إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

تعاون نساء الصحابة مع أزواجهن

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تعاون نساء الصحابة مع أزواجهن

    تعاون نساء الصحابة مع أزواجهن
    18-12-2012, 09:56 am


    فاطمة

    فاطمة وما أدراك ما فاطمة! إنها بنت محمد صلى الله عليه وسلم، وما ذكره لها زوجها علي بن أبي طالب ما كانت تعانيه من الخدمة في جرها بالرحا حتى أثرت في يدها، وفي استقائها الماء بالقربة، حتى أثرت في نحرها، وفي كنسها البيت، حتى اغبرت ثيابها، وكانت رضي الله عنها من أحب أهل أبيها إليه، ولشدة إشفاق زوجها عليها أمرها أن تأتي أباها و تطلب منه خادما، عندما علم أن خدما قد أتته صلى الله عليه وسلم، فلم يلب طلبها، وإنما أمرها بتقوى الله، والاستمرار في خدمة أهلها، ودلها وزوجها على ذكر الله تعالى الذي يعينهما على الصبر على العمل وشظف العيش، وقد كان صلى الله عليه وسلم يقدم غير أهل بيته في قسم المال وغيرها من العبيد والخدم.

    وقد أمره ربه أن يخاطب أزواجه عندما طلبن منه الزيادة في النفقة، أن يخاطبهن بهذا التوجيه الحاسم: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً (28) وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً (29)} [الأحزاب]

    واقرأ قصة فاطمة وزوجها، مع أبيها في الحديث الصحيح الآتي:


    روى أبو الورد بن ثمامة : قال : قال علي لابن أعْبُد : "أَلا أُحدِّثُكَ عنِّي وعن فاطمةَ بنت رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- ، وكانت من أحبِّ أهله إِليه ، وكانت عندي؟

    قلتُ : بلى ، قال : إِنها جَرَّتْ بالرَّحا ، حتى أَثَّرت في يدها ، واستقتْ بالقِرْبة حتى أَثَّرَت في نَحْرِها ، وَكَنَسَتِ البيتَ حتى اغبرَّت ثيابُها ، فأتى النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- خَدَم ، فقلتُ : لو أتيتِ أباكِ فسألتِه خادما ؟ فأتته فوجدتْ عندهُ حُدَّاثا ، فرجعت.

    فأتاها من الغَدِ ، فقال : (ما كان حاجتُكِ ؟) فسكتت، فقلتُ : أنّا أُحَدِّثُكَ يا رسولَ الله : جَرَّت بالرَّحى حتى أَثَّرَتْ في يَدِها ، وحَمَلَت بالقِربة حتى أَثَّرتْ في نَحرها ، فلمَّا أن جاءَ الخَدمُ ، أمرتُها أن تأْتِيَكَ ، فتَستَخْدِمَكَ خادما ، يَقيها حَرَّ ما هي فيهِ.

    قال، أي أبوها رسول الله صلى الله عليه وسلم : (اتَّقي الله يا فاطمةُ ، وأَدِّي فريضةَ ربِّكِ ، واعملي عَمَلَ أهلِكِ ، وإذا أَخَذْتِ مَضجعكِ فَسَبِّحي ثلاثا وثلاثين ، واحمَدي ثلاثا وثلاثين ، وكَبِّري أربعا وثلاثين، فتلك مائة ، فهي خَير لَكِ من خادم ، قالت : رَضِيتُ عن الله وعن رسوله) زاد في رواية : (ولَم يُخْدِمها). [البخاري ومسلم و أبو داود.]

    أسماء

    أسماء وما أدراك ما أسماء! إنها ذات النطاقين بنت أبي بكر الصديق صاحب الرسول صلى الله عليه وسلم في غارثور، في أحرج الأوقات على رسول الله صلى الله عليه وسلم، من مطاردة قريش له ليقتلوه، وكان أبو بكر شديد الخوف على هذا الرسول الكريم، فطمأنه رسول الله بهذه العبارة التي نال منها شرفا عظيما: (فقال : يا أبا بكر، ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟)، وكان رفيقه في الهجرة، ووزيره في حياته كلها، وخليفته الأول بعد موته.

    وأسماء هذه، هي ذات النطاقين، التي قالت لابنها عبد الله عندما كان أهلُ الشام يعَيِّرونه يقولون : يا ابنَ ذات النِّطَاقَيْنِ ، فقالت له أسماء : يا بنيَّ ، "إنهم يعيِّرونَك بالنِّطاقَيْنِ ، وهل تدري ما ذاك ؟ إنما كان نِطاقي شَقَقْتُه نِصْفَين ، فَأوْكَيْتُ قِرْبَةَ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- بأحَدِهما ، وجعلتُ في سُفْرتِه آخَرَ " كما في صحيح البخاري، وفي صحيح مسلم، قالت للحجاج عندما قال لها متعاليا متفاخرا بقتل ابنها وصلبه: "كيف رأيتِني صنَعتُ بَعَدُوِّ الله" قالت له: "بَلَغَنِي أنكَ تقولُ : يا ابنَ ذاتِ النِّطاقَيْن ، أنا والله ذاتُ النطاقين ، أمَّا أحدُهما : فكنتُ أرفع به طعامَ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- وطعامَ أبي من الدواب. وأما الآخر : فَنِطاق المرآة الذي لا تستغني عنه". وهي تعني بذلك عنما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبوها في غار ثور، اقرأ قصة أسماء هذه في الحديث الآتي، لتعرف مدى ما كانت تقوم به من خدمة زوجها.

