إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

قواعد الثبات على الحق 1-2)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • قواعد الثبات على الحق 1-2)



    --------------------------------------------------------------------------------

    كنت قلت في آخر موضوع: هديتي لحماس: [-وأساس كل نشاطا ناجح في علاقات سلمية أو حربية، هو تقوى الله تعالى والتوكل على الله والاعتماد عليه والصدق معه، واللجوء إليه في الشدة والرخاء، ولهذا البند موضوع آخر يأتي في وقته بإذن الله.]
    http://www.al-rawdah.net/r.php?sub0=...ub1=a5_pal&p=2

    وفي هذا الموضوع محاولة لبيان بعض تلك القواعد:
    إن الرسول صلى الله عليه وسلم، هو قدوة المسلمين فرادى وجماعات ودولا، ومن أهم ما يجب أن يقتدوا به فيه ثباته صلى الله عليه وسلم على الحق الذي شرعه الله له، من أول بعثته إلى أن التحق بالرفيق الأعلى.

    فقد بعثه الله تعالى في مكة، ومكث فترة من الزمن وحيدا، و كان هو والقلة التي آمنت به يؤذن أشد الأذى، ويمتحنون أشد الامتحان.


    ولا حاجة إلى سوق الأمثلة لما ابتلاه الله به هو وأصحابَه إهداؤهم المشركون، لأن ذلك كله مفصل في سيرته الطاهرة صلى الله عليه وسلم، وفي هجرة أصحابه للحبشة وهجرتهم معه إلى المدينة، ليعبدوا الله فيها أحرارا من الظلم والاضطهاد والفتنة، مثال لذلك، وما قام في الأرض داع إلى الله بصدق من رسول أو تابع لمنهجه إلا أوذي وامتحن.

    والذي نريد التنبيه عليه من كل ذلك ما وجه الله به رسوله ومن اتبعه في الدعوة إليه من أسس للثبات على تلك الدعوة وقواعدها التي تعينهم على ذلك الثبات، مهما عظمت المحن واشتدت الفتن، وهي تتلخص – بعد الإيمان الصادق، واليقين القوي – في القواعد الآتية:

    القاعدة الأولى: الصبر الدائم الذي لا انفصال بينه وبين صاحب الدعوة إلى الله: ويمكن لمن أراد الاطلاع على نصوص هذه القاعدة من القرآن والسنة، أن يفتح مصحفه ويتتبع مادة الصبر، فعلا ماضيا، ومضارعا وأمرا، ومصدرا، واسم فاعل للمذكر والمؤنث، ومن السهل اليوم الوصول إلى هذه المادة وغيرها عن طريق البحث في برامج الحاسب.

    فمن أمثلة الماضي قوله تعال: (( وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ)) [ (43) الشورى]

    ومن أمثلة المضارع قوله تعالى: ((إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ)) [(90) يوسف]

    ومن أمثلة الأمر والمصدر قوله تعالى: ((واصبر وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللَّهِ)) [النحل (127)]

    ومن أمثلة اسم الفاعل للمذكر والمؤنث قوله تعالى: ((وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ)) [الأحزاب (35)]

    هذه القاعدة وردت في القرآن الكريم مقصودا بها كل من آمن بالله، وأرد الفوز برضاه الذي لا يتحقق بغير الصبر، والدعاة إليه سبحانه الذين يريدون الثبات على منهجه، هم أولى الناس بذلك، لما يواجهونه في حياتهم من مشقات، لا يجتازونها بدون الصبر.

    والنبي عليه الصلاة والسلام، وهو آخر الرسل تلقى من ربه أوامر بالصبر في وحيه في مقامات كان أحوج ما يكون فيها إلى هذه القاعدة العظيمة.

