إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

القرطبي في تفسير أول سورة هود: سبب المشيب

تقليص
هذا موضوع مثبت
X
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • القرطبي في تفسير أول سورة هود: سبب المشيب

    وروى الترمذي عن ابن عباس قال قال أبو بكر رضي الله عنه: يا رسول الله قد شبت! قال: (شيبتني هود والواقعة والمرسلات وعم يتساءلون وإذا الشمس كورت). قال: هذا حديث حسن غريب، وقد روي شيء من هذا مرسلا.

    وأخرجه الترمذي الحكيم أبو عبدالله في "نوادر الأصول": حدثنا سفيان بن وكيع قال حدثنا محمد بن بشر عن علي بن صالح عن أبي إسحاق عن أبي جحيفة قال: قالوا يا رسول الله نراك قد شبت! قال: (شيبتني هود وأخواتها).

    قال أبو عبدالله: فالفزع يورث الشيب وذلك أن الفزع يذهل النفس فينشف رطوبة الجسد، وتحت كل شعرة منبع، ومنه يعرق، فإذا انتشف الفزع رطوبته يبست المنابع فيبس الشعر وابيض؛ كما ترى الزرع الأخضر بسقائه، فإذا ذهب سقاؤه يبس فابيض.

    وإنما يبيض شعر الشيخ لذهاب رطوبته ويبس جلده، فالنفس تذهل بوعيد الله، وأهوال ما جاء به الخبر عن الله، فتذبل، وينشف ماءها ذلك الوعيد والهول الذي جاء به؛ فمنه تشيب.

    وقال الله تعالى: "يوما يجعل الولدان شيبا" [المزمل: 17] فإنما شابوا من الفزع. وأما سورة "هود" فلما ذكر الأمم، وما حل بهم من عاجل بأس الله تعالى، فأهل اليقين إذا تلوها تراءى على قلوبهم من ملكه وسلطانه ولحظاته البطش بأعدائه، فلو ماتوا من الفزع لحق لهم، ولكن الله تبارك وتعالى اسمه يلطف بهم في تلك الأحايين حتى يقرؤوا كلامه.

    وأما أخواتها فما أشبهها من السور؛ مثل "الحاقة" [الحاقة: 1] و"سأل سائل" [المعارج: 1] و"إذا الشمس كورت" [التكوير: 1] و"القارعة" [القارعة: 1]، ففي تلاوة هذه السور ما يكشف لقلوب العارفين سلطانه وبطشه فتذهل منه النفوس، وتشيب منه الرؤوس.
يعمل...
X