    قالت - رضي الله عنهما - : « تزوَّجني الزُّبَيْرُ ، وماله في الأرض من مال ولا مملوك ، ولا شيء غيرَ فَرَسه، - وفي رواية : غير ناضح ، وغير فرسه - قالت: فكنتُ أعلفُ فَرَسَهُ وأكفِيه مُؤونَتَه وأسُوسُه ، وأدُقُّ النَّوى لناضحه ، فأعلفه ، وأَسْتقي الماءَ ، وأخْرِزُ غَرْبَه، وأَعجِنُ ، ولم أكن أُحْسِنُ أخبزُ ، فكان تخبِزُ لي جارات من الأَنصار، وكنَّ نسوةَ صِدْق.

    قالتْ : وكنتُ أنقُلُ النَّوى من أرض الزبير التي أقْطَعَهُ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- على رأسي، وهي على ثُلَثي فَرْسَخ ، قالت: فجئتُ يوما والنَّوَى على رأسي ، فلقيتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- ومعه نفر من أصحابه - وفي رواية : من الأَنصار - فدعاني ، وقال : إِخْ ، إِخْ ، ليحملني خلفَه ، قالت: فاستحييتُ وذكرتُ غَيْرَتك - وفي رواية : فاستحييْتُ أَن أسيرَ مع الرجال، وذكرتُ الزُّبيرَ وغيرَتَهُ ، وكان أغْيَرَ الناس - فعرَف رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- أني قد استحييتُ ، فمضى.

    فجئتُ الزُّبَيْرَ ، فقلتُ : لَقِيَني رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- وعلى رأسي النوى ، ومعه نفر من أصحابه ، فأَناخ لأركبَ فاستحييتُ منه ، وعرفتُ غَيْرَتَكَ ، فقال : والله لَحَملكِ النَّوى على رأْسكِ أشدُّ عليَّ من ركوبك معه ، قالت: حتى أرسل إِليَّ أبو بكر بعد ذلك بخادم، فكَفتْني سياسة الفرَس ، فكأنما أعتقني ». [أَخرجه البخاري ومسلم].

    قارن بين خدمة فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم لزوجها علي، وخدمة أسماء بنت أبي بكر لزوجها الزبير بن العوام، وبين كثير من نساء المسلمين اليوم، اللاتي يشترطن على أزواجهن في عقود النكاح وكثير منهم من ذوي الدخل المحدود، أن يأتوا لهن بخدم، وهن شابات قويات، لا علة فيهن، وغالبهن ليس عندهن ما يكرثهن من الأعمال، وليس لهن هدف إلا متابعة المسلسلات الغرامية، والأغاني الخليعة، والرقص الفاجر، وغيرها من الفحش والخنا، طوال الليل، والنوم المستمر طوال النهار مع تضييع الصلوات، والاتكال في تربية أولادهن المادية والمعنوية، إلى الخدم المعروف عن كثير منهن سوء السلوك والمعاملة للأطفال، ومع ما يحصل منهن من المنكرات في البيوت، ومن هنا يتضح لنا كيف كانت التربية الأسرية في العصور الإسلامية الأولى، وكيف هي عندنا اليوم؟!

    ولكن يجب أن يعلم، أن أزواج الصحابة كن يعلمن، ما يقوم به أزواجهن من الدعوة إلى الله، والجهاد في سبيله، والقيام بطاعة الله تعالى، وما كان يأمرهم به من نصر الإسلام والمسلمين، ولم يكونوا ككثير منا اليوم، من الإدمان على اللعب واللهو، والكسل والنوم، وغير ذلك مما هو معلوم، فالرجل والمرأة كلاهما يجب أن يتعاونا على شئونهما، مع مراعاة خدمة المرأة في البيت أكثر من الرجل، وخدمة الرجل في خارج البيت أكثر من المرأة، وإذا كان الرجل قائما بالدعوة مشغولا بها، فعلى المرأة أن تساعده في ذلك، كما فعلت أسماء في حدود طاقتها، وفيما يناسب هذا العصر، لتنال بذلك أجرها في عونه على دعوته، وكذلك على الرجل أن يساعد زوجه أو قريبته غيرها، إذا كانت تقوم بالدعوة في بنات جنسها، يساعدها فيما يقدر عليه، في بعض ما هو في الأصل من خصائصها، تحقيقا لقول الله تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى...}

    قال الحافظ ابن حجر، رحمه الله في شرحه لقصة أسماء بنت أبي بكر، رضي الله عنهما: "السبب الحامل على الصبر على ذلك شغل زوجها وأبيها بالجهاد وغيره مما يأمرهم به النبي صلى الله عليه وسلم ويقيمهم فيه وكانوا لا يتفرغون للقيام بأمور البيت بأن يتعاطوا ذلك بأنفسهم ولضيق ما بأيديهم على استخدام من يقوم بذلك عنهم فانحصر الأمر في نسائهم فكن يكفينهم مؤنة المنزل ومن فيه ليتوفروا هم على ما هم فيه من نصر الإسلام"
يعمل...
X