﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


غرس الإيمان بعلم الله المحيط بكل شيء وأثره في الوقاية من إرتكاب المعاصي:

غرس الإيمان بعلم الله المحيط بكل شيء وأثره في الوقاية من إرتكاب المعاصي:
لقد كثر في القرآن الكريم ذكر علم الله المحيط بكل شيء، بأساليب شتى، والمقصود منها إشعار الإنسان بأن أعماله لا تخفى على الخالق، وأنها محفوظة مكتوبة محاسب عليها صاحبها، كما قال تعالى في أهل الكتاب، الذين حذر بعضهم بعضاً من الاعتراف بما في كتبهم مما يوافق القرآن الكريم، ويؤيد صحة رسالة محمد صلى الله عليه وسلم، لئلا يكون اعترافهم بذلك حجة للمسلمين عند الله عليهم، قال تعالى عنهم: {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ (76) أَوَلا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ}. [البقرة: 76-77].
وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ}. [آل عمران: 5].
وقال تعالى: {قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (29) يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمْ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ}. [آل عمران: 29-30].
تأمل هاتين الآيتين الأخيرتين: هل تجد شيئاً يمكن إخفاؤه على الله الذي أحاط علمه بما في السماوات وما في الأرض، وما يخطر للمرء في صدره، وهل يقدر الإنسان أن ينكر شيئاً مما عمل في الدنيا، عندما يلاقي الله فيجد عنده كلَّ ما عمل من خير أو سوء؟.
إن الإنسان ليقدر أن يحتال على الناس وعلى كل الوسائل التجسسية في الدنيا ويفلت منها، وكذلك يقدر أن يحتال على القضاء والقوانين، وعلى المحامين وأساليبهم، وعلى الشرطة ووسائلهم وسجونهم ويخرج من عندهم جميعاً بريئاً، وهو في الواقع غير بريء، ولكنه لا يقدر على ذلك بالنسبة للخالق.
كما قال تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيماً (105) وَاسْتَغْفِرْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً (106) وَلا تُجَادِلْ عَنْ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّاناً أَثِيماً (107) يَسْتَخْفُونَ مِنْ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنْ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنْ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً (108) هَاأَنْتُمْ هَؤُلاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً (109) وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرْ اللَّهَ يَجِدْ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً (110) وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً (111) وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدْ احْتَمَلَ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً} [النساء: 105-112].
قل لي بربك لو أن مريد مخالفة القانون في أي بلد يعلم أن آلة التصوير مسلطة عليه في منزله، وفي سيارته، وفي الشارع، وفي بيت الخلاء، وفي أي مكان تحرك أو سكن فيه، وأن صورته تظهر على حقيقتها على مرآة التلفاز، أمام مراقبين يتابعونه، هل تراه يستطيع أن يخالف القانون، ويفعل ما سيعاقب عليه من قبل السلطة القادرة على القبض عليه وعلى معاقبته؟.
فكيف إذا علم العبد وآمن أن الله محيط به، يعلم كل حركاته وسكناته وخطرات قلبه، في كل لحظة من لحظات حياته؟
فلو أن الإنسان تربى على العلم بهذه الصفة الإلهية والإيمان بها، وما يترتب على ذلك من صغره فنشأ على ذلك، لما كان يجترئ على ارتكاب المعاصي، والاعتداء على الحقوق سواءً كانت حقوق الله أو حقوق عباده، ولكان المؤمن بهذه الصفة محققاً للإحسان الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: ((الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك)). [مسلم (1/36-37)].
وقال الأستاذ أبو الأعلى المودودي رحمه الله في هذا المعنى: (وأهم شيء وأجدره في هذا الصدد، أن الإيمان بلا إله إلا الله، يجعل الإنسان مقيداً بقانون الله ومحافظاً عليه، فإن المؤمن يكون على يقين بسبب اعتقاده بهذه الكلمة، أن الله خبير بكل شيء، وهو أقرب إليه من حبل الوريد، وأنه إن أتى بعمل في ظلمة الليل، أو حالة الوحدة، فإن الله يعلمه، وأنه إن خطر بباله شيء جميل فإن علم الله محيط به، وأنه إن كان من الممكن له أن يخفي أعماله على كل واحد في الدنيا، فإنه لا يستطيع إخفاءها على الله عز وجل، وإن كان يستطيع أن يفلت من بطش أي كان، فإنه لا يستطيع أن يفلت من الله عز وجل.
فعلى قدر ما يكون هذا الإيمان راسخاً في ذهن الإنسان، يكون متبعاً لأحكام الله قائماً عند حدوده، لا يجرؤ على اقتراف ما حرم الله، ويسارع إلى الخيرات والعمل بما أمر الله، ولو في ظلمة الليل أو حالة الوحدة والخلوة، فإن معه شرطة لا تفارقه حيناً من أحيانه، وهو يتمثل دائماً أمام عينيه تلك المحكمة العليا التي لا يكاد الإنسان ينفذ من دائرة حسابها)
. [2].
فإذا فقد الإنسان العلم والإيمان بهذا المعنى، فإنه سيرتكب كل ما يهواه عندما يشعر أنه لا يعلم به القادر على تأديبه، وسيكون الموظف المسؤول عن متابعة المجرمين مجرماً، يتعاطى هو نفسه، المسكرات والمخدرات، أو يخفي جرائم المتاجرين في ذلك والذين يتعاطونه، إذا نال منهم فائدة مادية، وهذا أمر يعرفه أهله، أما من علم هذا المعنى وآمن به فأمانته يعرفها ذوو الخبرة في هذه الأمور. [3].
1 - مسلم (1/36-37)
2 - مبادئ الإسلام ص98 طبع الاتحاد الإسلامي للمنظمات الطلابية
3 - للمؤلف بحث في هذا الموضوع عنوانه: "الواعظ الأكبر والزاجر الأعظم"



السابق

الفهرس

التالي


16562209

عداد الصفحات العام

2048

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م