تقيتنا وتقيتهم(1)
28-09-2008, 02:53 am
"تقية" أصلها وَقِوْيَة" على وزن فعيلة، كقبيلة، قلبت فاؤها التي هي الواو تاء، وقلبت ياؤها التي هي الواو ياء، لكسر ما قبلها، فأدغمت الياء في الياء، فصارت "تَقِيّة" وهي بمعنى "تقاة"
والمقصود: منها أن يجعل الإنسان الضعيف بينه وبين العقوبة الصادرة ممن هو أقوى منه وقاية، إن كان هذا القوي هو الله، فالوقاية له من عقابه تقواه بفعل المأمور وترك المنهي، وإن كان غيره من البشر الظالمين، فالوقاية من عدوانه إظهار ما يرضيه باللسان أو الفعل على الصحيح، مع اعتقاده خلاف ذلك بقلبه، كما فعل عمار بن ياسر، عندما أكرهه المشركون على سب الله تعالى بلسانه وقلبه مطمئن بالإيمان، كما قال تعالى: ((مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنْ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (106)) [النحل]
والصحيح أنه يجوز له أن يصبر ويثبت على إيمانه باطنا وظاهرا، ولا يستجيب لما يريده منه المكرِه ولو أوذي في سبل الله، كما فعل بلال الذي كان يقول وهو يعذب: أحد أحد، وكما فعل غلام الراهب وأصحاب الأخدود، وبخاصة إذا كان ممن تقتدي به الأمة مثل الإمام أحمد بن حنبل في فتنة القول بخلق القرآن [راجع تفسير سورة البروج في تفسير ابن كثير والقرطبي وغيرهما]
ولا شك أن التقية موجودة في كل زمان سواء أصدرت من أهل الحق المتقين المظلومين أمام لظلمة المعتدين، أومن أهل الباطل المتمردين على الحق وعلى أهله سواء كان أهل التقية من المسلمين أو من الكفار والمنافقين، وهؤلاء هم أكثر من يتذرعون بالتقية، فيظهرون الإسلام ويبطنون الكفر، وهم يكونون من الفئات المتنوعة، منتسبين إلى الإسلام، ويهود ونصارى ومشركين...
وبهذا يعلم أن التقية منها ما هو شرعي ومنها ما هو غير شرعي، فإن كان صاحبها على الحق من عباد الله المؤمنين يدفع بها عن نفسه ظلم الظالمين وعدوان المعتدين، فهي تقية شرعية، وإن كان صاحبها من أهل الباطل كافرا أو منافقا أو من جماعة المسلمين من المبتدعة ونحوهم يتقي بها خداعا وتضليلا، فهي تقية غير شرعية.
قال القرطبي في تفسيره (4/57 – 58):" وهو يتكلم على تفسير قوله تعالى: ((إلا أن تتقوا منهم تقاة)): "إلا أن تتقوا منهم تقاة:
"قال معاذ بن جبل ومجاهد كانت التقية في جِدَّةِ الإسلام قبل قوة المسلمين، فأما اليوم فقد أعز الله الإسلام أن يتقوا من عدوهم، قال بن عباس: هو أن يتكلم بلسانه وقلبه مطمئن بالإيمان ولا يقتل ولا يأتي مأثما، وقال الحسن: التقية جائزة للإنسان إلى يوم القيامة ولا تقية في القتل
وقرأ جابر بن زيد ومجاهد والضحاك إلا أن تتقوا منهم تقية، وقيل: إن المؤمن إذا كان قائما بين الكفار فله، أن يداريهم باللسان إذا كان خائفا على نفسه وقلبه مطمئن بالإيمان، والتقية لا تحل إلا مع خوف القتل أو القطع أو الإيذاء العظيم، ومن أكره على الكفر فالصحيح أن له أن يتصلب ولا يجيب إلى التلفظ بكلمة الكفر، بل يجوز له ذلك على ما يأتي بيانه في النحل إن شاء الله تعالى [راجع تفسيره[ATTACH=JSON]n485[/ATTACH] 3/28 ،4/106 دار الشعب القاهرة)]
ولنضرب لذلك ثلاثة أمثلة:
المثال الأول: تقية اليهود الذين قال الله تعالى فيهم:
((وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ)) [البقرة (14)]
وقال تعالى: ((وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ (76) أَوَلا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ)) [البقرة (77)]
المثال الثاني: تقية المنافقين من أتباع عبد الله بن أبي الذين يقولون بألسنتهم: إنهم مسلمون وهم يبطنون الكفر بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ويوالون الكفار ويعادون المسلمين، ومن علاماتهم: حب التحاكم إلى غير ما أنزل الله وبغض التحاكم إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، والحلف على صدقهم في الإسلام أمام المسلمين عندما يكون هؤلاء أقوياء، وإظهار عداوتهم عندما يكونون ضعفاء.
