﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


غرس الإيمان بقدرة الله التامة على كل شيء:

غرس الإيمان بقدرة الله التامة على كل شيء:
إن المجرم إذا علم أن أحداً يعلم جريمته إذا ارتكبها، ولكنه يعلم أن هذا العالم بجريمته، عاجز عن متابعته وعقابه، فإنه يستطيع أن يرتكب تلك الجريمة وينجو من عقاب العالم بجريمته، ولو كان يبغضها غاية البغض، لكنه إذا اجتمع عنده العلم والإيمان، أن أحداً يعلم ما يرتكبه من معصية، ويقدر على متابعته ومحاسبته وعقابه، لا يقدر أبداً على الإفلات منه، فإنه لا يقدم على ارتكاب المعصية التي يعلمها ويعاقبه عليها.
ولهذا جمع الله سبحانه بين علمه المحيط بكل شيء، وقدرته التامة على كل شيء في قوله تعالى: {قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}. [آل عمران: 29].
وقال تعالى: {أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيماً قَدِيراً}. [فاطر: 44].
فإذا أردنا أن نوجد الإنسان الذي يجتنب ما يضره ويضر مجتمعه من الجرائم، بل إذا أردنا إيجاد أمة تكون كلها حارسة على مصالحها في السر والعلن، فلا بد أن نربي ذلك الإنسان أو تلك الأمة، على العلم والإيمان بقدرة الله التامة على كل شيء، مع إحاطته تعالى علماً بكل شيء.
ولعل هذا يبين حكمة أمر الله تعالى عباده، أن يعبدوه بأسمائه الحسنى التي تملأ القلب المؤمن حباً لله، وخوفاً ورهبة منه، فيقدم على ما يحب ويبتعد عما يكره، كما قال تعالى: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}. [الأعراف: 180].
لأن كل اسم من أسمائه تعالى يحمل من المعاني، ما لو فقهه المؤمن وثبت في قلبه، لازداد تقرباً إلى الله بطاعته، بأداء حقوقه وحقوق عباده، وترك معصيته، بعدم الاعتداء على حقوقه وحقوق عباده.
وقال ابن القيم رحمه الله: "ولو شهد بقلبه صفة واحدة من أوصاف كماله، لاستدعت منه المحبة التامة عليها، وهل مع المحبين محبة إلا من آثار صفات كماله، فإنهم لم يروه في هذه الدار، وإنما وصل إليهم العلم بآثار صفاته وآثار صنعه، فاستدلوا بما علموه على ما غاب عنهم". [1].
ولهذا كان المكثر من حفظ أسماء الله الحسنى المتعبد بها جديراً بوعد الله أن يدخله الجنة، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ((إن لله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة)). [البخاري (3/185) ومسلم (4/2062) وفي مسلم زيادة في رواية: ((من حفظها))].
والمراد من إحصائها وحفظها هو التعبد بها وذكر الله بها باللسان والقلب، والتأثر بمعانيها التي تثمر في المحصي الحافظ لها قوة الإيمان وزيادته، والحرص على طاعة الله والإكثار منها، والبعد عن معاصي الله تعالى، والرغبة الصادقة في الفوز برضوان الله ونعيمه في الجنة التي فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، وبالجملة حفظ هذا الدين في نفسه وفي أمته، على المنهج القرآني والسنة النبوية، يبين ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنه: ((احفظ الله يحفظك...)).
قال ابن الأمير: "والمراد من قوله: ((احفظ الله)) أي حدوده وعهوده وأوامره ونواهيه، وحفظ ذلك هو الوقوف عند أوامره بالامتثال، وعند نواهيه بالاجتناب، وعند حدوده أن لا يتجاوزها ولا يتعدى ما أُمر به إلى ما نُهى عنه، فيدخل في ذلك فعل الواجبات كلها وترك المنهيات كلها.
وقال تعالى: {وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ}. [التوبة: 112]. وقال: {هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ}. [ق: 32]. فسر العلماء الحفيظ بالحافظ لأوامر الله، وفسر بالحافظ لذنوبه حتى يرجع منها، فأمره صلى الله عليه وسلم بحفظ الله يدخل فيه كل ما ذكر وتفاصيلها واسعة". [سبل السلام (4/176) دار إحياء التراث العربي ـ بيروت].
1 - طريق الهجرتين وباب السعادتين ص:561-562 طبع قطر
2 - البخاري (3/185) ومسلم (4/2062) وفي مسلم زيادة في رواية: ((من حفظها))
3 - سبل السلام (4/176) دار إحياء التراث العربي ـ بيروت



السابق

الفهرس

التالي


16485203

عداد الصفحات العام

592

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م