إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

استعصاء الإسلام

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • استعصاء الإسلام


    المقصود باستعصاء الإسلام، ثباته ورسوخه وامتناعه عن

    الاستئصال والذوبان في أي حضارة من حضارات الأمم،

    مهما بلغت من القوة المادية والهيمنة الجبروتية، ويعود استعصاء

    هذا الدين على أعدائه، إلى عوامل وأسباب، نجملها فيما يأتي:

    أن هذا الدين سيبقى في ذاته حياً قوياً لا يموت ولا يضعف:

    وإن مات بعض من ينتسبون إليه أو ضعفوا، فقد جعل الله

    تعالى الإسلام آخر الأديان، وفرض على الناس كلهم الدخول

    فيه، ولا نجاة لأحد بلغته رسالة الإسلام من النار إلا بالإيمان

    به:

    {
    قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ

    السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِ وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ

    وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ

    تَهْتَدُونَ (158)}. [الأنعام]

    وجعل كتابه مهيمناً على كل الكتب التي سبقته، كما قال

    تعالى: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ

    الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ ...(48)}. [المائدة]

    وجعل رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم، خاتم الرسل

    والأنبياء، فلا نبي

    بعده، كما قال تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ

    وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً(40)}. [الأحزاب]

    فلا دين حق مطلقاً سوى دين الإسلام، ولا نبي بعد نبي

    الإسلام، ويجب أن نصارح العالم بأن كل الأديان غير دين

    الإسلام باطلة بعد نزوله وإن اعتقد أهلها أنها حق.

    ومع وجوب إيماننا بجميع الرسل السابقين، وما أنزل الله تعالى

    عليهم من الكتب السماوية، وكان من آخرهم رسول الله

    موسى، وأخوه هارون، وكتابهما "التوراة"، وعيسى بن مريم،

    وكتابه "الإنجيل"، ومع يقيننا بأن من لم يؤمن بذلك عندما

    أنزله الله وكان سليماً من التحريف، لا يكون مسلماً، فإن

    الواجب علينا أن نبين لليهود والنصارى وغيرهم، الحق الذي

    أمر الله رسوله ببيانه، وشرع لهذه الأمة الاقتداء بنبيها في بيان

    الحق والدعوة إليه، فلا يجوز لنا أن نكتم الحق ولا نلبسه

    بالباطل، كما فعل أهل الكتاب قبلنا، فنستحق ما استحقوه

    من العقاب.

    فمِن أمر الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم بالبيان، قوله

    تعالى في الآية

    السابقة: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً}.

    [
    الأعراف]

    وقوله تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ

    لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً (1)}. [الفرقان]

    وقوله تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا

    وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا

    بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا

    مُسْلِمُونَ (64) يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا

    أُنْزِلَتْ التَّوْرَاةُ وَالإِنجِيلُ إِلاَّ مِنْ بَعْدِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (65) هَاأَنْتُمْ

    هَؤُلاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ

    بِهِ عِلْمٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (66) مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ

    يَهُودِيّاً وَلا نَصْرَانِيّاً وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَمَا كَانَ مِنْ

    الْمُشْرِكِينَ (67) إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا

    النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ (68)} [آل عمران]

    {
    يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ (70)

    يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ

    تَعْلَمُونَ (71) ... قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ ...(73)} [آل عمران]

    {
    قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ

    تَبْغُونَهَا عِوَجاً وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا

    تَعْمَلُونَ(99)} [آلران]

    يوضح ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله

    صلى الله عليه وسلم، أنه قال: >والذي نفس محمد بيده لا

    يسمع بي أحد من هذه الأمة، يهودي ولا نصراني، ثم يموت

    ولم يؤمن بالذي أرسلت به، إلا كان من أصحاب النار< [صحيح

    مسلم برقم (153).]

    وهذه الأمة مأمورة بما أمر الله تعالى به نبيها من بيان الحق

    والدعوة إليه، اقتداء به صلى الله عليه وسلم، كما قال تعالى:

    {
    قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنْ اتَّبَعَنِي

    وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ (108)} [يوسف]

    والذين يكتمون الحق الواجب بيانه من هذه الأمة، يستحقون

    الوعيد الذي استحقه من قبلهم من أهل الكتاب، كما قال

    تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنْ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ

    بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمْ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمْ

    اللاَّعِنُونَ (159) إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُوْلَئِكَ

    أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (160)} ( ). [البقرة]

    حفظ الله مصدري الإسلام أهم أساب ثباته واستعصائه:

    ومعلوم أن جميع الكتب السماوية، قد حُرفت وبُدلت، ولم

    تعد محفوظة، كحفظ كتاب الله، الذي تكفل سبحانه بحفظه:

    { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ(9)} [الحجر]

    فحفظ الله تعالى مصدر دين الإسلام، وهو كتابه الذي أنزله

    على رسوله صلى الله عليه وسلم، الذي لا يأتيه الباطل من بين

    يديه ولا من خلفه، هو حفظ لهذا الدين.

    وما بقي في بعض الكتب السماوية السابقة صحيحاً كتمه

    أهله، كما ذكر الله تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ

    بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ(71)}. [آل عمران]

    فالإسلام حق يحمل في ذاته بقاءه، وفيه من المناعة القوية الذاتية

    ما يدفع به كل عدوان بقصد القضاء عليه واستبدال غيره به،

    أو ذوبانه في غيره.

    وقد هيأ الله تعالى لحفظ سنة نبيه مَن حفِظها وبيَّن صحيحها

    من ضعيفها، بمعرفة رواتها من لدن الرسول صلى الله عليه

    وسلم إلى أن دونت في أسفار علمائها التي لا يعجز طالب

    العلم عن معرفة الصحيح والضعيف منها.

    وحفظ نصوص القرآن والسنة إلى يوم القيامة، يضمن للأمة

    الإسلامية الرجوع إليهما، لتصحيح ما قد يطرأ من شوائب

    وانحرافات في سلوكها، ورد ما قد يحاول أعداء هذا الدين،

    من إدخال ما ليس منه فيه، وهذا ما لا يوجد في غيره من

    الكتب السابقة التي حرفها أهلها وكتموا ما بقي فيها من

    الحق..

    وها هو القرآن الكريم قد حفظه الله، فلم يغير منه حرف أو

    كلمة مع طول المدة من يوم نزوله إلى الآن، وسيبقى كذلك

    إلى يوم الدين، ولهذا لا تختلف نسخ هذا المصحف الكريم أينما

    وجد، فالمصحف الموجود في طوكيو هو هُو الموجود في

    نيويورك، وهوُ هو الموجود في أوسلو وسدني، وموسكو

    وبريتوريا.
يعمل...
X