قال تعالى فيهم في الحالة الأولى:
((إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ (1) اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (2) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ (3) وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمْ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمْ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ)) [المنافقون (4)]
وقال عنهم في الحالة الثانية:
((هُمْ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ (7) يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ)) [المنافقون (8)]
المثال الثالث: للمبتدعة الذين يظهرون التقية، لا لضعفهم والخوف على أنفسهم ممن هو أقوى منهم، وإنما لتضليل غيرهم من الحهلة، ليتبعوهم في عقائدهم المخالفة مخالفة صريحة، لنصوص القرآن، ونصوص السنة الصحيحة، كحال الرافضة الذين امتلأت كتبهم قديما وحديثا بسب أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، والتقرب إلى الله تعالى بسب من شهد له القرآن بالفضل والإيمان، وشهد لهم الرسول صلى الله عليه وسلم بدخول الجنة.
مثل العشرة المبشرين بالجنة، وعلى رأسهم خلفاء الرسول صلى الله عليه وسلم،كأهل بدر وأهل بيعة الرضوان وغيرهم كما يأتي، فإنهم إذا جرت بينهم وبين بعض علماء السنة حوارات في عقائدهم الفاسدة، يظهرون أنهم لا يكفرون أهل السنة، وهم في الواقع يكفرون قادة أهل السنة ورؤوسهم من الرعيل الأول أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس ذلك خوفا على أنفسهم من ضرر ينزل بهم، كما هو حالهم اليوم وقد قامت لهم دول، وهم أقوياء، يذلون أهل السنة ويقتلونهم، ويخرجونهم من بيوتهم إنما هو لتضليل من يجهل عقيدتهم من أهل السنة، ليجدعوهم وهم بذلك و يضللوا شباب أعل السنة وجهالهم، ليعتنقوا مذهبهم إلى عقيدتهم رويدا رُويدا، بل ويخدعوا بعض علماء السنة، ليعلنوا التقارب معهم، باسم اجتماع كلمة المسلمين، ضد أعدائهم.
وتشهد بعقائدهم المخالفة للكتاب والسنة وإجماع الأمة، كتبهم القديمة والحديثة، ومحاضراتهم الخاصة، وقد بين العلامة مؤلف كتاب كسر الصنم، آية الله العظمى السيد أبو الفضل بن الرضا البرقعى رحمه الله تعالى كثيرا من عقائدهم ومن ذلك تكفيرهم لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعقيدتهم في التقية، وقد نال من الرافضة في إيران ما نال من الأذى المعنوي والمادي، فاعتقل وسجن مع كبر سنه وحظروا طبع كتبه، ونشرها.
هؤلاء إذا ووجهوا بسبهم للصحابة وغيره من معتقداتهم، وذكر ما تضمنته مراجعهم القديمة الموثقة عندهم، مثل الكافي وغيره زعموا بأنهم لا يعتقدون كل ما في تلك المراجع، ولكن تصرفاتهم ضد من تاب من عقائدهم تلك وذب عن عقيدة أهل السنة نبذوه وآذوه لمخالفته ما يعتقدون.
