﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


الجماعة و الاعتصام بحبل الله

الجماعة و الاعتصام بحبل الله
من المستحيل - عادة - أن تجتمع أمة من الأمم – بعد نزول الرسالة الخاتمة -اجتماع رضا واطمئنان ، على تحقيق مصالحها العامة ، متعاونة على البر والتقوى والعدل ، متناهية عن الإثم والعدوان والظلم ، يأخذ كل فرد فيها وكل أسرة وكل جماعة ما لهم من حقوق ، ويؤدون ما عليهم من واجبات ، غير أمة محمد صلى الله عليه وسلم التي رضيت بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا . يدل على هذا تاريخ الأمم وواقع الحال في كل زمان ومكان وفي جميع الأجيال .
ولسنا بحاجة إلى تناول تاريخ الأمم السابقة ، من أهل الكتاب وغيرهم من أهل فارس والروم ، الأمم التي ذاع صيت حضاراته ورقيها ، واعتبرت أساس حضارات الغرب اليوم ، هذه الأمم التي لم تنقطع الحروب المدمرة بينها ، ولم يجد في ظلها الإنسان الكرامة والمساواة والعدالة ، ويكفي قراءة كتاب قصة الحضارة لـ( ول ديورانت ) ليعلم ما حل بتلك الأمم من شقاء وضنك ونكد .
والذي يراجع تاريخ العرب قبل أن يدخلوا في دين الله ، يجد هذا المعنى بارزا واضحا للعيان ، فلم تكن تربط بينهم رابطة تجمعهم على كلمة واحدة ، بل كان أبناء العم يتقاطعون ويتدابرون ويتقاتلون ، ويغير بعضهم على بعض ، فينهبون الأموال ، ويأسرون الرجال ويسبون النساء .
فلما جاء الإسلام ألف بين قلوبهم وجمعهم الإيمان على كلمة التوحيد وطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم . فصاروا إخوة متحابين ، يؤثر بعضهم بعضا على نفسه وأهله .
ولعل من أقرب الأمثلة على ذلك ما كان بين الأوس والخزرج في مدينة يثرب " طيبة أو المدينة بعد الإسلام " الذين لم يكونوا يضعون السلاح من معركة إلا ليحملوه في معركة أخرى .
ولكنهم بعد أن أنعم الله عليهم بالإسلام ، أصبحوا أمة أخرى ، ألف الله بين قلوبهم ، وكان شعارهم الذي ألبسهم هذا الدين " الأنصار " دليلا على تحول عظيم في حياتهم ، من العصبية القبلية الجاهلية والصراع الشديد ، والاعتداء الظالم إلى الولاء الكامل لله ولرسوله وللمؤمنين .
ومع أن هذا الوصف " الأنصار " لقب شرعي ، دل على شرعيته الكتاب والسنة ، وكذلك وصف " المهاجرين " وهو وصف للمسلمين الذين هاجروا من مكة إلى المدينة ، لقب شرعي ، اعتبرهما الرسول صلى الله عليه وسلم عندما حصل نزاع بين بعض الأنصار وبعض المهاجرين ، فأطلق كل فريق نفس اللقب الشرعي على معنى غير شرعي ، حيث قال بعض الأنصار – تعصبا ضد المهاجرين - : يا للأنصار ، وقال بعض المهاجرين – تعصبا ضد الأنصار - : يا للمهاجرين ! فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم ؟! )[ الطبري في تفسيره : (4/23) وابن كثير (1/390) عند قوله تعالى ( واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء ) آل عمران 103]
ولعل في كتاب الشيخ العلامة أبي الحسن علي الندوي رحمه الله " ما ذا خسر العالم بانحطاط المسلمين " خلاصة كافية لمعرفة ما كانت عليه الأمم السابقة من اليونان والفرس والروم والعرب قبل الإسلام – بل أهل أوربا في عصرنا الحاضر في الحربين العالميتين – وما وصل إليه المسلمون بعد الرسالة

ويكفي أن نذكر أربع آيات من القرآن الكريم ، لتذكرنا بنعمة الإيمان التي جعلت الأعداء المتحاربين ، والعصاة المستحقين لدخول نار جهنم المتفرقين ، إخوانا متحابين بحبل الله معتصمين ، ولربهم مطيعين ، وبوحيه مهتدين وبحبله معتصمين ، ومن عذابه ناجين .
قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون ( [آل عمران : 102-103]
وقال تعالى : ( وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم ( [الأنفال : 62-63]
قال ابن كثير رحمه الله [ وقوله : ( ولا تفرقوا ( أمرهم بالجماعة ونهاهم عن التفرق ، وقد وردت الأحاديث المتعددة ، بالنهي عن التفرقة ، والأمر بالاجتماع والائتلاف ، كما في صحيح مسلم من حديث سهل بن أبى صالح عن أبيه ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الله يرضى لكم ثلاثا ، ويسخط لكم ثلاثا : يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا ، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم . ويسخط لكم قيل وقال ، وكثرة السؤال ، وإضاعة المال ) ] [صحيح البخاري من حديث المغيرة بن شعبة ، رقم : 1407 . وصحيح مسلم ، برقم : 593]
وإذا أردنا معرفة نقمة الله التي يسلطها على من فُقِد إيمانُهم أو ضَعُفَ ضعفا لا يؤهلهم للاعتصام بحبل الله واجتماع كلمتهم على الحق ، فلننظر إلى ما صار إليه العالم الإسلامي اليوم ، وفي طليعته الدول العربية ، من تفكك وتفرق ، بل وتناحر وتقاتل ، حتى أصبح عدوهم يحتل أراضيهم المقدسة ، وينتهك أعراضهم وينهب أموالهم ، ويذلهم أشد الإذلال ، مع كثرتهم وكثرة إمكاناتهم المادية والمعنوية والبشرية ، وهم على مكانتهم المتردية مستمرون .
وهكذا تكون الأمم في كل زمان ومكان : من بنى حياته منهم على الإيمان الصادق وأطاع الله ورسوله وطبق شريعته ، وفقه الله للاعتصام بحبله وجمع كلمته على الحق ، ونال العزة والكرامة والنصر ، ومن فقد الإيمان أو ضعف إيمانه حتى صار شبه مفقود ، سلط الله بعضهم على بعض ، وأغرى بينهم العداوة والبغضاء ، وأذلهم بنصر عدوهم عليهم ، جزاءا وفاقا .
وقد دلت النصوص على أن طاعة الله يلازمها الاعتصام واجتماع الكلمة على الحق ، وأن معصية الله وضعف الإيمان يترتب عليهما التنازع والتفرق ، ثم الجبن والضعف ، من ذلك قوله تعالى : ( وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم ( [الأنفال : 46] .






السابق

الفهرس

التالي


11399835

عداد الصفحات العام

2367

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م