المبحث الخامس: حفظ المال.
المال مال الله استخلف عباده فيه، فهو سبحانه المالك الحق، ولا يجوز لخلقه الذين استخلفهم فيه، أن يكتسبوه أو ينفقوه، إلا حيث يكون اكتساب أو إنفاقه مشروعا.
قال تعالى: (آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه) [الحديد: 7]. قال القرطبي رحمه الله في تفسير هذه الآية: "دليل على أن أصل الملك لله سبحانه، وأن العبد ليس له فيه إلا التصرف الذي يرضي الله، فيثيبه على ذلك الجنة" إلى أن قال: "وقال الحسن: مستخلفين فيه، بوراثتكم عمن كان قبلكم، وهذا يدل على أنها ليست بأموالكم في الحقيقة، وما أنتم فيها إلا بمنزلة النواب والوكلاء، فاغتنموا الفرصة فيها بإقامة الحق، قبل أن تزال عنكم إلى من بعدكم" [الجامع لأحكام القرآن (17/238) وراجع كتابنا الإسلام وضرورات الحياة ص:129-183].
ولا شك أن الذي يتعاطى المسكرات والمخدرات، لا يؤمن على حفظ ماله، ومن باب أولى، مال غيره في حال سكره وحال صحوه، فهو لا يبالي أن يجمع المال بأي وسيلة مشروعة كانت أو غير مشروعة، بل إنه لا يتورع عن التعدي على حقوق الناس، من أموالهم وأنفسهم وأعراضهم، فكيف يؤمن على حفظ المال؟
ومن هنا يعلم أن الذي يتعاطى المسكرات والمخدرات، بالبيع أو الشراء أو الصنع أو النقل أو الإباحة، ليس مؤتمناً على حفظ الضرورات والأهداف العليا، التي يجب على المسلمين أن يسعوا إلى تحقيقها في الحياة، بل كل الأمم لا حياة لهم بدونها، وهي: الدين والنفس والنسل والعقل والمال.