها الإيمان في الأفراد ، وهؤلاء الأفراد هم الذين تتكون منهم الأمة الإسلامية ، وما يحدثه الإيمان في حياة الأمة ، أساسه ما أحدثه في حياة أفرادها ، فأثره في حياة الفرد وأثره في حياة الأمة متلازمان .
وقاية الأمة وتنقية صفها بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
يحمل الإيمان الأمة الإسلامية على وقاية نفسها وتنقية صفها ، وتطهير أرضها من خبث المعاصي والذنوب التي تحطم الأمم وتقوض أركان بنائها ، يحملها على ذلك بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، الذي فرضه الله عليها وأثنى عليها به ، كما قال تعالى : ( ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون ( [آل عمران : 104] وقال : ( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ( [آل عمران : 110]
وقال تعالى : ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم ( [التوبة : 71]
ولعن الله بني إسرائيل لعدم قيامهم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فقال : ( لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون ( [المائدة : 78-79]
ووصف تعالى المنافقين - ذما لهم - فقال تعالى : ( المنافقون والمنافقات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم نسوا الله فنسيهم إن المنافقين لفاسقون ( [التوبة : 67]
وذلك عكس ما وصف الله به عباده المؤمنين ثناء عليهم ، كما مضى .
وأكدت سنة الرسول صلى الله عليه وسلم خطر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأهميتهما ، بأساليب متنوعة :
فقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كل من رأى منكرا بتغييره ، لسد كل منفذ لمعتذر يريد التخلص من التغيير ، فمن استطاع أن يغير بيده – ممن له حق التغيير باليد – وجب عليه أن يغير بيده ، أي يزيل المنكر بالفعل ، ومن لم يستطع التغيير بيده ، وكان يستطيع التغيير بلسانه ، وجب أن يغير بلسانه ، ومن لم يستطع التغيير بلسانه ، وجب عليه أن ينكر ذلك بقلبه ، بأن ينكر ذلك ويبغضه ويتمنى زواله ولا يرضى ببقائه ، حتى لا يبقى بين الأمة الإسلامية من ترضى نفسه بوجود منكر في الأرض .
ففي حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه . وذلك أضعف الإيمان ) [صحيح مسلم من حديث أبي سعيد ، يرقم : 49]
وقد دل حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه ، أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الأولويات التي بايعهم عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : ( بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في العسر ، واليسر والمنشط والمكره ، وعلى أثرة علينا ، وعلى ألا ننازع الأمر أهله ، إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم به من الله تعالى فيه برهان ، وعلى أن نقول الحق أينما كنا ، لا نخاف في الله لومة لائم ) [صحيح البخاري ، برقم : 6647 . وصحيح مسلم ، برقم : 1709]
وصور رسول الله صلى الله عليه وسلم سلامة الأمة ونجاتها بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وهلاكها وخسارتها بتركهما ، أبلغ تصوير وأروعه ، كما يبين ذلك حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه ، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مثل القائم في حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة ، فصار بعضهم في أعلاها ، وبعضهم في أسفلها ، وكان الذين في أسفلها ، إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم ، فقالوا : لو خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا . فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا ، وإن أخذوا على أيديهم ، نجوا ونجوا جميعا ) [صحيح البخاري برقم :2361]
فالأمة المسلمة يتحقق فيها هذا المعنى ، وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، بدافع من إيمانها ، فتنقي صفها من ذوي الشر والفساد والظلم والطغيان ومحبي نشر الفاحشة والخنا ، وتنقي أرضها من الخبث والرجس وكل أنواع الشرور والمنكرات ، فتكون بذلك الأمة الطاهرة النظيفة المؤهلة لقيادة البشرية في الأرض بنور الله وهداه .
وهكذا كانت الأمة الإسلامية في عصورها الأولى ، تنقي صفها وتنفي خبثها بالتزكية والتعليم والنصيحة ، والأخذ على أيدي السفهاء بكل الوسائل المشروعة ، من تعزير وقصاص وحدود وكفارات وغيرها .
وما ضاعت كرامة هذه الأمة في العصور المتأخرة إلا بضعف إيمانها ، الذي أفقدها تلك الحساسية المرهفة ، والرقابة اليقظة ، التي لا تأذن لأي معنى أو سلوك أجنبي يخالف دينها وخلقها وشريعتها ، أن ينفذ إلى أرضها أو يستقر في مجتمعها النظيف .
لذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم – وهو القدوة الحسنة لأمته الذي ربى أصحابه تلك التربية الربانية – يغضب إذا رأى تساهلا أو محاولة للتساهل في العدل وأداء الحقوق .
ففي حديث عائشة رضي الله عنها ، أن قريشا أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت ، فقالوا : من يكلم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقالوا : من يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فكلمه أسامة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أتشفع في حد من حدود الله تعالى ؟ ) ثم قام فاختطب ، ثم قال : ( إنما هلك من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ، وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ) [صحيح البخاري من حديث عائشة ، برقم : 3288 . وصحيح مسلم ، برقم : 1688]
وإذا تأملنا هذا الحديث ، وتأملنا أحوال المسلمين اليوم ، نجد أن أساس المنكرات والمعاصي والسلوكيات القذرة ، والظلم والغش والخداع المنتشرة في البلدان الإسلامية ، هو رتع الأقوياء والأغنياء في محارم الله ، الذي تطفح بالقليل منه وسائل الإعلام ، وبالأكثر من ذلك المجالس والمنتديات ، ويسمع الناس إنزال العقاب – شديده وخفيفه – بمن ثبتت جريمته من ضعفاء الناس ، ويسمعون عن جرائم كبيرة تصدر من الأقوياء ، تهدر بها ضرورات الأمة ومصالحها ، دون أن يجرؤ أحد على إنكارها أو المطالبة بتطبيق شرع الله أو القانون على مرتكبها ، حتى إذا ما أصبح القوي ضعيفا ، فاحت روائح مستنقعات معاصيه وجرائمه ، ونزل به من العقاب أشده ، من قوي جديد حل محله …. وهكذا .
وعندما يستمرئ الأقوياء المعاصي والجرائم ، ويأمنون من تطبيق العقوبات على من ارتكبها منهم ، يتهاونون في مكافحة تلك الجرائم والقيام بردع كثير من مرتكبيها من غيرهم ، إلا إذا شعروا بضرر يعود عليهم في التهاون بها .
لهذا انتشر في البلدان الإسلامية كل أنواع المنكرات والمعاصي والجرائم ، وأصبح كثير منها مألوفا عند الناس غير مبالين بعواقبه الوخيمة ، ولم يعد ذلك التحرج وتلك التقوى التي كانت تطهر الأمة الإسلامية من قاذورات الإجرام والذنوب ، موجودة بما فيه الكفاية لوقاية الأمة وتنقية صفها وتطهير أرضها ، من الخبث والخبثاء ، لعدم اهتمام رءوس الأمة وقادتها بمكافحتها وتطبيق العقوبات على مرتكبيها . وسبب ذلك كله فقد الإيمان الصادق أ و ضعفه .





السابق

الفهرس

التالي


11399929

عداد الصفحات العام

2461

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م