    كقوله تعالى: ((فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ)) [غافر(55)]

    وقوله تعالى: ((فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ)) [ ق (39)]

    وكان الله تعالى يسلي رسوله بذكر ما جرى لإخوانه الرسل من قبله من الأذى، ليتخذ من ذلك عدة ويصبر كما صبروا، كما قال تعالى: ((فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنْ الرُّسُلِ)) [الأحقاف (35)]

    ومن ذلك ما ذكره الله تعالى من صبر النبيين قبله على من قاتلهم من أقوامهم، منوها تعالى بمحبته لمن صبر على الأذي في سبيله، كما قال تعالى: ((وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ)) [ آل عمران (146)]

    وإن أعلى من الصبر في الشدائد وبخاصة، في مواجهة الأعداء: المصابرة وهي أن يكون المؤمن أكثر صبرا من عدوه الذي يكون جديرا بالهزيمة، لنقص صبره عن صبر المسلم، وإنما الأعمال بالخواتيم، ولهذا قال تعالى:

    ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)) [آل عمران (200)] و كلمة "لعل" كما ذكر العلماء تفيد من الخلق الرجاء، و تفيد من الله التحقيق.

    وكان صلى الله عليه وسلم عندما يناله أذى من أحد، يذكر لأصحابه صبر من سبقه منهم، كما في حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال:

    " لما كان يوم حنين آثر النبي صلى الله عليه وسلم أناسا في القسمة، فأعطى الأقرع بن حابس مائة من الإبل، وأعطى عيينة مثل ذلك، وأعطى أناسا من أشراف العرب، فآثرهم يومئذ في القسمة، قال رجل: والله إن هذه القسمة ما عدل فيها وما أريد بها وجه الله، فقلت والله لأخبرن النبي صلى الله عليه وسلم، فأتيته فأخبرته"

    فقال: (فمن يعدل إذا لم يعدل الله ورسوله رحم الله موسى قد أوذي بأكثر من هذا فصبر) والحديث في صحيح البخاري ومسلم، وغيرهما.

    وكان يأمر أصحابه بالصبر على شدة الأذى إذا شكوا إليه ذلك، ويذكرهم بأذى من سبقهم من الصابرين في الأمم السابقة، كما في حديث خباب بن الأرت قال: "شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة، قلنا له ألا تستنصر لنا ألا تدعو الله لنا؟"

    قال: (كان الرجل فيمن قبلكم يحفر له في الأرض فيجعل فيه، فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيشق باثنتين، وما يصده ذلك عن دينه، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم أو عصب، وما يصده ذلك عن دينه، والله ليتمن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله أو الذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون) رواه البخاري في صحيحه وغيره.

    كما كان يأمر بالصبر أصحابه إذا لقوا عدوهم في ساح المعارك، ففي حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تمنوا لقاء العدو فإذا لقيتموهم فاصبروا) رواه البخاري أيضا.

    وفي حديث طويل لأنس بن مالك رضي الله عنه، في قصة توزيع غنائم هوازن، قال للأنصار آمرا لهم بالصبر:

    (إنكم سترون بعدي أثرة شديدة فاصبروا حتى تلقوا الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم على الحوض) رواه البخاري ومسلم.

    وكان صلى الله عليه وسلم يبايع أصحابه على الصبر، كما في حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: "سألت نافعا على أي شيء بايعهم على الموت؟ قال: لا بل بايعهم على الصبر" والمراد بيعتهم له صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة عام الحديبية والذي يبايع على الصبر، لا يفر من الموت في المعركة لمبايعته على الصبر.

    ومن جوامع كلمه في الصبر قوله صلى الله عليه وسلم، في حديث لأبي سعيد الخدري: (وما أُعطِي أحدٌ من عطاءً خير وأوسع من الصبر) رواه البخاري ومسلم وغيرهما.

    ولو أردنا تتبع ما ورد في الكتاب والسنة في هذه القاعدة – قاعدة الصبر – وما يترتب عليها من جلب مصالح ودفع مفاسد لا اقتضى كتابا مستقلا، فلنكتف بما ذكر.


يعمل...
X