والحمد لله، فقد فضحته فضائية المستقلة كبار مراجعهم، مع محاولتهم التي جرت بها عادتهم من المراوغة الثعلبية، وتبين لشبابنا من أهل السنة، فقرهم المدقع من وجود الأدلة القرآنية والسنة الصحيحة، وإذا ذكروا شيئا من تلك النصوص لووا أعناقها بالتأويل المتعمد الذي لا يمت إلى النصوص بصلة. (يتبع)
28-09-2008, 02:53 am
"تقية" أصلها وَقِوْيَة" على وزن فعيلة، كقبيلة، قلبت فاؤها التي هي الواو تاء، وقلبت ياؤها التي هي الواو ياء، لكسر ما قبلها، فأدغمت الياء في الياء، فصارت "تَقِيّة" وهي بمعنى "تقاة"
والمقصود: منها أن يجعل الإنسان الضعيف بينه وبين العقوبة الصادرة ممن هو أقوى منه وقاية، إن كان هذا القوي هو الله، فالوقاية له من عقابه تقواه بفعل المأمور وترك المنهي، وإن كان غيره من البشر الظالمين، فالوقاية من عدوانه إظهار ما يرضيه باللسان أو الفعل على الصحيح، مع اعتقاده خلاف ذلك بقلبه، كما فعل عمار بن ياسر، عندما أكرهه المشركون على سب الله تعالى بلسانه وقلبه مطمئن بالإيمان، كما قال تعالى: ((مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنْ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (106)) [النحل]
والصحيح أنه يجوز له أن يصبر ويثبت على إيمانه باطنا وظاهرا، ولا يستجيب لما يريده منه المكرِه ولو أوذي في سبل الله، كما فعل بلال الذي كان يقول وهو يعذب: أحد أحد، وكما فعل غلام الراهب وأصحاب الأخدود، وبخاصة إذا كان ممن تقتدي به الأمة مثل الإمام أحمد بن حنبل في فتنة القول بخلق القرآن [راجع تفسير سورة البروج في تفسير ابن كثير والقرطبي وغيرهما]
ولا شك أن التقية موجودة في كل زمان سواء أصدرت من أهل الحق المتقين المظلومين أمام لظلمة المعتدين، أومن أهل الباطل المتمردين على الحق وعلى أهله سواء كان أهل التقية من المسلمين أو من الكفار والمنافقين، وهؤلاء هم أكثر من يتذرعون بالتقية، فيظهرون الإسلام ويبطنون الكفر، وهم يكونون من الفئات المتنوعة، منتسبين إلى الإسلام، ويهود ونصارى ومشركين...
وبهذا يعلم أن التقية منها ما هو شرعي ومنها ما هو غير شرعي، فإن كان صاحبها على الحق من عباد الله المؤمنين يدفع بها عن نفسه ظلم الظالمين وعدوان المعتدين، فهي تقية شرعية، وإن كان صاحبها من أهل الباطل كافرا أو منافقا أو من جماعة المسلمين من المبتدعة ونحوهم يتقي بها خداعا وتضليلا، فهي تقية غير شرعية.
قال القرطبي في تفسيره (4/57 – 58):" وهو يتكلم على تفسير قوله تعالى: ((إلا أن تتقوا منهم تقاة)): "إلا أن تتقوا منهم تقاة:
"قال معاذ بن جبل ومجاهد كانت التقية في جِدَّةِ الإسلام قبل قوة المسلمين، فأما اليوم فقد أعز الله الإسلام أن يتقوا من عدوهم، قال بن عباس: هو أن يتكلم بلسانه وقلبه مطمئن بالإيمان ولا يقتل ولا يأتي مأثما، وقال الحسن: التقية جائزة للإنسان إلى يوم القيامة ولا تقية في القتل
وقرأ جابر بن زيد ومجاهد والضحاك إلا أن تتقوا منهم تقية، وقيل: إن المؤمن إذا كان قائما بين الكفار فله، أن يداريهم باللسان إذا كان خائفا على نفسه وقلبه مطمئن بالإيمان، والتقية لا تحل إلا مع خوف القتل أو القطع أو الإيذاء العظيم، ومن أكره على الكفر فالصحيح أن له أن يتصلب ولا يجيب إلى التلفظ بكلمة الكفر، بل يجوز له ذلك على ما يأتي بيانه في النحل إن شاء الله تعالى [راجع تفسيره[ATTACH=JSON]n485[/ATTACH] 3/28 ،4/106 دار الشعب القاهرة)]
ولنضرب لذلك ثلاثة أمثلة:
المثال الأول: تقية اليهود الذين قال الله تعالى فيهم:
((وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ)) [البقرة (14)]
وقال تعالى: ((وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ (76) أَوَلا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ)) [البقرة (77)]
المثال الثاني: تقية المنافقين من أتباع عبد الله بن أبي الذين يقولون بألسنتهم: إنهم مسلمون وهم يبطنون الكفر بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ويوالون الكفار ويعادون المسلمين، ومن علاماتهم: حب التحاكم إلى غير ما أنزل الله وبغض التحاكم إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، والحلف على صدقهم في الإسلام أمام المسلمين عندما يكون هؤلاء أقوياء، وإظهار عداوتهم عندما يكونون ضعفاء.
قال تعالى فيهم في الحالة الأولى:
((إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ (1) اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (2) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ (3) وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمْ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمْ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ)) [المنافقون (4)]
وقال عنهم في الحالة الثانية:
((هُمْ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ (7) يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ)) [المنافقون (8)]
المثال الثالث: للمبتدعة الذين يظهرون التقية، لا لضعفهم والخوف على أنفسهم ممن هو أقوى منهم، وإنما لتضليل غيرهم من الحهلة، ليتبعوهم في عقائدهم المخالفة مخالفة صريحة، لنصوص القرآن، ونصوص السنة الصحيحة، كحال الرافضة الذين امتلأت كتبهم قديما وحديثا بسب أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، والتقرب إلى الله تعالى بسب من شهد له القرآن بالفضل والإيمان، وشهد لهم الرسول صلى الله عليه وسلم بدخول الجنة.
مثل العشرة المبشرين بالجنة، وعلى رأسهم خلفاء الرسول صلى الله عليه وسلم،كأهل بدر وأهل بيعة الرضوان وغيرهم كما يأتي، فإنهم إذا جرت بينهم وبين بعض علماء السنة حوارات في عقائدهم الفاسدة، يظهرون أنهم لا يكفرون أهل السنة، وهم في الواقع يكفرون قادة أهل السنة ورؤوسهم من الرعيل الأول أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس ذلك خوفا على أنفسهم من ضرر ينزل بهم، كما هو حالهم اليوم وقد قامت لهم دول، وهم أقوياء، يذلون أهل السنة ويقتلونهم، ويخرجونهم من بيوتهم إنما هو لتضليل من يجهل عقيدتهم من أهل السنة، ليجدعوهم وهم بذلك و يضللوا شباب أعل السنة وجهالهم، ليعتنقوا مذهبهم إلى عقيدتهم رويدا رُويدا، بل ويخدعوا بعض علماء السنة، ليعلنوا التقارب معهم، باسم اجتماع كلمة المسلمين، ضد أعدائهم.
وتشهد بعقائدهم المخالفة للكتاب والسنة وإجماع الأمة، كتبهم القديمة والحديثة، ومحاضراتهم الخاصة، وقد بين العلامة مؤلف كتاب كسر الصنم، آية الله العظمى السيد أبو الفضل بن الرضا البرقعى رحمه الله تعالى كثيرا من عقائدهم ومن ذلك تكفيرهم لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعقيدتهم في التقية، وقد نال من الرافضة في إيران ما نال من الأذى المعنوي والمادي، فاعتقل وسجن مع كبر سنه وحظروا طبع كتبه، ونشرها.
هؤلاء إذا ووجهوا بسبهم للصحابة وغيره من معتقداتهم، وذكر ما تضمنته مراجعهم القديمة الموثقة عندهم، مثل الكافي وغيره زعموا بأنهم لا يعتقدون كل ما في تلك المراجع، ولكن تصرفاتهم ضد من تاب من عقائدهم تلك وذب عن عقيدة أهل السنة نبذوه وآذوه لمخالفته ما يعتقدون.
والحمد لله، فقد فضحته فضائية المستقلة كبار مراجعهم، مع محاولتهم التي جرت بها عادتهم من المراوغة الثعلبية، وتبين لشبابنا من أهل السنة، فقرهم المدقع من وجود الأدلة القرآنية والسنة الصحيحة، وإذا ذكروا شيئا من تلك النصوص لووا أعناقها بالتأويل المتعمد الذي لا يمت إلى النصوص بصلة. (يتبع)